" إن الفلسطينيين ليسوا حيوانات في حديقة .."…. غسان كنفاني

حجم الخط

يجيب غسان كنفاني على طلب زوجته المناضلة الدانماركية الفلسطينية   " آني هوفر" بمساعدتها على زيارة بعض المخيمات الفلسطينية بصوت عال وغاضب وهو يقول "إن الفلسطينيين ليسوا حيوانات في حديقة. يجب أن تعرفي الكثير عن هذا الشعب أولًا".

يا ترى ماذا سيصرخ غسان هذه الأيام لو كان حيا وهو يري القيادة الرسمية الفلسطينية تنفذ سياسة تجاهل هذا الشعب في ثورته الحديثه لمدة نصف قرن ونيف من أجل حقوقه المشروعة والثابتة غير القابلة للتصرف في العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة!!!!

ماذ كان سيقول وهو يرى هذه القيادة وقد تركت حق اللاجئين في العودة في المناقصة الصهيوريكية بحيث بات هذا الحق لايرى بالعين المجردة !!!

هل حقا هذه القيادة تعي حقيقة الشعب الفلسطيني وهي تقف مشلولة والأنروا يتم تصفيتها تمهيدا لتصفية حق العودة!!!

إن القوة الجبارة للشعب الفلسطيني تكمن في وعيه الحقيقي  لعدالة قضيته وفق مختلف المعايير الدولية باعتبارها قضية استعمار صهيوني توسعي احلالي، فهل السياسة العامة لحكم أوسلو عمقت حقا هذا الوعي أم أنها خلخلته وفتته فتناثر بين أشواك وألغام التحالف الصهيوريكي !!!

حين قال الحكيم يمكن أن ننهزم عسكريا في حين يجب أن لا نهزم ثقافيا، كان يدرك خطورة المساس باالوعي الحقيقي لشعبنا، فهل طوابير التطبيع  هوامير راس المال الفلسطيني التي نعمل جهارا نهارا في اطار السياسة العامة الرسمية تعزز الوعي الحقيقي لشعبنا !!

جنوب اقريقيا ظلت تحت الاستعمار الاستيطاني حوالي 350 عام وفي النهاية انتصرت إرادة شعبها بفضل وعي هذا الشعب بحقيقة قضيته وعدالتها في حين نجد ان القيادة الرسمية ل م.ت.ف فاضت فيها الأوهام بدويلة بعد ثورة دامت 35 عاما وهو ما يؤكد تجاهلها لتاريخ نضالات الشعوب المستعمرة ومنها نضالات شعبنا لمدة قرن ونيف.

تكمن عظمة غسان ليس في كونه أديبا مبدعا فقط ولا حتى ثائرا صادقا فقط ولا أيضا مؤنسنا فقط  وانما  وقبل كل في قدرته على دمج على استخدام بصيرته في دمج كل ذلك لينتج منها  رؤية صادقة وحقيقية مكنته من فهم عميق للقضية الفلسطينية بجميع جوانبها وطريق الانتصار فيها. لم يكن غسان لو كان حيا ليستغرب حالنا البائس وهو يرى كيف أن القيادة المتنفذة بددت كل طاقة شعبنا في أوهام الوعود الصهيوريكية وفق منهج نفعي بعيدا كل البعد عن حقيقة شعبنا، فقضيتنا لم تتراجع كما يدعي نهج اوسلو، بسبب ضعف قوة حلف أصدقائنا رغم صحة ذلك ، ولكن بسبب جهل القيادة الرسمية أو تجاهلها لحقيقة قضيتنا في عدالتها وفي إرادة شعبنا وفي طبيعة عدونا الصهيوريكي الاستعمارية التوسعية الاحلالية. وليس أدل على ذلك من الانتصارات المذهلة التي حققته وتحققه كل يوم حركة BDS في كل انحاء المعمورة خلال حوالي عقد ونصف من السنين. 

واليوم مرة آخرى تثبت القيادة المتنفذة لشعبنا أنها لا زالت غارقة في نفس منهجها الذي قادنا الى ما نحن عليه، فهي رغم رفضها اللقظي لمشروع ترامب الصهيوريكي فهي لا زانت تنتظر "جودو" من السماء مستندة في ذلك الى الكلام المعسول الذي نسمعه من هذه الدولة أو تلك، لماذا تقف هذه القيادة مشلولة في موضوع تحت مكنتها وهو أهم عناصر الانتصار والمتمثل في إعادة بناء البيت الفلسطيني من ألفه الى يائه سياسيال واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا !!!

هل هناك تفسير لذلك غير أنها جاهلة أو متجاهلة لحققيقة قضيتنا وطبيعة عدونا !!! في طني هكذا كان سيقول غسان لو كان حياً.