القُــدسُ: العَدُوُّ لا يَمْزَح

حجم الخط

دونالد ترامب يعلن الأربعاء 6 كانون أول 2017 أن القدس هي عاصمة إسرائيل!.

يُلقِّب الأمريكيون "راعي البقر" (الكاو بوي)؛ بـ"أحمر القفا"، ( Redneck ريد نِك)، وذلك نظرا لأنه يَقضي ساعاتٍ طويلةً يَشتغل في الحقول، تحت حَرِّ الشمسِ اللافحة؛ ممّا يُؤدّي إلى احمرار قَفَاه، ومِن ثَمَّ فإنّ مُعظمَ نُكتِ الأمريكيين تبدأ بعبارة "ذات يوم كان أحمرَ القفا..."

و"راعي البقر" الأمريكيّ لا يَعترف بالأحجام الصغيرة، فالأكلُ المُقَدَّمُ في المطاعم يأتيك في صحون ضخمة، وبكمّيات هائلة، والعربات المتنقلة على طرق تكساس أغلبُها كبيرة الحجم، ورباعية الدفع؛ حتى أنّ حَجْمَ البشر ضخم، فلا مجال للحديث عن قامات قصيرة، وغالبا ما تصادفُك لوحاتٌ إشهاريةٌ مَكتوبٌ عليها: "اِلعبْ كبيرا، أو امْكُثْ في بيتك".

"الكاوبوي – راعي البقر" لا يَعترف بشئ سوى مُسدَّسِه، ليس له علاقة بالمنطق والحوار، والمُسدَّس قد يكون "ريفولفر سميث ويسون" أو طائرة أباتشي أو F16، أو حاملة طائرات أو صواريخ توما هوك أو قنابل ذرية، أو الدولار... لا يَهُمّ .. المُهمُّ أنْ يأخذَ ما يريد بقوة السلاح والتهديد... بالضبط كأيِّ قاطعِ طريق أو قُرصان بحار...

في جلسة مجلس الأمن التي انعقدت يوم الثلاثاء 20 شباط 2018 تصرّفت نيكي هايلي، مندوبةُ الولايات المتحدة في مجلس الأمن بالضبط كراعية بقر أصيلة... وذلك حين خاطبت الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي غادر الجلسة، وحسنا فعل، قبل أن تُلْقِيَ نيكي كلمتها قائلة"ليس مطلوبا من الفلسطينيين أن يَقبلوا أو يَرفضوا قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل... قرارُ نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس لن يَتبدَّل سواءً أحببتَه أو كرهتَه".

منطقُ رُعاة البقر هذا لا يعترف بالقانون الدولي والعلاقات الديبلوماسية وحقوق الشعوب والبشر، فما دام بمقدور "الريد نِك" هذا أن يُشْهِرَ مُسَدَّسه ويَفرضَ حدودَه وقوانينَه فلا مَجال للتفاوض والمُساومة والنقاش... إنّه يَحترم فقط راعيَ بقرٍ مثلَه.. لهذا لم تَجدْ نيكي هايلي بجانبها سوى راعي البقر "داني دانون" مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة... الذي أشهر بدوره مُسَدَّسَه وراح يُطلق النار: "إنّ عباس لم يَعُدْ جزءاً من الحلِّ بل باتَ هو المشكلة والسلطة الفلسطينية تُنفِق نصفَ المُساعدات المقدَّمة لها على تدريب الإرهابيين ودعمهم"... هذا ما قاله بالضبط.

هكذا حَسَمت نيكي هايلي النقاشَ وكأنّها في إحدى مَزارع تكساس، "القدس عاصمة إسرائيل أعجبَكُم أيها الفلسطينيون والعربُ هذا أم لم يعجبكم !".

ومع ذلك، ورغم كلّ هذا الوضوح، فإنّ هناك مَن يُقارب السياسةَ ويُمارسها كالمُومِس أو كمُجاهد النكاح، فيما الخصم يُدير المُواجَهَة وِفْقَ منطق اللوغارتمات أو المُتواليات الهندسية، فهو لا يَمزح في القضايا الكبرى، فيُدير المُعادلات وِفْق استراتيجياتٍ وحساباتٍ بعيدة، تقوم على تعظيمِ وتركيمِ عوامل ومفاعيل القوة من جانب، واستنزافِ الخُصوم وتَدميرِ مُقَدَّراتهم وتمزيقهم من جانب آخر.

هناك لحظاتٌ وأحداثٌ فاصلةٌ في تاريخ الشعوب لا تَعود تُجْدِي أمامها المواقفُ المائعةُ والمُخادعةُ، كما لا تُجْدِي معها اللغةُ المُلتبسةُ والخطاباتُ الفارغة والتذاكي والألاعيبُ السياسية والإعلامية. ذلك لأنّ تلك اللحظاتِ والأحداثَ تفرضُ ذاتَها بالدم والتضحيات، فلا تُبْقِي مَجالا للهروب أو الاختباء أو المُقامرة، هذا بالضبط ما يَحْدُث الآن في فلسطين.

منذ سبعين عاما وكلّما تعرض الشعب الفلسطيني لكارثة أو اقتلاع أو مجزرة أو حصار أو حرب وحشي، يتوجَّه بالنداء إلى أمته العربية برؤسائها وملوكها وأمرائها وشيوخها: أين ضمائركم...!؟.

هذا السلوكُ يُعكسِن ثقافةً ووعياً مُحدّديْن يَقُومان على فرضيّة أنَّ "الضمير" يَكفي بحدّ ذاته للمُواجهة وخوضِ الصراع وحمايةِ الحقوق أو استعادتها... وبالتالي تَجْري مخاطبةُ ذلك "الضمير" بصورة مباشرة حين تتعرّضُ الحقوقُ لانتهاك صارخ، ذلك لأنّ "الضمير" هو الحدُّ الأقصى الذي يُكثف الوجدانَ والالتزامَ الأخلاقيَّ عند الفرد الذي يَعتقد بأنّه سيقودُ مباشرة وفوراً لردِّ فعلٍ أو مُواجهةٍ سريعةٍ ضدّ الانتهاكات والتحديات التي يتعرّض لها الإنسانُ أو الوطنُ في الواقع.

القدس دائما في عين العاصفة، فهي مدينةٌ تُحَدِّد المصائر والحقوق، إنها ليست مجرَّدُ جغرافية، كما ليست مجرد رموزٍ دينية، بل مدينة تختصر وطناً وتختصر تاريخاً وكرامةَ أمّة بكاملها، مدينةٌ عابرةٌ للحدود والطوائف والأديان.. تَمُدُّ جسورَها نحو أفقها العربي والإنساني... لكلّ هذا وسواه، فهي دائماً في قلب النّار والصّراع، ولم تَكُن يوماً خارجَ ذلك، إنّها مِحْوَرُ الصِّراع... فهي بتاريخِها ودلالاتِها ورمزيتِها، تُمثِّل جسرَ العبور إلى فلسطين وجسرَ الإنسان نحو السماء...

لقد دَرَجَت العادةُ ودَرَجَ الخطابُ الفلسطينيُّ والعربيُّ عند كل خُطوة تَستهدفُ مدينةَ القدس في رمزيّتِها وجغرافيتِها وسُكَّانِها على رَفْعِ الصَّوت والدّخول في توصيف تلك السياساتِ سواءً أجاءت من إسرائيل أم مِن حلفائها:

إسرائيل تقوم بتهويد مدينة القدس...! نعم وهل تنتظرون منها غير ذلك ؟!

إسرائيل تنتهك حقوق الإنسان وكلَّ القوانين الإنسانية الدولية في القدس...! نعم وهل هناك من كان ينتظر من إسرائيل أن تكون احتلالا إنسانيا ؟!

إسرائيل تقوم بتفريغ القدس مِن سُكّانها...! نعم وما الغريب وهل كنتم تتوقعون غير ذلك، فهي تُفْرِغ فلسطينَ بكاملها مِن أهلها؟

إسرائيل تحاصر القدس بالجدران وتفصلها عن محيطها وفضائها الفلسطيني الحيوي اجتماعيا واقتصاديا...!

نعم وهل كنتم تنتظرون منها أن تبني الجسور لتأمين التواصل بين الفلسطينيين؟!

إسرائيل تهدم الأحياء الفلسطينية وتهجر سكانها...!

نعم وهل كنتم تعتقدون أنها ستبني للفلسطينيين فللا وناطحات سحاب؟!

إسرائيل تقتحم الأقصى والقيامة...!.

وما الغريب أو غير الطبيعي في ذلك وهل كنتم تنتظرون منها أن تبني مزيدا من المساجد والكنائس؟!

إسرائيل تضيق على الفلسطينيين بالضرائب ورخص البناء والخدمات...!.

نعم وهل تنتظرون منها عكس ذلك، كأن تقتطع من موازنتها لكل فلسطيني 2000 دولار شهريا مدى الحياة!؟

إسرائيل تُواصل التأكيدَ على أنّ القدس عاصمةُ دولة إسرائيل المُوَحَّدَة والأبديّة... ثم يأتي دونالد ترامب اليوم ليَشُدَّ على يدِها وموقفِها ويُعلنَ جَهاراً نَهاراً أنّ القدس هي عاصمة إسرائيل!.

حسنا.. ما الجديدُ في ذلك وكلّ سياسات إسرائيل، وكلّ سياقات السياسات والمواقف الأمريكية تذهب دائما لدعم وحماية إسرائيل وتغطية سياساتها!؟.

وبكلمة؛ هل هناك مَن يَتَوقَّع أو كان يَتَوقَّع مِن احتلالٍ استعماريٍّ استيطانيٍّ اقتلاعيٍّ، ومِن أمريكا الراعية له غير ذلك؟ أليس هذا هو الحالُ الطبيعيُّ لأيِّ احتلالٍ ومَن يَدعمُه ويَحمِيه؟.

إذن المشكلة ليست في توصيف ما تقوم به دولةُ الاحتلال، أو ما تتّخذه الولاياتُ المتحدة من مواقفَ وسياساتٍ... فهذه هي طبيعةُ وجوهرُ القوى الاستعمارية.

المشكلةُ هي في ماذا يَفعل أو سيَفعل الفلسطينيون والعربُ كي يَصُدُّوا إسرائيلَ وأمريكا من ورائها ويُجابهوا سياساتِهما ومشاريعَهما العدوانيةَ على مدينة القدس وغيرِها؟!

هذا هو السؤال الفاصلُ والفيصلُ...

مُعضِلةُ القدس وغيرُها أنّ إسرائيل وأمريكا باتتا تُدركان وتَعِيَان بالتجربة والممارسة حُدودَ ردودِ فعلِ الفلسطينيين والعربِ، ولهذا تَقُومان بفرض "الحقائق" على الأرض ومِن ثَمَّ تَقولان في نفسيهما: سيصرُخ الفلسطينيون والعربُ قليلا أو كثيرا وبالتأكيد سيتّهموننا... ليَكُنْ هذا... فهم لن يَذهبوا أكثرَ من ذلك ... فلتُواصلْ إذن الجرَّافاتُ عملَها.... دَعُوهم يصرخوا، أمّا نحن فسنبني على ما سنُنْجِزه اليومَ خطوتَنا القادمةَ غدا... وبالتأكيد سيَصْرُخ الفلسطينيون والعربُ من جديد... إنّنا نعرف ذلك... لهذا وَاصلُوا العملَ بلا توقُّف.. دَعُوهم يصرخوا !.

مُعضِلةُ القدس في أنّ العربَ لم يُدركوا بَعْدُ، ولم يَتعلّموا الدَّرْسَ بأنّ الصُّراخَ والاتّهامَ لن يُوقِفَ اعتداءاتِ إسرائيل كما لن يُعيد حقوقا وحقائق تمَّ فَرْضُها بالقوة.

ولكن ... يبدو أنّ مأساةَ القدس وأقدارَها هي مِن مأساةِ فلسطين، والأسئلةَ التي تَقذفُها القدسُ في وجوهنا كلّ لحظة هي ذاتُ الأسئلة التي تُرسلها قضيةُ فلسطين منذ سبعين عاما .. وهي ذاتًها التي تُبْقِي الفعلَ الفلسطيني والعربي عموما مَحكوما بسُقوفِ إسرائيل وحُماتِها وداعمِيها، وتحت سقف نفاق المجتمع الدولي ومُعادلات حقوق الإنسان العاجزة ... التي كلها تَصْمت بجُبنٍ أمام فاشيّة الاحتلال وتُبرِّر له احتلالَه وعدوانَه بمقولة "حق الدفاع عن النفس" تلك المقولة المهينة بكل المقاييس ...

وحتى لا يَبقى الحديثُ مَحكوما بالعموميات أو اللغة العمياء التي لا تقول شيئا على حدِّ قول غسان كنفاني، فإنَّ المطلوب اليوم أنْ تَرتقي القوى السياسيةُ الفلسطينيةُ والعربيةُ إلى مستوى الحالة الشعبية والتّحديات التي تَفرضُها القضيةُ الفلسطينيةُ، بما هي قضية شعبٍ وأمّةٍ وحقوقٍ تاريخية غيرِ قابلةٍ للتصرف أو المُساومة.

حمايةُ القدس والدفاعُ عنها ركيزتُه وجوهرُه هو: الموقفُ الواضحُ والفعلُ المُقاومُ الحاسمُ ... المقاومةُ بما هي منظومةٌ شاملةٌ سياسيةٌ وشعبيةٌ واجتماعيةٌ وثقافيةٌ وإعلاميةٌ وسلوكيةٌ واقتصاديةٌ وميدانيةٌ ... مُقاومةٌ يوميةٌ لا تتوقفُ لا تُريح ولا تَستريح... مُقاومة تُغطِّي مساحة القدس ومساحة فلسطين ومساحة الكون ... مُقاومة تجعل الاحتلال يدفع الثمن مباشرة عند كل خطوة يقوم بها ...

مطلوبٌ تجاوزُ الفكر اليوميّ الانتهازيّ والتبريريّ كما يقول مهدي عامل، هذا يعني بصورة محددة:

هذا يشترط أنْ تتجاوزَ القُوى السياسيةُ الفلسطينيةُ مَصْيَدة التفاوض القاتلة إلى ما لا نهاية، وأنْ تُعيد الاعتبارَ لخيارِ المُقاومة الشاملة كاستراتيجية مُواجهة، أنْ تتجاوز سقفَ القرار الرسمي العربي الهابط الذي يتناقض مع إرادة وحقوق الشعب الفلسطيني.

هذا يعني أنّ الوقت قد حان للعودة لقوانين حركات التحرّر في بناء التحالفات، فمَوقعُ ومَوضعُ فلسطين هناك حيث قُوى المُقاومة وحيث نبضُ وحركةُ الشارع العربيّ وليس حيث الأنظمةُ والحكوماتُ المَهزومةُ التي كان لها الدورُ الأكبرُ في تشجيعِ ترامب على اتّخاذِ قراره الأخير بشأن القدس.

هذا يعني أنْ تَستعيدَ فلسطينُ مكانَها كدُرَّة مِحْوَرِ المُقاومة العربي ..

نحن لا نتحدث هنا عن أوْهامٍ، فقد شاهدْنا كيف أنّ القدس وفلسطين تُقيمان في ضمير كلّ مُواطن عربي من المحيط إلى الخليج، تلك هي الأمة العربية وليس عربان النذالة والإسفاف والهبوط، هذه هي الشعوب أو الشعب العربي وليس من يرى في الأوطان مَزرعة أو كازينو للمقامرة.

لهذا فإن المشكلة والمعضلة الأهم هي عند الفلسطينيين والعرب أنفسهم، فما لم يَصْعَدوا لمستوى تحديات الواقع والأهداف الوطنية والقومية، ويَقْلِبوا مُعادلاتِ المُواجهة ستَبْقَى القدسُ تحت النار وستبقى أيضا فلسطينُ وشعبُها عنوانا مُستمرّاً لمأساة لا تنتهي.

آه... صحيح بالمناسبة: أين مئاتُ الآلاف مِن "المُجاهدين الإسلامويين" الذين جاؤوا كالطوفان وأغرقوا سورية والعراق واليمن وليبيا وتونس .. لماذا لا نراهم يَنتفضون ويَهُبُّون "لمناكحة" إسرائيل وأمريكا!؟

أين القرضاوي والفتاوي التي تدعو لحماية القدس !؟

أين أبطالُ وفرسانُ "حماية السُّنة"؟ لماذا لا نرى غُبارَ خُيولهم في الأفق...!؟.

أين عُربانُ النفط الذين يُدَمِّرون أصلَ العربِ في اليمن تحت عنوان "الدفاع عن العروبة"... لماذا لا يَهُبُّون في مُواجهة ترامب الذين رقصوا معه في الرياض "عرضة السيف".. ثم حَمَلَ السيفَ (مع صرة بنصف ترليون دولار) واتّكأ على كلّ ذلك وأعلن وهو يبتسم: القدس عاصمة إسرائيل !؟.

خلاصة القول: هناك شروطٌ ابتدائيةٌ حاسمةٌ بدون تَوَفُّرِها تَبقى مُخاطبةُ الضمير وَحْدَه كقوة مُواجهة وتصحيح أقرب للسذاجة منها لوعي رصين.

ركيزةُ هذه الشروط بناءُ أو السعيُ لبناء مَنظومة قوة سياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية وتربوية وتعليمية وإعلامية وحقوقية تَحمي حُقُوقَ الناس وتُدافع عن مَصالح الأمة، إذ يستحيل أنْ يتأسَّسَ النظامُ السياسيُّ على التبعية والخضوع للقوى الاستعمارية الخارجية ثم نأتي لنطلبَ من الضمير الفردي وَحْدَه أنْ يُواجه ما يَترتّب على هذا النظام مِن كوارث، أو أنْ يكون الوطنُ مَزرعة لطبقة ثرية تُبدّد ثرواتِه وتَنْهبها ثم نَطلب من الضمير أنْ يتصدى ..

ما أريد قولَه أنّ الضمير لكيْ يفعلَ فِعْلَه كقيمةٍ إيجابية مُضافة مَشْرُوط بتوفير رؤية وبرامجَ وبِنًى وقُوْى سياسية وثقافية تَستهدف تنظيمَ وحَشْدَ القوى الاجتماعية ذات المصلحة في التغيير أو مُواجهة الاختلالات ... بمعنى أنّ الضمير يحتاج لقوة اجتماعية وسياسية وثقافية مُنظَّمة لكي يكون مُجْديا ... بمعنى أنّ الضمير بدون قوّة تُسنِدُه سَيُداسُ ويُسْحَق بلا رحمةٍ تحت أقدامِ همجيّة الواقع وعلاقاتِه وموازينِ القوى المختلة.

ومع ذلك، ورغم كل شئ أقول: هي قدسُ فلسطين عصيّة على الابتلاع ... حتى لو تَوهّموا ذلك ... هي القدس ستتجاوز، كعادتها، حدّ المطلق وتفرض ذاتها ... فهي تنهض من رُكام الزلازل والبراكين ... أكثر بهاءً وأصالةً ... وما عدا ذلك عابرٌ مَهْمَا بَدَت اللحظةُ منحوسةً...

ومن يعِشْ يرَ !