لمصلحة منْ الإعتداءات على الجيش المصري..؟؟

حجم الخط

"الإرهاب" في سيناء اتخذ منحى نوعي أول امس في سيناء، حيث شُنت اكثر من عملية إرهابية ضد الجيش المصري، أدت الى إستشهاد(33) جندي مصري وإصابة العشرات منهم، وواضح بان هذه العمليات الإرهابية المنظمة، هي ليست فقط من تدبير وصنع جهات محلية مرتبطة بقوى من عصابات إجرام منظم، وقوى دينية متشددة ومتطرفة، بل هناك جهات خارجية اخرى شاركت وساهمت في عملية التنفيذ، جهات تهدف الى زعزعة الإستقرار في مصر، وكسر هيبة الجيش المصري، وبقاء مصر في حالة من الفوضى والفلتان وعدم الإستقرار، والتمهيد لجر مصر الى حروب وفتن داخلية على غرار ما جرى ويجري في العراق وسوريا، فمصر وضعت في رأس سلم اولويات مشروع الفوضى الخلاقة، لكي يتسنى إعادة النظر في مركبات إتفاقية سايكس- بيكو القديمة وخلق سايكس- بيكو جديد، يضمن لإسرائيل البقاء والسيطرة على المنطقة لعشرات السنوات القادمة، والتصفية النهائية للقضية والمشروع الوطني الفلسطيني.
قلت مرة ومرات بأن تدمير حوامل المشروع القومي، واستولاد سايكس- بيكو جديد يقسم العالم العربي ويعيد بناؤه على اساس المذاهب والطوائف والثروات، يتطلب اضعاف وتدمير ثلاثة جيوش عربية هي الجيوش العراقية والسورية والمصرية، وضمن هذا الإستهداف فكك "برايمر" الحاكم العسكري الأمريكي الأول للعراق، الجيش العراقي بعد إحتلاله، والآن العراق تحت مقصلة التفتيت المذهبي والطائفي، والتدمير الممنهج والمنظم بما ي"صومل" العراق، ومن بعد ذلك تمدد المشروع، مشروع الفوضى الخلاقة نحو سوريا تحت ستار وذريعة ما يسمى ب"ثورات" الربيع العربي، والتي تكشفت حقيقتها وحقيقة أهدافها والقوى والدول التي تقف خلفها، حيث لم يكن المطلوب هو تحقيق الديمقراطية والتعددية وصيانة وحماية الحريات وتحسين الظروف والحياة الإقتصادية للشعب السوري، وتحقيق قدر اعلى من العدالة الإجتماعية، ووقف "تغول" الأجهزة الأمنية، الشعارات التي رفعت في بداية "الثورة"، بل هناك قوى وأطراف سعت وعملت على عسكرة الثورة وتسليم دفة قيادتها وقرارها وولائها الى قوى عربية وإقليمية ودولية، لها اهدافها ومشاريعها واجنداتها، المتمثلة في إضعاف سوريا الى أكبر حد ممكن، من خلال إستنزاف الجيش العربي السوري وتفكيكه، تدمير البنى التحتية والإقتصاد السوري، الإطاحة بالقيادة السورية، وتغيير الموقف السوري بشكل جذري من اسرائيل والغرب الإستعماري، إدخال سوريا في اتون الحروب المذهبية والأثنية والطائفية، كمقدمة من اجل تفكيك جغرافيتها وإعادة تركيبها خدمة للمشروع الأساس، مشروع الفوضى الخلاقة، سوريا بموجبه يراد لها ان تتحول الى دولة فاشلة، وخارج المعادلات العربية والإقليمية، وحدود المشروع لا تقف عند حدود سوريا، بل هي تطال اكثر من قطر وبلد عربي بالتجزئة والتقسيم والتذرير والتفكيك وإعادة التركيب، ولكن هناك دول محددة كاولوية في هذا المشروع، فنجاح المشروع في تدميرها وتفكيكها، يفتح الطريق لإستكمال حلقات المشروع بسهولة في باقي البلدان العربية الأخرى، على اعتبار ان تلك الأقطار، هي تتحكم فيها مجموعات قبلية وعشائرية، لا تمتلك مقومات وجودها كدول، إلا بفعل الوجود والحماية الخارجية لها، كل مشيخات النفط والكاز في الخليج العربي، دولة "الكوردور" ودولة "السفارات الغربية" وبقية الأقطار العربية الأخرى.
مصر هي الدولة الثالثة في مشروع الفوضى الخلاقة، كدولة مدنية ودولة مؤسسات، ولها جيش وطني، يجب أن يتم إضعافها وتدمير جيشها وتفتيتها وتفكيكها، حتى تصبح الطريق سالكة أمام ترجمات مشروع الفوضى الخلاقة على الأرض، وإعادة النظر بمركبات سايكس- بيكو القديمة.
وسيناء هي الخاصرة الرخوة في الأمن المصري، ليس فقط لكون اتفاقية "كامب ديفيد" تمنع الجيش المصري والحكومة المصرية، من إدخال اي قوة هجومية مصرية الى سيناء إلا بموافقة اسرائيلية – امريكية، بل كذلك فسيناء بقيت مهملة وبعيدة عن مشاريع التنمية المصرية، حيث الفقر والجهل والتخلف، وعدم السيطرة على حدود تلك المنطقة التي تشكل 6% من مساحة مصر، تركها فريسة لعصابات الإجرام وقوى التطرف والإرهاب المخترقة والممولة من اكثر من جهة، لكي تلحق الأذى والخراب بالأمن المصري، وبعد سقوط حكومة الإخوان وعزل الرئيس المصري مرسي، نشطت تلك القوى الإرهابية والعصابات الإجرامية، بدعم وتمويل من حركة الإخوان المسلمين وقوى خارجية، وشنت الكثير من الهجمات على قوات الجيش والشرطة ومراكزها ومقراتها ومؤسسات الدولة، واوقعت فيها عدد ليس بالقليل قتلى وجرحى، وهذا الفلتان وفقدان السيطرة للعصابات الإجرامية والقوى المتشددة والمتطرفة، دفع بالجيش المصري لشن حرب شاملة وعمليتان كبريان واحدة باسم "النسر" والأخرى باسم "سيناء" عليها، لكي تعيد السيطرة على الأمن هناك وتضعف من وجود وقدرات وإمكانيات تلك العصابات والقوى، ولكن تلك القوى التي تراجعت وضعف دورها تحت ضربات الجيش المصري، كانت تعيد ترتيب صفوفها وتمويلها من جديد، وتطور علاقاتها بقوى متطرفة ودول إقليمية ودولية، لا تريد لمصر ان تستقر اوضاعها، وان تتفرغ لتطوير الوضع الإقتصادي وتحسين الظروف والأوضاع الأمنية والنهوض بمصر نحو إستعادة دورها ومكانتها العربية والإقليمية والدولية، ولذلك ما جري وما إرتكب من جريمة بحق الجيش المصري أول امس في سيناء يندرج في هذا الإطار والسياق، فإذا كان من اهدافها تفكيك المؤسسة العسكرية المصرية، لتعميم حالة من الفوضى والفلتان في مصر، تمهد لتقسيمها طائفياً، فإن من الأهداف الأخرى هي استعداء مصر قيادة وشعباً ضد الشعب الفلسطيني، وبالتالي تشديد الحصار على الشعب الفلسطيني، ناهيك عن إستغلال ذلك من اجل ممارسة ضغوط كبيرة على الشعب الفلسطيني وقيادته، لكي تكون اسرائيل شريك أساسي في عملية الإعمار، بحيث يتم ادخال مدخلات الانتاج ومواد البناء والمواد الخام عبر معبر بيت حانون "إيرز"، وان تكون الشركات والقطاع الخاص الإسرائيلي شريك في الإعمار عبر تعاقدات من الباطن بأسماء شركات امريكية واوروبية غربية وتركية وغيرها، وخصوصا بان اسرائيل تماطل في الإستجابة لفتح المعابر ورفع الحصار، وإدخال مستلزمات الإعمار، وهي تريد ان تفرض شروطها.
الجيش المصري والمؤسسة العسكرية المصرية مستهدفة، لنفس الهدف الذي استهدف ويستهدف فيه الجيشان العراقي والسوري، فهل تدرك القيادة المصرية بانه آن الاوان لها ان تمد جسور المصالحة مع سوريا، لأن من مصلحة البلدين المحافظة على بلديهما وجيشيهما قويين في وجه المؤامرات والمشاريع المشبوهة التي يراد منها تقسيم الجغرافيا العربية واعادة تركيبها من جديد على أساس المذاهب والطوائف خدمة لإسرائيل والمشاريع الغربية الإستعمارية والأمريكية في المنطقة؟؟؟.