في حوار خاص مع "بوابة الهدف" جادالله صفا مجرم من يهدم وحدة الجالية الفلسطينية بالقارة اللاتينية

حجم الخط

أعلنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أمس مقاطعتها مؤتمر الكوبلاك والذي كان يمثل مؤسسات الجالية في القارة اللاتينية، بالإضافة لاجتماع اللجنة التحضيرية لاتحاد الجاليات في سانتياغو بتشيلي.

وعزت الجبهة مقاطعتها بأن مؤتمر الكوبلاك يأتي انعقاده بطريقة استخدامية من قبل جهات فلسطينية متنفذة وعلى رأسها وزارة الخارجية والسفارات الفلسطينية بعد ربع قرن من تجميد نشاط الاتحاد والذي كان يمثل كل مؤسسات الجالية في القارة وفعاليتها.

وطالبت الجبهة بضرورة العمل على توحيد الجالية وعقد مؤتمر جديد يضم كل الأطراف بعيداً عن سياسة المحاصصة والإنشداد إلى تحقيق المكاسب الفئوية.

بوابة الهدف تواصلت مع الناشط الفلسطيني المناضل جاد الله صفا مسئول لجان فلسطين الديمقراطية بالبرازيل للحديث في هذا الموضوع، وسألته عن تداعيات عقد هذا المؤتمر بدون إجماع من قبل أطراف فلسطينية متنفذة، فقال: " كنت على تواصل مستمر مع السفير الفلسطيني بالبرازيل الأخ ابراهيم الزبن منذ العام الماضي، وقبل انعقاد ما يُسمى المؤتمر التشاوري بداية هذا العام بتشيلي، كنت قد نبهت السفير لخطورة عقد مؤتمرات تؤدي إلى انقسامات وشرخ بالجالية الفلسطينية، كذلك التقيت السفير بداية شهر شباط بساوباولو، وأكدنا على الموقف الذي يتقاطع مع موقف الجبهة الشعبية من الكوبلاك بصفته التمثيلية والمؤسسة الشرعية للجالية، وبأننا سندافع عن الكوبلاك ولا نسمح بالمساس بشرعيته".

واستدرك صفا قائلاً: "  إننا مع الحوار من أجل إنجاح مؤتمر الكوبلاك وأكدنا على المشاركة الجماعية، إلا أن السفير لم يقم بخطوة إيجابية من أجل تحقيق ذلك، وبقيت خطواته تسير باتجاه الإقصاء للآخرين وعدم إشراكهم بعملية البناء، وكأن الكوبلاك مؤسسة خاصة بفتح، وهكذا تعاملوا بعقد المؤتمر".

وحمّل جاد الله السفير الفلسطيني بالبرازيل المسؤولية الأولى والأساسية لعملية الشرخ بوسط  الجالية ، معتبراً أن هذه الخطوة التي أقدموا عليها بدون حوار مسبق وبدون لجنة تحضيرية تعرقل جهود وضع آلية لمؤتمر يضمن أوسع مشاركة فلسطينية لجاليتنا من خلال عملية ديمقراطية شفافة، وستدفع باتجاه الانقسام وتعميق الخلافات بوسط الجالية، مؤكداً على أن الحوار مطلوب مسبقاً وليس بعد عقد المؤتمر.

وفي تعقيبه على بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أشار صفا أنه

جاء بالوقت المناسب، وأكد على وحدة جاليتنا وشرعية مؤسساتها وعلى رأسها الكوبلاك وعلى دورها الوطني وارتباطها بالثورة والوطن.

وأوضح صفا بأن هذا الموقف الذي تبناه بيان الجبهة الشعبية يتقاطع فعلياً مع موقف الجالية وكل قواها ونشطائها التي كانت دائماً تطالب به، مشيراً إلا أنه أمام إصرار النهج المهيمن والمدعوم وموجه من السفارة الفلسطينية ومن ورائها وزارة الخارجية ما زال  رافضاً لأي شكل من أشكال الحوار، كأن الوحدة لا تهمهم، ويريدونها على مقاييسهم المعروفة للجميع.

وأوضح صفا بأن الجالية الفلسطينية عانت سنوات طويلة من تداعيات الانقسام الذي حصل بين فتح وحماس، والذي امتد ليصل الى  تجمعات شعبنا بالشتات، لافتا أن ما يحصل بالقارة لم يأتِ عن طريق الصدفة، وإنما نتيجة سياسة مارستها وما زالت السفارات الفلسطينية مجتمعة، بتعاملها الانتقائي مع عناصر تريد فرضها على الجالية كممثلة وناطقة باسمها، فالجالية تريد أن تختار ممثليها، وأن تّعبر عن مواقفها الحقيقية اتجاه حقوقها وكل ما يمس الشأن الفلسطيني والقضية الفلسطينية، لافتاً أن من هم على رأس المؤسسات الفلسطينية بالبرازيل والناطقين باسم الجالية، هم ممثلين شكليين تم تعيينهم بأساليب التفافية.

وأضاف صفا " أن هكذا بيانات واضحة عبّرت عنها الجبهة الشعبية جاءت لتدعم  موقف الأغلبية الساحقة من جاليتنا الفلسطينية بالقارة، والتي تطمح لمؤسسة جاليوية جامعة، وأن تكون أبوابها مفتوحة للجميع من خلال عملية ديمقراطية تسمح للجميع بالمشاركة الفعلية دون قيود أو شروط إلا قيد الانتماء للوطن فلسطين.

وحول الدور الخبيث لبعض الأطراف في تعزيز حالة الانقسام داخل الجاليات في القارة الجنوبية والجهود المبذولة لمواجهتها قال صفا"

خمسة وعشرون عاماً ومؤسسة كوبلاك مغيبة، بصفتها الممثلة السياسية للجالية الفلسطينية، وهي تختار ممثلي الجالية للمجلس الوطني، حيث للجالية بقارة أمريكا اللاتينية والكاريبي  13 عضواً بالمجلس الوطني".

وأكد صفا بأنه جرى تغييب المؤسسة لفترة ربع قرن، الأمر الذي سمح لقوى سياسية ونشطاء ومؤسسات فلسطينية بالقارة التحرك من أجل البحث عن آليات لتفعيل المؤسسات، حيث عُقد لقاء بتشيلي عام 2014 لممثلي الجاليات بالقارة وتغيب عن اللقاء فقط فيدرالية البرازيل بطلب من السفير الفلسطيني مباشرة، وعقد لقاء آخر في تشيلي بداية هذا العام وهو ما دق ناقوس الخطر، وبرر حينها السفراء ذلك بأن الشرعية الفلسطينية مهددة وأن حماس تسعى إلى تقسيم الجالية والمساس بالشرعية الفلسطينية، لافتاً أن هذا كان جوهر رسالة وزير خارجية السلطة رياض المالكي الموجهة للفيدرالية  والمؤسسات ونشطاء الجالية بالقارة،  والذين اعتقدوا أن الكوبلاك مهددة باختطافها ورأوا ضرورة عقد مؤتمر كوبلاك بأي طريقة لتجديد الشرعية لقيادة جديدة للكوبلاك بطريقة التفافية دون الأخذ بعين الاعتبار موقف الجالية وحقوقها باختيار ممثليها ومندوبيها.

وأكد صفا بأن الانقسامات التي تحصل بالتجمعات الفلسطينية تلعب بها دائماً أطرافاً سياسية لها مصالحها الخاصة والفئوية، ومن هنا جاء بيان الجبهة الشعبية ليؤكد أن الوحدة الوطنية هي مصلحة وطنية عامة، وأن الجبهة ترفض أن يصل الانقسام الى تجمعات شعبنا الفلسطيني بأمريكا اللاتينية والكاريبي وهذا مبدأ ثابت من مبادئها التي آمنت بها، مخاطباً كل من يحاول هدم وحدة الجالية الفلسطينية بالقارة اللاتينية بأنه مجرم.

واعتبر صفا بأن تدخل دائرة شؤون المغتربين، باعتبارها المسؤولة عن تنظيم الجالية بالقارة أو الشتات كما كانت تدعّي الدائرة والمدافعين عنها، لم تلاقي إجماع عند الجالية الفلسطينية بالقارة،  وهناك من اعتبر أن المرجعية الفلسطينية هي المجلس الوطني الفلسطيني، وأن شعبنا محروم من العودة، وأن دائرة شؤون اللاجئين يجب أن تأخذ دورها اتجاه تجمعات شعبنا ليس فقط بالمخيمات وإنما بكل أماكن تجمعات شعبنا بالشتات، كذلك يجب على الجالية أن تخاطب رئاسة المجلس الوطني وليس دائرة شؤون المغتربين، وهذا الموقف كنا نطرحه باستمرار.

وأكد صفا بأن دائرة شؤون المغتربين لم توفق بتدخلها، كما أن وزارة الشؤون الخارجية برسالتها صبت الزيت على النار، ودفعت بشكل كبير باتجاه انقسام الجالية، لافتاً أن عدم حضور المالكي أو أي ممثل عن وزارته لمؤتمر كوبلاك بنيكاراغوا هو نابع أصلاً من رفض الجالية لأي دور للمالكي ووزارته، وأن مشاركتهما تعتبر أكثر سلبية من أنها إيجابية أو ضرورية، وهي ذات أهداف ومعاني سياسية ترفضها الأغلبية الساحقة من جاليتنا الفلسطينية بالقارة.

وطالب صفا بضرورة تفعيل المؤسسات الفلسطينية بالقارة، وتنظيم الجالية الفلسطينية على أسس ديمقراطية، من خلال حوار واسع، لا ينحصر فقط على القوى السياسية، على أن تشمل كافة النشطاء والوجهاء وأصحاب التأثير بالتجمعات الفلسطينية، حوار صريح  يأخذ بعين الاعتبار التشكيلة الجديدة وواقع جاليتنا الفلسطينية الحالية، التي تختلف كلياً عن فترة الثمانينات من القرن الماضي.

ورأى بأن إخراج الجالية ومؤسساتهم من أزمتها يتطلب حسن نوايا، وتغليب مصلحة جاليتنا على المكاسب الفئوية، لافتاً أن قوة جاليتنا هو بوحدتها، وممارسة حقوقها، وتنظيمها ضمن مؤسسات جاليوية حقيقية وفعلية قائمة وليست مؤسسات شكلية كما هي الحالة الآن.