أمام حكومة الحمدالله مهام كبيرة وعقبات كثيرة

حجم الخط

الطريق امام حكومة الحمدالله والوفاق الوطني ليست مفروشة بالورود والرياحين،فهناك قضايا جوهرية ومهام كبرى مطلوبة منها وتنتصب امامها ويعول عليها أن تنجزها،دون ان نفرط في التفاؤل او نتطير لحد القول بأنها تمتلك الحل السحري لمشاكل قطاع غزة،فمشاكل القطاع وهمومه كبيرة وكثيرة،الإقتصادية،الاجتماعية،الخدماتية البنية التحتيه،الكهرباء والماء والصرف الصحي،والحكومة مكبلة بالقيود الداخلية والخارجية،وكذلك هناك عقبات كبيرة في طريقها،اذا لم تجر معالجتها بحكمة وطول نفس وتغليب الهم الوطني والعام على الهم الفئوي والشخصي،فإنها لن تتقدم نحو الأمام على طريق إنهاء الإنقسام وتحقيق المصالحة وبناء وحدة وطنية حقيقية،تقوم على الشراكة والمشاركة،لكل المكونات والمركبات السياسية والمجتمعية الفاعلة في القرار والقيادة.

وزيارة رئيس الوزراء رامي الحمدالله لقطاع غزة،وإن جاءت متأخرة،فهي موضع ترحيب كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني الوطني والإسلامي ومكونات ومركبات المجتمع الفلسطيني مجتمعية ومؤسساتية،وهذه الزيارة لرئيس الوزراء الحمد الله والمأمول منها الشيء الكثير،تحديداً من اهلنا وشعبنا في قطاع غزة،حيث أن الأوضاع في القطاع كارثية وعلى كل المستويات والصعد،وخصوصاً بأن قطار الإعمار لم ينطلق بعد،وما زال اكثر من ربع مليون إنسان مشردين ومهجرين قصراً من بيوتهم التي دمرها العدوان الصهيوني،يفترشون الأرض ويلتحفون السماء،وهذه الأوضاع مرشحة للمزيد من التفاقم مع إقتراب فصل الشتاء، وكذلك قضية جوهرية اخرى تواجه تلك الحكومة،وهي التي كادت تعصف بحكومة الوفاق الوطني بعد فترة وجيزة من تشكيلها وإنطلاقتها،هي قضية انسانية وسياسية بإمتياز،قضية رواتب موظفي حركة وحكومة حماس ال(40000)،والتي قال الحمد الله بأن دولة اوروبية قد تبرعت وتكفلت بدفع رواتبهم،وكذلك هناك قضية أخرى لا تقل عنها خطورة،وهي قضية تفريغات/2005،وهي كذلك بحاجة لحل.

وقضية دفع رواتب موظفي حكومة حماس وحل مشكلة رواتب تفريغات/2005،هي قضايا عليها يتوقف بشكل أساس دوران عجلة المصالحة وإنهاء الإنقسام وإقلاع قطار حكومة الوفاق الوطني للأمام،فاكثر من مسؤول وقائد في حركة حماس قال لا حكومة وفاق ولا مصالحة ولا إعمار بدون تحمل حكومة الحمد الله لرواتب حكومة حماس، وكذلك قضية الإعمار والإشراف عليه متوقفة ومرتبطة بإقلاع حكومة الوفاق،فهناك عدا ان المجتمع الدولي يصر على ان الإعمار يجب ان يكون تحت إشراف حكومة الوفاق،واسرائيل في معرض تبريرها بسماحها لرئيس الوزراء واعضاء حكومته بالدخول الى قطاع غزة عبر معبر بيت حانون "إيرز" قالت بأن المجتمع الدولي يصر على ان يكون الإعمار تحت إشراف حكومة الوفق الوطني،رغم عدم اعترافها بهذه الحكومة،وكذلك اسرائيل تامل بان تكون جزء من عملية الإعمار،ولكن حسناً فعلت مصر بعدم دعوتها للمشاركة في مؤتمر الإعمار في القاهرة.

وقضية الإعمار والإشراف عليه،هي تكتسب اهمية كبيرة لكل الأطراف،ويجب ان يكون هناك موقف فلسطيني موحد، برفض اي اشراف او مشاركة إسرائيلية في عملية الإشراف،فإسرائيل من غير المعقول بعد كل ما قامت به تدمير وتشريد،أن تشارك في عملية الإعمار،بمعنى ان يتم شراء المواد الخاصة بالإعمار من إسمنت وحديد وحصمة وغيرها من المواد الخام من المصانع الإسرائيلية،ويجب ان يتم إدخال المواد الخاصة بالإعمار من خلال معبر رفح فقط،ويجب ان يكون هناك دور للقطاع الخاص في عمليات الإعمار،فنحن على أبواب انعقاد المؤتمر الدولي بالقاهرة لاعمار قطاع غزة،برعاية مصرية ونرويجية في 12/10/2014،وستكون كما هو متوقع مشاركة واسعة من المجتمع الدولي وحجم المساهمات قد تصل الى أكثر من خمس مليارات من الدولارات الأمريكية،وحكومة الوفاق تقدر بأن إعمار القطاع يحتاج الى اكثر من (4) مليارات دولار امريكي،والتخوف من ان يكون لإسرائيل دور او شراكة في عملية الإعمار،وخاصة بأن هناك خطة خبيثة طرحها ممثل الأمم المتحدة روبرت سيري للإعمار،بإشراف الأمم المتحدة وحكومة التوافق الوطني وإسرائيل التي تقوم على رقابة وفق نظام حاسوبي،ومفتشين دوليين لمراقبة اعادة اعمار قطاع غزة،وهذه الخطة تستجيب للضغوط الاسرائيلية والأمريكية الهادفة للرقابة على حركة مواد الاعمار كالاسمنت والحديد والحصمة ... الخ تحت حجة منع استخدامها لأغراض اخرى كما تدعي،وفي نفس الوقت تمنح سلطات الاحتلال الاسرائيلي صكا مفتوحا لتعطيل عملية الاعمار في اية لحظة تحت أية ذريعة او مبرر،حتى لو كان وهميا،وتتجاهل دور القطاع الخاص الفلسطيني في اية خطة لإعادة اعمار قطاع غزة،وتشكل ضربة لشركات المقاولات الفلسطينية،وللعاملين في مكاتب الاستشارات الهندسية،ولخبرات المهندسين والمستشارين والفنيين الذين رفضوا الخطة لأسباب عديدة . ان رفضهم لخطة روبرت سيري تتطلب ضغطا جماعيا،وتقديم مشروعا متكاملا بهدف تطوير خطة سيري،وتوفير ضمانات من أجل الاسراع في عملية أعمار غزة . ان التصدي الجماعي لكل محاولات حصول شركات المقاولات الاسرائيلية على امتياز اعادة اعمار غزة،وربما بمسميات وهمية اوروبية او امريكية او تركية هي دعم للإرهاب وجريمة انسانية ،خصوصا أن آليات الاحتلال الميكانيكية والهندسية وجرافاتها هي التي تقوم بالاستيلاء على الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس ،وتقيم المستوطنات والوحدات السكنية ،وهي الداعمة لآلة الحرب العدوانية على قطاع غزة ،والمشاركة في تدميره كليا وجزئيا ،مما يستدعي من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية رفض تلك الخطة.

زيارة رئيس الحكومة الحمدالله وأعضاء حكومته الى قطاع غزة،يجب ان لا تكون يتيمة وبرتوكولية،بل يجب ان تتكرر الزيارة،ويجب ان تواظب الحكومة على عقد إجتماعاتها ما بين الضفة والقطاع،حتى تتوحد المؤسسات الفلسطينية حقيقية،ويعود القطاع الى حضن الوطن،وكذلك لخلق حالة ما بين اهلنا وشعبنا في القطاع وما بين الحكومة،حيث يشعرون انها قريبة من همومهم الإقتصادية والإجتماعية.

إذا نحن امام مهام وقضايا كبرى تنتصب امام حكومة الحمد الله،حكومة الوفاق الوطني،إعادة الإعمار ورفع الحصار،تفعيل الإطار القيادي الذي تتمثل فيه كل القوى الفلسطينية،إنهاء الإنقسام وتوحيد المؤسسات الفلسطينية،الوحدة الوطنية،إنطلاق قطار المصالحة،التهدئة وغيرها،الرواتب لموظفي حكومة حماس.
وإنجاز تلك المهام والقضايا تقف في طريقه عقبات كبيرة،الضغوط الخارجية والتدخلات في القرار الفلسطيني اسرائيلية وامريكية،عربية وإقليمية، كيفية تامين الرواتب،البرنامج السياسي للحكومة فبدون برنامج ستنفجر الأوضاع، العوائق الحزبية والتنظيمية والمصالح الخاصة.
مع ترحابنا وتقديرنا لزيارة الحمد الله وحكومته للقطاع والتئامها هناك،فعلينا ان لا نحمل تلك الزيارة أكثر مما تحتمل،فهي بحاجة الى إرادة سياسية وتعاون المجموع الفلسطيني،لكي تنجح في مهمتها،وكذلك بتغليب الهم العام والمصالح العليا للشعب الفلسطيني،على المصالح الفئوية والخاصة،والبعد عن سياسة المحاصصة وإقتسام الكعكعة ستنجح حكومة الوفاق وينطلق قطارها،ومن ثم تدور عجلة المصالحة وإنهاء الإنقسام والإعمار وغيرها.