خطاب مشعل في غزة

حجم الخط
يلفت النظر: إليه خطاب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الذكرى 25 لانطلاقتها،والتي جرت في غزة مؤخراً.ما قاله هو :عودة إلى المنطلقات الأولى للحركة،إن في تحرير فلسطين،كل فلسطين من النهر إلى البحر،أو حول المقاومة في أنها هي الأسلوب الرئيسيفي تحرير فلسطين ونتزاع الحقوق الوطنية. نقول ذلك بعدما صدرت تصريحات عديدة عن الحركة وقيادييها على رأسهم خالد مشعل الذي صرّح للفضائية الأمريكية:سي.إن.إن . ان : أن الحركة تقبل بدولة مستقلة على أراضي عام 1967.إضافة إلى التهدئة غير المعلنة التي أُبرمت بين الحركة وإسرائيل في أعقاب العدوان الصهيوني على قطاع غزة 2008-2009.كذلك الأمر في أعقاب العدوان الأخير.بالنسبة للمقاومة وكما قال مشعل في كلمة له في الجامعة الإسلامية بغزة "فإنها ستكون رهناً بالوضع:هي الأصل , لكن مرّة نعتمد تهدئة،ومرّة نُصّعد ومرّة نضرب صواريخ،ومرّة لا نضرب صواريخ،هذه هي الحياة". من الجدير ذكره:أن حركة حماس في المعارضة كانت تتبنى الخطاب الراديكالي الذي كرره رئيس مكتبها السياسي في خطابه المعني.حماس في السلطة اختلفت حول موضوع المقاومة،إذ أصبحت التهدئة مع العدو مسألة مشروعة.لذلك في التهدئة الأولى مارست حماس أسلوباً منعت فيه حركات المقاومة الفلسطينية الأخرى(ومنها حليفتها الرئيسية حركة الجهاد الإسلامي) من ممارسة المقاومة تحت طائلة الاحتجاز والسجن.لا نقول ذلك جزافا, بل انه تم احتجاز البعض من مقاتليها ومقاتلي الجبهة الشعبية وآخرين ,عندما مارسوا المقاومة. الذي نقوله،وهو ليس مزاودة على أحد:أن المقاومة هي نهج مفتوح للشعوب المحتلة أراضيها من قبل الغاصبين, طالما بقي الاحتلال،فلا هدنة مع من يحتل أرضنا إلا بعد زوال الاحتلال.حركة حماس أظهرت أكثر من مرة استعدادها لهدنة طويلة الأمد مع إسرائيل.رغم التزام العدو الصهيوني بالهدنة لفظياً،لكنه لم يتوقف لا في الهدنة الأولى ولا في الثانية(الحالية) عن العدوان على شعبنا , فكم من شهيد مضى وآخرون جُرحوا في الهدنتين.صحيح أن المقاومة تتخذ أشكالاً عديدة , لكن الكفاح المسلح هو عمادها الرئيسي ,ولا تجوز أن تُعلن هذه الهدنة عليه. من زاوية أخرى:فإن التصريحات المتناقضة تؤدي إلى: لُبسٍ كبير ,فمرة يقول خالد مشعل:بأن الحركة تقبل بدولة على حدود عام 1967،ومرة أخرى يناقض قوله في هذه المسألة الاستراتيجية،التي لا تحتمل الجدل ولا التأويل ولا المس, في الحركة التي تتبناها.كما أن التناقض في الرأي حول نفس الموضوع لا يجوز أن يخضع للتكتيكات السياسية فهو نهج، والأخير لا يمكنه أن يكون عرضة للتأويل وفقاً للظرف الذي يقال فيه. العدو الصهيوني هو المحتل لأرضنا الفلسطينية.من حقنا مقاومته دوماً , فالتهدئات لم تحفظ الدم الفلسطيني من السيلان على أيدي العدو, الذي يقترف الجرائم ضد أبناء شعبنا في كل وقت.هو المطالب بإنهاء احتلاله , وليس نحن في هدنة نعقدها مباشرة أو بطريقة غير مباشرة مع هذا العدو. لقد تحدث رئيس المكتب السياسي لحركة حماس عن أهمية المصالحة وضرورة إنجازها سريعاً.هذا الهدف الذي يسعى إليه كل الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم،في الوطن وفي الشتات.سمعنا نفس الكلام من رئيس السلطة محمود عباس.محاولات كثيرة جرت في القاهرة والدوحة،واتفاقيات عديدة وُقعت من أجل تنفيذها, ولجان تشكلت وجرت تسمية وظائفها وعقدت اجتماعات لها،الأمر الذي جعل الفلسطينيين والعرب ومؤيدي القضية الفلسطينية على الساحة الدولية : يتفاءلون بالعودة إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية على القواسم المشتركة, والتي هي الثوابت والحقوق الوطنية الفلسطينية.نأمل هذه المرة وبعد الصمود الأسطوري وإفشال أهداف العدوان الصهيوني الأخير على غزة, وانجاز الدولة المراقب في الأمم المتحدة ,تجاوز الانقسام وإنجاز المصالحة كهدف وطني فلسطيني.لا يمكن فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة ولا عن منطقة 48 ,فكلها أجزاء مقدسة من الوطن الفلسطيني. لقد رسخ خالد مشعل في زيارته الأخيرة إلى غزة وفي خطابه في ذكرى الانطلاقة،منصبه كرئيس للمكتب السياسي لحركة حماس،وهذا لا يتماهى مع أنباء وتصاريح سابقة له من أنه سيترك منصبه في المرحلة المقبلة.لقد راجت أنباء عشية زيارة مشعل إلى غزة : بأن مفاجأة سيعلنها إسماعيل هنية في كلمته في احتفال الانطلاقة:بأن حماس تصر على إبقاء خالد مشعل في منصبه،وأن الأخير تراجع عما سبق وأن صرّح به حول استقالته.رغم عدم الإعلان عن المفاجأة فإن على الأغلب أن يظل مشعل في منصبه. حرّي القول:أن الصمود الأخير لغزة في مواجهة العدو الصهيوني ,عزّز من المقاومة الوطنية الفلسطينية،ومن مركز حماس تحديداً في الساحتين الفلسطينية والعربية وعلى الساحة الدولية.في دولة الكيان الصهيوني زادت الأصوات التي تطالب بفتح حوار إسرائيلي مع حماس،من بعض السياسيين القليلين والكتّاب في الصحف الإسرائيلية.تحت دعوى:أن حماس أصبحت اللاعب الرئيسي في الساحة الفلسطينية. نرى أن من الصعب على خالد مشعل بعد الإنجاز التاريخي للمقاومة الفلسطينية في صد الاعتداء الأخير،أن ينسحب من منصبه،إضافة إلى أن البدائل التي يجري الحديث عنها ,ليخلفه واحد منها،لا تمتلك الكاريزما التي حققها مشعل بعد سنوات طويلة من نضاله, وهي أيضاً ليست محط إجماع بين الاتجاهات المختلفة في الحركة, والمعبّر عنها في اتجاهين رئيسيين:اتجاه الداخل واتجاه الخارج. زيارة خالد مشعل لغزة حملت تحدٍ كبير للعدو الصهيوني،هذا وفي تصريح لشاؤول موفاز وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق ورئيس حزب كاديما حالياً : أسف فيه على عدم اغتيال مشعل خلال زيارته الأولى للقطاع. * * *