عمر شحادة لـ"القدس": مفاتيح سفارتنا ببلغاريا مع عاملات النظافة ويجب إقالة المالكي
- حمل عمر شحادة عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الموساد الإسرائيلي المسؤولية عن اغتيال الشهيد عمر النايف داخل مقر السفارة الفلسطينية في العاصمة البلغارية صوفيا.
واتهم شحادة، في حوار مع صحيفة "القدس"، السفارة الفلسطينية في صوفيا بالاهمال وبعدم توفير الحماية اللازمة للشهيد، مطالبا بإقالة وزير الخارجية الدكتور رياض المالكي.
وفيما يلي نص الحوار الذي أجراه الزميل وليد أبو سرحان مع شحادة وهو عضو لجنة التحقيق التي شكلت للتحقيق في اغتيال نايف. وقد نشر الحوار اليوم على الصفحة العاشرة لصحيفة القدس.
* لماذا انسحبت من اللجنة الوطنية التي شكلها الرئيس للتحقيق بظروف وفاة عمر النايف في سفارة فلسطين ببلغاريا؟
- انا لم انسحب من لجنة التحقيق. الذي جرى هو حينما اجمعت لجنة التحقيق بكافة اعضائها على استخلاص محدد فيما يخص تقييمنا للجانب السياسي والامني في عمل السفارة ووزارة الخارجية الفلسطينية والسلطة الفلسطينية عموما، تدخل وزير الخارجية الدكتور رياض المالكي من خلال الضغط على رئيس اللجنة وكيل وزارة الخارجية الاخ تيسير جرادات لشطب ما يتعلق بما تعرض له الشهيد داخل السفارة من ترغيب وترهيب وضغط ومحاولات لإخراجه باي طريقة من داخل السفارة، وهذا الامر ارادوا منه - وزارة الخارجية الفلسطينية- عمليا التحلل والتنصل من المسؤولية السياسية والامنية التي تقع على وزير الخارجية والسفير والسفارة والعاملين فيها.
حالة من الضبابية
* ولكن المواطن الفلسطيني لديه حالة من الضبابية بشأن ملابسات تلك الجريمة ويريد معرفة الحقيقة، وانت كعضو في لجنة التحقيق الوطنية ماذا تقول؟
- اولا، لا بد من التوضيح بان الشهيد عمر النايف اقدم عام ١٩٨٦ على تنفيذ عملية طعن مستوطن في القدس، ما يعتبره المراقبون اول من دشن هذه الوسيلة سبيلا للمقاومة ضد جيش الاحتلال ومستوطنيه ومؤسسا لمدرسة جديدة باتت وسيلة سائدة في هذه الانتفاضة. واعتقل من قبل الاحتلال الا انه نجح في الهروب من السجن واستقر بنهاية الامر في بلغاريا بمطلع تسعينيات القرن الماضي وتزوج وانجب ثلاثة ابناء يحملون الجنسية البلغارية من زوجته التي تحمل تلك الجنسية، نحن نتحدث عن مناضل فلسطيني عارك الاحتلال منذ نعومة اظفاره، وينتمي الى عائلة فلسطينية مناضلة انخرطت في معركة المقاومة منذ ان وطئت اقدام الاحتلال ارض الوطن، وبقي المناضل الشهيد عمر النايف يخوض معركته حتى قضى شهيدا في الانتفاضة، انتفاضة دحر الاحتلال والاستيطان التي تدخل شهرها السابع.
* ولكن المواطن الفلسطيني يريد معرفة ملابسات وفاة النايف في سفارة فلسطين؟
- هناك ملابسات حتى الان غير معروفة ، وهذه الملابسات تتعلق بالجانب الجنائي، ولكن نحن في اللجنة الوطنية للتحقيق في تلك الجريمة قدمنا ما استخلصناه إلى الرئيس محمود عباس واللجنة التنفيذية ، ورفضنا تدخلات وزير الخارجية لتغيير بعض النصوص في التوصيات والإستخلاصات التي توصلت إليها اللجنة الوطنية للتحقيق في جريمة اغتيال الشهيد عمر النايف، وهذه الاستخلاصات مقتصرة على الجانب الداخلي الفلسطيني واضحة وصريحة ولا تقبل التأويل في تحديد المسؤوليات ولا تحتمل أي تأجيل .
* وما الذي توصلت له اللجنة التي زارت السفارة وشاهدت مسرح الجريمة بعينها؟
- استخلصنا من الاقوال التي استمعنا إليها بأن الشهيد عمر النايف تعرض اثناء تواجده في السفارة عبر الاجراءات التي كان يتخذها السفير لأشكال من الترغيب والضغط والترهيب لمغادرة السفارة في الوقت الذي كان يكرر للسفير بانه لن يغادر بلغاريا دون ضمانات رسمية بلغارية فلسطينية، ولكن للاسف كانت الاوضاع الامنية الخارجية والداخلية في السفارة سيئة بل مزرية للغاية، وهي استخلاصات تقوض كليا اية مزاعم عن ما سمي بالتحريض والتجني حول مسؤولية الجهات المعنية في السلطة.
* هل هذا ما حاول وزير الخارجية شطبه من تقرير لجنة التحقيق الذي رفع للرئيس ؟
- انا كعضو في لجنة التحقيق الوطنية اسجل قضيتين: الاولى هي اقدام وزير الخارجية على الاتصال بفريق التحقيق ومحاولة تغيير إستخلاصات لجنة رسمية مُشكلة من الرئيس واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وهذا يعتبر سلوكا غير مسؤول وأهدافه واضحة ليست بحاجه الى أي اجتهاد، وينطوي على ادانة وعلى مسؤولية يحاسب عليها القانون وفق ما يحدده القانون. والقضية الثانية بأن وزير الخارجية اراد ان يتنصل من مسؤوليته ومسؤولية وزارة الخارجية ومسؤولية السفارة ويخفي تخليه عن واجباته السياسية والامنية والاخلاقية وعدم اكتراثه تجاه المناضلين وقيم النضال الفلسطيني وتجاه واجبات السفارات فيما يخص ابناء الشعب الفلسطيني والجاليات وخاصة تجاه المناضلين الذين بفضل نضالاتهم تبوأ منصب وزير الخارجية وغيره مثل هذه المناصب. حرف مسار التحقيق
* هل لديك سند لمثل هذه الاتهامات الموجهة لوزير الخارجية والسفير الفلسطيني في بلغاريا بمحاولتهم حرف مسار التحقيق عن مجراه؟
- هذا مؤكد وتقرير اللجنة بات منذ زمن لدى الرئاسة الفلسطينية ومن المتوقع ان تلتقي باللجنة التي شكلتها في وقت لاحق، كما وطالبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بعقد لقاء عاجل بعد عودة لجنة التحقيق، فهناك نتائج كشفت عن لا مبالاة من قبل وزير الخارجية رياض المالكي تجاه النضال والمناضلين ودور ومكانة السفارات الفلسطينية وهناك تقصير واضح من السفير والسفارة تجاه الواجبات الوطنية وخاصة بشأن حماية المناضلين وتقديم المساعدة لهم و للجالية الفلسطينية ورعاية مصالح ابنائها، وهنا اشير إلى أنه نتيجة ذلك التقصير والاهمال واللامبالاة المثبت في تقرير اللجنة، فان هناك جهات فلسطينية بدءا بالمكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجالية الفلسطينية في بلغاريا فضلا عن عائلة الشهيد، طالبت بإقالة وزير الخارجية فورا وسحب السفير وطاقم السفارة المعني للتحقيق المباشر معهم في رام الله ومعهم مسؤول الامن، وذلك لوضع الامور في نصابها الوطني والسياسي والقانوني والاخلاقي.
مفاتيح السفارة
* انت زرت السفارة الفلسطينية في بلغاريا وعاينت المكان الذي شهد وفاة النايف في ظروف غامضة، هل لمست بان السفارة مستباحة امنيا؟
- السفارة الفلسطينية في بلغاريا وضعها يدعو للرثاء والسخط، فمن جانب لا تتمتع السفارة باي حراسة امنية خارجية من قبل الجهات البلغارية التي وفق اتفاقيات فينا للعلاقات الدبلوماسية عليها ان تقوم بتوفير الحراسة والامن للسفارة وموظفيها، ومن جانب اخر استطيع ان اصف الوضع الامني في السفارة بالمزري واللامسؤول ويتسم بالاهمال الشديد، حيث لا توجد حراسات داخلية بالسفارة ولا توجد حتى كاميرات تصوير خارج السفارة او في داخلها ، فضلا عن ذلك فاننا كلجنة - وبكامل المسؤولية اقول ذلك- وجدنا كافة مفاتيح السفارة الخارجية والداخلية تفتقر لاي نظام امني داخلي فيما يخص المكاتب وغرف السفارة مما يعني بان هذه السفارة على الاغلب محشوة بكاميرات تصوير وبأجهزة تنصت لجهات مختلفة، وهذه السفارة لا يمكن ان تشكل حدا ادنى من الامن لا للموظفين ولا لأي قائد او مسؤول فلسطيني زائر لها ، وفي الوقت نفسه علمنا بان مفاتيح هذه السفارة موزعة حتى على عاملات النظافة البلغاريات الامر الذي وصفته اللجنة الوطنية للتحقيق في اغتيال الشهيد عمر النايف على يد "الموساد" الإسرائيلي في استخلاصاتها بأن الامن الداخلي والخارجي للسفارة سيىء.
* من يتحمل مسؤولية ذلك؟
- برأيي ان هناك مسؤولية سياسية وتتبع لها مسؤولية امنية، وهي تعكس ليس وضع السفارات المتردي والتي من واجبها ان تحمي سيادتها وكرامتها وتحترم ما تمثل ، وفي الوقت نفسه ان توفر ملاذا ورعاية لابناء الشعب وللجاليات الفلسطينية في الخارج، فضلا عن انها يجب ان تكون حصنا لكل المناضلين والمقاومين الذين بفضل دمائهم وتضحياتهم بات لدينا سفارات ووزراء ومجلس وزراء وحتى رئيس، ولكن للاسف حتى العلاقة بين الجالية و السفارة رديئة، وهذا للاسف وضع غالبية الجاليات مع سفاراتنا بالخارج، وهو ما يطرح تساؤلا حول الدور الذي تقوم به السفارات وموظفيها . لماذا اصلا الشعب الفلسطيني يفتح هذه السفارات وينفق عليها الغالي والنفيس؟.
حالة من الاستياء الشديد
* هل تقصد بان هناك فجوة كبيرة ما بين الجاليات الفلسطينية في الخارج وسفاراتنا الموجودة بالدول التي يقيمون بها؟
- حبذا لو أن الامر ينطوي على فجوة فقط ، هناك حالة من الاستياء الشديد عموما تصل احيانا حد القطيعة. السلك الدبلوماسي
* هل تقصد بانه لا بد من اعادة النظر في السلك الدبلوماسي الفلسطيني بكل مكوناته؟
- السلك الدبلوماسي الفلسطيني ليس فقط بحاجة لإعادة النظر في كل مكوناته، بل السلك الدبلوماسي ووزارة الخارجية من الالف الى الياء تحتاج الى إعادة بناء سياسي وامني ووظيفي من جديد، لان هناك قطيعة ما بين القواعد و التقاليد التي قامت على اساسها السفارات الفلسطينية وتعيين السفراء وبين الواقع الحالي الذي يدمي القلب ، ونحن نعلم ان السفراء عادة كانوا في عهد الرئيس ياسر عرفات يقر تعيينهم عبر اجتماع رسمي للجنة التنفيذية في حصيلة عملية منافسة بين عدد من المرشحين لكل سفارة ويجري تقييم السفير ومدى كفاءته من كل الجوانب.
* واليوم كيف يجري تعيينهم؟
- اليوم لا اعلم بانه حصل اجتماع واحد للجنة التنفيذية نوقشت فيه عملية تعيين سفير يمثل الشعب الفلسطيني ويمثل القضية الوطنية.
* ما هو تقييمك لوضع السفارات الفلسطينية عقب زيارتك لسفارتنا ببلغاريا، وهل لديها المقدرة على تقديم المساعدة للفلسطيني إذا ما لجأ إليها؟ السفارات الفلسطينية غير مؤهلة
- للاسف الكثير من السفارات الفلسطينية التي اعرفها غير مؤهلة، بحكم واقعها من حيث الكفاءة السياسية والامنية والادارية وضعف مواكبتها لتطورات القضية الفلسطينية وما يتصل بها من واجبات ومهام، ونحن امام ركام من تجربة سابقة، ومضى على العديد من موظفي هذه السفارات عشرين عاما وأكثر دون اي تغيير، وبالتالي موظفو هذه السفارات هم بحاجة لإعادة تأهيل وعملية تجديد كاملة تكون جزءا من عملية تغيير حقيقي وبناء للمسار السياسي الفلسطيني على انقاض تجربة ومسيرة ومأساة وكارثة أوسلو.
* انت ذكرت بان السفير الفلسطيني في بلغاريا كان يمارس ضغوطا شتى لاجبار النايف على مغادرة السفارة، ما هي دوافعه وفق نتائج التحقيق الذي اجريتموه؟
- ببالغ الاسف ان وزارة الخارجية ووزير الخارجية على وجه التحديد والسياسة الرسمية الفلسطينية عموما باتت ترى في المناضلين في مثل هذه الظروف عبئا، وكان يتصرف السفير بوحي من هذه الثقافة ومن موقع ان الشهيد عمر هو عبء على السفارة وضيف غير مرغوب فيه، وهو الامر الذي كان يفاقم من صعوبة الظروف التي عاشها الاسير السابق عمر النايف في السفارة ، ولك ان تتخيل ان يعيش اكثر من شهرين وحيدا وبدون جهاز تلفزيون وينام على "الصوفا" - مقعد - وفي ظل تحذيرات و تهديدات له بإمكانية: ان يهاجمك الموساد الاسرائيلي او تجد نفسك يوما مسموما او قد يداهمون السفارة في الليل. وعموما يمكن الاستنتاج بأنه كان هناك ميل لدى السلطات البلغارية ولدى السلطات الفلسطينية للخلاص من قضية عمر بما يمثله من صداع سياسي ودبلوماسي لهم في ظل الضغوطات الاسرائيلية على الخارجية البلغارية للإجابة على طلبهم بتسليم عمر في اطار اتفاقية لا تنطبق على وضع عمر كمناضل ومقاوم فلسطيني من اجل الحرية، وهي اتفاقية تنص على تبادل المطلوبين الجنائيين. طيش ورعونة في التعامل
* وكيف كان تعامل وزارة الخارجية مع ملف عمر النايف وهو بداخل السفارة طلبا للحماية؟
- كان هناك نزوع وشيء من الطيش والرعونة في التعامل مع هذه القضية من قبل وزير الخارجية والسياسة الرسمية الفلسطينية عموما باعتبار انه لا نريد ان ندخل في نزاعات قد تشكل عبئا على السياسة الرسمية، وذلك التوجه من الممكن والمرجح هو انعكاس للسياسة الرسمية الفلسطينية في كل المجالات. الاداء الرسمي
* كيف تقيم الاداء الرسمي الفلسطيني تجاه قضية عمر النايف؟
- الاداء الرسمي الفلسطيني عموما اتسم بضعف المسؤولية والافتقار للشجاعة والمواجهة مع الاحتلال التي تحلى بها الشهيد وكل المناضلين داخل السجون وخارجها، وكان على القيادة الفلسطينية وعلى وزير الخارجية ان يحذو على الاقل حذو ما حصل مع جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس عندما لجأ لسفارة الاكوادور وليست سفارة بلاده وفي عاصمة شهيرة اسمها لندن واعلنت الاكوادور عن وجوده في السفارة، ودفاعا عن حقوقه كإنسان لم تقم بتسليمه لا للسلطات البريطانية او للسويدية، وبالمناسبة أسانج متهم بقضية اغتصاب ولا اعلم اذا ما كانت تلك الاتهامات حقيقة ام زورا، وهذه قضية اخلاقية، أما المناضل عمر فمتهم بكل شرف وكبرياء بمقاومة الاحتلال، واستطاع عمر ان يخوض معاركه ببسالة وينجو من كل مكائد الاحتلال سواء خلال اعتقاله أو مطاردته إلى أن قتل للاسف غدرا وخسة في داخل سفارة فلسطين ببلغاريا.
مَن الذي قتل عمر؟
* من الذي قتل عمر وفق نتائج التحقيق الذي اجرته اللجنة الوطنية للتحقيق في تلك القضية؟
- نحن نحمل الاحتلال والموساد الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن اغتيال المناضل عمر النايف.
* هل لديكم ادلة ملموسة على أن الموساد هو من قتل عمر النايف؟
- هناك لجنة متخصصة ومهنية قيد العمل في بلغاريا لتقدم الادلة الملموسة والواضحة بمسؤولية الموساد عن اغتيال المناضل النايف، وهذه اللجنة هي المناط بها مهمة البحث الجنائي ، وخصوصا ان اللجنة الاولى السياسية والامنية في لقاءاتها مع السلطات البلغارية وحتى اليوم الاخير من وجودنا في صوفيا كانت السلطات البلغارية تقول لها بانها لم تنجز مهمة التشريح، ولكن السلطات البلغارية ابلغتنا بان القضية سجلت تحت بند: ان هذه الحادثة تقع تحت نص المادة ١١٥ من القانون البلغاري والتي تنص على تجريم عملية القتل عمدا وتسجيلها ضد جاني مجهول .
* كيف قتل عمر النايف؟
- المشاهد لمسرح الجريمة عبر قراءة مدققة يمكن ان يستخلص بأن مسرح الجريمة جرى ترتيبه بشكل متقن بحيث يقود الانسان العادي إلى الاستخلاص بأن هناك شيئا من الايذاء الذاتي، لان مسرح الجريمة يحاول ان يظهر بان هناك استفراغ وعلب أدوية فارغة، ولكن في الوقت نفسه عندما ترى شرفة موجودة في الطابق الثالث ولا تستطيع الوصول إليها إلا بعد أن تصعد ٤١ درجة، فهذا يثير علامات الاستغراب، حيث كان النايف ينام في الطابق الاول. ولكن عندما تدقق في المعطيات تثور شكوك رهيبة والتي لا اريد ان ادخل فيها وسأترك للجنة المختصة والمهنيين هذا الواجب وهذا الدور، ونحن نحترم اختصاصهم والحاجة الى عدم القفز لإستخلاصات متسرعة فيما يخص هذا الامر، ونرى بوضوح تام ان الاحتلال وايدي الموساد هي وراء عملية القتل سواء تمت بشكل مباشر على ايدي الموساد او على ايدي عملائه، وبهذا الامر اكتفي بانتظار الفريق المهني المكلف بهذه المهمة ونحن في اللجنة عقدنا العزم ان نتابع الامر حتى النهاية وبكل المسؤولية وليتحمل كل من هو معني مسؤوليته.
لا اطلاق رصاص
* جريمة القتل لم يكن فيها اطلاق رصاص؟
- لا، لا يوجد فيها اطلاق رصاص، ولا يوجد فيها وفق النظرة الاولى استخدام ادوات حادة ، ألا أن هناك ضربة في وجه الشهيد عمر النايف حيث كان وجهه مدمى وربما تكون ضربة من مسدس او أداة حادة وربما تكون نتيجة إسقاطه من علو، ولكن لا نريد ان ندخل في تنبؤات لان هذه عملية مهنية دقيقة وربما تطول، ولكن من جانب آخر نريد ان نقول بان المسؤولية السياسية والامنية تقع على وزارة الخارجية وتقتضي إقالة وزير الخارجية واستدعاء كل المعنيين بالجانب الامني والسياسي في السفارة الى رام الله والتحقيق معهم ووضعهم موضع التحقيق والمساءلة والمحاسبة على ما يثبت من تقصير واهمال امني وسياسي واجتماعي وهو ما لم يحصل حتى الان، وما لحق بالشهيد عمر من آذى وضغط نفسي واجتماعي يستحقون عليه هذه المساءلة، وكنا في الحقيقة نتوقع ان يُقدم وزير الخارجية على الاستقالة لما تسببت مواقفه ودوره من اذى، وخصوصا ان سفير دولة فلسطين في صوفيا يقول: لقد ارسلت خمس رسائل الى وزير الخارجية برام الله اطالبه بالتحرك السياسي والدبلوماسي والامني لتوفير الحماية لعمر النايف عقب لجوئه للسفارة ولكن وزير الخارجية لم يرد على اي واحدة منها، وهذا الامر لم تقبله لا الجالية الفلسطينية ولا عائلة الشهيد ولا الرأي العام الفلسطيني ولن يقبل احد بهذا الاهمال والتقصير.
* هل تقصد بان السفير الفلسطيني بصوفيا حمل وزير الخارجية المسؤولية بشأن التقصير في معالجة قضية النايف؟
- هو لم يحمل وزير الخارجية المسؤولية، هو حاول ان يدافع عن نفسه حينما علم ان اللجنة وجدت في سلوكه وتصرفاته وممارسة ضغط وترهيب على الشهيد عمر أمر مرفوض وغير مقبول، ورفض السفير ان يكون المسؤول لوحده وقال ان المسؤولية ليست عليه وهو حاول اظهار ان المسؤولية تقع على الاخرين، اي وزير الخارجية.
مطالبة بإقالة المالكي
* هل تستوجب نتائج تحقيقكم في قضية وفاة النايف استقالة وزير الخارجية والسفير؟
استنادا لواجباتي وقراءتي لما جرى، اطالب بإقالة وزير الخارجية وباستدعاء السفير وكل العاملين في السفارة للتحقيق معهم في رام الله وذلك في الحد الادنى حتى الان.
* ذكرت انباء مؤخرا بان اسرة الشهيد تلقت بلاغا من السلطات البلغارية يفيد بأن الوفاة كانت طبيعية، ما هو تعقيبك على ذلك؟
- اذا كانت فعلا السلطات البلغارية ابلغت عائلة الشهيد بان وفاته طبيعية فان ذلك يشير بوضوح إلى أن الموقف البلغاري مقصر ومهمل ويجب مساءلته فلسطينيا وفق القانون الدولي، وإذا كان هذا موقف السلطات البلغارية فانه يتناقض مع ما ابلغنا به المدعي العام البلغاري ان جريمة قتل النايف سجلت ضد جاني مجهول. تزييف الحقيقة
* هل تعتقد بان هناك ضغوطا على السلطات البلغارية لتزييف الحقيقة؟
- انا على ثقة بان الجانب البلغاري يتعرض لضغوطات مختلفة وخاصة من الجانب الاسرائيلي لطمس الحقائق المتصلة بهذه الجريمة، ومن هنا فانا اقول بان السلطات البلغارية وما جرى مع عمر النايف لم يكن معزولا عن تنصل السلطات البلغارية من واجباتها وقفزها عن حقيقة ان اتفاقية تبادل المطلوبين الجنائيين لا تنطبق على المناضل عمر النايف حيث كان اسيرا ومتهما ومحكوما في محكمة عسكرية اسرائيلية بالسجن المؤبد لقيامه بطعن وقتل مستوطن جندي في مدينة القدس المحتلة، وهذا يؤكد بان قضية عمر النايف ليست جنائية، وهو مناضل من اجل الحرية لشعبه ووطنه.
* في زيارة الرئيس البلغاري الاخيرة لفلسطين طلب الرئيس محمود عباس من نظيره حل قضية النايف فكان وعده بان يوفر الحماية له، وفي النهاية قتل، كيف ترى ذلك؟
- اولا، لا اعلم إذا تعهد الرئيس البلغاري بتوفير الحماية للشهيد عمر النايف في لقاءاته هنا، ولكن ما اعلمه من الصحافة الإسرائيلية ان رئيس الحكومة الاسرائيلية طلب من الرئيس البلغاري الاستجابة للطلب الاسرائيلي بتسليم عمر النايف، الا ان الاخير لم يستجب لكامل المطالب الاسرائيلية الامر الذي سرع في تنفيذ اغتيال الشهيد عمر النايف وهذا ما تفسره وتشير إليه بعض الاوساط المقربة من السلطات البلغارية.
اللجوء للسفارة
* متى لجأ عمر النايف للسفارة الفلسطينية طلبا للحماية ؟
- عمر النايف لجأ للسفارة في ٢٠١٥/١٢/١٦ بعد ان قامت السلطات البلغارية باستدعائه رسميا للمثول امام القضاء البلغاري وذلك بناء على مذكرة من قبل دولة الاحتلال الاسرائيلي تطالب وفق اتفاقية تبادل المطلوبين الجنائيين بين الدولتين بتسليم عمر النايف باعتباره مطلوبا جنائيا للسلطات الاسرائيلية؟
* ومتى وجد مقتولا في فناء السفارة الفلسطينية بصوفيا؟
- وجد الشهيد عمر النايف مغدورا ومقتولا في السفارة في صباح يوم ٢٠١٦/٢/٢٦ .
* هذه الفترة الزمنية كيف قضاها في السفارة وهل كان يتمتع بالرعاية من طاقم السفارة؟
- من الواضح بان الشهيد عمر النايف عانى الأمرين في داخل السفارة الفلسطينية بصوفيا للأسف الشديد. ونحن نشعر بالحزن لما كان يتعرض له الشهيد داخل السفارة من ضغوط اجتماعية ونفسية واقتصادية وحياتية، وبإمكانك ان تتخيل شخص يقال له كل يوم يجب عليك مغادرة السفارة و "دبر حالك" ، وقال له السفير وفق اقوال عائلة الشهيد بشكل محدد: يجب عليك ان تغادر السفارة خلال ٢٤ ساعة بناء على قرار من الرئيس محمود عباس، الامر الذي دفع عمر النايف الى طلب مذكرة رسمية مكتوبة، وعندها قال سوف اغادر السفارة إذا احضرتم تلك المذكرة، ولكن حينما حققنا في ذلك تبين ان الرئيس لم يأمر بذلك، وهذا كان من قبل وزير الخارجية والسفير للضغط على الشهيد لمغادرة السفارة، وهذا يعتبر نوع من التصرفات غير المسؤولة.
* ما هي الفترة الزمنية ما بين طلب السفير من النايف مغادرة السفارة وتنفيذ عملية اغتياله؟
- هذا الحديث -اي الضغط عليه لمغادرة السفارة- كان يجرى مع الشهيد عمر طوال فترة مكوثه اي ما بين ٢٠١٥/١٢/١٦ ولغاية ٢٠١٦/٢/٢٦ ، فالشهيد كان باستمرار يتعرض للضغوط من السفير وطاقم السفارة للمغادرة واشعاره بشكل متواصل بانه غير مرحب به وترهيبه بإمكانية ان يصله الموساد الاسرائيلي داخل السفارة ويمكن ان يسممه ، وكل هذه التهديدات في ظل ظروف حياتية صعبة يقضيها ليلا وحيدا داخل السفارة. . ينام على "صوفا"
* هل شرحت لنا اكثر بماذا تعنى بانه كان يعيش في ظروف حياتية صعبة داخل السفارة؟
- بعد ان تمكن الشهيد عمر من الوصول للسفارة واللجوء إليها تم التعامل معه بشكل سيء حيث بدأت الضغوط عليه بضرورة مغادرة السفارة التي لم توفر له اي رعاية بل تركته ينام على "صوفا"، فطوال تلك الفترة لم يؤمن له مكان للنوم داخل السفارة ولم يحظى طوال فترة مكوثه بالسفارة باي رعاية بل حتى تلفزيون لم يوفروا له لمعرفة ما يدور حوله، ويبدو بان تلك التصرفات اللامسؤولة من قبل السفير وطاقم السفارة كانت لتنفيذ توجيهات وزارة الخارجية برام الله ، ولذلك انا اطالب بضرورة التحقيق في ذلك التقصير، واستدعاء السفير والتحقيق معه هنا في رام الله، إضافة لاستدعاء الطاقم الموجود في السفارة والتحقيق معهم لان هناك ملابسات كثير لا يجوز اشغال الرأي العام بها، إلى جانب الاستخلاصات التي تحمل وزارة الخارجية ووزير الخارجية المسؤولية عن الضغوط التي تعرض لها النايف لاجباره على مغادرة السفارة.
وصول الطعام
* كيف كان يصله الطعام؟
- كانت زوجته تحضر له الطعام، حتى ان السفارة طلبت منها بان تأتي متخفية على السفارة بحجة ان السفير ووزير الخارجية لا يريدان ان يعلنا بانه لجأ للسفارة حتى انه جرى منع بعض المحامين والمتضامين من الوصول اليه، وذلك انطلاقا من فهم قاصر تنقصه الجرأة والكبرياء والاقتناع بالسيادة على ارض وفي مبنى السفارة، وكذلك في التعامل مع المناضلين في سفارات يفترض ان تقوم بهذا الواجب، واذا هذه السفارات لا تريد ان تقوم بهذا الواجب فما هو الدور الذي تقوم به؟ وهذا السؤال نوجهه للقيادة الفلسطينية وللرأي العام الفلسطيني والقوى السياسية والاجتماعية.
* وهل حال سفارة فلسطين في صوفيا ينطبق على باقي السفارات الفلسطينية في بلدان العالم المختلفة؟
- للاسف انا زرت عددا من البلدان الاجنبية واستمعت للجاليات الفلسطينية هناك، فكانت دائما الشكوى والتذمر، واستطيع القول بان السفارات الفلسطينية على علاقة غير سوية مع الجاليات، وبكل مسؤولية اقول لك بان كل السفارات الفلسطينية لم تستطع ان تقيم علاقات سوية مع الجاليات وهي تتصرف بمنطلق بيروقراطي سياسي منغلق انعزالي يسعى لنيل الرضى والرحمة اساسا من البلدان الموجودة فيها والى مجاراة السياسة الرسمية الفلسطينية التي تعكسها اتفاقيات اوسلو سواء في بعدها السياسي او الامني او الاقتصادي او في واقعها المتهالك الذي نعيشه اليوم او الازمة الوطنية الخانقة التي وصلنا اليها بسبب هذه السياسات.
السيادة الفلسطينية على السفارات
* هل هناك سيادة فلسطينية على السفارات في الخارج كباقي دول العالم؟ - السيادة تمارس ولا تمنح فقط، فمن اجل ان تمارس سيادتك واحترام الاخر يجب عليك ان تتمتع باستقلاليتك السياسية والمعنوية والمادية، الامر الذي نفتقد له في الكثير من الاحيان.
لقاء العائلة
* هل إلتقيتم كلجنة تحقيق بعائلة الشهيد في بلغاريا؟ وماذا استشفيتم من حديثهم؟ - قابلنا أسرة الشهيد من اليوم الاول لوصولنا الى صوفيا والتقينا مع زوجته وعائلته ووجدنا حالة من السخط والألم والشكوى لدى زوجة الشهيد وابنائه من الطريقة المهينة التي عوملوا بها من قبل السفارة خلال سعيهم لجلب الطعام واحتياجات الشهيد وهو داخل السفارة. وببالغ الاسف تشعر عائلة الشهيد بعدم ثقة بالسفارة والسفير والمسؤولين فيها ، الامر الذي يجب ان يكون محل تأمل وتفكير عميق من قبل الرئاسة الفلسطينية واللجنة التنفيذية في وضع تلك السفارات، لوضع حد للحالة التي تعيشها وزارة الخارجية ومكتب الامن الدبلوماسي فيها.