النساء أقل فساداً من الرجال... لكنهن الأكثر تأثراً به ومحاربة له

أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة التاسع من كانون أول من كل عام يوماً دولياً لمكافحة الفساد من أجل ن
حجم الخط
أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة التاسع من كانون أول من كل عام يوماً دولياً لمكافحة الفساد من أجل نشر الوعي حول الفساد وآثاره المدمرة على المجتمعات والدول ، وللتأكيد على أهمية إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي إعتمدتها عام 2003 ودخلت حيز التنفيذ عام 2005. ونظراً لأهمية الأفراد خاصة النساء في مجال مكافحة الفساد فقد إختارت الأمم المتحدة موضوع هذا العام تحت عنوان " إعمل على مكافحة الفساد" علماً بأنه كان يتوجب إستخدام عبارة "إعمل / إعملي على مكافحة الفساد". وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى صعوبة تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية بوجود وتفشي الفساد ، خاصة وأنه يؤثر في المجتمعات الغنية والفقيرة على حد سواء مع أن تأثيره على الفقراء (والنساء أكثر فقراً من الرجال) أكبر وبطريقة غير متجانسة أو متناسبة. ويضرب الفساد عميقاً مقومات المجتمعات والدول ، فيقوض وينتقص من الديمقراطية وسيادة القانون ، ويزيد من الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خاصة حقوق النساء والأطفال ، ويحد من إزدهار ونوعية حياة الأفراد والأسر ، ويشل الحياة الإقتصادية ويزعزع هيكليتها ونمائها وتطورها وتحسين مستواها ويُهِرب رؤوس الأموال والإستثمارات الخارجية ، ويخلق بيئة مناسبة للجرائم المنظمة والعابرة للدول والإرهاب ، ويهدد الأفراد رجالاً ونساءاً في آمنهم وسلمهم. وتنوه "تضامن" الى أن الأردن خطى خطوات فاعلة في محاربة الفساد ، ففي 9/12/2003 وقّع على الإتفاقية الدولية لمكافحة الفساد فيما صادق عليها بتاريخ 24/2/2005 ، وأصدر القانون رقم (62) لعام 2006 "قانون هيئة مكافحة الفساد" والقانون المعدل لقانون هيئة مكافحة الفساد رقم (10) لسنة 2012 ، وأطلقت الهيئة الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ، كما شارك الأردن بتأسيس الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد عام 2008 والتي شاركت فيها 16 دولة عربية لتكون منبراً إقليمياً لتبادل المعلومات وبناء القدرات والسياسات المتعلقة بمحاربة الفساد. وتشير "تضامن" الى مؤشر مدركات الفساد لعام 2012 الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية ، حيث تراجع الأردن نقطتين بترتيبه العالمي (58 الترتيب الحالي من 56 الترتيب عام 2011) ، إلا أنه تقدم في المقابل نقطتين على مستوى الوطن العربي ، فقد إحتل الأردن عام 2011 المركز السادس عربياً بعد كل من قطر والإمارات العربية المتحدة والبحرين وعُمان والكويت ، أما عام 2012 فقد إحتل المركز الرابع بعد كل من قطر والإمارات العربية المتحدة والبحرين متجاوزاً عُمان والكويت. وتؤكد "تضامن" على ضرورة مواجهة الإعتقادات الخاطئة السائدة لدى الغالبية والتي ترسخ فكرة أن الفساد ما هو إلا أسلوب وطريقة حياة لا يمكن الوقوف بوجهه أو محاربته ، وأن الجميع يتعايشون معه على أنه كذلك لا بل يرضخون له ويكونون تحت رحمته. وتربط دراسات عالمية بين التمكين السياسي للنساء خاصة في مواقع صنع القرار وبين الحد من الفساد، حيث أشارت دراسة للبنك الدولي أن زيادة مشاركة النساء في مواقع صنع القرار بمعدل نقطة واحدة فوق (10.9) تؤدي الى إنخفاض في معدل الفساد بنسبة تصل الى 10% ، وفي البيرو توصلت دراسة ميدانية الى أن إشراك أعداد كبيرة من النساء في دوريات شرطة مكافحة المخدرات أدى الى تراجع كبير في الرشوة بين أفراد الشرطة. وتشير "تضامن" الى أن النساء هن الأكثر تضرراً من تفشي الفساد حيث يعانين منه بسبب كونهن نساء فيتعرضن للتحرشات الجنسية ويطلب منهن تقديم أجسادهن مقابل الحصول على خدمات من المفترض "لولا الفساد" أن يحصلن عليها كونهن مواطنات أو بسبب كفائتهن العلمية أو المهنية ، والنساء الفقيرات وهن الأغلبية بين فقراء العالم يعتبرن فريسة سهلة للفساد والفاسدين. إن مكافحة الفساد مسؤولية جماعية تتم محاربته من مختلف المواقع وبشتى الوسائل للوصول الى مجتمع خال منه ، فالمسؤلين الحكوميين وصناع القرار وراسمي السياسات وموظفي القطاع العام ومقدمي الخدمات العامة لهم دور فعال في قول "لا" للفساد. ووسائل الإعلام المطبوعة والالكترونية ، المقرؤة والمسموعة والمرئية والصحفيين والصحفييات يمكنهم محاربة الفساد بتغطية جهود الحكومات وفضح الممارسات والكشف عن بؤر إنتشارها. وللقطاع الخاص دور لا يقل أهمية في التصدي للفساد كتوعية الموظفين والتوقف عن تقديم الهدايا الرمزية والمادية وزيادة فرص الإزدهار الإقتصادي ودعم المؤسسات التعليمية ووقف التعامل مع المؤسسات الفاسدة والفاسدين والتبليغ عنها / عنهم. وتؤكد "تضامن" على دور مؤسسات المجتمع المدني خاصة المنظمات النسائية ، فمن خلال حث الحكومة على تطبيق الإتفاقية الدولية لمكافحة الفساد ودعم هيئة مكافحة الفساد يمكن تعزيز الديمقراطية وإشاعة الثقة والإستقرار بين المواطنين إتجاه الدولة ، وتنفيذ برامج التوعية والتثقيف حول مسؤولية الدولة لتكون أجهزتها خالية من الفساد للوصول الى عدالة متساوية وفعالة للجميع ، وإدماج الشباب والشابات في برامج مكافحة الفساد حماية للأجيال القادمة ، وتوعية القطاعين العام والخاص أن الإستثمارات الخارجية تكره الفساد وتعمل بكل قوتها في الدول الخالية منه ، والتأكيد على أن النساء سيستفدن من الخدمات الصحية بوجود آداء فعال لنظام صحي خالي من الفساد. وتؤكد "تضامن" أيضأ على أن للنساء دور فعال في قول "لا" للفساد ، فالمواطنات المسؤولات يعرفن حقوقهن وكيفية المطالبة بها كحصولهن ووصولهن السهل لخدمات الصحة الأساسية ، والتشديد على ممثليهن المنتخبين بضرورة إتباع سياسات تكافح الفساد التي تؤثر على محيطهن الخارجي وداخل أسرهن ، كما يمكن للنساء التوقف عن تسهيل قبول الهدايا وقبول أو منح الرشوة ، وبالعمل على تعليم أولادهن بأن الفساد غير مقبول وأنه يتناقض مع النزاهة والشرف والأمانة والمساواة ، والإبلاغ عن الفساد والمفسدين لما فيه حماية لهن ولمجتمعاتهن. فحيث تتأثر النساء أكثر من غيرهن بالفساد تقع عليهن الى جانب الجميع مسؤولية مكافحته وقد بدأن بذلك فعلاً وإن كن الأقل فساداً ، فذلك سيحسن من أوضاعهن ويعزز المساواة بين الجنسين في مجالات الصحة والتعليم والبيئة والإقتصاد والعدالة والديمقراطية والتنمية.