القدس المطلوب:- حلول لا بيانات ولا شعارات ...؟؟؟

حجم الخط
المقدسييون يشعرون بأن هموم تكبر وتزداد يوماً عن يوم،فهم ملوا وطفح وفاض فيهم الكيل من كثرة المؤتمرات واللجان التي تعقد حول أوضاعهم ومصيرهم ومدينتهم،وأصبح لديهم قناعة راسخة وثابتة بأن قضيتهم فقط يتخذوها الكثيرون من العرب والمسلمين وحتى أصحاب القرار فلسطينيا،من أجل المزايدة وتصفية الخلافات والمناكفات وكرصيد شعبي وجماهيري،والمقدسيين كانوا وما زالوا هم الضحايا لذلك أولاً وأخيراً،وهم يشعرون أن كل المرجعيات والعناوين على مختلف تسمياتها الرسمية اسلاميا وعربيا وفلسطينيا لا تلامس همومهم ولا مصيرهم،بل يتنامى الشعور عندهم،بأن الجميع عرب ومسلمين وفلسطينيين يقتتلون على سلطة وهمية،تاركينهم وحيدين في الميدان يواجهون قدرهم ومصيرهم،بل أحياناً يشعرون بأن ظلم ذوي القربى عليهم اشد قسوة وفضاضة،حتى ان هناك من أبناء جلدتهم من يطعن ويشكك في وطنيتهم وانتماءهم؟. الاحتلال يهاجمهم في كل لحظة ودقيقة وساعة في أدق تفاصيل حياتهم،وينقلهم من معركة الى أخرى في زمن قياسي،ولا يترك لهم أي مساحة او فرصة للتفكير او الرد المنظم،وفي ظل غياب المرجعية والعنوان،تكون ردودهم مبنية على ردات الفعل والعمل الفردي،وتغيب الخطط والبرامج والاستراتيجيات،مما يجعل ميزان القوى والمواجهة مختلة لصالح المحتل،وبالتالي تكون اية نجاحات أو انجازات تتحقق في مثل تلك المعارك دون المستوى،وفي الغالب نخسر قضايانا ومعاركنا بامتياز،بفضل أولا حجم وضخامة الهجمة التي يشنها الاحتلال على المقدسيين،وغياب الأداة الوطنية التنظيمية الموحدة مقدسيا وفقدان الإرادة السياسية سلطويا وفصائليا،وقلة الدعم والإسناد المادي والسياسي فلسطينيا وعربيا واسلاميا لكل قضايا المقدسيين من أصغر قضية وحتى أكبر واحدة فيها،فالقصور يطال الجوانب السياسية والوطنية والهموم الاجتماعية والاقتصادية. وبالأمثلة الحسية والملموسة،الاحتلال يريد أن يحسم مسالة احتلال وعينا لصالحة،يريد ان يأسرل ويصهين المقدسين،وهو يستهدف بذلك الجزء الحي من المجتمع الفلسطيني الشباب والطلاب،وعلى هذا الصعيد بدون أي ضجيج او جلبة استطاع أن يجند عدد لا بأس به من شبابنا وشاباتنا لما يسمى بالخدمة المدنية،والتي تعني بالقيام بمهام شرطية وتقنية ولوجستية وإدارية في أجهزة الاحتلال المختلفة من شرطة ومؤسسات لها علاقة بالجيش والمخابرات المدنية،وفي جانب اخر على درجة عالية من الأهمية،ومن أجل ضرب المجتمع الفلسطيني في عصبه وشريانه الرئيسي،يقوم جدعون ساغر وزير التربية والتعليم في حكومة الاحتلال،بالعمل على صهينة التعليم الفلسطيني،حيث بدء مخططه في الداخل الفلسطيني على شكل قوانين وقرارات منها إخراج مصطلح النكبة من منهاج التعليم العربي هناك،وتجريم ومحاكمة من يحتفل أو يحيي ذكرى النكبة،وفرض مواضيع يهودية على منهاج الطلبة العرب من الصف الرابع وحتى التاسع،مواضيع لها علاقة بالرواية الإسرائيلية للتاريخ وأخرى عن التوراة والرموز السياسية والدينية اليهودية،وكذلك شخصيات تاريخية يهودية،وكان ذلك مقدمة لما يخطط لمدينة القدس،حيث الآن تجري معركة شرسة على المنهاج المطبق في المدارس العربية في القدس،فالاحتلال يريد أن يفرض منهاج فلسطيني مشوه ومحرف على طلبة مدارس القدس،منهاج يكوي وعيهم ويقزمه ويستولي عليه،ويريد أن يشطب ذاكرتهم الجمعية،وان يزور تاريخهم ويعبث بجغرافيتهم،ويضرب ويثلم هويتهم وانتماءهم ..الخ،وهذا معركة هامة جداً إذا ما أحسنا إدارتها شعبيا ورسميا سنكون قادرين على أن ننتصر فيها،شريطة ان يمتلك الطرف الفلسطيني الرسمي الإرادة السياسية،ويوفر مقومات الصمود لهذه المعركة،وخصوصا ان الاحتلال استطاع ان يخترق المدارس الخاصة والأهلية عبر الدعم المالي المشروط،وبالتالي استغل توريط المدارس الخاصة والأهلية في قضايا المال المشروط،وبدأ يمارس عليها الضغوط من أجل الاستجابة لتوجيهاته وتعليماته وقراراته في قضية تطبيق المنهاج المشوه والمحرف،والبعض من مدراء تلك المدارس في إطار عملية الهروب للإمام والتبرير وخلق الحجج والذرائع،يقول بأن المنهاج الفلسطيني مقزم ومشوه،وبالتالي لماذا التشدد في هذه القضية وهذا الجانب،وهذه كلمة حق يراد بها باطل؟. وما ينطبق على قضية المنهاج ينطبق على الكثير من القضايا بسبب سلبيتنا وعدم امتلاكنا الجرأة والقرار وعدم توفر الحوامل التنظيمية والروافع السياسية وغياب الإرادة السياسية،والفئوية المفرطة والمقيتة،فقد سجلنا خسارة وهزيمة قاسية على صعيد تسريب الممتلكات والأراضي،ولم نعالج أو ننجح بشكل جدي في وضع حد لعملية تسريب الممتلكات والأراضي إلى الاحتلال من قبل بعض مرضى وضعاف النفوس والخارجين على الصف الوطني،بل حالة الضعف والوهن في هذا الجانب،جعلت العديد منهم يتمادون بشكل وقح وسافر وسافل،بل وأصبحت تسود نظرة عند البعض،من طراز ،اذا لم تقم السلطة او المنظمة بشراء عقاري أو أرضي او تسدد ما علي من ضرائب باهظة،فإنني سأقوم بتسريب ذلك لليهود،والغريب ان تلك العمليات تجري وتجد من يرعاها او يسهل لها القيام بتلك المهمة ويلعب دور السمسار في ذلك،وأنا واثق بأن أي خطوة عملية في هذا الجانب من شأنها ان تضع النقاط على الحروف في هذه القضية الهامة والحساسة،وكذلك ما يتعلق بالضرائب المفروضة على شعبنا وهي لها الكثير من الأسماء والأشكال،وجميعها الهدف منها ممارسة التطهير العرقي بحق شعبنا،وإبعاده وتهجيره عن مدينته،وعدا ان ذلك يتعارض ويتناقض ويتنافى مع القوانين والأعراف والمواثيق الدولية،فنحن بيدنا سلاح قوي وفعال بأننا مضطرين لدفع تلك الضرائب مقابل خدمات نحصل عليها،ولكن عندما لا نحصل على تلك الخدمات،فعلينا أن نبحث عن شكل مواجهة جمعي لذلك،ونحن حتى اللحظة أعتقد بأننا لم نصل الى مستوى من الوعي النضج يمكننا من خوض نضال جماهيري واسع بالرفض القاطع لدفع الضرائب وبالذات"الأرنونا" المسقفات،فهي ضريبة تفوق تقديراتها مستوى دخل السكان،والهدف منها الترحيل القسري للمواطنين العرب من المدينة،فلو مارسنا احتجاجات جماهيرية واسعة جداً ضد ذلك،فإنا واثق بأننا سنحقق نجاحات جدية وكبيرة في الكثير من قضايانا وهمومنا اليومية اقتصادية واجتماعية وخدماتية وغيرها،وكذلك الوطنية والسياسية. المطلوب مقدسياً العمل على حل ولحلحة قضايا المقدسيين،وبما يشعر المقدسيين بأن قضاياهم تتحرك ايجاباً نحو الانفراج،وهي تلقى الاهتمام الكافي والجدي،وليس فقط تخديرهم وإشباعهم شعارات وخطابات وبيانات لا تسمن ولا تغني عن جوع،فأية حلول لقضايا المقدسيين ومشاكلهم من شأنها أن تعيد الثقة الى نفوسهم،وأن تخرجهم من دائرة القنوط واليأس،والشعور بأنهم وحيدين في الميدان،يصارعون الوحش لوحدهم.