حول قضية نقابة العاملين في الوظيفة العمومية في فلسطين

حجم الخط

            لقد مثلت المذكرة الرئاسية الصادرة بتاريخ 7/11/2014م والتي تناولت الوضع القانوني لنقابة العاملين في الوظيفة العمومية واعتبرتها "جسما ليس قانونيا ولم تنشأ بأي مسوغ قانوني على الإطلاق وبالتالي لا وجود لها من الناحية القانونية "  وذلك بناء على توصيات اللجنة الرئاسية بخصوص الوضع القانوني لما يسمى ب "نقابة العاملين في الوظيفة العمومية" بتاريخ 24/5/2012م . (حسب ما ورد في المذكرة) سابقة لها ما لها وعليها ما عليها حيث مثل هذا الإجراء سابقة لم تحدث سابقا في المجتمع الفلسطيني وفي إطار صلاحيات السلطة الفلسطينية وعلى الرغم من كل ما يمكن أن يقال عن صوابية الإجراءات والآليات التي تعمل بها النقابة سواء على صعيد بنيتها وأوضاعها الداخلية أو على صعيد إجراءاتها النقابية بخصوص جملة المطالب والخطوات التي أقدمت عليها . فان قرار اعتبار النقابة جسما ليس قانونيا هو الجديد والذي يحتاج إلى المزيد من الوقوف أمامه والتدقيق بمفاعيله وتوابعه .

         وذلك لان الأوضاع الداخلية للنقابات تحل في إطار العمل الديمقراطي الذي تنتجه النظم الداخلية لها , وكذلك فان أي أخطاء قانونية قد ترتكبها النقابة في خطواتها الاجتماعية والنقابية وفي مقدمتها الإضراب تحل ضمن اطر قانونية وتحتاج إلى قرارات قضائية للبت فيها . لان الإضراب عن العمل حق عام مكفول بالقانون وتم تنظيم إجراءاته في المادة رقم  "66" الفصل الرابع من قانون العمل الفلسطيني رقم 2 لسنة 2000 والذي تحول إلى قانون عام ينطبق على كافة العاملين وفي كافة القطاعات بعد إصدار مرسوم من الرئيس بذلك .

       أما فيما يتعلق بقانونية الأجسام النقابية عامة والعمومية على وجه الخصوص , فإن الأسس القانونية العالمية والعربية والفلسطينية ضمنت حق كافة العاملين ببناء نقابات خاصة بهم دون أي تدخل من الحكومات أو أصحاب العمل وقد ورد ذلك في قانون العمل الفلسطيني رقم 2 لسنة 2000 والذي ورد فيه.... " المادة (3)  نطاق التطبيق - تسري أحكام هذا القانون على جميع العمال وأصحاب العمل في فلسطين باستثناء: 1- موظفي الحكومة والهيئات المحلية مع كفالة حقهم في تكوين نقابات خاصة بهم"

كما جاء في الاتفاقية (رقم 87) الخاصة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي المعتمدة من المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في 9 تموز / 1948م في دورته الحادية والثلاثين

( المادة 2)  -  للعمال وأصحاب العمل، دون تمييز من أي نوع، الحق في إنشاء ما يختارونه هم أنفسهم من منظمات، ولهم كذلك، دون أن يرتهن ذلك بغير قواعد المنظمة المعنية، الحق في الانضمام إلي تلك المنظمات، وذلك دون ترخيص مسبق.

(المادة 3 )- 1. لمنظمات العمال وأصحاب العمل حق وضع دساتيرها وأنظمتها، وانتخاب ممثليها في حرية تامة، وتنظيم إدارتها ووجوه نشاطها، وصياغة برامجها.

2. تمتنع السلطات العامة عن أي تدخل من شأنه أن يحد من هذه الحقوق أو يحول دون ممارستها المشروعة.

)المادة 4( -  لا تخضع منظمات العمال وأصحاب العمل لقرارات الحل أو وقف العمل التي تتخذها (سلطة إدارية)

          كل ما تقدم يضاف له عدم وجود قانون خاص بالتنظيم النقابي الذي من شأنه أن ينظم العلاقة بين الجهات الرسمية والنقابات ويحدد إجراء بناءها بما يتسم من الاتفاقيات والمعاهدات التي تضمن حرية العمل النقابي واستقلاليته .

فان القرار المتخذ مثل سابقة بحاجة إلى المزيد من الجهد والمتابعة والتوقف حتى لا يتحول إلى سابقة قانونية قد تتكرر وتصبح منهجا وسلوكا لاحقا وخاصة في ظل الأوضاع الراهنة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني في مواجهة المحتل وفي ظل حالة الانقسام وما يواكبها من إصدار قوانين كان منها قانون النقابات رقم2لسنة 2013 الصادر في غزة.

مما يساهم في تعميق الأزمات الداخلية ويعيق النضال النقابي المشروع لقطاعات واسعة من شعبنا تعاني البطالة والفقر ومحدودية الالتزام بتطبيق الأنظمة والقوانين الخاصة بظروف العمل وحقوق العاملين .

وقد جاء هذا القرار أيضا في ظل الحديث عن العمل على الانضمام للمنظمات الدولية ومنها منظمة العمل الدولية التي تتطلب موائمة القوانين المحلية مع القانون الدولي والمعاهدات الدولية لدى كافة المنظمات .

استنادا إلى كل ما تقدم فالمطلوب إجراء مراجعات شاملة للإجراءات المتخذة بحق النقابة العمومية وفتح حوار جاد ومسؤول حول قانون للتنظيم النقابي بما يكفل حرية العمل النقابي واستقلاليته ويمكن العاملين من تنظيم أنفسهم بشكل حر وديمقراطي للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم الاقتصادية والاجتماعية .