كرموا مقاتليكم وهم احياءافضل ألف مرة من ان تؤبنونهم بحلكة الظلام"

حجم الخط
عندما امتشقت قلمي لاخط مداد بضع كلمات عن الثورة والمقاومة بما لها من علاقة عضوية مع المقاتل صلاح ابو الجديان "ابو زاهر " . وقفت مليا امام كلمات الرفيق القائد المعلم والملهم ابو علي مصطفى حينما قال ان كل من يسجل التاريخ ليس كصانعه . انها الكلمات التي وضعت حدا للكتابة عن تاريخ واعمال ذلك الفدائي سيما وانني بصراحه لم اكن قادرا على حمل ذلك الوزر الا من خلال الكتابة عن لسانه بعيدا عن التاويل او التقليل او التضخيم ما يوقعك في متاهات النفاق والبعد عن النزاهة والشفافية . لقد روى الرفيق ابو زاهر الرواية الحقيقية بدمها ولحمها والتي تمثل توثيقا صادقاً للواقع الكفاحي للثورة الفلسطينية بشكل عام والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على وجه الخصوص . يقول الرفيق ابو زاهر انني منذ ان انتميت للعمل الوطني من خلال الجبهة الشعبية حتى هذه اللحظة لم اكن الا مشاركا في كافة الفعاليات والنشاطات التي تكون على محكات العمل سواء في سنين السجن التي قضيتها في باستيلات العدو الصهيوني وعندما كنت مطاردا للعدو الصهيوني منذ نعومة اظافري مقاتلا من مقاتلي الجبهة الشعبية جنبا الى جنب مع الرفاق الشهداء امثال الرفاق طلال ابو جندي , عبد الله خضر , حسني عطالله , الذي قضى اثر مرض عضال , والرفيق عبد الله الشنب وابو احمد خلف وجيفارا غزه , وروحي ابوعون وعبد الحافظ العامودي ومن الرفاق الاحياء ابراهيم حبوب وحسن العجرمي ومن الاخوة من قوات التحرير الشعبية ابو فايز الكفارنة ومحمد ابوكتيفه ابو ادهم وابو دفاع سمور والشهداء جهاد الشعراوي وحسن جراد . واذا اردت ان تدقق فسوف ترى التجلي بجدلية العلاقة بين مقاتلي وقوات الجبهة الشعبية وقوات التحرير ممن اختلطت دمائهم في خضم العمل الكفاحي في بيارات بيت حانون والزرقاء وازقة المخيم الملتبسة ممراتها ..مداخلها ومخارجها شديدة التشابه وضيق الحال لا بل حتى الاوكار التي كانت اقرب الى المشتركة فيما بينهم . يستطرد الرفيق ابو زاهر في حديثه، يتوقف فجاة يضم كلتا يديه على محياه بضع ثواني متنهدا. في مثل هذه الايام وبالتحديد قبل اربعين عاما يصادف تاريخ يوم ان بقينا فيه احياء مصادفة ...... 28 / 2 / 1972 ذلك التاريخ الذي سطر الرفاق معي اروع ملاحم البطولة والفداء عبر الاشتباك الحي مع جنود الاحتلال الصهيوني على ضفاف نهر الاردن وبالقرب من جسر اللمبي , سيما واننا قد قطعنا الجزء الاكبر من احراش اريحا الى ان بتنا ما بين سطور الاسلاك الشائكة التي تقطع المنطقة الى مجموعة من المربعات الارضية ذات الاسلاك الشائكة العالية سيما وان العدو قد عمل جاهدا من اجل عمل ممرات كركار بيضاء تسهل على العدو رؤية أي زوال قد يقطع هذه الممرات عملا من اجل منع تسلل الفدائيون من المقاتلين الذين حملوا الراية وارواحهم على اكفهم ارادة منهم لاستمرار ساحة الاشتباك المستمر رغم كافة المعيقات والمعارك التي نفذتها دول الجوار العميلة بعد مجازر عجلون وجرش وملاحقة المناضلين من فدائيي غزه اثر مشروع روجرز التامري والذي كان الهدف منه افراغ منظمة التحريرالفلسطينية من محتواها الكفاحيه والقضاء على البندقية الفلسطينية المقاومة في ذلك الوقت, ولكن عندما كان الرد الجازم لذلك المحترف الثوري الذي بارادته بات يبحث عن كل مقومات استمرار العملية النضالية الكفاحية وصولا الى الانتصار. يستطرد ابو زاهر بالحديث قائلا .... رغم المهام الملقاة على عاتق الفدائيين وخاصة رفاق الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين سيما وان الجبهة الشعبية اخذت على عاتقها انذاك ضرب خطوط الامداد متمثلا بالقطارات التي تقوم بنقل الامدادات التموينية والعسكرية سيما ان اكبر قوافل الامداد كانت في سيناء وان دعم العمليات الاعتراضية التي تحد من استمرار تواصل الدعم اللجستي والتمويني والمعدات . الا ان الجبهة الشعبية بقيت قابضة على جمر الملاحقة من خلال خوض العمليات والاشتباكات التي كانت تمارس هذه المرة عبر نهر الاردن . فغلا كنا ثلاثة رفاق وكان يقودنا الرفيق الشهيد البطل فؤاد سلامه الملقب ابو حديد والرفيق رشيد الصيداوي والرفيق ابو زاهر .... وصل بنا المطاف الى منطقة نويعمه باريحا حيث كان هذا المخيم فارغا من اهله وهو ما تبقى من مسالك وعره للحدود الاردنية . هذه المنطقة بطولها وعرضها من منطقة متعددة المناحي الجغرافية من سفوح وسهول وتلال من الكثبان الرملية ذات المسالك الوعره الغير معبدة . قطعنا كل تلك المساحات بمناخاتها بكلها وكليلها متجنبين مناطق حقول الالغام التي فلتنا منها مصادفة في ظل حلكة ظلمة الليل الدامس بشتائه الذي يندف من الثلج ما لا يجعلك قادرا لمعرفة ما امامك من اشياء.... لتكون مسيره خطاك عفوية ...ارتجالية وبغير هدى ... حقيقة سبقتنا مجموعات كانت قد بادرت ضمن عملية التواصل النضالي الكفاحي ما بين الضفتين ولكن دون جدوى سيما وانهم كانوا يقعون فريسة وسائل تشريك الالغام الفردية والكماين سيما وان المقاتلين يجهلون طوبغرافيا تلك المسالك والدروب .. لتكون تلك الدوريات القتالية تحت سطوة حراب الاحتلال . دخلنا منطقة حرشية كثيفة ملامسة للنهر لا تستطيع رؤية زميلك من كثافة هذه الاحراش . ومن الواضح اننا كنا نسير بمحاذاة النهر ومهما سرنا فاننا لن نخرج من مطبات الوقوع في شرك مواقع الجيش التي باتت لم تبعد عنا الامتار وسط حلكة الظلام الدامس وعدم وجود الدليل المتمكن من معرفة هذه المسالك والدروب الوعره وتلك المواقع المحصنة بكل مفهوم التحصين الهندسي المانعة الرادعة حتى بتنا تحت مرمى الرصاص ليكون لهيب زخات الرصاص مفاجئة بكثافتها النيرانية ... ليكون الرد الجبهاوي سريعا رغم تمايز فوارق القدرات التي تعاملنا معها كما هي كلاشنكوف ... كارلو ستاف ... مجموعة من قنابل الملزالدفاعية والاوفون الهجومية .... بتكتيك التعاطي بما لدينا من عتاد جعلنا العدو يتريث دون التسريع في مهاجمتنا لعدم تقديراته بحجم ما لدينا من امكانيات وبعد ا ن اصبنا جميعا عملوا حزاما امنيا حولنا للحؤول دون فلات احد منا وبداو يطلقوان العنان لتوجيهاتهم كل ذلك بعد ان تيقنوا بنفاذ كل ما لدينامن ذخيره عبر مكبر الصوت بالقاء السلاح جانبا حفاظا على حياتكم بعد ان جعلوابقنابلهم المضيئة ليل ارض المعركة نهارا . لقد القوا القبض علينا ونحن مصابين جميعا لقد قاموا بنقلنا للعلاج المرافق للتحقيق مستخدمين جراحاتنا وسيلة للضغط مفكرين انهم سينتزعون منا أي اعتراف.. ولكن دون جدوى ...وليسدل الستار على سنفونية الملحمة البطولية لرفاقنا الذين حافظوا على مشهد الصمود والاستبسال في مواجهة ذلك العدو الفاشي ليس في ساحة المعركة فحسب وانما في ساحة اقبية التحقيق الاجرامية حيث كان الرد المزلزل للرفيق ابو زاهر ورفاقه على مقولة مئة ام تبكي ولا امي تبكي بان تبكي امهاتنا ولا مئة ام مناضل تبكي.