المستجدات السياسية والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية

حجم الخط
شكَّل انعقاد الدورة الرابعة للمجلس الإداري، للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية (16 ـ 19 كانون الثاني 2012)؛ خطوة ديمقراطية رائدة خطاها الاتحاد العام، كذراع من أذرع منظمة التحرير الفلسطينية، ليس على طريق تفعيل هيئات المنظمة واتحاداتها الشعبية فحسب؛ بل كخطوة باتجاه العمل الديمقراطي، الذي يعزِّز المساءلة والمشاركة وتداول السلطة، عبر آليات ديمقراطية. كما أن تنظيم ندوة سياسية في اليوم الثالث من أعمال المجلس، وإدراجها ضمن جدول أعمال الدورة الرابعة للمجلس الإداري للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، حمل دلالةً ورسالةً؛ فالعمل السياسي لم يكن يوماً على هامش جدول أعمال المرأة الفلسطينية؛ بل شكَّل طويلاً همّاً رئيساً، ولذا، لن تقبل المرأة، تحت أية ذريعة، أن تكون على هامش مستجدات الوضع السياسي الفلسطيني، ومراكز صنع القرار. ومن المفيد أن نذكِّر أن المرأة الفلسطينية قد شاركت في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، وبتأسيسها الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية؛ كانت أسرع من استجاب إلى نداء الهوية الفلسطينية، الذي جسَّده تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، عام 1964. ومما يدلّ على فاعلية وجود المرأة الفاعل في منظمة التحرير، ومنذ المجلس الوطني الأول؛ أن المجلس الأول، قد نصَّ على "إشراك المرأة الفلسطينية العربية في جميع مجالات العمل التنظيمي والنضالي، ومساواتها بالرجل، في جميع الحقوق والواجبات، من أجل تحرير الوطن". وحين درست المرأة الفلسطينية تجارب الشعوب التي تحررت من الاستعمار، وأدركت أن خلاص الوطن من الاستعمار والاحتلال، لا يؤدي بالضرورة إلى خلاص المرأة من الاضطهاد والتخلف والتبعية؛ ربطت ربطاً خلاّقاً بين السياسي والاجتماعي والثقافي، مدركةً أنه لا يمكن فهم السياسي بمعزل عن الاجتماعي والثقافي. ***** جاء انعقاد الندوة، في مرحلة سياسية حرجة يعيشها شعبنا الفلسطيني، والشعب العربي، بعد عام على اندلاع الثورات العربية؛ الأمر الذي استوجب نقاش أسئلة المرحلة السياسية، وتحديد موقف منها، وخاصة أن هناك عدداً من عضوات المجلس الإداري للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، يتبوّأن مواقع قيادية في العمل السياسي الفلسطيني: منهن وزيرتان، ومنهن عضوات في المجلس التشريعي، وعضوات في المجلس الوطني، وعضوات في أعلى مواقع صنع القرار، في فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، ومنهن شابات مفعمات بالنشاط والحيوية، ولديهن ثقافة سياسية متميِّزة. لم يتميَّز البيان الختامي، الذي صدر عن المجلس الإداري، بأي موقف مستقل، عن مواقف القيادة الفلسطينية، بشأن أي ملف سياسي، سواء بالنسبة لملف التفاوض، أو ملف المصالحة، أو ملف تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية!. بالنسبة لملف التفاوض: "أكَّد المجلس أن أية مفاوضات يجب أن تستند للمرجعيات الدولية مع وقف شامل للاستيطان وربط المفاوضات بسقف زمني؛ بهدف إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس". هذا الموقف، لم يختلف عن موقف الاتحاد في دوراته الثلاث السابقة. لم يتمّ التطرّق إلى المستجدات السياسية بشأن الملف، مثل موضوع اللقاءات الاستكشافية / التفاوضية، لاتخاذ موقف منها، بصرف النظر عن انسجام هذا الموقف مع موقف القيادة الفلسطينية، أو اختلافه معها، كما يجدر باتحاد شعبي فلسطيني، يفترض أن يمثل الجماهير النسائية الشعبية الفلسطينية. وبالنسبة لملف المصالحة: "ثمَّن المجلس جهود الأخ الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية لإنهاء حالة الانقسام وتنفيذ المصالحة الفلسطينية وتعزيز أواصر الوحدة الوطنية والبدء بخطوات عملية للتطبيق"؛ مما يدلِّل على أن المجلس الإداري لم يضف جديداً إلى الواقع المجزَّأ. لم يجسِّد قرار المجلس موقفاً يحمل روح المصالحة الوطنية، ويساهم فعلاً في إنهاء الانقسام؟ لم يسجِّل إدانة للاعتقالات، ولانتهاك الحريات، من طرفي الانقسام، كما لم يسجِّل إدانة للمماطلة في تنفيذ بنود الاتفاق. ولم يختلف الأمر بالنسبة إلى ملفّ تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، إذ "ثمَّن المجلس الخطوات التي تبذلها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لتفعيل وتطوير برامجها وإصلاح أطرها ومؤسساتها وأكد أهمية عقد انتخابات المجلس الوطني على قاعدة التمثيل النسبي الكامل". ***** حين طرح سؤال الندوة الأساس على بعض قيادات العمل الوطني: "مستجدات الوضع السياسي والمصالحة": أين الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية؟! ولماذا لا يتمّ إشراك المرأة في لجان المصالحة، وكافة اللجان التي تهدف إلى تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وإعادة بنائها؛ ارتدّ السؤال ليوجَّه إلى قيادات الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية: أين الاتحاد العام من المستجدات السياسية؟ وأين الاتحاد من التعبير عن مصالح النساء واحتياجاتهن، وعن التأثير بهن؟ وإذا كنا نتحدَّث عن بناء جديد لمنظمة التحرير الفلسطينية، يعتمد على الانتخاب، فكيف سيواجه الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية الأمر، وخاصة أنه ما زال يعتمد نظام المحاصصة بين فصائل منظمة التحرير الفلسطينية؟ رغم تثبيته مبدأ التمثيل النسبي، ضمن نظامه الداخلي الجديد، الذي أقرّه مؤتمره الخامس. ***** بعد مناقشة التقارير، التي قدِّمت من الأمانة العامة للاتحاد، ومن فروعه، إلى عضوات المجلس الإداري للاتحاد؛ تبيَّن تقدّم عمل الاتحاد خطوةً إلى الأمام، من حيث تحقيق جزء من خطة عمل الاتحاد، وتراجع عمل الاتحاد خطوتين إلى الوراء، من حيث استقلالية الموقف السياسي للاتحاد. اقتصرت مطالب الاتحاد للقيادة الفلسطينية، على مطالب نسوية تخصهن كقيادات للنساء، يطالبن "بإشراكهن في عملية إنهاء الانقسام بتضمين رؤيتهن لمستقبل النظام السياسي الفلسطيني وتمثيلهن بكافة اللجان المختصة". وبالنسبة لمنظمة التحرير؛ ارتبطت المطالبة بتفعيل المنظمة، عبر الانتخاب؛ بتطبيق كوتا للنساء، لا تقلّ عن 30%. ورغم عدالة مطالبات عضوات المجلس؛ فإن الأهم، كما أرى، هو أن يستحق الاتحاد شرف تمثيل النساء الفلسطينيات، داخل الوطن وفي الشتات، مما يستدعي المزيد من التفاعل مع جماهير النساء الفلسطينيات، حيثما وُجدن، والتركيز على الفئات الشابة، والتقدم بموقف سياسي مستقل، ومبادرات سياسية، تعبِّر عن هذا الموقف، كما تعبِّر عن رسالة الاتحاد، وأهدافه "كتنظيم جماهيري ديمقراطي، يناضل من أجل إنجاز الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، غير القابلة للتصرف"، ويدافع عن هذه الحقوق، حتى لو تعارضت مع مواقف القيادات الفلسطينية. faihaab@gmail.com www.faihaab.com