المرأة الفلسطينية تحيي يوم المرأة العالمي على طريقتها الخاصة جداً

لم تجد المرأة الفلسطينية مصدراً لآلامها أكثر قسوة من الاحتلال الإسرائيلي للاحتجاج عليه في يوم المرأة
حجم الخط
لم تجد المرأة الفلسطينية مصدراً لآلامها أكثر قسوة من الاحتلال الإسرائيلي للاحتجاج عليه في يوم المرأة العالمي، فتوجهت العشرات من الناشطات النسويات صباح أمس الى حاجز قلنديا العسكري الفاصل بين رام الله والقدس، وتظاهرن أمامه إحياء لهذا اليوم الذي تحتفل به النساء حول العالم. ورغم الطابع السلمي للمسيرة الاحتجاجية، الا أن الجيش الإسرائيلي هاجمها بعنف وأغرقها بقنابل الغاز الخانق، ما أسفر عن وقوع 11 إصابة بين المتظاهرات. وقالت النائب خالدة جرار ان الناشطات توجهن الى الحاجز العسكري للاحتجاج في يوم المرأة للتأكيد على دور المرأة الفلسطينية في النضال ضد الاحتلال الذي قالت انه المصدر الاول للظلم. واضافت: «المرأة الفلسطينية تحمل عبئاً مضاعفاً، فهي العاملة، وهي زوجة الشهيد، وزوجة الاسير، وعلينا العمل على تحسين مكانتها». وسارع الجيش الاسرائيلي الى إغلاق الحاجز امام السيارات المارة، واستدعى تعزيزات عسكرية كبيرة قامت بقمع المسيرة النسوية. وحاجز قلنديا العسكري هو أحد أبرز الحواجز العسكرية التي تقطع اوصال الضفة الغربية وتحيلها الى كانتونات معزولة. واقيم هذا الحاجز مطلع الانتفاضة عام 2000 بهدف عزل مدينة القدس الشرقية كلياً عن باقي اجزاء الضفة، وتحول في السنوات الأخيرة الى معبر شبيه بالمعابر القائمة بين الدول. وكرمت المؤسسات النسوية العاملة في الاراضي الفلسطينية مئات النساء من أمهات وزوجات الشهداء والاسرى والعاملات المحررات. وبيّن تقرير نشر أمس لمناسبة يوم المرأة العالمي ان السلطات الاسرائيلية اعتقلت 15 ألف امرأة فلسطينية منذ عام 1967. النساء الأسيرات وقال مدير دائرة الإحصاء في وزارة الأسرى والمحررين عبدالناصر فروانة ان ألف امرأة اعتقلن خلال الانتفاضة الأخيرة (انتفاضة الأقصى)، منهن 22 أسيرة ما زلن رهن الاعتقال. واضاف ان جميع المعتقلات تعرضن للإهانة والتعذيب واحياناً الى التحرش الجنسي. ودأبت الفصائل الفلسطينية على العمل على إفراغ السجون الاسرائيلية من الاسيرات في صفقات تبادل الاسرى او في الاتفاقات السياسية. وتم افراغ السجون من الاسيرات بصورة كلية او شبه كلية في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، وفي صفقة تبادل الاسرى بين حركة «حماس» والسلطات الاسرائيلية التي جرى بموجبها اطلاق الجندي الاسرائيلي غلعاد شاليت، وهو ما يفسر قلة عدد الاسيرات مقارنة بعدد الاسرى الذكور. لكن السلطات الاسرائيلية كانت تعيد إحياء سجون النساء بعد اعتقال اعداد جديدة من الاسيرات. وبيّن تقرير لنادي الاسير نشر أمس ان عدد الاسيرات في السجون الاسرائيلية اليوم 22 أسيرة، وانهن يتعرضن الى ضغوط وقيود شديدة. وقال النادي إن 7 من الأسيرات محكومات، و15 موقوفات بانتظار المحاكمة. واقدم الأسيرات هي لينا الجربوني، وهي فلسطينية من الداخل، اي من مناطق عام 1948 وتحمل الهوية الاسرائيلية، ومحكومة بالسجن 17 عاماً أمضت منها 12 عاماً. ورفضت السلطات الاسرائيلية اطلاقها في صفقة شاليت بذريعة انها تحمل الجنسية الاسرائيلية. أما آخر المعتقلات، فهي المحامية شيرين العيساوي التي اعتلقت اول من امس. وشيرين هي شقيقة الأسير السابق سامر العيساوي الذي خاض اطول اضراب عن الطعام في تاريخ الحركة الاسيرة. ومن بين المعتقلات اللواتي اعتقلن أخيراً نرمين سالم التي تعمل في مؤسسة لرعاية المعتقلين في نابلس. وقال نادي الاسير انها تخضع للتحقيق في سجن «بيتح تكفا» الاسرائيلي. وأوضح النادي ان 7 أسيرات من محافظة نابلس هن: آلاء أبو زيتون، وتحرير القني، ووئام عصيدة، وفلسطين نجم، ومرام حسونة، وزينب أبو مصطفى، ونرمين سالم. وقال ان اصغر الاسيرات هي مرام حسونة البالغة من العمر 18 عاماً. واوضح رئيس النادي قدورة فارس ان عدداً من الأسيرات يعانين أمراضاً مختلفة، وهن: لينا الجربوني ونوال السعدي وأنعام الحسنات ونهيل أبو عيشة ورسمية بلاونة وآيات محفوظ التي تعاني من فقدان البصر في العين اليمنى وضعف حاد في البصر في العين اليسرى. ومن بين الاسيرات اثنتان مخطوبتان لأسيرين هما منى قعدان المعتقلة منذ 12 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2012، وهي مخطوبة للأسير ابراهيم اغبارية الذي يقضي حكماً بالسجن المؤبد (ثلاث مؤبدات)، علماً ان قعدان ناشطة معروفة، واعتقلت للمرة الثالثة. اما الاسيرة الثانية دنيا واكد المعتقلة منذ 27 أيار (مايو) العام الماضي فهي مخطوبة للأسير محمد واكد المحكوم بالسجن 29 سنة، وأمضى منها 11 عاماً. وقال فارس: «الأسيرات يعانين من ظروف حياتية صعبة داخل سجون الاحتلال لكون عدد منهن محروم من أطفالهن، وأخريات يعانين من أمراض مختلفة وهن بحاجة الى علاج، إضافة إلى المعاملة السيئة من مصلحة سجون الاحتلال». الضغوط الاجتماعية وتعاني المرأة الفلسطينية من قيود وضغوط اجتماعية ناجمة عن الطبيعة المحافظة للمجتمع الفلسطيني، الى جانب معاناتها من الاحتلال الذي يلقي ظلالاً ثقيلة على كل شأن من شؤون الفلسطينيين، وكل مظهر من مظاهر الحياة في الاراضي الفلسطينية. وتظاهرت نساء فلسطينيات قبل ايام امام مقر الرئاسة مطالبات الرئيس محمود عباس بإلغاء جميع البنود المخففة في قانون العقوبات الذي يتيح للقضاة اصدار احكام مخففة على مرتكبي جرائم ضد النساء. وبيّنت تقارير أخيرة لمنظمات حقوق الانسان ان العام الماضي شهد مقتل 26 امرأة في الضفة الغربية وقطاع غزة في خلافات عائلية، بعضها اعتبر جرائم على خلفية «الشرف»، ما شكل زيادة بنسبة 50 في المئة عن عدد النساء اللواتي قتلن في جرائم مشابهة العام السابق 2012. وعزا كثير من المراقبين هذا الارتفاع في الجريمة ضد النساء الى تفاقم مشكلات الفقر والبطالة في المجتمع. وبيّن تقرير أخير ان نسبة البطالة في قطاع غزة ارتفعت من 30 في المئة الى 39 في المئة بعد اغلاق الانفاق بين غزة ومصر منتصف العام الماضي، كما ارتفع معدل الفقر الى اكثر من 50 في المئة من السكان، فيما بلغ في الضفة معدل البطالة نحو 20 في المئة. وشهد قطاع غزة الشهر الماضي جريمتي قتل هزتا المجتمع الفلسطيني، احداهما قتلت فيها فتاة في الرابعة عشرة من عمرها، والثانية قتلت فيها فتاة في السابعة عشرة. غير ان المشكلات الاجتماعية التي تعانيها المرأة الفلسطينية تبدو متواضعة جداً مقارنة مع تلك الناجمة عن الاحتلال الاسرائيلي.