مفاوضات عمان، والاسئلة الفلسطينية

حجم الخط
يسأل ملايين الفلسطينيين ، في الوطن والشتات والمهاجر وفي السجون، يسالوا السيد صائب عريقات، سؤالا يجمعوا عليه تقريباً: أنت يا أخ صائب ، تفاوض مولخو في عمان ، بإسم َمن ؟ بإسمنا نحن ؟ هذا السؤال الشعبي يتردد في الشارع وبات معروفا للقاصي والداني ، وللصديق والعدو على حد سواء . سؤالٌ يمتد من عكا مُرورا بمخيم عين الحلوة وصولا الى تشيلي . اليوم ، معظم الفلسطينييون يسالوا : هؤلاء الذين يفاوضوا عدونا والرباعية ، يمثلوا من ؟ وهذا السؤال ، على بداهته له جوابا سيقوله لك السيد صائب عريقات ، كعادته ، وياكل نصف الجواب ، ويقول : نحن من ؟ نحن منظمة التحرير الفلسطينية . وهنا سيسال الفلسطيني سؤاله البديهي الثاني : أي منظمة تحرير هذه التي تتحدث عنها يا اخ عريقات؟ الا يكفيكم تمثيل؟ المفاوضات العبثية التي تتواصل في عمان تضع السلطة الفلسطينية ، بل وحتى العرش الاردني ، تضعهما خصماً للشعب الفلسطيني، لان " عشاء عمان " على شرف العنصري توني بلير ، وهذه اللقاءات انما تُصنع خارج كل شرعية وطنية وشعبية ، فلا غطاء لها ، وما سمى بالمصالحة الفلسطينية ، التي تتكأ عليها القيادة الرسمية في المقاطعة ، سوف لن تشفع لها كي تذهب لطاولة القمار مجددا ، فالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة الجهاد الاسلامي وحركة حماس ، رفضوا هذه المفاوضات . كما ان الوساطة الاردنية التي تقوم بها الحكومة الاردنية يؤكد ما نذهب اليه ، لا ينفيه ، هو اجتماع مصالح ، لنادي الرباعية والاحتلال ومعسكر السلام المعتدل واداوته الفلسطينية ، ويجري كل هذا في عمان وعلى حساب شعبنا وحقوقنا وقضيتنا العادلة. ان معظم قواعد الاحزاب والفصائل ، حتى قواعد حركة فتح ترفض هذه المفاوضات ، الامر ينطبق على كل الاحزاب والجمعيات والهيئات الوطنيه في فلسطين المحتلة عام 48 ، وفي الضفة والقطاع والشتات . ولا يوجد مثقف وطني واحد او فنان او شاعر او شخصية ادبية فلسطينية توافق على هذه المسخرة. هذه المفاوضات في عمان مرفوضة جملة وتفصيلا ، وهي مضيعة للوقت وهدراً للامل الفلسطيني في التحرر والانعتاق والعودة والمساواة. لا يستطيع احد ان يزعم ان منظمة التحرير التي يتخفى تحت يافطتها السيد عريقات ، هي ذاتها التي استشهد تحت لوائها عشرات الاف من الفلسطينيين في بيروت . وانها لم تعترف رسميا بالكيان الصهيوني ، وانها لم تحقق لنا اي شئ حتى لو نصف نصر ، وطوال السنوات العشرين الاخيرة ، دمرت الثوابت لانها تفاوض على الثوابت ، لا على تحقيقها ، ومذ تم تجرّيفها واهلاكها ، هَلكَت وتجرّفت. لقد اصبحت المنظمة روح العفريت الذي يستحضر في المفاوضات ، والانتخابات ، والمزاودة ، وحين يريد الكهنة تبرير سقوط السلطة ، السلطة التي تغولت على المنظمة وبلعتها. لا تريد مقاطعة رام الله أن تعترف انها انتهت صلاحيتها ، بكل ما لهذه الكلمة من معنى ، انتهت بالمقياس الطبيعي والقانوني والسياسي وحتى الاخلاقي . وهي حالة انكار ، تسيق السقوط ، وقد وصلت الى جدارها الاخير والوحيد . تحاول السلطة اليوم ركوب خطان متوازيان ، نقيضان ، خط المصالحة ، من خلال تطويع تجمع فصائلي معظمه شاخ وانتهى ، وخط اخر هو الخط الحقيقي ، الذي يسلكه السيد محمود عباس وفريقه في عمان ، خط التصفية والمقامرة ، وهو طريق يتناقض مع منطق التاريخ والعصر ، ولا اعرف قيادة استطاعت ان تتجاوز التاريخ والعصر..