الرسالة الأخيرة للرفيق إبراهيم الراعي قبل اغتياله

حجم الخط

رفاقي الأحبة…

رفاقي الجبهويون…

رفاق الخواجا وغسان وقافلة الشهداء، اليوم في هذه اللحظة التي شرع فيها العدو في تنفيذ مخطط الاغتيال الذي سمعتم به، أقول لكم اليوم فقط شعرت أني قوي وأحمل قسمات وسمات مناضل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، على الرغم من أنني حملت بطاقة العضوية منذ سنوات ولكن صدقوني فقد بقيت بيني وبين نفسي أعتبر نفسي مرشحاً وعضواً مع وقف التنفيذ رغم مروري برحلة التحدي القاسية وصمودي الذي جسدت فيه واجبي نحو رفاقي وجبهتي وشعبي لتبقى صورة المناضل الفذ مميزة. ومن يرتبط بتنظيمها الطليعي يحمل الوجه الحقيقي الذي اقتربت من تجسيد صورة عضو الجبهة حكماً أراه وحتى لا تعتقدون أنني أكابر أو أبالغ فيما أقول سأشرح لكم أسباب الشعور وسأكون علمياً ما أمكن:

لقد درست العلم الثوري وتعلمت أن التناقض بيننا وبين الأعداء تناقضاً تناحرياً لا يمكن حله سوى بانتهاء أحد النقيضين، كما تعلمت أن كلا من النقيضين سيعمل جاهداً من أجل تصفية الآخر وإنهائه. وتأسيساً على هذا المنطق العلمي فطالما لم يعمل العدو على تصفيتي فهذا يعني أنني لا أمثل بعد جزءاً طبيعياً من نقيضه الرئيسي ولأن الجبهة تشكل جوهر نقيض العدو الرئيسي وحربتها المشهورة في وجهه وكما عبر أكثر من مرة على لسان قادته وجنرالاته ومخابراته فهذا يعني أنني لم أمثل بعد سوى العضوية في هذا الجوهر، لكن عندما اقتحموا زنزانتي والغضب يتطاير من عيونهم والحقد تعكسه أيديهم المرتجفة وتقطيبات جباههم وصرير أسنانهم، كنت يا رفاق كمن ينتظر الرد من قيادة المنظمة، الرد الذي يحتوي قراراً بقبول عضويتي، وحتى أسترح بمزيد من البساطة أقول لكم أن العضو الطليعي يجب أن يكون طليعياً بوعيه العميق لبرامج الجبهة وترجمتها عبر الممارسة، يجب أن يكون صلباً صلابة العامل الذي يدرك أنه لن يتحرر من القيود والعبودية سوى بالنضال العنيد، صلباً بقناعته المبدأية ورسوخ مبادئ الجبهة والنضال لتشكيل زاد حياته وصلباً في الدفاع وصولاً إلى عدم التفكير بحياته خلال معركة الدفاع.

متواضعاً بسيطاً مندمجاً بين الشعب الذي تسعى الجبهة لقيادته، وذلك بعيداً عن الكسل والخمول والتراخي ومنطقياً يناضل بروح قرار الجبهة ويكرس علميته لتحقيق برامجها: يحب رفاقه ويعشقهم ويبذل روحه من أجل حمايتهم، يعمل دون أن يكثر من الكلام ويعتز بانتمائه للجبهة وهو يواجه الأعداء في الأماكن المحصورة التي تضع ضمن نطاق سيطرتهم الكاملة.

هذه السمات مجتمعة لا يمكن في تلاحمه سوى صورة العضو الحقيقي الذي يجسد الخطر الذي يخشاه الأعداء، ولهذا سيعملون على قتله دون تردد، هذه صورة العضو كما أراها، وكما يجب أن تكون وهذا ما يفسر شعوري بل وقناعتي الداخلية.

رفاقي الأعزاء… أحبائي الآن سأصف لكم كيف بدا لي الأعداء وهم ينفذون مؤامرة القتل، لقد رأيتهم أقزاماً وكنت عملاقاً وكانوا يصرخون ويتصايحون ترتجف أعصابهم وكنت ثابت ومستقر هادئ مبتسم وكانت عيونهم مترقبة ووجلة تخشى النظر والتحديق في وجهي وكانت عيناي ثابتتان تنظران بحدة وتركز لاكتشاف كافة مواطن الضعف والجبن التي اتسم بها القتلة، وهم يمتلكون كافة أسلحة القتل المتطورة، كانت وجوههم قبيحة وعندما حاولوا مساومتي شعرت بالحاجة للتقيؤ شعرت بالاشمئزاز، رأيت وجه شيلوك ووجه تاجر البندقية المقيت لكني شعرت أيضاً أنهم لا يزالون أغبياء لا يفرقون بين الصلابة والمبدئية وبين بخل التاجر ولهذا ضحكت وبقيت أضحك صدقوني رفاقي بأنني لم أسقط، سقطوا من فرط بؤسهم وقد أنهكهم التعب وبقيت مرتفعاً أعلو وأعلو وهم يهبطون حتى التصقوا بالأرض تحت أقدامي تماماً ولهذا فإنني فخور بأنني أصبحت عضوا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقد تسألوني رفاقي بما أوصي؟؟

كونوا جبهويون في كل شيء ومجرم من سيحاول الغدر بالجبهة بقصد أو بدون قصد ومجرم من يفرط بأسرار الحزب ومجرم من يركع أمام الأعداء ومجرم من لا تظل قامته عمودية منتصبة ومجرم من يمشي إلى الخلف ويتطلع إلى الوراء صوبوا أنظاركم نحو العدو وتقدموا وتقدموا فالنصر لنا.

صوبوا أنظاركم نحو العدو

 تقدموا وتقدموا فالنصر لنا

رفيقكم إبراهيم محمود زيد الراعي

عضو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين