بيان سياسي بمناسبة الذكرى الواحدة والخمسين لانطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

حجم الخط

بيان سياسي

 بمناسبة الذكرى الواحدة والخمسين

لانطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

أبناء شعبنا الفلسطيني.. جماهير أمتنا العربية

أحرار العالم أجمع..

واحد وخمسون عاماً من النضال والكفاح الوطني المتواصل والدؤوب على طريق انتزاع حرية واستقلال شعبنا الفلسطيني، وتحقيق حلمه في العودة إلى أرض وطنه، التي هُجر منها بعد أن تعرض لأبشع عملية تطهير عرقي شهده القرن العشرين على يد الغزوة الصهيونية لوطننا العربي وفي القلب منه فلسطين.

واحد وخمسون عاماً ولا تزال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفيّة للمبادئ والأسس والمنطلقات والقيم الوطنية والإنسانية والأخلاقية، التي سنّها القادة المؤسسون: جورج حبش ووديع حداد وهاني الهندي وأبو علي مصطفى وأبو ماهر اليماني وغسان كنفاني وكثيرون غيرهم، ممن أسسوا من خلالها للحضور الوطني والاجتماعي الشامل في مختلف ساحات وتجمعات شعبنا الفلسطيني، ولمسيرة مديدة وعظيمة من العطاء المتواصل والتضحيات المستمرة في سبيل استعادة حقوق شعبنا الوطنية والتاريخية.

واحد وخمسون عاماً تمضي من مسيرة شعبنا الكفاحية الزاخرة والحافلة بالبطولة والإباء والصمود والعطاء، بالتزامن مع احتفاء شعبنا وقواه المناضلة بالذكرى الواحدة والثلاثين لاندلاع انتفاضته في الوطن المحتل، هذه الملحمة الشعبية التي جسدها شعبنا بكل فئاته وقطاعاته، متسلحاً بالإرادة والعزيمة والحجر في مواجهة أعتى قوة في المنطقة، وكثّف هدفها الوطني في شعار: الحرية والاستقلال.

يا جماهير شعبنا الفلسطيني:

ونحن نحيي اليوم ذكرى تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بالتزامن مع ذكرى الانتفاضة، وما عبرت عنه من استمرارية تاريخية للتجربة الوطنية الفلسطينية، في نضالها وكفاحها الدائم ضد الوجود الصهيوني المدعوم من القوى الاستعمارية والإمبريالية العالمية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، لا يغيب عنّا المأزق الذي وصله الوضع الفلسطيني، كما أزمة حركته الوطنية، في سياق تراجع وتردي الوضع العربي وأزمة حركة التحرر العربية أيضاً، والتي تتجلى بوضوح مع تقدم مشروع التصفية الذي يستهدف الإجهاز على القضية الفلسطينية، وكل مصالح وحقوق أمتنا ووطننا العربي، وهذا ما يُعظّم حجم المسؤولية والمهمة التاريخية، أمام القوى الوطنية الفلسطينية، الواعية لحجم وخطورة الوضع الراهن، ويدعوها لتكثيف العمل لإخراجه من مأزقه، وتجنيب شعبنا وأمتنا وقضيتنا العربية والفلسطينية منها المزيد من التكلفة الباهظة التي تُدفع من لحم ودم وأرض وحقوق وطننا العربي وشعوبه التواقة للتحرر والتقدم، وعليه فإن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تؤكد على:

أولاً: ضرورة إنهاء الانقسام وطي صفحته السوداء من تاريخ شعبنا، والإسراع إلى تنفيذ الاتفاقات الوطنية الفلسطينية التي جرى التوقيع عليها من قبل قوى شعبنا كافة، ووضع آليات لتنفيذها الفعلي على أرض الواقع، والعمل الجدي لاستعادة زمام المبادرة فلسطينياً على طريق استعادة دور ومكانة مؤسسات شعبنا الوطنية وفي المقدمة منها منظمة التحرير الفلسطينية، بما يجعلها عنواناً حقيقياً لوحدة شعبنا وقواه السياسية، وهذا بدوره يتطلب دعوة لاجتماع عاجل للجنة تفعيل وتطوير المنظمة، من أجل الإعداد الجيد لعقد مجلس وطني توحيدي، ينهي عقود طويلة من التفرد والاستئثار والهيمنة والتوظيف التنظيمي الفئوي القائم في المنظمة ومؤسساتها ودوائرها، وتحقيق شراكة وطنية حقيقية، مستندة إلى استراتيجية وطنية شاملة ببعديها الوطني التحرري والديمقراطي الاجتماعي.

ثانياً: مغادرة القيادة الفلسطينية المهيمنة رهانها الخاسر على نهج التسوية ومفاوضاتها العبثية، فمرور ربع قرن على توقيع اتفاق أوسلو ونتائجه الكارثية، كافية لاختبار هذا الخيار الذي صب في خدمة المشروع الصهيوني وأهدافه الاستعمارية التوسعية، وفتح شهية العدو وحلفائه إلى الوصول لطرح ما يسمى بصفقة القرن الهادفة إلى تصفية القضية والحقوق الفلسطينية، التي تتطلب تضافر الجهود الوطنية جميعاً للتصدي لها ولمخاطرها، بما يتجاوز حالة الرفض اللفظي إلى الفعل الجدي من خلال الذهاب لتنفيذ القرارات المتخذة من قبل المجلسين الوطني والمركزي بهذا الشأن، ونقل ملف القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة، لوضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في تنفيذ القرارات التي اتخذتها مؤسسته الدولية بخصوص الحقوق الفلسطينية.

ثالثاُ: أبرز واقع الحال الفلسطيني وما وصله من مأزق بفعل السياسات والممارسات القاصرة والفئوية، للقوى المهيمنة في الساحة الفلسطينية، ومساهمتها الرئيسية في تشرذم وانقسام حركته الوطنيه، وضرب مرتكزات وحدة شعبنا، واستمرار العزف على ايقاع الحلول الثنائية القائمة على ذهنية المحاصصة والتقاسم والاستئثار، الحاجة الملحة إلى الإسراع في خطوات تشكيل التيار الوطني الديمقراطي وبلورة وجوده الفاعل في ساحات العمل الفلسطيني كافة، ليمثل إضافة وطنية واجتماعية تنهي حالة التجاذب والانقسام واحتكار المسألة الوطنية.

رابعاً: الدفاع عن حقوق شعبنا ووجوده ومكتسباته في التجمعات الفلسطينية داخل الوطن وفي مواقع اللجوء، والعمل على تعزيز صموده وترسيخ وجوده واستثمار طاقاته وجهوده في سياق المعركة الرئيسية مع العدو الصهيوني، وهذا يتطلب الوقوف عن كثب على طبيعة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي ترزح في ظلها هذه التجمعات، وسبل معالجتها وتخفيف آثارها والحد من نتائجها، وفي هذا السياق نجدد مطالبتنا للسلطة برفع الإجراءات العقابية الجائرة المفروضة ضد أهلنا في قطاع غزة.

خامساً: انطلاقاً من وحدة شعبنا وأهدافه الوطنية وترابط نضاله من أجل تحقيقها، فإن دعم وإسناد جماهير شعبنا في مناطق 1948، له أولوية قصوى في ضوء ما يتعرض له من تمييز وإقصاء وتهميش واضطهاد، والتي تتعزز بسن قوانين عنصرية ضدهم وضد كل التاريخ والوجود الفلسطيني، والتي لن يكون آخرها "قانون القومية" العنصري.

سادساً: توحيد الجهود الوطنية في الدفاع عن الأسرى، باعتبارهم أسرى حرية، ودعوة المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بالانتصار لقضيتهم، خاصة وهم يتعرضون في هذه الأيام لقوانين عنصرية إضافية، تصل إلى حد الإعدام، انتقاماً من نضالاتهم ومقاومتهم التي كفلها القانون الدولي كحق للشعب و التي تناضل من أجل تحررها من نير الاستعمار.

سابعاً: التصدي لمحاولات تصفية قضية اللاجئين وشطب الالتزام الدولي بحقوقهم عبر تجفيف موارد الأونروا وإنهاء وجودها، وإعادة تعريف اللاجئ بما يتناقض ومعايير القانون الدولي، والضغط على المجتمع الدولي للوفاء بالتزامه القانوني والأخلاقي إزاء مأساة اللاجئين إلى أن يستعيدوا حقهم في العودة إلى ديارهم ومدنهم وقراهم التي هجروا منها، وهذا يتطلب تعظيم دور وفعاليات الوجود الفلسطيني وخلق لوبيات ضاغطة على طريق حضور القضية الفلسطينية بكافة أبعادها وحقوقها، على الساحة الأممية شعبياً ورسمياً. 

ثامناً: التصدي والمواجهة للهرولة الرسمية العربية للتطبيع مع الكيان الصهيوني، الذي لن يكون إلا على حساب القضية والحقوق العربية وفي القلب منها القضية والحقوق الفلسطينية، وهذا يتطلب من حركة التحرر العربية استعادة دورها ومكانتها واستنهاض أدوات فعلها الشعبي والميداني، واحتضان القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية، ومقاومة التطبيع بمختلف أشكاله السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية كمهمة رئيسية للدفاع عن وطنها وأمتها وحقوقها وثرواتها ووجودها ومستقبلها.

تاسعاً: أثبت خيار المقاومة نجاعته، كما أثبتت قواه التي تمسكت به ودافعت عنه ومارسته بكافة أشكاله وفي مقدمتها الكفاح المسلح، قدرتها على استخدامه بنجاحٍ في أكثر من ساحة رغم كل محاولات القوى المعادية لضرب مرتكزاته وتشتيت قواه وحاضنته الشعبية، وإغراقه في دوامة الصراعات الداخلية، وتجفيف مصادره، وإجهاض ثقافته، والحد من تأثيره، حيث تمكنت قوى المقاومة من تحقيق انتصارات وإنجازات مهمة وملموسة، كان منها مؤخراً ما تجسد في قطاع غزة، من خلال التصدي البطولي للعدوان الصهيوني الغاشم عليه، وإلحاق الخسائر العسكرية والسياسية والاقتصادية والنفسية في جبهة العدو، التي برزت من خلال تآكل قوة ردعه والتصدع في ائتلاف حكومته واحتجاجات مستوطنيه على سوء أدائه، وهذا يؤكد أن نهج وثقافة المقاومة ومشروعها، هو الكفيل بتحويل الاحتلال ومشروعه وأهدافه إلى مشروع خاسر ومكلف.        

عاشراً: استلهاماً لتجربة الانتفاضة الشعبية الفلسطينية، التي تضع أمامنا ذخيرة كبيرة من الفعل والإبداع الشعبي الفريد والمتنوع، ندعو إلى الاستثمار الجدي في كافة وسائل وأشكال النضال، بما في ذلك تبني وتعظيم منجزات حركة المقاطعة الفلسطينية والدولية ((BDS والاستمرار في مسيرات العودة بالأهداف التي انطلقت من أجل تحقيقها.

جماهير شعبنا الوفي:

في ذكرى الانطلاقة والانتفاضة، تتقدم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين منكم في كافة أماكن تواجدكم في داخل الوطن وفي مواقع اللجوء، بتحياتها الكفاحية، وتعاهدكم كما تعاهد الشهداء والأسرى والجرحى وكل الثكالى والمحرومين أن تبقى وفية لعهدها مع فلسطين الشعب والأرض والهوية، على طريق التحرير والعودة وتقرير المصير على كامل ترابنا الوطني.

المجد للشهداء .. الحرية للأسرى

المجد لمقاومة شعبنا الباسلة

وإننا حتماً لمنتصرون

المكتب السياسي

11/12/2018