أحمد حسين اليماني ( أبو ماهر)



الشهيد القائد المناضل والمربي والمؤسس أحمد حسين اليماني (أبو ماهر) من مواليد سحماتا عام 1924(قضا
حجم الخط
الشهيد القائد المناضل والمربي والمؤسس أحمد حسين اليماني (أبو ماهر) من مواليد سحماتا عام 1924(قضاء عكا-لواء الجليل)عاش طفولة فلاحيه في كنف والديه كما يقول في مذكراته، وأكمل دراسته الابتدائية في ترشيحا، وعندما كان طفلاُ لا يتجاوز السادسة من العمر خرج لأول مرة من قريته برفقة والده،من عكا وكان مندهشاً للغاية في حضور عرس الاحتفال بالشهداء الأبطال الثلاثة،شهداء ثورة البراق (فؤاد حجازي،محمد جمجوم،وعطا الزير)وكانت سلطات الانتداب البريطاني قد حددت ذاك اليوم 17/6/1930موعداً لإعدام الشهداء الثلاثة، والذين يشكلون طليعة شهداء فلسطين آنذاك،استفاق وعي الطفل أحمد اليماني على منظر الإعدامات وأجساد الشهداء المعلقة على أعواد المشانق في باحة سجن عكا المركزي،وتأثر أيما تأثر،وبقيت هذه الصورة راسخة في مخيلته لا ينساها. وبعد أن أصبح شاباً تنقل في دراسته الثانوية من صفد الى عكا ثم الى الكلية العربية في القدس. اختار العمل الوظيفي الرسمي فعمل في دائرة الزراعة الحكومية-عكا-ودائرة الأشغال العامة في حيفا، وخلال عمله النقابي، أصبح أمين سر النقابة المركزية لعمال وموظفي دائرة الأشغال العامة، ومنظم نقابات في جمعية العمال في يافا"مجلس النقابات"وأصبح أمين سر اللجنة المركزية في لواء الجليل حتى النكبة عام 1948. وبعد أن تجرع مرارة النكبة استقر أبو ماهر اليماني مع أسرته في لبنان وعمل مديراً لمدرسة الأونروا،في مخيم برج البراجنة،وناظراً لثانوية خالد بن الوليد-بيروت ومدرساً في كلية التربية والتعليم-طرابلس لبنان ومديراً لمدرسة الأونروا في عين الحلوة-صيدا-لبنان-وكان أحد مؤسسي الأندية الثقافية في مخيمات لبنان، أما في الميدان النضالي العسكري،كان أحد مؤسسي المنظمة العسكرية لتحرير فلسطين،عام 1949، وأحد مؤسسي اللجان الشعبية في المخيمات الفلسطينية ولبنان،وأمين سر رابطة المعلمين الفلسطينيين(لبنان)وكان مشرفاً على رابطة الطلاب الفلسطينيين في لبنان ومؤسس وأمين سر اتحاد عمال فلسطين ومندوب الاتحاد العام لعمال فلسطين في الأمانة العامة للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب. وكما هو معروف فإن (أبو ماهر) اليماني تقلد في مسيرته النضالية مراكز ومهام نضالية عديدة في مراحل المقاومة والنهوض الثوري،فكان أحد مؤسسي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي كان أمينها العام الدكتور جورج حبش، تعرف ابو ماهر الى وديع حداد عام 1951في بعلبك. زار وديع حداد مع وفد من الجامعة الاميركية في بيروت المدرسة الفلسطينية التي كان احمد اليماني يعمل مديراً لها. دعاه حداد الى ندوة ثقافية في بيروت. هناك تعرف الى جورج حبش للمرة الاولى. بعد عام من تعارفهما، فاتحه وديع حداد للمرة الاولى بأمر إنشاء حركة القوميين العرب. عام 1959 التقى ابو ماهر اليماني مع وفد من الحركة بالزعيم العربي جمال عبد الناصر في دمشق طالبه بتدريب الفلسطينيين وتسلحيهم لخوض معركة التحرير. صافحه عبد الناصر في نهاية اللقاء قائلاً له (الشعوب لم تهزم يوماً). يكلف وديع حداد ابو ماهر مساعدته في تشكيل خلايا للمقاومة داخل فلسطين. مهمته كانت اختيار العناصر وتحديد أماكن حفظ السلاح. لقاؤه الأول مع ياسر عرفات كان عام 1965. التقاه في منزل أحد الأصدقاء ببيروت، كان ابو عمار متنكراً ورفض الإفصاح عن هويته الحقيقية. كانت ترتسم في مخيلة أبو ماهر الأوصاف التي نقلها احد القيادات الفلسطينية من داخل الضفة الغربية عن شخصية عرفات. واجهه بحقيقة هويته لكنه تمسك بالإنكار. اتفقا على تنفيذ مهمة مشتركة داخل فلسطين بين حركة فتح وحركة القوميين العرب. أبو ماهر كان أحد مؤسسي "إقليم فلسطين" في حركة القوميين العرب، وهذا الإقليم هو الذي تحول في نهاية عام 1967 الى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفي الجبهة الشعبية كان أبو ماهر أحد صانعي مجد هذه المنظمة التي قدمت آلاف الشهداء والجرحى والأسرى وكان ممثل الجبهة شبه الدائم في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ولقد رحل المناضل بعد معاناة طويلة مع المرض ظهر الثلاثاء 29 محرم 1432هـ، الموافق 4-1-2011م, بعد مسيرة طويلة قضاها مناضلاً عنيداً في الدفاع عن فلسطين وحقوق شعبها. وهو أحد أبرز القادة الفلسطينيين وهو من مؤسسسي "حركة القوميين العرب" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين".وبوفاة المناضل أبو ماهر اليماني يفقد شعبنا الفلسطيني رمزاً نضالياً لطالما دافع عن فلسطين وحق شعبها في التحرير والعودة، وظلّ متمسّكاً بالثوابت الوطنية وبخيار المقاومة كطريق لتحرير فلسطين، كل فلسطين. وقد نعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وأمينها العام الأسير أحمد سعدات القائد الفلسطيني وأحد مؤسسيها أحمد حسين اليماني “أبو ماهر”، الذي أمضى ستة عقود متواصلة في الكفاح من أجل تحرير فلسطين والوحدة العربية. وقالت في بيان النعي: إن “الجبهة والثورة الفلسطينية والشعب بأسره والأمة العربية وأحرار العالم فقدت رجلاً مناضلاً فذًا وقائدًا متواضعًا أفنى عمره وحتى آخر لحظة من حياته في خدمة قضية شعبه وأمته العربية”. وأوضحت أن المخيمات الفلسطينية في كل المواقع والأماكن عرفت اليماني مناضلاً صلبًا وقائدًا وحدويًا آمن بالوحدة الوطنية والوحدة العربية الشاملة طريقًا لتحرير كل ذرة من تراب فلسطين. وعاهدت الجبهة القائد اليماني على الاستمرار في الكفاح والمقاومة ومواصلة السير على نهجه وطريقه ومبادئه لتحقيق كامل أهداف الشعب الفلسطيني والأمة العربية. ------------------- قالوا في الراحل الكبير: --------------- لو كنت فنانا تشكيليا وأردت ان أرسم صورة تجسّد فلسطين حتى يومنا هذا لما وجدت خيراً من اليماني ليجسد الصورة الممزوجة بالألم والمعاناة والنضال..." الاربعاء 22 أيلول 2004 بقلم نضال حمد هذا الرجل النحيف،قصير القامة ،مرفوع الهامة، الشامخ كجبل الشيخ يعلو رأسه الشعر الأبيض، وهو كشيخ الثوار تنقل بين مدراس المخيمات و معاقل المقاومة... عميد للرافضين للانحراف عن المسار ، رجل المبادئ والمواقف والإصرار، أول من قال للمنحرفين لا ! ولا التي قالها نزلت قوية ومدوية على مسامع الجميع، لا لسياسة الانحراف والاستسلام، هكذا سماها في كثير من المواقف والمناسبات... رجل الكلمة التي تميز بين الصواب والخطأ ، بين الصحيح والغلط، بين المقاومة والمساومة، إنسان هادئ، عاشق يتأمل الوطن فيجده وشما على خد طفل في مخيم البداوي أو نهر البارد... يتطلع اليماني نحو السماء بعين مفتوحة على الوطن والانتماء فيرى الشمس بلون شعر بنات فلسطينيات مذهبات كأنهن خريف الثورة واللهب. يتطلع اليماني الماهر على البحر فيجده مسراه نحو عكا وحيفا ويافا وغزة، ولم ولا يركب سوى سفن الثورة المبحرة الى فلسطين، لأنه عن اتجاه الوطن لا يميل.. سلاحه الايمان بشعبه وقوة الحق والإرادة التي تكسر الجبروت مهما كان قويا.. ابو ماهر اليماني هذا الرجل الثمانيني، الختيار الكبير والجليل، مربي الصغار الذين أصبحوا كبارا، فمنهم من استشهد ومنهم من ينتظر، مدرس الفنان ناجي العلي والشهيد علي ايوب وكواكب وقوافل أخرى من الشهداء والأحياء من أبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان، من أكبرهم عين الحلوة حيث مدارس الفالوجة وحطين وقبية للأولاد الى مدارس مخيم الجليل نهر البارد في شمال لبنان العربي. هذا الرمز الذي أبى ان يسير مع المسيرة كيفما اتفق، يوم تناقضت رؤيته للمسيرة مع رؤية رفاق الدرب تركهم وجلس في البيت بين أبناء أسرته ومع جيرانه وأهله في المخيم، معلنا موقفاً أخلاقياً عظيماً لا يقبل التشكيك. فقد كانت تربيته سليمة وظلت معافية ولم ترض ان تصبح عديمة او سقيمة، لذا أعلن رفضه للألاعيب الثورية المغلوطة وللسياسة المتنفذة المدمرة و الممقوتة، قال ان هؤلاء الذين تخلوا عن التراب الفلسطيني كاملا لا بد منهزمون، ثم جاءت اتفاقيات اوسلو وما تلاها من إلغاء للميثاق الوطني الفلسطيني ليؤكد أن تلك الخطوة كانت البداية لشطب حق العودة. ترك اليماني مقعده في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بعدما عرف أنها لجنة تنفيسية. لقد كان خياره صحيحا لأن تجربة ما بعد حصار بيروت كشفت سقم القيادة الفلسطينية المتنفذة وعمق الهوة بينها وبين شعارات المنظمة وبرامجها وميثاقها الوطني. فقد كانوا يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يقولون. وفي نهاية المطاف اوصلوا القضية الفلسطينية الى ما هي عليه الآن. أسسوا للاستسلام وللفساد وللانهزام ولشراء الذمم واستعباد العباد. لا بد لمذكرات اليماني التي صدرت يوم أمس في بيروت بخمسة أجزاء بعنوان "مع الأيام" أن تكون إضافة غنية للتاريخ الفلسطيني وللمكتبة الفلسطينية التي ستمتلك إضافة مميزة للذاكرة غنية بتجربة محارب جليل, ولا بد ان تجربة اليماني ستكون من أفضل وأغنى التجارب الفلسطينية،فمكانة الرجل وتجربته الواسعة في العمل السياسي الفلسطيني تؤهل مذكراته لاحتلال موقعا مميزا في عالم المذكرات العربية عامة والفلسطينية خاصة. ولا بد ان شيخ الثورة المستمرة قد تحدث في مذكراته عن رفاق المسيرة وعن النكبة والنكسة والمخيمات والشتات وبدايات العمل الوطني والقومي والفدائي وتجربة لبنان المثيرة والخلافات والصراعات والصرّعات داخل م ت ف والفصائل. لقد أحسن أصدقاء اليماني فعلا حين أقاموا يوم أمس حفلاً تكريمياً لهذا الرجل الموقف، وذلك بمناسبة صدور مذكراته. وقد كانت الكلمات خير معبر عن مكانة أبي ماهر اليماني في الوجدان الفلسطيني و الحالة العربية... فقد قالوا عنه : د. أنيس صايغ : للمرة الأولى منذ 12 عاما لا يكون أبو ماهر جالسا على يميني او يساري، مؤامرة جميلة ان يكون مع أصحاب الدولة (مع الرئيسين د. سليم الحص ورشيد الصلح، الوزير بشارة مرهج وعبد الرحيم مراد، النائب محمد قباني)... خفنا ان يعتذر (عن حفل التكريم)، وفي النهاية قلبه طيّب عتب علينا وغضب، لكننا كسبناه معنا. أما صالح شبل فقد عاد بالذاكرة لبدايات اللجوء والتشرد يوم كان اليماني مديرا لمدرسة ابتدائية في مخيم عين الحلوة "الواعي لأهمية إبقاء الذاكرة الفلسطينية حية وحاضرة في أذهان الطلاب... تغير الكثيرون مع الزمن وأبو ماهر ما زال شديد الايمان بالقضية، واعياً للمصاعب، عاملاً دون كلل رغم ظروفه الصحية الصعبة". رفعت صدقي النمر : " جئنا نصيده فصادنا ... فيه القيم الأخلاقية والوطنية والقومية، السمعة الطيبة والروح الدمثة، الوفاء والصدق والإخلاص والبساطة والتواضع". أما الشيخ الآخر شفيق الحوت فقد قال عن رفيق الدرب كلاما لا يقوله سوى إنسان شاعر مخلص للأصدقاء " لو كنت فنانا تشكيليا وأردت ان أرسم صورة تجسّد فلسطين حتى يومنا هذا لما وجدت خيراً من اليماني ليجسد الصورة الممزوجة بالألم والمعاناة والنضال... أبو ماهر تميز عن غيره بثباته على الهدف وبصدقه وما زال وسيبقى من المناضلين والمطالبين بتحرير كامل التراب الفلسطيني. د. صلاح الدباغ قال أن أبا ماهر اليماني قدوة ومثال في عمله وحياته الشخصية ، فهو قد جمع بين الصلابة والجدية والبساطة المتناهية ... أبو ماهر ينتمي للجيل الذي عاصر نكبة فلسطين والذي تحمّل آلاماً نفدت طاقة التحمل، فتركت في هذا الجيل جراحا لا تندمل، كما تركت كدمات لم يستطع الزمان أن يمحوها.. في يوم ميلادك يا شيخ الثورة المستمرة وهو يوم موت الفرد نوبل مؤسس جائزة نوبل للسلام، لو كان هناك في فلسطين او بلاد العرب ما هو شبيه بجائزة نوبل للسلام لكنت أنت أول من يستحقها.. ------------------------------ أبو ماهر اليماني: أعظمُ عـشّاق فلسطين سماح ادريس كان في السادسة حين أخذه والدُه على حماره من سحماتا إلى مدينة عكّا. هناك، من على كتفيْ والده، رأى فؤاد حجازي وعطا الزير ومحمد جمجوم وهم يَصْعدون إلى الكرسيّ الذي أعدّه الجلّادون البريطانيّون لشنقهم، «فتتدلّى أجسامُهم وتتماوجُ حتى تفيضَ أرواحُهم الطاهرة». ومنذ ذلك اليوم صورُهم مرتسمةٌ في مخيّلته. ومنذ ذلك اليوم أبو ماهر يسير إلى فلسطين عصرَ هذا اليوم، سيحتضن ترابُ لبنان واحداً من أنبل القادة العرب وأطهرِهم وأشجعِهم وأصلبِهم وأشدِّهم عشقاً لفلسطين. ولا يسعُني في هذا الوقت القاتل ، الذي تُفْجَع فيه أمّتُنا برحيل أخلصِ خلّصها، إلا أن أخطّ كلماتٍ سريعةً وفاءً لهذا الرجل القدوة. من مميّزات القائد أبي ماهر أبو ماهر كتلة من المميّزات الإنسانيّة والقياديّة والأخلاقيّة، أكثر ما لفتني منها عنصران أساسيّان. أولاً: تنوّع مجالات نشاطه في خدمة فلسطين، ولا سيما فلسطينيّو لبنان؛ بل لا نبالغُ في القول إنّه قد يكون أكبرَ مَن خَدم مخيّماتِ لبنان قاطبةً حتى يومنا هذا! وإنّ المرء ليُصابُ بالدُّوار من حيويّةِ هذا المناضل الفذّ وتنقّلاته: من تأسيس نقابةٍ، إلى إنشاء مجموعةٍ عسكريّة، أو نادٍ ثقافيّ، أو مؤسّسةٍ تربويّة. كذلك فإنّ المرء سيعتريه الذهولُ من كيفيّة توصّل أبي ماهر إلى «اختراع» الوقت لمتابعةِ أعمالِ ما أسّسه: بعينٍ حانيةٍ، وقلبٍ عطوفٍ، وتصميمٍ فولاذيٍّ. وهاكم جردة بسيطة ببعض أعماله ومناصبه. وما سيُلحظ فيها، بلا شكّ، إنّما هو منحاها التأسيسيّ؛ بمعنى أنّ أبا ماهر لم يكن محضَ مشاركٍ أو تابعٍ، بل كان مسؤولاً (أوّلَ أحياناً!) عن تأسيس عددٍ هائلٍ من الهيئات الفلسطينيّة الشعبيّة والنقابيّة والسياسيّة والعسكريّة والتربويّة. أ) ففي ميدان التعليم، لم يكتفِ بأن أمضى سنواتٍ طويلةً في التدريس (كليّة التربية والتعليم في طرابلس)، وفي الإدارة (مدارس الأونروا في بعلبك وعين الحلوة وبرج البراجنة)، وفي عمل النظارة (الكليّة الأهليّة في بيروت وبعلبك وثانويّة خالد بن الوليد ـــــ المقاصد في بيروت)، بل كان وراء فكرة إنشاء مدرسةٍ في برج البراجنة. كذلك أسهم في تأسيس أنديةٍ ثقافيّةٍ في بعض مخيّمات لبنان. وعلى الرغم من أنه لم يحُزْ تعليماً جامعياً عالياً، فإنّ ما اكتسبه من تربيةٍ وطنيّةٍ صادقةٍ داخل المدارس التي ارتادها (سحماتا وترشيحا وصفد وعكّا والقدس)، وبفضل أساتذةٍ أجلاء (كحامد عطاري)، جعله يتيقّن من أهميّة التعليم والثقافة في تحرير الوطن ـــــ وهذا درسٌ سنعرضه بشيء من التفصيل لاحقاً، ولا يكفّ أبو ماهر عن التشديد عليه على امتداد مذكّراته الثريّة («تجربتي مع الأيّام»، خمسة أجزاء، عيبال وكنعان، دمشق، 2004). ب) أما في العمل العسكريّ، فقد كان أحدَ مؤسّسي المنظّمة العسكريّة لتحرير فلسطين (1949)، والفرع العسكريّ في حركة القوميين العرب. ولم يكن ذلك غريباً، بالمناسبة، على ابن حسين اليماني: فأبوه باع بقرتَه في بداية الثلاثينيّات من القرن الماضي ليشتري بثمنها بندقيّةً، وليلتحقَ بالثورة التي قادها شيخُ المجاهدين (من جبلة السوريّة) عزّ الدين القسّام. ولم يكن ذلك غريباً على الفتى أحمد، وهو الذي شاهد، بأمّ العين، الآباءَ الفلسطينيين يخبّئون السلاحَ لمقاومة الجيش البريطانيّ ومهاجمةِ المستعمرات الصهيونيّة. هذا بالإضافة إلى انخراطه لاحقاً في ما سمّاه «اشتباكاتٍ صغيرةً» مع الصهاينة، من قبيل ما فعله في تلّ الرميش ومستعمرة حولون. ج) أما في العمل النقابيّ، فإلى جانب قيادته نشاطاتٍ عمّاليّةً قبل طرده من فلسطين إلى لبنان، فإنه كان مؤسّس اتحاد عمّال فلسطين في لبنان، ونائبَ الأمين العامّ للاتحاد العامّ لعمّال فلسطين، وأحدَ مؤسّسي الكشّاف العربيّ الفلسطينيّ في لبنان، ومؤسّسَ رابطة الطلاب الفلسطينيين في لبنان، وأحدَ مؤسّسي اللجان الشعبيّة في مخيّمات الفلسطينيين في لبنان. د) وفي المجال السياسيّ المباشر، كان أبو ماهر أحدَ مؤسّسي شعبة فلسطين في حركة القوميين العرب، والجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، فضلاً عن تأديته دوراً قيادياً طويلاً ومؤثِّراً في الجبهة المذكورة (حتى استقالته منها في أوائل تسعينيّات القرن الماضي) وفي «جبهة الرفض» و«جبهة الإنقاذ» واللجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير الفلسطينيّة. زدْ على ذلك ترؤّسَه «دائرةَ شؤون العائدين»، وعضويّتَه الفاعلة في أكثر من عشرة مؤتمراتٍ قوميّةٍ أو فلسطينيّة. ثانياً: مناقبيّته الفريدة. لعلّه لا أحد يستطيع تلخيصَ أخلاقيّة أبي ماهر العالية أفضل من جورج حبش، رفيقِه في نبلِ الأخلاق قبل أن يكون رفيقَه في السلاح والموقف. يركّز «حكيمُ الثورة» عند حديثه عن «ضمير الثورة» على الأمور الآتية: نظافة اليد واللسان، النزاهة الأخلاقيّة، التواضع في المأكل والملبس والعيش، الحساسيّة الخاصّة تجاه عوائل الشهداء والأسرى (مقدّمة «تجربتي مع الأيام»، ص 12). ولعلّ الحكيم أدرك خصالَ رفيقه بعمقٍ لا بحكْم دربهما الواحد الطويل فحسب (منذ مطلع عام 1951)، بل لأنّه يشترك وإيّاه كذلك في تلك الخصال أيّما اشتراك. بل لعلّنا نضيفُ إلى تلك الخصال رفضَهما معاً للمناصب حين تتعارض مع قدرتهما على تحمّل المسؤوليّة كاملةً. هكذا يكتب حبش ما يأتي: «مع حلول عقد التسعينات، أقدمَ أبو ماهر على التخلّي عن جميع مواقعه في الجبهة الشعبيّة ليفسحَ في المجال أمام الجيل الجديد... ليأخذَ دورَه. غير أنّ الرجل لم يتوقفْ عن العمل، بل تابع القيامَ بواجباته الوطنيّة التي شملتْ ميادينَ العمل السياسيّ والقوميّ والجماهيريّ...» (المصدر السابق، ص 13). هنا لا تفوتنا ملاحظة أنّ الحكيم استقال من مهمّاته التنظيميّة هو الآخر بعد شعوره بالعجز الصحّيّ عن إكمال مهمّاته، طامحاً إلى بناء «مركز الغد» لشرح أسباب الهزيمة العربيّة وسبلِ النهوض على حدّ تصريحه غيرَ مرّة؛ فيما أقدم أبو ماهر على الاستقالة من الجبهة، طامحاً إلى كتابة مذكّراته لتكون عوناً للأجيال القادمة في تلمّس طريقها في خضمّ الصراعات المضطربة. وإذا كان لي أن أقدّم واقعتيْن سمعتُهما شخصياً، ولا تزالان تهزّانني هزاً حتى اللحظة، تمثيلاً على مناقبيّة أبي ماهر، فستكون الأولى نقلاً عن أبي ماهر نفسه، والثانية نقلاً عن أخيه ورفيقي ماهر. أما الأولى فهي أنّني زرتُه قبل عدّة أعوام في منزله في الطريق الجديدة، فشكا سوءَ صحّته، فسألتُه لماذا لا يعودُ الطبيبَ، فأجاب إنّ طبيبه (د. إبراهيم السلطي) صديقُه ولا يقْبل أن يأخذ أجراً منه، وهو لذلك يفضّل ألا يذهب عنده إلا للضرورةِ القصوى احتراماً لوقته وصداقته وعمله! أما الثانية فملخّصُها أنّ الجبهة طلبتْ من ماهر (المقصود هنا أخو أبي ماهر) أن يقبضَ على أحد المشتبه في عملهم ضدّ المقاومة لمصلحة «المكتب الثاني»، فتقصّى ماهر تحرّكاتِه، وحين أيقن أنّه في منزله قبل سطوع الفجر قرع بابَه، ففتحتْ زوجتُه، فاستسلم الرجلُ لمعرفته بعزم ماهر وتصميمِه على الإتيان به مخفوراً مهما كان الثمن. عاد ماهر فسلّمه إلى الجبهة، ليُفاجأ بأبي ماهر يستشيطُ غضباً وهو يقول: «ألم يكن في استطاعتك أن تنتظر حتى يخرج من البيت بدلاً من أن تُفزعَ عائلته وترْهبَها؟ أنسيتَ ما كان يَحلُّ بكم حين يهجم عناصرُ المكتب الثاني على البيت في وسط الليل ليقتادوني إلى السجن أكثرَ من 50 مرّة؟». نظر ماهر إلى أخيه مذهولاً وأحجم عن حمل السلاح أيّاماً (مع أنه مسؤول عسكريّ ومقاتل). نعم، هذا هو أبو ماهر، أيّها السادة، وهذه هي التربية التي سلكها ونقلها إلى الآخرين: السلاحُ يُستخدم بأخلاقٍ وشهامةٍ وطهْر، مهما كانت الظروفُ وكان الخصومُ؛ فالغاية لا تبرِّر الوسيلة قطّ. من دروس التجربة «اليمانيّة» لا بدّ لكلّ مَن يطالع مذكّرات أبي ماهر أن يخرجَ بخلاصاتٍ كثيرة، سأقتصرُ هنا على أبرزها. 1 ـــــ البعد النضاليّ الفلسطينيّ جزءٌ لا يتجزّأ من النضال العربيّ، مهما كانت شراسةُ تآمر الأنظمة العربيّة، قريبِها وبعيدِها، على القضيّة الفلسطينيّة. لذلك، ربّما، لم ينجرفْ أبو ماهر وراء شعار «يا وحدَنا» الذي روّجه اليمينُ الفلسطينيّ (ولا سيّما بعد هزيمة 1982) ليبرِّرَ استسلامَه أمام العدوّ الإسرائيليّ والولايات المتحدة. 2 ـــــ إنّ للوحدة الوطنيّة الفلسطينيّة ثوابت ينبغي أن ترتكزَ عليها، وهي التي تبنّتها قراراتُ المجالس الوطنيّة الفلسطينيّة المتعاقبة والمجلس المركزيّ واللجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير، وتقضي بعدم التنازل عن شبرٍ من فلسطين ولا عن حقّ العودة إلى كامل فلسطين. ولهذا صرف أبو ماهر سنواتٍ طوالاً وهو يصارع المستسلمين داخل منظمة التحرير، بل وهو يناضل ضدّ بعض «الانحرافات» داخل الجبهة الشعبيّة نفسها على ما يردّد بعضُ العارفين. 3 ـــــ لا انتصار بلا معرفة، والمعلّمُ الشجاعُ هو أساسُ النهضة. وهذا درسٌ لنا، نحن معشرَ الأكاديميين و«المثقفين»، الذين نسينا أو تناسينا أنّ شهاداتنا ومعارفَنا ليست وسيلةً للتباهي والتبجُّح، بل لخدمة الناس والمجتمع والأمّة، ولمواجهة الإدارة الظالمة أو المتقاعسة. لم يتردّدْ أبو ماهر لحظة في عصيان إدارة المدارس التي عمل فيها حين رأى فيها تهاوناً بحقّ فلسطين والطلاب (ولا سيّما مدارس الأونروا)، فطُرد أو سُجن جرّاء ذلك. فكم عددُ أساتذتنا اليوم الذين يؤْثرون السلامة على المواجهة مع الإدارة؟ ■ ■ ■ اليوم يحْملك طلابُ المخيّمات والمقاصد وبعلبك وطرابلس وصيدا وبيروت يا أبا ماهر. ويسير بك أحفادُ جورج حبش ووديع حدّاد وغسّان كنفاني وأبي علي مصطفى وتلميذِك النجيب ناجي العلي. وسيردّدون جميعُهم، في قلوبهم، كلماتِك البسيطةَ المفعمةَ بالتحدّي والأمل: «سأعود إلى أرضي الحبيبة، بلى سأعود. هناك سيُطوى كتابُ حياتي، سيَحْنو عليَّ ثراها الكريمُ ويؤوي رفاتي. سأرجعُ، لا بدّ من عودتي!» * رئيس تحرير مجلة الآداب --------------- أبو ماهر اليماني .. يعـود إلى سـمحاتا طلال سلمان ... ولما أيقن «أبو ماهر اليماني» أن الموت وحده هو طريق العودة إلى فلسطين مشى نائماً إليها. لكأنه استبق المزيد من الكوارث العربية التي كانت في طريقها لالتهام الغد العربي: محاولة ضرب مصر بالفتنة الطائفية وهي مثخنة بجراح الصلح المنفرد مع العدو الإسرائيلي، والتشطير الذي سيمزق السودان دولاً شتى ستموت في حروب القبائل فوق الأرض المتفجرة بالثروة، وشهوة السلطة التي تتهدد اليمن في كيانها الطبيعي، والإنجاز التاريخي للاحتلال الأميركي في العراق ممثلاً بتشطيره كانتونات على الطوائف والمذاهب والعناصر والأعراق ومن بعد على القبائل والعشائر.. أما لبنان الذي صار بالقسر وطنه الثاني فقد عاش «أبو ماهر اليماني» سنواته الأخيرة في قوقعة حزنه عليه وعلى الأذى الذي ألحقته به «الثورة» التي اغتالتها شهوة السلطة بعدما انشغلت بـ«مباهجه» عن الحروب الأهلية التي يستبطنها نظامه الفريد. ولقد عرفت «أبا ماهر اليماني» في مخيم البداوي قبل حوالى أربعين سنة، وهو يتقبّل التبريك باستشهاد شقيقه على طريق فلسطين، بعد سنة واحدة على هزيمة 1967: سننهض من جديد. لن تسقط هذه الأمة ولاّدة الشهداء! أما في بيروت فكان «أبو ماهر» يملأ المخيمات والشوارع والأندية والتجمعات حيوية وصدقاً وتنظيماً وحماسة... وكان لا بد أن تلتقيه كل يوم، وهو يمشي في اتجاه فلسطين.. عبر وحدة الأمة. ومع رحيل كل رفيق في حركة القوميين العرب خاصة، أو من ثوار فلسطين عموماً، كان «أبو ماهر» ينتدب نفسه لتعويضه: هكذا كان بعد رحيل غسان كنفاني والدكتور وديع حداد، ثم بعد رحيل الدكتور جورج حبش، ثم بعد رحيل ياسر عرفات.. فالخلاف إنما كان حول العودة إلى فلسطين وليس عليها. ابن «سمحاتا» في قضاء عكا، النقابي، المعلم، المناضل، القائد الجماهيري، الإنسان الطيب، الصادق، الطاهر، الذي استعصى على الإفساد والذي رفض أن يستقيل من النضال حتى النفس الأخير، غادرنا بالأمس منطوياً على أحلامه التي هدّه اليأس من استحالة تحقيقها. لكنّ «أبا ماهر» ترك خلفه كتيبة من المناضلين لتتابع الطريق نحو المقدسة فلسطين. * رئيس تحرير صحيفة السفير اللبنانية ------------------------- أبو ماهر اليماني زيتونة فلسطينية عتيقة علي بدوان عائدون .. إننا لعائدون، فأصرخوا يا لاجئون إننا لعائدون ذلك النشيد الصباحي اليومي، الذي طالما رددته حناجرنا ونحن أطفال في مدارس وكالة الأونروا في مخيم اليرموك، سنوات ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، مشفوعاً بنشيد مؤثر تواتر على شفاهنا مع انطلاقة حركة فتح والثورة الفلسطينية المعاصرة، ويقول مطلعه : من موتنا سنصنع الحياة من موتنا سنشعل الضياء في تلك الأيام، وتحديداً في العام 1968، وفيه بدأت بواكير الوعي السياسي الأولي تتفتح في ذاتي، وأنا على مقاعد المدرسة في الصف الخامس الابتدائي، كان اسم ابو ماهر اليماني واحداً من تلك الأسماء التي بدأت تطن في أذني، ولم أكن لأعرف اسمه الكامل، أو شخصه، أو انتمائه الفصائلي، سوى انه من صنف أولئك الناس الذين يسيرون بشعبنا نحو طريق الحرية والعودة الى فلسطين. قفي تلك السنوات الخصبة، والسنوات القليلة التي تلتها، بدأت اتلمس طريق العمل السياسي الفلسطيني، وكان أبو ماهر اليماني الى جانب تلك الأسماء التي حفرت مكانها في ذاكرتي، انطلاقاً من دوره في إطار حركة القوميين العرب وصولاً الى إسهامه ببناء الجبهة الشعبية وإرهاصاتها الفدائية الأولى تحت عنوان (شباب الثأر) انطلاقاً من مخيمات الشعب الفلسطيني في لبنان وسوريا، خصوصاً عندما اتخذت قيادة حركة القوميين العرب قرارها عام 1960 بـتكوين جهاز فلسطيني خاص عرف باسم (إقليم فلسطين) عام 1964 من خلال فرز كادرات هذا الإقليم من الفلسطينيين المنتمين للحركة من مختلف مناطق إقامتهم, وقيامها بعد ذلك عقد مؤتمر لإقليم فلسطين، والبدء باتخاذ خطوات الإعداد للعمل الفدائي المسلح، حيث نفذت أولى العمليات الفدائية الاستطلاعية شمال فلسطين المحتلة يوم 21/10/1966، فكان دور أحمد اليماني في هذا المضمار دوراً مشهودا الى جانب الدكتور وديع حداد (أبوهاني).... انضوى أبو ماهر اليماني الى حركة القوميين العرب الجناح الآخر في الحركة القومية الفاعلة في المشرق العربي حضوراً وعملاً.ً وهي الحركة التي شكلت الوعاء الحاضن الأكثر اتساعاً للفئات والمجموعات والأفراد من اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات ومواقع اللجوء في البلدان المضيفة نظراً لاعتبارات عدة يقف على رأسها مدى تغلغل الحركة في أوساط اللاجئين من أبناء فلسطين ، والعنوان الفلسطيني الذي تشكلت الحركة من أجله أساساً . ورغم حالة التنافس الحاد مع حزب البعث العربي الاشتراكي، إلا أن حركة القوميين العرب استطاعت أن تؤسس إطاراتها بين جمهور اللاجئين الفلسطينيين، وتحديداً بين أبناء المخيمات في الشتات والضفة الغربيَّة وقطاع غزة. وأن تحتفظ بنفوذ واسع في الشارع العربي المشرقي سنوات خمسينيات وستينيات القرن المنصرم، وكان أحمد اليماني عنواناً لهذا الحضور في صفوف الشعب الفلسطيني في لبنان، رغم قيود مخابرات المكتب الثاني الضاغطة على أنفاس الشعب الفلسطيني. أبو ماهر اليماني، ذالك المفكر القومي الذي وائم في مساره وسلوكه وقناعاته، ورؤيته، بين الوطني والقومي، وبين الإسلامي والوطني، ترك وراءه الكثير من البصمات في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية والثورة المعاصرة. وبالقدر ذاته الذي جسد فيه الشجاعة والكبرياء. فقد اتسمت هذه الشخصية الضميرية ببعد أخلاقي وإنساني. امتلك حضوراً وكاريزما متميزة بين الناس، فكان قادرا على جذب الاهتمام وتحشيد الناس، وعرف عنه وحدويته، ونزاهته العالية، ونقاؤه الوطني، ورفضه المساومات إلى حد التطرف وفقدان السياسة، ففاز في ميدان السبق نحو الشارع والناس، ونغرس في الوعي الشعبي الفلسطيني، فاكتسب لقب (ضمير الثورة)، احمد اليماني، وفي مناقبيته العالية، وطهرانيته الاستثنائية، لعب دوراً هاماً في تقديم الصورة الإيجابية والحضور المتميز للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وفي إعطائها طابعها النقي، بغض النظر عن الاشتقاقات السياسية التي ارتأتها الجبهة الشعبية في مراحل مختلفة، وما اعترته من قصورات هنا وهناك، أو سوء تقدير. لقد خسرت فلسطين برحيله، رجلاً شجاعاً، صادقاً، عفيفاً، وتاريخاً يلخص رحلة نضال هذا الشعب الحر والعنيد من أجل العودة الى فلسطين. لقد رحل أبو ماهر الزيتونة الفلسطينية العتيقة الضاربة في جذورها داخل تراب سحماتا وجبال الجليل، والممتدة صوب عكا وحيفا ويافا. ولكن الزيتون الفلسطيني لايموت بل يشعل الضياء مرة ثانية. علي بدوان كاتب فلسطيني/دمشق عضو اتحاد الكتاب العرب -------------- إلى والدي أبو ماهر اليماني بقلم عصام اليماني اليوم يابا غير كل الأيام تأملت صورتك عينيك العسلية "الكستنائية" كما تقول أمي ورأيت باب الشمس في عينيك الشمس حياة وباب عينيك حياتنا آه يابا عيناك باب الشمس وأنا هنا مشتاق انتظر باحثاً عن لحظة دافئة هنا يابا كل شيء بارد الحياة الناس الوجوه النظرات الهمسات حتى اللمسات باردة عيناك باب الشمس وأنا هنا حيث تنعدم الرائحة لا رائحة لشيء لا رائحة للورد للخبز للقهوة حتى الحب هنا بدون رائحة آه يابا في المآقي دمعة لا تخشى الدمع يابا الدمعة هنا عكس كل الأشياء دافئة لها طعم ولها رائحة يابا لا تهتم للدمعة في صوتي فهي ما يقرب المسافات وأنا مشتاق لك لأعيش معك بضع لحظات فإلى متى انتظر لأسرق منك بدون دمع بضع كلمات سأطرق الباب وأدخل حيث لي في الشمس حياة فلا تغمض عينيك قبل وصولي أدخلني في الشمس وافعل بعدها ما شئت لا تغمض عينيك قبل وصولي * * *