وعود أوباما مجدداً للفلسطينيين شيكات بدون رصيد

حجم الخط

مسلسل الكذب الأمريكي على العرب والفلسطينيين متواصل،ولا نريد العودة الى ما قبل ولاية اوباما،ولكن منذ قدوم اوباما وخطابه الشهير في جامعة القاهرة حزيران/2009،قامت الدنيا ولم تقعد هب"النشاما" من المرتزقة والوصوليين سياسيين كتاباً وصحفيين وإعلاميين عرب وفلسطينيين،وأخذوا يكيلون المديح للرئيس الأمريكي،مما جعلني أتصور انه لن تمر ولايته الأولى،إلا وقد إنسحبت اسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام/1967،والدولة الفلسطينية قائمة لا محالة،وكأننا لم نجرب ولم نخبر الإدارات الأمريكية المتعاقبة....تحليلات ساذجة في بعضها ومدفوعة الأجر ومتملقة ومتزلفة في البعض الآخر منها،والحقيقة تكشفت سريعاً،حيث تخلى اوباما عن وعوده بإقامة الدولة الفلسطينية في ولايته الأولى،وليجدد اكاذيبه في ولايته الثانية،ولنكتشف بأنه اكثر رئيس أمريكي خدمة دولة الإحتلال "الإسرائيلي"،وبأنه اعجز من ان يواجه نتنياهو وحكومة الإحتلال،حيث عمد نتنياهو قبيل الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة التي فاز فيها للولاية الرابعة الى إذلاله في عقر داره،ولم يأبه لا برأيه ولا وجهة نظرة،وكان يتصرف مع الكونغرس الأمريكي كانه هو الحاكم الفعلي لأمريكا.

والبعض من العرب والفلسطينيين كانوا يراهنون بأن نتنياهو لن يفز في الإنتخابات،وبأن شقة الخلاف مع الإدارة الأمريكية تتسع،وبأن "النصر" قادم لا محالة،لغة العاجزين والمنهارين والمستسلمين والراهنين حقوقهم وقضاياهم وإرادتهم وقراراتهم للأمريكي،هذا الأمريكي الذي يتعامل معهم بدونية سياسية،ويذلهم ويعتبر بأن دفعهم الأموال للخزينة الأمريكية،هي جزية مفروضة عليهم،مفارقة عجيبة غربية،الإقتصاد الأمريكي ينتعش ب"ترليونات" العرب،والإقتصاد الإسرائيلي ينتعش بالمال الأمريكي المستجبى والمنهوب من العرب،أمريكا تذل العرب وتسخر منهم وتحتقرهم ولا تأبه لقضاياهم ومصالحهم،لأنهم عجزة وأذلاء ولا يحترمون أنفسهم،حتى تحترمهم،وتصورا لو ان رئيساً عربياً طلب مخاطبة الكونغرس الأمريكي بدون إذن الرئيس لشرح مبادرة السلام العربية المرحلة من قمة عربية لأخرى مع الهبوط بسقفها في كل مرة حتى توافق عليها اسرائيل،لقامت الدنيا ولم تقعد تدخل في الشان الداخلي الأمريكي،ولا سامية ومحاولة لإبادة دولة "اسرائيل"،و"اسرائيل" تفرض سطوتها على امريكا،حيث اللوبي الصهيوني يسيطر على مفاصل الدولة هناك،الإعلام والاقتصاد والسياسة الخارجية،والكونغرس الأمريكي أشد تطرفاً من نتنياهو نفسه فيما يتعلق بقضيتنا وحقوق شعبنا وثوابتنا الوطنية،فها هو "ماكين" النائب الجمهوري في الكونغرس الأمريكي يدعو اوباما الى اعادة النظر في دعم هيئة الأمم المتحدة اذا ما وافقت على دولة فلسطينية،وأوباما يطالب الفلسطينيين والعرب بالتريث والتهدئة مع اسرائيل،ويطرب العرب وبعض الفلسطينيون لسماع معزوفة أن اوباما وبخ نتنياهو على تصريحاته بعد وقبل فوزه في الإنتخابات بأن لا دولة فلسطينية غربي نهر الأردن ولا تقسيم قدس ولا عودة لاجئين ولا وقف استيطان،ويجب طرد وترحيل عرب الداخل الفلسطيني-48-،وينبري "النشاما والأبطال" من الصحفيين والمحللين والاعلاميين والسياسيين العرب والفلسطينيين للقول بأن نتنياهو تجاوز الخطوط الحمراء،وأن "صديقهم ومعبودهم ومعشوقهم" أوباما ذو الجد المسلم،لن يسمح لنتنياهو بدفن عملية السلام،فهو قال له بأن تصريحاته تجعل المفاوضات واستمرارها من اجل الدولتين غير ممكنة او ذات جدوى؟؟؟!!!.

أنا لا أعرف الى متى العربان وبعض الفلسطينيون يستمرون في الجري وراء سراب والعيش على الأوهام ورهن قضاياهم ومصيرهم لنتائج الإنتخابات الأمريكية والإسرائيلية وتغير الإدارات والحكومات والرهان على التغيير مواقفها؟؟؟،وكأن العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية تحكمها المزاجية ودرجة الحب والكره بين نتنياهو واوباما وغيرهم،فهذه العلاقة محكومة بتحالف إستراتيجي وشراكة استراتيجية،اسرائيل وامنها ووجودها اولاً وعاشراً،وكما قالت وزير الخارجية الأمريكي السابق "مادلين أولبرايت" أمريكا ملتزمة بأمن اسرائيل ما دامت الشمس تشرق على هذه الأرض،واسرائيل لديها ثابت استراتيجي لا تستطيع أي حكومة قادمة يمينية أو حتى"يسارية" الإقتراب منه الإستيطان،وكل من يقترب منه وقفاً او تفكيكاً سينتحر سياسياً،فالحديث عن نشر أمريكا لإتفاق إطار غير ملزم أو عدم استخدامها للفيتو في مجلس الأمن على المشروع الفلسطيني المعدل والأقرب للمشروع الفرنسي من أجل العودة للمفاوضات وتحديد سقف زمني لإنهاء الإحتلال والإعتراف بدولة فلسطينية مع تبادل أراض،هي أحاديث لا تغني ولا تسمن من جوع،هي من اجل ذر الرماد في العيون ليس اكثر،وما يعني أمريكا هو عدم انهيار السلطة وتدهور الاوضاع في المنطقة من خلال تداعياتها عربياً وإقليمياً،فهي لا تريد منح الفلسطينيين دولة لا من خلال المؤسسات الدولية ولا المفاوضات ولا المقاومة ولا تريد حلاً للصراع،فهي تعرف جيداً العوامل التي تمنع اقامة الدولة الفلسطينية وتقتل حل الدولتين،بلدوزرات الإحتلال التي تلتهم الأرض الفلسطينية،واليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يرى بأن ممكنات تطبيق مشاريعه،امامها فرصة ذهبية،ولن يلتفت لا لأوباما ولا غيره من القيادات الأمريكية،فهو يعرف جيداً حدود قدرة اوباما للضغط عليه في نهاية دورته الانتخابية،اليمين الإسرائيلي يعرف المعادلات جيداً، حالة فلسطينية ضعيفة ومنخورة وينهش جسدها فساد وإنقسام وغياب قيادات قادرة على التحدي والمجابهة،وأخرى عربية تعيش ازماتها الداخلية وصراعاتها وحروبها المذهبية والطائفية،ووضع دولي مشتبكة اطرافه الرئيسية امريكا وروسيا من اوكرانيا وحتى اليمن،وبالتالي إرادة دولية معطلة وغير قادرة على فرض حلول على اسرائيل،ولذلك يستمر في مشروعه الإستيطاني لحسم الوقائع على الأرض بشكل نهائي.

أنا لا اعرف لماذا كل هذا العناد والإصرار على "حلب الثور"،فنتنياهو تحدث في كل شيء وأعلن كل شيء...فهل تنتظرون الأوهام مجدداً،أو ان تحصلون على "دبس من قفا النمس".