أساسيات النقد والنقد الذاتي

حجم الخط

مما لاشك فيه بأن النقد والنقد الذاتي سلاح تنظيمي فاعل بيد عموم الرفاق هيئات وأعضاء، أنصار وكوادر وأصدقاء، وهو حق وواجب على حد سواء يهدف لتصويب الأخطاء، والوقوف أمام السلبيات من مسلكيات وقرارات، كما يُستخدم لتعزيز الإيجابيات والمراكمة عليها لإحداث نقلة نوعية تمكننا من تحقيق قفزة في منتوجنا النضالي على كافة الصعد الكفاحية والسياسية والنقابية.

 والهدف الأسمى لهذا السلاح هو تعزيز الالتزام والانضباط الإيجابي الواعي، وتحفيزه باعتباره ناظم أساسي لتطور الأحزاب، وإعادة بنائها سواء كان نتاج تطور النظم والمعارف أو نتاج معارك وطنية وسياسية واجتماعية خاضها الحزب سعياً لتحقيق برامجه وأهدافه.

 كما يجنبنا كبائر الجمود والانغلاق، ويحرضنا على وعي الذات لذاتها، وفحص قراراتها وفرضياتها ويوفر لنا فرص حقيقية لتصحيح الأداء من هنا، وأمام كل المهام المركزية والعلمية لهذا السلاح كانت شرطية فعل النقد والنقد الذاتي بأن نبدأ من نقطة الطلاق الحاسم مع الفكرة المأساوية عن الذات، وكل نزعات التجريح والتعذيب أو تحويل الآخر في وعينا لشماعة نعلق عليها خسائرنا وأخطائنا أو شيطنة كل فكرة أو طريقة لرفع المنتوج النضالي بوصفها من خارج التقاليد الحزبية.

 وهذا ينطبق أيضاً على من يحاول تحويل الثقة بالنفس لأداة تعظيم الذات فعندها تصبح ذلك حالة مرضية؛ فالثقة بالنفس هدفها الأساسي تزويدنا بالطاقة الإيجابية اللازمة لتعظيم وتحسين جودة منتوجنا النضالي الميداني أو المعرفي، والتشديد على مثالياتها وترفعها عن الأخطاء.

 إن تعظيم الذات لا وظيفة له سوى التغطية على حالة العجز وشرعنتها بما يفقدنا القدرة على تغير الواقع أو الهروب للأمام، والتنكر للواقع بجواب مأساوي وحيد يقذف بنا إلى حالة سلبية تواكلية تسقط فاعلية الفرد والجماعة في آن واحد، ومن هنا وجبت الشروط الواجب امتلاكها الناقد لممارسة النقد الفعال، والتي نلخصها بالتالي:

1)    التوقف عن وهم امتلاك الحقيقة أو حيازة اليقين في القضايا التي يجري نقدها فكل منا يرى الحقيقة من زاوية رؤياه.

2)    التحلي بنزعة النسبية في التفكير والاعتقاد فعلينا أن نرى النصف الممتلئ كما نرى النصف الفارغ.

3)    الابتعاد عن جلد الذات وتعذيبها.

4)    اعتماد مبدأ المقاربة الصحيحة، والهادفة للأخطاء ولمواطن الخلل بين المأمول والمتاح.

5)    الفصل داخل الذات بين لحظتها المنُتقدة ولحظتها الناقدة بينها كذات وبينها كموضوع.

بهذا يكون النقد فعال وهادف ويمكن الحزب من مساءلة نفسه عن قيمة انتاجه السياسي والاجتماعي والثقافي، وإعادة فحص أدواته وفرضياته وخططه عند كل منعطف في تطور الأحداث السياسية، وعند كل تحول نوعي بالحوادث التاريخية والاجتماعية، ونمّكن الحزب من تصحيح نفسه وتطوير وتصويب أدواته، بما يمكنه من القدرة على التكيف الإيجابي مع نوازل السياسة والميدان ويقربه من تحقيق أهدافه وبرامجه الوطنية والطبقية.