عقيدة الإبادة الجماعية «الإسرائيلية»

حجم الخط

من أبرز الظواهر التي تطوّرت في «إسرائيل» بعد 70 عاماً على إنشائها القسري، هي عقيدة القتل. «فالعربي الجيد، بالنسبة لهذه الدويلة، هو العربي الميّت»، هذا ما أفتى به حاخاماتهم.

إن دلّ هذا على شيء، إنما يدل على تعاظم انغراس عقيدة اقتراف المجازر والقتل اليومي ضد شعبنا وأمتنا في العقل «الإسرائيلي»، الذي تجسّده هذه الدويلة. الشواهد التي يمكن الاستناد إليها كثيرة وتتكرر بشكل شبه يومي؛ حرق الأطفال، وقتل الجرحى الفلسطينيين علناً وأمام الكاميرات، والشعور السادي المتلذّذ برؤية مشاهد قتل الفلسطينيين، وصولاً إلى الرّقص طرباً! إضافة إلى كل المشاهد الأخرى الشبيهة التي يراها المشاهد بشكل متواصل. «إسرائيل» وبعد أن عادت هذه المشاهد بالضرر على سمعتها عالمياً، بصدد سنّ قانون في الكنيست يحظر توثيق قتل الفلسطينيين، ومنع الأجهزة الإعلامية المختلفة من نشر هذه المشاهد (مقاطع الفيديو)، تحت طائلة العقوبات المختلفة بما فيها السجن لسنوات طويلة.

كلّ ذلك يُدركه المواطنون العرب من المحيط إلى الخليج، لكن أن يعترف به بعض اليهود ومن بينهم من يعترفون بأنهم «إسرائيليون» يتخذ أهميّة مضاعفة، فتنطبق على هؤلاء والحالة هذه المقولة المشهورة: «وشهد شاهد من أهلها».

من بين هؤلاء: الصحفي أميتاي بن أبا، الذي كتب مقالة مهمة على موقع «كاونتر بنتش» (21 مايو/أيار الماضي) تحت عنوان: «عقيدة الإبادة الجماعية في «إسرائيل»، وفيه يقول: «بصفتي يهودياً «إسرائيلياً» من نسل ناجين من الهولوكوست، أعتقد أن المقارنة بين الظروف في فلسطين، وتلك التي سبقت المحرقة ليست مبرّرة فحسب؛ وإنما ضرورية أيضاً.

فقد أصبحت «إسرائيل» مستعدة أيديولوجياً لتنفيذ عملية إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في الوقت الحالي، وإذا لم نتحرك ونفعل شيئاً، فإن هذه العملية ستسير إلى مرحلتها الحاسمة الجديدة، لتصل إلى 6 ملايين فلسطيني وأكثر».

ويستطرد الصحفي قائلاً: «تتأمل الكثير من كتاباتي في المستقبل «الإسرائيلي»، وتتصور سيناريوهات غرائبية بشعة ووحشية كنوع من التحذير لثقافتي. الحقيقة، أنه لم يكن بوسع أي مؤلف أن ينبئ عن الجنون الحالي مثل شاشة التلفزيون «الإسرائيلي» المقسومة نصفين في البث الحي يوم 14 مايو/أيار الماضي، حيث أشباه نتنياهو وأشباه ترامب يبتسمون بهدوء في جانب، والمحتجون الفلسطينيون يحملون قتلاهم في الجانب الآخر، ثم في تلك الليلة حينما كان سكان غزة يبكون على الجثامين كان «الإسرائيليون» يرقصون بعشرات الآلاف في الساحات، ويغنّون: أنا لست لعبتك».

ثم يضيف الكاتب: إن من الأكثر دموية بين السياسيين «الإسرائيليين» عضو الكنيست سموتريتش، ووزير التعليم بينيت، وعمدة القدس بركات، وأمثالهم، أصبحوا يدعون في الوقت الحاضر إلى الانتقال إلى ما يسمى «المرحلة الحاسمة» في الصراع «الإسرائيلي» الفلسطيني، إلى تخطي الوضع الراهن إلى «سلام دائم»، ولكن على طريقة سموتريتش المأخوذة من «سفر يشوع»، حيث يقوم «الإسرائيليون» الغزاة بتنفيذ عملية إبادة ضد الكنعانيين الأصليين حتى لا تُترك روح واحدة تتنفس، باقتباس توصيف الحاخام موسى بن ميمون.

وبحسب «المدراش»(هو مجموعة تعاليم وردت في التناخ من التلمود)، كانت هناك ثلاث مراحل لهذه العملية. أولاً، أرسل يشوع إلى الكنعانيين رسالة نصحهم فيها بالفرار. ثم، يمكن للذين بقوا أن يقبلوا بمكانة المواطنة الدنيا وباستعبادهم. وأخيراً، إذا قاوموا ستتم إبادتهم. وقدم سموتريتش هذه الخطة علناً باعتبارها التحول المطلوب إلى المرحلة الحاسمة من الصراع.

إن من أبرز المتغيرات «الإسرائيلية» بعد سبعين عاماً من إنشاء دويلة الاحتلال أيضاً، المضيّ قدماً في تحقيق شعار «يهودية الدولة»، وقوننة العنصرية والتخطيط لاحتلال المزيد من الأرض العربية وتعاظم اعتماد التوراة المحرّفة (جرى تحريفها وفقاً لمؤرخين يهود في العصور الوسطى) كأساس تشريعي قانوني لعقيدة الإبادة الجماعية للفلسطينيين والعرب.