حرية الأوطان وكرامة الناس... و... مسخرة النأي بالنفس!

حجم الخط

المجد لناجي العلي... نقيض المواقف الملتبسة والمساحات الرمادية!

***

يروى أن أميراً خرج للصيد، في إحدى الغابات، مع خادم له، فإذا بنَمِرٍ ينقضّ عليهما، فواجهه الأمير بجرأة وشجاعة، فلما تلاشت قوى النمر، طلب الأمير من خادمه، أن يقترب منه، ويُجهز عليه، فأبى. ولما سأله الأمير عن السبب، قال: لمّا رأيت الأسد يصارع النمر، قلت بيني وبين نفسي: واجب الهررة، المحافظة على الحياد! (منقول عن صفحة الكاتب اللبناني الياس عشي).

"النأي بالنفس" بات وصفة رائجة لمواقف سياسية مقرفة... وهو مفهوم أقرب للسخافة والهيافة حين يستوطن ويهيمن على الخطاب السياسي لبعض القوى وبعض "الزعامات والزعماء" ... إنه مفهوم ممل حد التفاهة عندما يردده أشباه المثقفين وأشباه القوادين السياسيين!

"النأي بالنفس" هو الاكتشاف "العبقري" الذي بات معادلا للجبن والخيانة في موسم شركة مقاولات الربيع العربي - الأمريكي – الإسرائيلي.

فماذا يعني يا تُرى "النأي بالنفس" حين تكون المواجهة بين مشاريع الهيمنة والتدمير والتقسيم والقتل من جهة والمقاومة والتحرر والاستقلال والسيادة الوطنية والقومية من جهة مقابلة!؟.

ماذا يعني مفهوم "النأي بالنفس" هذا عندما تكون المواجهة بين أنظمة الخضوع والذل من جانب وقوى المقاومة من أجل الكرامة الوطنية والقومية من جانب آخر!؟

كيف يكون "النأي بالنفس" غندما تكون المواجهة بين فلسطين ونقيضها، بين الوحدة الفلسطينية الوطنية والتمزيق والتقسيم، بين حرية وكرامة الإنسان الفلسطيني ونقيضها!؟.

وما معنى "النأي بالنفس" عندما تكون المواجهة بين القوى التي تدافع عن الإنسانية والنور والتقدم من جهة والقولى التي تنشر الدمار والظلام والتخلف والرجعية من جهة أخرى!؟

وما المقصود ب "النأي بالنفس" عندما يكون الصراع قد انفتح على مصراعيه بين قوى الاحتلال والاستعمار والرجعية في جانب وقوى التحرر والمقاومة والتقدم في الجانب الآخر!؟

وما معنى "النأي بالنفس" عندما تكون المواجهة بين الأمة من جانب ومن يستهدف وحدتها وروحها وعنفوانها وحضارتها وهويتها وثقافتها من جانب آخر!؟

وما هذا "النأي بالنفس" عندما تنفتح المواجهة بي إسرائيل والقوى الاستعمارية الغربية وقوى الرجعية في جانب ... والأمة وشعوبها في جانب آخر!؟

كيف يكون "النأي بالنفس" عندما تكون المواجهة بين القتلة وقاطعي الرؤوس وآكلي القلوب ومغتصبي الأطفال والنساء والأوطان والذاكرة من جانب، ومن يرفع راية الحرية والمقاومة والدفاع عن الوطن بماضيه وحاضره ومستقبله في الجهة المقابلة!؟

كيف يكون "النأي بالنفس" عندما تصبح المواجهة بين من يريد تحويل الأوطان إلى مزرعة للنهب وكازينو لدعارة العربان وبين من يقاوم ليبقى الوطن حرا كريما وعزيزا!؟

وكيف يكون "النأي بالنفس" هذا، عندما تكون المواجهة بين سورية ومصر والعراق واليمن بكل تاريخها وحضارتها وأبعادها وكل ما يشكل نقيضها من عربان وبؤس وقوى محتلة وعصابات قتل وتدمير وموت!؟

هي كذبة أخرى وصفاقة بائسة هذه الثقافة وهذه السياسة... فلا حياد مع قضايا الأمم والشعوب والمقاومة... ذلك لأن حد المواجهة الفاصل هو أن نكون أو لا نكون.... فلا يوجد منطقة وسطى ما بين الوطن ونقيضه، بين الأمة ونقيضها، بين الشعب ونقيضه... فحذار من خطاب أشباه الساسة والمثقفين والأعلاميين والنعاج.... ومن لف لفهم.