كايد الغول: تصفية القضية الفلسطينية تصاغ بـ"شراكة إسرائيلية"!

حجم الخط

كايد الغول: تصفية القضية الفلسطينية تصاغ بـ"شراكة إسرائيلية"!

حذّر كايد الغول، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، من خطر حقيقي تتعرض له القضية الفلسطينية تصاغ مخططاته بعيدا عن الفلسطينيين، مبيناً أنّ ذلك تشارك فيه "إسرائيل" ليس باعتبارها دولة الاحتلال، وإنما باعتبارها إحدى دول الإقليم التي تبحث في حل الصراع.

وأكّد الغول في حوارٍ مطول مع "المركز الفلسطيني للإعلام" أنّ استمرار الرهان على خيار المفاوضات والوعود ما هو إلاّ "سراب"،  يُضعف الحالة الفلسطينية أكثر فأكثر، ويعطي العدو الصهيوني مساحة من الوقت الذي سيمكّنه من استكمال مشاريعه".

وأضاف: إنّ "وهم الوصول إلى حل سياسي مع حكومة نتنياهو بدأ يتلاشى حتى من أصحاب هذا الخيار".

وفي سياق آخر، أكّد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، أنّ رئيس السلطة محمود عباس تعهد بإلغاء جميع الإجراءات ضد غزة بمجرد حل اللجنة الإدارية، مبيناً أنّ عدم التزامه بذلك إذا ما التزمت "حماس" بحل اللجنة الإدارية سيرجع الكرة لملعبه، وستكون الاتهامات موجهة له.

وقال الغول: "سنتابع مع الجميع الرئيس أبو مازن لوقف إجراءاته ضد قطاع غزة، خاصة أنّه أبلغ العديد من القوى السياسية أنه بمجرد حل اللجنة الإدارية ستعدّ كل الإجراءات التي اتخذت ضد غزة لاغية".

وفيما يلي نص الحوار:

- ما هو مستقبل القضية الفلسطينية برأيكم؟

القضية الفلسطينية الآن تتعرض لخطر حقيقي يجرى صوغ المخططات له بعيداً عن الفلسطينيين، لا سيما ما يروج له من حل إقليمي تشارك فيه "إسرائيل" ليس باعتبارها دولة الاحتلال؛ وإنما باعتبارها إحدى دول الإقليم التي تبحث في حل الصراع شأنها شأن أي بلد عربي آخر.

ومثل هذا الحل الإقليمي لن تسلم فيه "إسرائيل" بالاستعداد لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة على الأقل التي تتحدث عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين وحق تقرير المصير ودولة فلسطينية على كامل الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس.

"إسرائيل" تسعى الآن إلى فرض أمر واقع يحول دون إمكانية إقامة دولة فلسطينية، ويقطع الطريق على حق اللاجئين العودة إلى ديارهم، وهي الآن تسعى إلى إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني على أنه فقط من غادر فلسطين عام 1948، وهي تحاول الآن من خلال الأمم المتحدة للأخذ مثل هذا التعريف حتى تقطع الطريق على حق جميع اللاجئين في العودة، لذا نحن أمام مخاطر فعلية.

نحن أمام مخاطر جدية، ولمواجهتها لا بد من ترتيب الساحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام وإستعادة الوحدة الوطنية، وفقاً لبرنامج سياسي وبناء للمؤسسات الوطنية وبخاصة منظمة التحرير الفلسطينية، وحتى ننجح في ذلك لا بد من حوار وطني جاد.

- ما هي رؤيتكم في الجبهة الشعبية لعقد مجلس وطني موحد؟

الجبهة كانت ولا زالت مقتنعة أن منظمة التحرير بحاجة إلى تجديد بنيتها حتى تعزز مكانتها التمثيلية للشعب الفلسطيني، وهذا لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار التطورات التي جرت على الحركة السياسية الفلسطينية، بحيث يعقد مجلس وطني تنضوي فيه كل القوى السياسية الفلسطينية سواء التي كانت جزءاً من المنظمة أو كانت خارجها مثل حماس والجهاد الإسلامي والمبادرة الوطنية.

نحن ندعو إلى عقد مجلس وطني بشكلٍ عاجل وفقاً للاتفاقات الموقعة، أي إجراء انتخابات ديمقراطية وفقاً لنظام التمثيل النسبي الكامل حيث ما أمكن ذلك، والتوافق حيثما لا يمكن إجراء انتخابات.

نحن ندعو إلى عقد مجلس وطني بشكلٍ عاجل وفقاً للاتفاقات الموقعة، أي إجراء انتخابات ديمقراطية وفقاً لنظام التمثيل النسبي الكامل حيث ما أمكن ذلك، والتوافق حيثما لا يمكن إجراء انتخابات.

وندعو أن يعقد المجلس الوطني في الخارج بعيداً عن اشتراطات الاحتلال وقيوده على حرية أعضاء المجلس الوطني، كما ندعو لأن يُراعى في تشكيل المجلس الوطنيى عدا عن التمثيل السياسي، تمثيل يعكس حجم تجمعات الشعب الفلسطيني في الخارج، لأنه من المهم في هذه الفترة إعادة تأكيد المكانة التمثيلية لمنظمة التحرير، وهذا يتأتى من خلال تمثيل يتناسب وحجم الفلسطينيين بالخارج في عضوية المجلس الوطني، وتمثيل عادل لهم في المجلس المركزي للمنظمة، وفي اللجنة التنفيذية، وأن يجرى في سياق الإعداد للمجلس الوطني الاتفاق على أسس الشراكة الوطنية التي لا بد منها حتى تدار منظمة التحرير بشكل جماعي بعيداً عن التفرد، وحتى يساهم الجميع في التقرير بكل ما يتعلق بالشأن الوطني الفلسطيني.

- ولكن جرى في وقت سابق عقد جلسة تحضيرية للوطني، وكان هناك نظرة تفاؤلية ثم اندثرت.. ماذا جرى؟

في رؤية الجبهة التي أستكملها ندعو إلى  ضرورة الاتفاق على برنامج سياسي مشترك ينطلق من أنّ الشعب الفلسطيني يخوض نضالاً وطنياً تحررياً، ويجرى فيه إعادة التمسك بكامل حقوق الشعب، وعلى فتح الخيارات كافة لتحقيق هذه الحقوق، وأن يلحظ البرنامج القضايا المجتمعية، سواء التي تخص الفلسطينيين في الأراضي المحتلة أو ما هو متصل باحتياجات الفلسطينيين بالخارج.

هذه الأسس قد جرى التطرق لها في اجتماعات اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني التي عقدت في بيروت نهاية شهر يناير من العام الجاري، والتي شكل الاتفاق عليها حالة تفاؤل كان يمكن لها أن تتجسد لو استمرت اللجنة في عقدت اجتماعاتها كما تم التوافق على ذلك، للاتفاق على كيفية تجسيد العناوين التي تم التوافق عليها.

- ولكن يبدو أنّ الأمور تتجه إلى إدارة الظهر لكل هذه الاتفاقات الموقعة؟

من الخطورة بمكان أن يجري إدارة الظهر للاتفاقات الموقعة بشأن المجلس الوطني وتركيبته أو لنتائج اجتماعات اللجنة التحضيرية في بيروت، لأن من شأن ذلك أن يعمق حالة الانقسام في الساحة الفلسطينية وأن ينقلنا إلى طور جديد من الانقسام بدلاً أن يكون قائم على مؤسسات السلطة ليصبح انقسام على التمثيل والشرعية الفلسطينية.

- الرئيس عباس هدد بعقد المجلس الوطني متجاوزاً هذه الاتفاقيات، وذلك للحصول على سلطة أعلى تضمن له حل المجلس التشريعي وما دونه من مؤسسات.. كيف تابعتم ذلك ؟

الجبهة أبدت موقفها المعارض هكذا دعوة، وقد أبلغنا الإخوة في حركة فتح بموقفها، ثم أبلغنا الموقف ذاته اللجنة التنفيذية التي بحثت هذا الأمر، وأيضاً أعدنا تأكيد موقفنا في لقاءات لاحقة جرت مع حركة فتح.

وانطلاقاً من المصلحة الوطنية لشعبنا، وللحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الكيان الوطني والمعنوي الجامع للشعب الفلسطيني، فإنّ الحرص يجب أن يكون بملاحظة التحولات التي جرت في الساحة الفلسطينية، وفي أن يعكس المجلس الوطني تمثيلاً لكل القوى السياسية والمجتمعية الفلسطينية، عدا عما أشرت له من تمثيل عادل للشتات.

هذه هي المهمة العاجلة الآن حتى نعيد ترميم وضع منظمة التحرير وإعادة الاعتبار لها باعتبارها الكيان الموحد للشعب الفلسطيني، وباعتبارها الجبهة الوطنية التي ينضوي في إطارها مختلف التيارات الفكرية والسياسية في الساحة الفلسطينية.

هل برأيك يشكل عقد المجلس الوطني حلاً لعقدة الانقسام ؟

بصراحة عقد مجلس وطني توحيدي في ظل الانقسام مشكلة كبرى؛ لأن هناك تعقيدات وصعوبات تعترض هذا السبيل، لذلك مطلوب الاتفاق على ترجمة ما توصلنا إليه في بيروت التي تبدأ بتشكيل حكومة وحدة وطنية لتكون الخطوة الرئيسة في إنهاء الانقسام، ونستكملها بمتابعة الإعداد لمجلس وطني توحيدي تشارك فيه كل القوى السياسية.

برأيي؛ الاتفاق على أسس انعقاد المجلس الوطني التوحيدي يفتح الباب لمعالجة الانقسام، ولتحقيق وحدة وطنية جادة، وأعتقد أن مخرجات اللجنة التحضيرية في بيروت التي نصت ابتداءً على الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية تفتح الباب لإنهاء الانقسام.

- إجراءات عباس الأخيرة ضد قطاع غزة.. ما هو موقفكم منها؟

الجبهة رفضت هذه الإجراءات، وعبرت عن ذلك ببيانات وتصريحات معلنة، ووجدت فيها معاقبة للشعب الفلسطيني بالقطاع، وليست لحركة حماس، وفي الوقت ذاته دعونا حركة حماس لحل اللجنة الإدارية؛ لأنها لا تشكل قضية مبدئية، وإنما هي وسيلة لإدارة الوضع في القطاع.

قلنا للإخوة في حركة حماس: إنّ هذه اللجنة عقبة، ويجب تجاوزها بالاستجابة لمطلب كل القوى الوطنية الفلسطينية بحل هذه اللجنة، لأنّ في ذلك نزعًا للذرائع من جهة، وربما تكون خطوة تجعلنا نتقدم في إنهاء ملف الانقسام.

- لكن حركة حماس أبدت استعدادها الكامل لحل اللجنة.. هل تعتقد أنه ستكون خطوات مقابلة من عباس؟

نأمل أن يكون هذا الإعلان من حماس غير مشروط بقضايا أخرى، بأن تكون مبادرة من حركة حماس بحل اللجنة التي اتخذت ذريعة في إجراءات الرئيس عباس، ثم سنتابع نحن مع الجميع الرئيس أبو مازن لوقف إجراءاته ضد قطاع غزة، خاصة أنّه أبلغ العديد من القوى السياسية أنه بمجرد حل اللجنة الإدارية ستعدّ كل الإجراءات التي اتخذت ضد غزة لاغية.

ويمكن في إطار التواصل لمتابعة حل اللجنة أن يجرى الاتفاق على مواقيت زمنية لوقف الإجراءات التي اتخذت ضد قطاع غزة، لكن برأينا المهم إلغاء اللجنة الإدارية ثم مباشرة يوقف الرئيس أبو مازن كل إجراءاته ضد قطاع غزة؛ لأنّ الخشية في الربط أن يعقّد الأمور كثيراً.

الآن ربما تكون الأمور ملائمة لأن تعود القاهرة لتلعب دورًا فاعلًا في إنهاء الانقسام وفقاً للاتفاقات الموقعة، خاصة أن القاهرة أصبح لها علاقات حسنة مع حماس بعد أن كانت العلاقة المأزومة بين الطرفين عائقاً أمام أدور فاعل لمصر ، وأصبحت الآن الأمور أكثر وضوحاً، وهو ما ندعو مصر للقيام به.

- كيف تضمن حماس أن يقوم عباس بذلك، إذا ما ألغت اللجنة الإدارية؟

برأينا الفصائل لا تضمن، ولكنها تمارس دورها الضاغط وبهذه الحالة تصبح كل الاتهامات موجهة للرئيس أبو مازن، إذا لم يلتزم بما قاله ليس فقط لنا بل لمؤسسات دولية عديدة. بالتالي إذا لم يلتزم الرئيس تصبح الكرة في ملعبه، وهو الذي يصبح مسؤولاً إذا لم يلغِ هذه الإجراءات.

- في ظل متابعتكم.. ماذا يجرى في القاهرة؟

الآن ربما تكون الأمور ملائمة لأن تعود القاهرة لتلعب دورا فاعلا في إنهاء الانقسام وفقاً للاتفاقات الموقعة، خاصة أن القاهرة أصبح لها علاقات حسنة مع حماس بعد أن كانت العلاقة المأزومة بين الطرفين عائقاً أمام أي حلول، وأصبحت الآن الأمور أكثر وضوحاً، وهو ما ندعو مصر للقيام به.

كما أننا نرى أن هناك تحركا دوليا يؤكد أهمية إنهاء الانقسام، كما يعتقدون هم، حتى لا تتأثر القضية الفلسطينية بالضرر أكثر مما هو قائم، وحتى تعاد المفاوضات من جديد للوصول إلى حل سياسي، طبعاً هذا لا يعكس رأي الجبهة الشعبية، بل إنّ موقفنا عدم العودة للمفاوضات بأي حالٍ من الأحوال، ولكني أحاول أفسر ما عبّر عنه وزير الخارجية الروسي من أنّ الانقسام يقف عقبة أمام الفلسطينيين للوصول إلى حل سياسي، وهو ما تراه أطراف عربية ودولية أخرى.

لكن أعتقد أنّ إنهاء الانقسام ضرورة وطنية حتى لا يترتب عليه تكريس لحالة الفصل بين غزة والضفة، وهو ما تسعى له "إسرائيل" والأطراف المعادية للشعب الفلسطيني، وحتى لا تستغله "إسرائيل" كما هو قائم لتعميق مشروعها.

وحتى نتوحد أيضاً لمواجهة المشاريع التي يجرى إعدادها لتصفية القضية الفلسطينية، وكذلك من أجل تخفيف المعاناة عن شعبنا، وتعزيز عوامل صموده وإعادة الاتفاق على برنامج سياسي من أجل مواجهة "إسرائيل" ومخططاتها.

- ولكن السلطة لا تزال تتعلق بأمل أن يكون هناك حل سياسي؟

الأمر بات بيد الفلسطينيين وإدراك كل الأطراف أنّ القضية باتت في خطر، وأن وهم الوصول إلى حل سياسي مع حكومة نتنياهو بدأ يتلاشى حتى من أصحاب هذا الخيار.

استمرار الرهان على المفاوضات والوعود أعتقد أنها لن تكون أكثر من سراب، سيضعف الحالة الفلسطينية أكثر فأكثر وسيعطي العدو الإسرائيلي مساحة من الوقت الذي سيمكّنه من استكمال مشروعه.

أي حديث عن عودة للمفاوضات هو حديث ضار، ويجب التقيد على الأقل بما أقرته اللجنة التنفيذية من اشتراطات للعودة للمفاوضات أساسها الإعلان المسبق من "إسرائيل" الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس، وحل ما يسمى بقضايا الحل النهائي بما فيها موضوع اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية، دون ذلك ستكون المفاوضات متاهة أخرى ستعمل "إسرائيل" على استخدامها من أجل استكمال مشروعها بالضفة الغربية بالاستيلاء على الأراضي، والاستيطان، وسن قوانين تضم بموجبها كتلًا استيطانية جديدة.

المطلوب أولاً لقاء وطني من المهم أن يراجع التجربة السابقة؛ ما لها وما عليها، وأن يعيد الاعتبار لبرنامجنا الوطني التحرري الذي يجب أن يحكم كل سلوكنا ونشاطنا السياسي والدبلوماسي وحتى النضالي.

انطلاقاً من ذلك أعتقد ضرورة أن تغادر حماس وفتح التعامل مع اتفاق المصالحة من قاعدة حدود الاستفادة الفئوية منه ، ويجب أن يغادر الطرفان منطق إخضاع الآخر له، وبالتالي أن ننطلق من أن إنهاء الانقسام مصلحة وطنية للجميع، نبحث من خلالها عن وحدة وطنية تستند إلى برنامج سياسي وإلى أساس تنظيمي يوفر شراكة في كل مؤسسات العمل الوطني الفلسطيني، وأن يعاد بناء كل هذه المؤسسات بعملية ديمقراطية أو بتوافق.

- كيف تتابعون حالة المقاومة بغزة، وهل تتوقعون عدوانا قريبا على غزة؟

الجبهة كانت ولا تزال تدعو لتشكيل جبهة مقاومة وطنية موحدة، ويجب ألا تنحصر المقاومة بالدفاع عن غزة على أهمية ذلك، ولكن في بحث مساهمة القطاع في العملية الكفاحية الشاملة والمقاومة المسلحة ضد العدو الصهيوني، آخذين بعين الاعتبار الظروف الخاصة بالقطاع.

وحكومة نتنياهو على الأرجح أنها لن تقدم على حرب كبيرة في قطاع غزة إذا استمرت الأمور على ما هي عليه من الهدوء، هذا لا يلغي أنّ "إسرائيل" ستبقى بين فترة وأخرى تمارس عدوانًا لأهداف وتكتيكات محددة، ولترسيخ منطق أن لها الحق المطلق في ممارسة ما تشاء من عدوان على الشعب الفلسطيني وتحدد طبيعة هذا العدوان وحجمه ارتباطاً بقراءتها السياسية ومصلحتها.