لاأسف على وأد القرار ولندفنه إلى الأبد

حجم الخط

كما كان متوقعا فشل مشروع القرار الفلسطيني في مجلس الامن هذه الليلة بالضربة القاضية، هل صدم أحد ما من هذا الفشل، الاغلب أن مقدميه أنفسهم لم يفعلوا بل لعلهم يشربون أنخاب هذا السقوط المدوي، وربما الدول التي تم حشد أصواتها صدمت لأنها خدعت تماما من طرف السلطة الفلسطينية، عبر دعم مشروع فاشل من جهة وهو مشروع يتناقض مع المصالح الفلسطينية التي تريد هذه الدول تأييدها عن حق وصدق.

لاتندرج هذه المادة في باب الأسفل والتنديد بالامبريالية التي أفشلت مشروع القرار الفلسطيني، بل هي مادة للتحذير أكثر من كل شيء، لأنه وان خدم رفض المشروع توجهات القيادة الاوسلوية تكتيكيا، لتسهيل عودتها للمفاوضات، إلا أن هذا المشروع سيتحول وقريبا جدا إلى سقف جديد تتمسك به هذه القيادة وتحاول دفع الكل الوطني الى التمسك به باغتبار أنه يصب في المصلحة الفلسطينية لأن العدو رفضه، ولكن الحقيقة أبعد من هذا، يجب دفن هذا المشروع إلى الأبد وعدم السماح بتداوله واخراجه من الدرج بعد حين.

سنرى من معالجة هذا التقرير الذي نشر كاملا بعد التصويت وهذه ليست مصادفة بل خطة مدبرة، أنه ليس سوى استكمال مشين لسياسات التمسك بأوسلو وتقديم مزيد ومزيد من التنازلات للعدو الذي لايشبع نهمه مهما قدم له ومهما انبطحت هذه القيادة على حساب شعبها ومصالحه الاستراتيجية.

يصف المشروع المستوطنات في ديباجته بانها عقبة خطيرة أمام تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط وهنا يتم سلفا موضعة السلام كهدف استراتيجي وليس استعادة حقوق الشعب الفلسطيني والتعامل مع المستوطنات كجزء مادي من كيان العدة وشكل من اشكال العدوان المستمر على الارض والشعب.

وترتكز الديباجة في موضوع اللاجئين الى مبادرة السلام العربية سيئة السمعة، والتي تخلت سلفا عن تكريس حق اللاجئين بالعودة، لتسمح بحل مشكلتهم بالتوافق ورضا العدو.

وفي الديباجة ثمة تناقض واضح بين اعتبار قطاع غزة جزءا من الأراضي المحتلة عام 1967 وبين عدم الاشارة الى رفع الحصار عنه وتمرير أكذوبة فتح المعابر وتسهيل التدفق وفقا للقانون الانساني في تجاهل معيب لجوهر القضية السياسية لقطاع غزة وان مشكلته ليست فقط انسانية وانما هذا الجانب نابع اصلا من التعامل السياسي المشين مع القطاع.

مرة أخرى وفي نص هو الأخطر يعتبر أن "وإذ يؤكد من جديد على أن التوصل إلى تسوية عادلة ودائمة وسلمية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني لا يمكن أن يتحقق إلا بالوسائل السلمية، على أساس الالتزام الدائم بالاعتراف المتبادل، والتحرر من العنف والتحريض والإرهاب، والحل القائم على دولتين، وبناء على الاتفاقات والالتزامات السابقة ومشددا على أن الحل الوحيد القابل للتطبيق للصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو اتفاق ينهي الاحتلال الذي بدأ في عام 1967، حل جميع قضايا الوضع النهائي كما عرفت سابقا من قبل الطرفين، ويحقق التطلعات المشروعة لكلا الطرفين،"

حيث يتموضع السلام وبأي ثمن كهدف بينما أن المفترض هو ان التوصل الى تسوي يجب أن يكون بتحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني أما البدء بنفي كل أسباب استعادة الشعب للحقوق وموضعة فكرة التفاوض السلمي والتسوية برضى الطرفين كأساس متقد على جوهر الصراع فتلك سابقة خطيرة لم سبق لها مثيل.

ويضيف المشروع تكريس فكرة تبادل الأراضي ما يعني تكريس المستوطنات والسماح ببقائها ما يخالف الاجماع الوطني الفلسطيني كما جاء في في الفقرة الاولى من المادة الثانية.

تضاف في الفقرة الثانية محاولة لتحويل الكيان الفلسطيني الى شرطي آخر في المنطقة حيث : " الادارة الفاعلة لأمن الحدود والحيلولة دون عودة الارهاب والتصدي بفعالية للتهديدات الأمنية، بما في ذلك التهديدات الحيوية الناشئة في المنطقة".

تعود الفقرة الرابعة لنسف ماجاء في الديباجة حول القدس الشرقية عبر السعي لـ " التوصل إلى حل عادل لوضع القدس كعاصمة للدولتين والتي تلبي التطلعات المشروعة للطرفين ويحمي حرية العبادة."

التعاطي بسوء نية وتقليل اهمية مع قضية خطيرة هي قضية الاسرى وادراجها ضمن "قضايا أخرى" كما ورد في الفقرة الخامسة.
يدعو القرار الى تسريع تطبيق ما يسمى بمبادرة السلام العربية وهذا ينصب في مصلحة تطبيع العلاقات بين الدول العربية والعدو كما جاء في المادة الثامنة.

ولا يشير القرار بكلمة واحدة الى تفكيك المستوطنات ورفع الحصار عن غزة أو تخلي العدو عن سلاحه النووي..

فهل يمكن الأسف على سقوط هذا المشروع.. كما قلنا بداية .. الحذر ثم الحذر من تحنيطه واعادة اطلاقه كسقف في وقت قريب بل يجب تجنيد الجهود لدفنه إلى الأبد لتعارضه التام مع مصالح الشعب الفلسطيني.