بيان سياسي صادر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

في دورته الأولى بعد انتهاء أعمال المؤتمر الوطني العام وقف المكتب السياسي أمام المستجدات السياسية على الصعيد الفلسطيني والمنطقة العربية عموماً والتداعيات الدولية من وراء الأحداث المتفجرة. حيث أكد المكتب السياسي على خطورة استمرار نهج وخيار المفاوضات مع الاحتلال، على الرغم من إخفاق كل مسار المفاوضات منذ أوسلو إلى اليوم في انتزاع أياً من حق الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يعني أن استمرار المفاوضات هو أمر مرادف لترسيخ الاحتلال، وفي أحسن الأحوال فإن المفاوضات لن ينتج عنها إلا مزيداً من التنازلات الفلسطينية على حساب الحقوق الوطنية الفلسطينية. وما خطة كيري " إلا برهان على عقم المفاوضات وعلى الأهداف الإسرائيلية الأمريكية من وراء المفاوضات الجارية". وقد أكد المكتب السياسي أن خطة كيري تبقى الوضع القائم في الضفة الغربية على ما هو عليه " حكم ذاتي للسكان". وقد كشفت الخطة عن عمق التطابق بين " إسرائيل" وأمريكا في رؤيتها لحل الصراع، وقد كشفت أمريكا للمرة الألف عن وجهها الحقيقي بأنها عدو للشعب الفلسطيني، حينما تبنت الطلب الإسرائيلي "بيهودية الدولة". إن الجديد في الموقف الأمريكي هو التبني الرسمي من قبل الإدارة الأمريكية ليهودية الدولة، ارتباطاً بما يحمله هذا الخطر من إمكانية ترحيل شعبنا في فلسطين 48 إلى خارج حدود " الدولة اليهودية" المزعومة. كما أن هذا المقترح يعني فيما يعنيه التسليم السياسي والقانوني والتاريخي بأن فلسطين هي دولة اليهود، وليس دولة أو وطن الفلسطينيين. كما أكد المكتب السياسي على خطورة خطة كيري الرامية إلى إلغاء حق العودة واستبداله بصناديق التعويض والحلول الإنسانية الفردية، وهذا يجعل من فلسطيني الشتات عرضة للتهجير والتوطين كما هو حاصل اليوم من هجرة قسرية. ولا تتوقف خطة كيري عند هذه الحدود، وإنما تتحدث عن تبادل الأراضي والسكان لإحداث تغيير جغرافي وديمغرافي لصالح الكيان الصهيوني بما في ذلك مدينة القدس التي هي العاصمة لدولة فلسطين. إن المكتب السياسي إذ ينظر بعين الخطورة لمسار المفاوضات وخطة كيري القائمة عليها، يرى أن الصمت العربي على هذه الخطة وتساوق البعض الآخر مع هذه الخطة والضغط على الطرف الفلسطيني لتقديم التنازلات لهو جزء من المؤامرة على حقوق الشعب الفلسطيني، كذلك يجب أن يرفض الاستفتاء، فلا استفتاء على ثوابت وحقوق الشعب الفلسطيني. إن الإدارة الأمريكية و"إسرائيل" والأطراف العربية المتساوقة، ترى اليوم أن الظرف الحالي هو الوقت المناسب لتعزيز هذا المشروع التصفوي، في ظل انشغال الوضع العربي الرسمي والشعبي بأوضاعه الداخلية. وفي السياق، فإن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ترى أن القيادة المتنفذة في م.ت.ف ضربت بعرض الحائط قرارات اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي لـ م.ت.ف الرافضة لاستئناف المفاوضات في ظل استمرار الاستيطان المتزايد والممنهج والذي يبتلع الأراضي الفلسطينية بالتدريج، مما لا يسمح بإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، وقد قاربت "إسرائيل" على تهويدها بالكامل. وعليه، فإن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تدعو القيادة المتنفذة لـم.ت.ف الإقلاع عن نهج التفاوض العبثي والضار بالمشروع الوطني الفلسطيني، ونقل ملف القضية الفلسطينية برمته إلى الأمم المتحدة لتطبيق قراراتها المتعلقة بمفردات القضية الفلسطينية، حيث أن الراعي الأمريكي قد يرهن ولا يزال على عدم نزاهته وموضوعيته كمرجعية لحل الصراع، بل أكد من جديد على انحيازه ومشاركته مع الكيان الصهيوني في ضرب المشروع الوطني الفلسطيني. وفي الجانب الآخر وقف المكتب السياسي أمام حالة الانقسام الفلسطيني الذي سبب ضعفاً ووهناً بالوضع والمشروع الوطني، ورأى أن استمرار هذا الوضع الشاذ هو بالمحصلة يخدم الأهداف الصهيونية ويفتت عناصر الإجماع الفلسطيني، ويوفر الفرصة لعبث الجميع في وحدة الشعب وإرادته الوطنية. وإذ يرى المكتب السياسي خطورة استمرار هذا الوضع، فإنه يدعو إلى إنهاء هذا الوضع الشاذ والضار في آنٍ واحد، ودعا إلى تطبيق بنود كافة الاتفاقات التي تم التوصل إليها في حوارات القاهرة، وذلك عبر دعوة الإطار القيادي لـ م.ت.ف لتنفيذ ما اتُفق عليه ووضع جدول عملي زمني للخروج من هذا المأزق والدعوة إلى انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني والانتخابات الرئاسية والتشريعية مما فتح الباب واسعاً لرسم سياسة وطنية فاعلة لمواجهة مشاريع تصفية القضية الفلسطينية. كما توقف المكتب السياسي أمام الوضع العربي وتداعياته على الوضع الفلسطيني وبالأخص مخيمات اللاجئين في سوريا، وعلى رأسها مخيم اليرموك، الذي يتعرض لعملية تدمير وتخريب وتجويع وتهجير، ورأى أن الحل لوضع مخيم اليرموك يجب أن يكون وفق رؤية موحدة لكل فصائل العمل الوطني الفلسطيني، على قاعدة إخراج المسلحين وتحييد المخيم من الصراع العنفي، والبدء في إدخال المساعدات التموينية وفك الحصار وعودة أهل المخيم وسكانه من فلسطينيين وسوريين إلى بيوتهم وممتلكاتهم، وعودة المخيم إلى ما كان عليه سابقاً منطقة آمنة بدون سلاح ولا مسلحين. كما خلص المكتب السياسي في رؤيته للوضع العربي، بأن الحالة العربية تتعرض إلى مخاطر جمّة من شأنها أن تفسح المجال لتفتيت الشعب العربي والأمة العربية، وترجع هذه الحالة لأسباب تتعلق بعدم قدرة الأنظمة العربية على تحقيق الديمقراطية في بلدانها، ودخول المؤامرة الغربية والأمريكية على دول المنطقة مما أفسح المجال أيضاً إلى إعطاء الصراع طابعاً طائفياً ومذهبياً. المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين 1/2/2014