عقبات أمام تشكيل حكومة نتنياهو

حجم الخط

بعد مرور ما يزيد على نصف الشهر من تكليف نتنياهو بتشكيل حكومته الخامسة الجديدة بناء على توصية الأحزاب اليمينية الأكثر تطرفاً لرئيس دويلة الكيان رؤفين ريفلين، لم تسجل المفاوضات التشاورية أي تقدم يذكر حتى الآن. وبدلاً من ذلك فإن «الشركاء الطبيعيين» مختلفون بشكل أساسي فيما بينهم: فرئيس حزب «الاتحاد القومي» المنضوي تحت مظلة تحالف «اتحاد الأحزاب اليمينية» الفاشية بتسليئيل ساموتريش يطالب بحقيبة وزارة العدل، وهو ما يرفضه الليكود.

أما رئيس هذا الاتحاد الحاخام العنصري رافي بيرتس، فهو على خلاف مع ساموتريش بسبب وثيقة المطالب التي قدّمها لنتنياهو. بدوره، فإن رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» الفاشي أفيغدور ليبرمان على خلاف مع رئيس حزب «يهوديت هتوراة» يعقوب ليتسمان، فيما يتعلق بقانون تجنيد المتدينين (الحريدين). كذلك، فإن رئيس حزب «شاس» الديني المتطرف أرييه درعي فإنه يقف ضد ليبرمان فيما يتعلق بحقيبة وزارة الاستيعاب والهجرة التي يطالب بها.

وفقاً لنتائج الانتخابات، ولما ذكرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» فإن لدى نتنياهو ظاهرياً ائتلاف يميني مريح يضم 65 مقعداً، ولكن هذا ما زال حبراً على ورق، حيث تراوح مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة مكانها. فبالإضافة إلى النزاع على الحقائب الوزارية بين هذه الأحزاب، فقد كشف مصدر في حزب الليكود أن «الأحزاب المرشحة للانضمام إلى ائتلاف حكومة بنيامين نتنياهو تطالب أيضا بميزانيات طائلة وغير مسبوقة، إضافة بالطبع إلى الحقائب الوزارية، وأن الشركاء في الائتلاف قدموا مطالب مالية بمليارات الشواقل، وبحجم غير مسبوق. وهذه مبالغ ومطالب لا يمكن تنفيذها أبداً.» كما خلصت الصحيفة إلى أن نتنياهو«يواجه مأزقاً بسبب عدم استطاعته تقدير حجم هذه المبالغ ومصادر تمويلها من دون معرفة هوية وزير المالية القادم». 

من جانبه يطالب رئيس حزب «كولانو- كلنا»العنصري موشيه كاحلون بالاستمرار في منصبه كوزير للمالية، إلا أنه لم يطرح ذلك رسمياً أمام نتنياهو، أو أمام طاقم المفاوضات الائتلافية عن حزب الليكود. وأفادت صحيفة «كلكليست» الاقتصادية بأن نتنياهو الذي يتولى أيضاً منصب وزير الأمن أبلغ شركاءه في الائتلاف بأنه سيسعى إلى زيادة ميزانية الأمن. من جانبه قال رئيس طاقم المفاوضات عن الليكود ياريف ليفين: إن «المفاوضات مع الأحزاب الشريكة الأخرى ستستغرق وقتاً. وهذه ستكون محادثات مع عدة أطراف بشكل متواز. ويحتاج هذا الأمر إلى نفس طويل ولن ينتهي بين ليلة وضحاها». وأضاف أن «الهدف هو محاولة استيضاح الأمور مسبقاً من أجل التوصل إلى نتائج تضمن تشكيل حكومة مستقرة. وقد التزمنا أمام الناخب بالقيام بكل ما بوسعنا من أجل تشكيل حكومة يمين تستند إلى الشركاء في الائتلاف الحالي».

بالطبع، وكما جرت العادة في مشاورات تشكيل حكومات سابقة فإن الأحزاب اليمينية والدينية الأكثر تطرفاً تحاول ابتزاز نتنياهو من خلال زيادة حجم طلباتها. قضية الخلاف الثانية هي زيادة ميزانيات هذه الأحزاب، وزيادة عدد مقاعدها في الوزارة القادمة، وكلها تحاول تسلّم وزارات سيادية مؤثرّة. 

القضية الخلافية الحقيقية هي تجنيد المتدينين في الجيش، فالأحزاب الدينية ضد التجنيد مطلقاً. ويدرك نتنياهو أنه لن يستطيع تشكيل حكومته دون هذا الائتلاف اليميني الأكثر تطرفاً، لذا فهو سيستجيب لأقصى ما يستطيعه من تحقيق اشتراطاتها. لذلك سيحاول نتنياهو اللجوء إلى حلول توفيقية مثل توحيد حزبي«كولانو» و«إسرائيل بيتنا»، وسيسعى أيضاً إلى جذب مؤيدي حزبي «اليمين الجديد» برئاسة نفتالي بينيت وأيليت شاكيد، و«زيهوت - هوية» برئاسة موشيه فيغلين واللذين لم يتجاوزا نسبة الحسم وبقيا خارج الكنيست كوسيلة ضغط على الأحزاب الأخرى.

وفي هذا الصدد نقلت صحيفة «معاريف» عن قيادي في الليكود قوله: إن آلاف الناخبين منحوا أصواتهم لحزب «اليمين الجديد»، وأصبحوا من دون بيت سياسي وبلا قيادة، وهم لا يريدون الانضمام إلى «اتحاد الأحزاب اليمينية» المتشددة، بسبب قرب أفكارهم إلى الليكود. ولذلك فإنه من الطبيعي ضمهم إلى صفوفه، ولهذا أعلن عن موعد جديد لبدء عملية الانتساب للحزب لمدة تستمر ثلاثة أشهر. بالتالي فإن الأمر يتجه لتمديد الفترة التشاورية لنتنياهو مدة أسبوعين آخرين، وستضطر الأحزاب للوصول إلى صيغة حكومة يزداد فيها تأثير اليمين الفاشي على الحكم في دويلة الاحتلال.