تمرّ اليوم 8 سنوات على استشهاد أحد أبرز القيادات العسكرية في قطاع غزة، كان مقاتلاً باسلاً في ميادين المواجهة مع العدو الصهيوني، وجندياً مجهولاً في غرف التصنيع، هو قائد الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "كتائب الشهيد أبوعلي مصطفى" في محافظة غزة، معين المصري.
المصري، أسمر البشرة، أحمر الدم والعلم، استُشهد عام 2007، بعد صراعٍ لست سنوات، مع جراحه التي أصابته خلال تأدية واجبه الوطني.
هو معين سيد محمد المصري "أبو وائل"، من مواليد غزة عام 1966، التحق في صفوف مجموعات النسر الأحمر ولكفاءته وإقدامه وشجاعته أصبح قائد مجموعات النسر الأحمر في شمال غزة.
لسنوات طويلة، كان هدفاً للاحتلال، على خلفية نشاطه العسكري في صفوف الجبهة الشعبية ومجموعات النسر الأحمر خلال الانتفاضة الأولى. أمضى 7 سنوات في سجون العدو الصهيوني، حتى تم الإفراج عنه عام 1996.
"بوابة الهدف" كان لها حديث مع مسئول الإعلام في كتائب الشهيد أبو علي مصطفى "أبو غسان"، والذي قال إن الحديث عن المصري يستوجب الوقوف إجلالاً وإكباراً لتضحياته التي بدأها بانضمامه لصفوف الجبهة وتعرضه للاعتقال والمطاردة لقيادته لمجموعات النسر الأحمر، القوة الضاربة للجبهة الشعبية خلال الانتفاضة.
وأضاف "أبو غسان": الشهيد أبو وائل تميّز بانضباطه الحزبي كمقاتل، كان مبادرا متلهّفاً للعمل و إيقاع الخسائر في صفوف الاحتلال، كما تميّز بعلاقات رفاقية اجتماعية واسعة.
أسداً في الميدان
وعن المصري في ميادين المواجهة، قال المسئول الإعلامي للكتائب: كان فعلاً أسد الكتائب يتقدم صفوف رفاقه، وأبدع في إيلام العدو سواء في الاشتباكات المسلحة مع القوات الخاصة و الجنود أو إطلاق القذائف الصاروخية و نصب الكمائن للعدو، حيث كان ضمن أول مجموعة تطلق قذائف الهاون على مستوطنات العدو و استخدام بنادق القناصة لاصطياد الجنود على السلك الفاصل الحدودي. و قاد الشهيد مجموعات كتائب أبو علي.
وعن مهامه العسكرية، قال "أبو غسان": إن الرفيق معين عمل في كافة الجوانب العسكرية، من قيادته لمجموعات النسر الأحمر شمال غزة إلى عمليات القنص و الاشتباكات المسلحة و نصب الكمائن و العبوات وصولاً لإطلاق قذائف الهاون و الصواريخ، بتميّزه وشجاعته تم تكليفه بإدارة قيادة كتائب الشهيد أبو علي مصطفى في محافظات غزة.
"لا تكسروا الشتلات"
بين كلمات رفيق معين المصري، تلّمسنا إنسانيّة وأخلاق عالية جداً، كان يتحلّى بها معين المصري، منها أنه كان يربط شتلات الزرع، قبل أن يُجهز قذائف الهاون ليُطلقها على الاحتلال، وكان يقوم بتوسيع مكانٍ لمنصات الإطلاق بحيث لا يترك ضرراً للمزارع، كان يهتمّ بتلك الشتلات بقدر ما يحرص على تأمين رفاقه وشخصه.
من العبارات التي كان يردّدها هذا البطل كانت "علينا أن نفكر دائماً و نبدع بأساليبنا القتالية لإيقاع الخسائر في صفوف العدو، فعلى العدو أن يتألم كما يتألم شعبنا"، كما كان شديد التأثّر بمقولة الشهيد القيادي وديع حداد "وراء العدو في كل مكان".
أبو غسّان لفت إلى أن معيناً لم يختَرْ طريق المقاومة، بل هي من اختارتْه، فقد كان له الكثير من الأسباب كي ينحى هذا المنحى، كفلسطيني مُحتلّ أولاً ومن واجبه كجبهاوي، وما كان يُتابعه من تصاعد لحجم الإجرام من قبل الاحتلال، ومن يسلك هذا الطريق، يدرك أن لا نهاية أشرف من الانتصار أو الشهادة، وأضاف: كان الشهيد أبو وائل متيقناً من أنّ جيلاً ثائراً سيخلفه وسيُكمل مشواره.
وصيّتي لكم.. إن كنتُ لن أعود
أمّا عن يوم إصابة الشهيد المصري، يروي المسئول الإعلامي للكتائب لـ"بوابة الهدف": تلقينا خبر إصابته في بداية الأمر ومعاناته لمدة ستة شهور في العناية المكثفة، وتألمنا كثيراً، وكانت خسارة كبيرة بالنسبة لنا، فالإصابة حيّدته عن الميدان الذي عشق القتال فيه. ثم كانت الصدمة الأكبر بتلقينا خبر استشهاده.
"قيادة الكتائب طلبت منّي كتابة النعي والسيرة الذاتية لمعين، لم أستطِع أن أصدّق أن معين لن يكون بيننا، وماذا أكتب عنه، لكن الضرورة حتّمت علينا أن نصدر بياناً نزف فيه شهيدنا المقاتل أسد الكتائب معين المصري"، يروي لنا أبو غسّان.
وختم المسئول الإعلامي لكتائب الشهيد أبو علي مصطفى بأن الميدان بحاجة لمقاتلين مثل معين المصري، اليوم، فمع مرور السنين يزداد الميدان شراسةً، لذا هو بحاجة لمقاتلين شجعان كمُعين، مُتمنياً أن يتحقق حلم رفيقه بالتحرير والانتصار وأن يتألم العدو كما يتألّم الشعب الفلسطيني
ويأبى الأبطال إلّا اللّحاق ببعضهم توالياً، فيُصادف اليوم الذكرى الـ14 لاستشهاد المقاتل في كتائب الشهيد أبوعلي مصطفى وسام مجدي محارب، قائد الوحدة الخاصة المسؤولة عن ضرب قذائف الهاون في محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، وقد استهدفه الاحتلال بقصف جوي ليلة 11 ديسمبر عام 2001، ليُفارق الحياة يوم 22 من ذات الشهر متأثراً بجروحه.
كما يُصادف اليوم أيضاً، استشهاد قائد كتائب الشهيد أبوعلي مصطفى في الضفة المحتلة بشار حنني، والذي ارتقى بعد إصابته بخمس رصاصات اخترقت جسده، خلال اشتباك عنيف، مع قوات العدو في حي الجنيد غرب مدينة نابلس شمال الضفة.صباح يوم 22 ديسمبر عام 2005، واستشهد مع مقاتليْن من كتائب شهداء الأقصى كانا رفيقيّ دربه، وهما حمد الجيوسي وأنس الشيخ.