اجتماع طارئ بعد الطوارئ

حجم الخط
اجتمعت الحكومة الفلسطينية يوم الجمعة 11/1/2013 بشكل طارئ بعد انتهاء حالة الطوارئ، و ذلك لبحث توجية الجهد الحكومي من قبل المؤسسات و تعاملها مع الاضرار التي خلفها المنخفض الجوي التي تعرضت له دولة فلسطين المحتلة مساء يوم الثلاثاء بتاريخ 8/1/2013، اي في نفس اليوم الذي عقد فية اجتماع مجلس الوزراء الفلسطيني في جلستة رقم 34، حيث تحدث الوزراء و ناقشوا عدد كبير من القضايا التي ادرجت على جدول اعمالهم باستثناء الحديث عن المنخفض الجوي القاسي الذي كان قد تم الاعلان عنة مئات المرات، و في كافة وسائل الاعلام الفلسطينية، و العربية، و التركية، و المالطية ايضا. و كان المنخفض الجوي قد عبر البلاد قبل بدء اجتماع مجلس الوزراء الذين بدورهم تمنوا خلال الاجتماع ان يكون العام الجديد عام للحرية و للاستقلال، و عام انهاء الانقسام. تحدثوا عن الازمة المالية و شبكة الامان العربية لمواجهة القرصنة الاسرائيلية. استنكر مجلس الوزراء في نفس الجلسة الاعتداءات الاسرائيلية في الاغوار، و اخيرا استمعوا و ناقشوا تقرير وزير الصحة عن مرض انفلونزا الخنازير، و اكدوا على اهمية عدم التهويل او الذعر من قبل المواطنين. و في نهاية الاجتماع جدد مجلس الوزراء ادانته لجرائم القتل التي ترتكب بحق الفلسطينيين في سوريا(للمزيد و للتأكيد يرجى مراجعة محضر الاجتماع على صفحة مجلس الوزراء الالكترونية). انتهى الاجتماع و رفعت الجلسة دون الحديث لا عن المنخفض الجوي و اليات مواجهتة، و لا عن جاهزية الحكومة لمثل هذة الاحداث. اعتقد ان هذا لا يعني سوى عيش اعضاء مجلس الوزراء اما خارج الوطن، او في كوكب زحل او المشتري. قال رئيس الوزراء الفلسطيني د. سلام فياض اثناء زيارتة لجنين و طوباس ان المهمة الاساسية للحكومة في الايام المقبلة تتمثل بالاغاثة العاجلة و الفورية للمتضررين و المنكوبين من الاحوال الجوية التي شهدتها فلسطين في الايام الماضية . جاءت اقوال رئيس الوزراء هذه يوم الجمعة 11/1/2013 ، اي بعد مرور اربعة ايام على استشهاد سماح كنعان و هناء سراوي، و مرور ثلاث ايام على استشهاد ماهر برية جراء العاصفة و الفيضانات التي اجتاحت فلسطين المحتلة منذ 8/1/2013 ، وبالتحديد في محافظة طولكرم ، حيث تجمعت مياه نابلس، ومياه وادي الشعير، وجبال عنبتا و رامين و بيت ليد و كفر اللبد و بلعا في منطقة عناب التي اصبحت نهراً يهدر بمياهه وحجارته ، والذي جرف الحجر و الشجر و البشر ، وادى الى خسائر بشرية ومادية بعشرات ملايين الدولارات . السؤال المطروح الان : هل كان بامكان شعبنا بشكل عام والحكومة الفلسطينية واجهزتها بشكل خاص ان تقلل من هذه الاضرار ، وان تحفظ الارواح ؟ اعتقد انه كان بامكان الحكومة ان تتجنب مثل هذه الكارثة الطبيعية لو احسنت صنعاً ، لا سيما وان شعبنا لديه مجموعة كبيرة من الابطال المهنيين و الوطنيين والجريئين في الدفاع المدني وفي الاجهزة العسكرية و المدنية الذين لبوا كافة نداءات المواطنيين ، وقامت بعمل ما يتوجب عليها من انقاذ للارواح و الحفاظ على الممتلكات بالرغم من محدودية امكانياتها المادية، الا انها استطاعت ان تواصل عملها على مدار الساعة لمساعدة المواطنين .رجوعاً للسؤال السابق : لماذا زهقت الارواح ، ولماذا الخسائر بالملايين ما دام لدينا مثل هؤلاء الابطال وهذه الاجهزة التي عملت على مدار الساعة ؟ اعتقد ان السبب يعود الى استهتار الحكومة بارواح مواطنيها ، حيث تم الاعلان في الصحف المحلية و كافة وسائل الاعلام الفلسطينية عن هذا المنخفض وشدته قبل عشرة ايام من وصوله للبلاد ، وخلال العشرة ايام لم تجتمع الحكومة الفلسطينية لوضع الخطط لمواجهة هذه العاصفة ، و اكبر دليل على ذلك لم يتطرق مجلس الوزراء لهذة الكارثة في اجتماعهم في اليوم الاول لهذا المنخفض القاسي. كما لم يكن اصلاً لدى الحكومة دوراً في عمليات الاستنفار التي حصلت في صفوف الدفاع المدني و الاجهزة العسكرية و المدنية اللذين لبوا نداءات المواطنين اثناء العاصفة ، فالحكومة عقدت اجتماعاً طارئاً يوم الجمعة 11/1/2013 ، اي بعد انتهاء حالة الطوارئ للتداول حول اغاثة المنكوبين ، ومطالبة الدول المانحة للمساعدات المالية لاعادة بناء ما تم تدميره جراء العاصفة، حيث ينطبق المثل القائل: "بعد ما .... شدت ليتها". اعتقد ان ما حصل يمثل كارثتين : الاولى، الكارثة الطبيعية المتمثلة بالعاصفة ونتائجها على مستوى الارواح و الممتلكات، والكارثة الثانية تمثل غياب التخطيط من قبل الحكومة بشكل عام، و وزارة التخطيط بشكل خاص، تبين ذلك من فزعة الحكومة واجتماعاتها ومتابعاتها بعد العاصفة. الجميع منا يعرف بان عمل حكومات العالم يكون عادة بالفعل وليس برد الفعل كما هو الحال في فلسطين . كان من المفترض على حكومتنا الفلسطينية استشراف ماذا سيحدث في حال الفيضانات في تلك المنطقة المعروفة بخطورتها في الشتاء لأبائنا و اجدادنا، حيث كانت تسمى بشارع الموت . كان من المفترض ان تاخذ الحكومة الفلسطينية مجموعة من الاجراءات و القرارات للحفاظ على ارواح مواطنيها وممتلكاتهم ، وليس العمل برد الفعل بعد حدوث الكارثة، كان من المفترض ان تعقد جلسة الطوارئ لمجلس الوزراء قبل حالة الطوارئ، و ليس بعد انتهاء كل ما هو طارئ، كان من المفترض على مجلس الوزراء و بالحد الادنى منع المواطنيين من التنقل على الشوارع المنخفضة، او الاعلان عن ذلك من قبل وسائل الاعلام المحلية. اعتقد اننا جميعا نتحمل مسؤولية نتائج العاصفة، الحكومة، و مؤسسة الرئاسة، و الاحزاب السياسية، و المؤسسات الاهلية، و الهيئات المحلية، و القطاع الخاص ايضا. فهذة ليست اول كارثة طبيعية و لن تكون الاخيرة، فهل سنستخلص العبر؟ اعني كم عدد الجرافات و الاليات اللازمة التي تملكها الحكومة؟ و كم عدد فرق الانقاذ المدربة للاحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني؟ كم عدد قوارب الطوارئ لدى الهيئات المحلية التي تقع في المناطق المنخفضة؟ و كم عدد الغواصين المدربين للعمل في مثل هذة الظروف؟ ألم نتعلم من حريق مصنع القداحات في الخليل في تشرين الاول عام 1999 الذي حرق فية 16 عاملة؟ ألم نتعلم من حادث باص الاطفال في الرام الذي حرق اثنى عشر طفلا في شباط من العام الماضي؟ الم نتعلم من حادث كازية رام اللة الذي قتل فيه افراد عائلة موسى البجالي و غيرهم في شباط 2007؟ و القائمة تطول و تطول. نحن دائما في مثل هذة الاحداث نصبح خبراء في خلق المبررات و نتهم الاحتلال، او نواسي انفسنا بالحديث عن القضاء و القدر، و ليس عن اهمالنا و عجزنا، و اخطائنا، او محاسبة من يقع في مركز صناعة القرار.