«نعاف» شمّ رائحتكم

حجم الخط
صرّح مؤخراً عضو الكنيست الصهيوني، الفاشي يائير لبيد زعيم حزب «هناك مستقبل - يش عتيد» قائلاً: «إن الأحداث الحالية تُثبت أنه آن الأوان لإخراج الفلسطينيين من حياتنا، وأن نرفع ونعزز جدار الفصل بيننا وبينهم»، وذلك في مقابلة له مع الموقع الإلكتروني لصحيفة «يديعوت أحرونوت». وأضاف «إن العملية القادمة لن تكون بواسطة السكين، بل ببطاقة الاقتراع - سوف يكون لنا رئيس بلدية فلسطيني في القدس، يقرر الصلوات في الحرم القدسي وحائط البراق».

وأضاف لبيد: «أنا أريد الانفصال عنهم، ولا أريد أن أحيا معهم، ولا أريد أن أراهم في شوارع «إسرائيل» يحملون السكاكين، نحن لسنا بحاجة لأن نعيش مع 3.5 مليون فلسطيني»..
العنصري لبيد سبق وأن كتب مقالة في «الغارديان» كإعلان تجاري(18 شباط/فبراير 2015) يرد فيه على 700 فنان بريطاني طالبوا بمقاطعة الكيان، واتهمهم بالجهل متسائلاً «ما الذي يفهمونه»؟ واصفاً إياهم ب «السذاجة و اللاأخلاقية»!.هذا المستوطن السوبر فاشي هاجر والده يوسف (تومي) من قرية عزلاء منسية في الريف السوفييتي جاء ليستوطن بلدنا! مثل والدته المهاجرة من لاتفيا. 
العنصري لبيد الموصوف بأنه من يمين ما يسمى ب «اليسار الصهيوني» يرى في الكيان «ضحية» ل «الإرهاب» الفلسطيني والعربي! وهو ينادي بتسليح المستوطنين وكل «الإسرائيليين» من أجل ارتكاب المذابح الجماعية بحق الفلسطينيين!. تصريح لبيد يصب في خانة العنصرية - الفاشية.

لبيد هو نتاج طبيعي للفاشية الجديدة المطوّرة في الكيان لما بعد الفاشية التي هي عنوان التحول في الدولة الصهيونية منذ نشأتها. مثلت الفاشية عنواناً صهيونياً، لكنها وبجرائم الكيان الجديدة ستزداد تطوراً إلى حد أن الفاشية تتعلم وتأخذ دروساً من «إسرائيل».

هذه الجرائم التي يرتكبها الصهاينة هي حلقة في سلسلة متزايدة من الجرائم والاعتداءات الأشد قباحة، التي تطورت مع قيام «إسرائيل» حيث جرى تطوير الإرهاب شكلاً ومضموناً وأساليب. وبالفعل، لو حاول ميخائيل شولوخوف تصوير الشخصيات الصهيونية، وجمع مئات الآلاف منها في عمل روائي واحد ك «الدون الهادئ»...لو حاول تصوير شخصيات الجنود «الإسرائيليين» وهم يعتدون على المصلين في الأقصى والمرابطين والمرابطات فيه.. وقتلهم العمد لأطفالنا في الانتفاضة الحالية، ولو حاول إرنست همنغواي صاحب «الشيخ والبحر» نقل إحساس نتنياهو والقادة الصهاينة وهم يعطون الأوامر بقتل شبابنا وشاباتنا وتسن الكنيست عقوبة الأطفال من راشقي الحجارة على جنود ودبابات الاحتلال إلى عشرين سنة سجن!.. ولو حاول جنكيز أيتماتوف مؤلف الروائع ك «وداعا يا غوليساري» الربط بين لقطتين للمجرم لاندسبرغ، الأولى: وهو يداعب طفله على صدره وكلاهما يلبس «الكيباه»، والثانية عند بدء حرقه للطفل الملاك علي الدوابشة... ولو حاول نيكوس كازانتزاكيس مؤلف رائعة «الإخوة الأعداء» تصوير نفسية الضابط «شيدمي» وهو يصدر الأمر ببدء ارتكاب مجزرة كفر قاسم.. لما استطاع كل هؤلاء أن يصوروا حقيقة الصهيوني الكريه المجرم! لسبب بسيط واحد وهو أن من الصعوبة على مطلق روائي، نقل أحاسيس الوحوش الكاسرة! ربما يتخيل الروائي ذلك.... فحتى الحيوانات تتبرأ من هؤلاء السفاحين! ومن هذه الجرائم.

فمجمل الرؤية المشتركة الواحدة للشارع والأحزاب في الكيان، للصراع مع الفلسطينيين والعرب يمكن القول ببساطة إنهم جميعاً فاشيون شكلاً ومضموناً. إذ إن مظهراً عاماً مشتركاً يجمع بينهم ويتلازم مع مفاهيمهم الصهيونية وهو مفهوم العنصرية بكافة أشكالها وصولاً إلى الفاشية، فالحزب الذي يعتنق الإيديولوجيا الصهيونية هو بالضرورة على أتم الاستعداد لتبني الفاشية (وإن استطاع نظرياً إخفاء ذلك) وإن ادّعى العكس.. ونحن بالتالي أمام «مجتمع فاشي» بكل تفاصيله، وبالضرورة لن ينتج سوى المظاهر الفاشية. 
إن أغلب التحريض ضد العرب في الكيان لا يأتي من جهات هامشية في الحلبة السياسية «الإسرائيلية»، وإنما يأتي من صلب المؤسسة الحاكمة. وبالرغم من تكرار الحديث في وسائل الإعلام وفي الخطاب السياسي «الإسرائيلي» عن «الإرهاب اليهودي» فإن المؤسسة الحاكمة لم ترَ فيه أبداً أي خطر عليها، وكثيراً ما تعاطت معه على أنه واحد من أدواتها القمعية. ونادرة هي الحالات التي تم فيها تقديم مجرمين يهود للمحاكمة، وغالباً ما كانت الجرائم التي يرتكبها مستوطنون معروفون تسجل ضد مجهول، أو يجري الادعاء بأن مرتكبيها من المعتوهين! وبالتالي لا تجوز محاكمتهم! وإن مكثوا في السجن فإن مكوثهم في (فندق السبعة نجوم) لا يطول سوى لأيام.

ما نقوله للعدو الفاشي الصهيوني إن دماءنا الفلسطينية والعربية البريئة الطاهرة.. هي دينٌ ! و سيأتي اليوم الذي نسترد فيه هذا الدين، سواء أكان أرضاً أو شهداء أو جرحى أو معاقين... وسيرحل الصهاينة يوماً عن أرضنا الطاهرة الطيبة، بالرضا أو بقوة السلاح... وسيحمل كل المستوطنين عصيّهم على كواهلهم... وسيسجّل التاريخ يوماً على إحدى صفحاته السود... أن «يهوداً» احتلوا يوماً فلسطين العربية وانهزموا في معركتها... وغادروها خاسئين.

ما نقوله للفاشي لبيد..لو أن الشاعر العربي العظيم المتنبي عاش مرحلتنا، لكتب قصيدته في ذم الصهاينة وليس في كافور الإخشيدي ولقصد ببيت شعره: ما يقبض الموت نفسا من نفوسهم...إلا وفي يده من نتنها عودُ..لقصد بها لبيد وأمثاله من مغتصبي أرضنا... نقول أيضا لكل المستوطنين من قدمائهم وحدثائهم ما قاله الشاعر الفلسطيني المرحوم محمود درويش: أيها المارون بين الكلمات العابرة.. احملوا أسماءكم وانصرفوا.. اخرجوا من أرضنا.. من برّنا.. من بحرنا.. من قمحنا.. من ملحنا.. من جرحنا.. من كل شيء، واخرجوا من مفردات الذاكرة.. نعم أيها العنصري لبيد.. اخرج من فلسطين...ولا يهم إلى أين. عد إلى بلدك! فنحن صرنا «نعاف» أن نشمّ رائحتكم.