الشيوعي اللبناني: ورشة البحرين تهدف لتحويل القضية الفلسطينية لقضية إنسانية

اللبناني
حجم الخط

أقامت قيادة الحزب الشيوعي اللبناني، لمُناسبة يوم الشهيد الشيوعي وذكرى استشهاد جورج حاوي، مهرجانًا سياسيًا بحضور ممثل عن رئيس الجمهورية وممثلين عن القوى والأحزاب الوطنية اللبنانية والفلسطينية والمُشاركين في لقاء الأحزاب الشيوعية العربية.

بدوره، قال الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنّا غريب "في يوم الشهيد الشيوعي نوجه أسمى تحية إلى شهداء الحزب وإلى قوافل شهداء الأحزاب الشيوعية العربية وكل المقاومين للامبريالية والثائرين ضد الأنظمة الرجعية والقمعية. وهم يستبسلون اليوم أبطالاً على أرض فلسطين ضد الاحتلال الصهيوني وثوارًا على أرض السودان لإسقاط نظام البشير، للأسرى والمعتقلين لهم منا اليوم نداء الحرية والتضامن، الحرية للأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الرفيق أحمد سعدات ومروان البرغوثي وكل المعتقلين الفلسطينيين في السجون الصهيونية وسائر معتقلي الرأي وحرية التفكير والمعتقد في سجون الأنظمة العربية المستبدة بشعوبها، والحرية أيضًا إلى المناضل جورج إبراهيم عبدالله المحتجز ظلمًا وعدوانًا في السجون الفرنسية".

وطالب غريب "باسترجاع جثامين شهدائنا المقاومين المحتجزة لدى العدو الصهيوني جمال ساطي، اياد قصير، ميشال صليبا، الياس حرب، فرج الله فوعاني، حسام حجازي، يحيى الخالد، حسن موسى وحسن ضاهر، والمشهد المخزي الذي وصلنا إيه في أن تعود جثة القتيل الصهيوني إلى العدو وتبقى جثامين المقاومين معه".

وتساءل الأمين العام "نسأل اليوم هل أن هؤلاء لبنانيون أم لا؟ ماذا فعلت الحكومة اللبنانية تجاه قضيتهم بعد أن رفعناها إلى وزير الخارجية فلماذا لا تضغطون من أجل حل هذه القضية، في حين يجري الاستقتال لإعادة المتعاملين مع العدو، والأمر كذلك بالنسبة إلى جورج إبراهيم عبدالله فهل هو لبناني أم لا؟ الحكومة اللبنانية مطالبة بالضغط على الحكومة الفرنسية للإفراج عنه، هي مسؤولة عن ذلك، ومن غير المقبول الاكتفاء بزيارة له لرفع العتب". 

وأكَّد على أن "معظم الأحداث والتطورات التي شهدتها منطقتنا في العقدين المنصرمين، تندرج في سياق هذا المسار الاستراتيجي الطويل الأجل، المحكوم بتحالف وثيق بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني والرجعية العربية من اعتداءات العدو الصهيوني وحروبه المتكررة على لبنان و غزة والضفة، بدءًا من عدوان "عناقيد الغضب" عام 1993 وصولاً إلى محاولة تصفية حركة المقاومة في لبنان عام 2006، وإلى التآمر على الانتفاضات الشعبية العربية ضد أنظمة الاستبداد والتبعية، والتوظيف الإجرامي في الحركات الاسلامية الأصولية، تسليحًا وتدريبًا وتمويلاً".

وتابع أن التحالف الوثيق بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني والرجعية العربية أدى أيضًا "إلى عملية إحلال الصراع الأساسي في المنطقة من حقل للصراع بين العرب والكيان الصهيوني إلى حقل لكل أشكال وألوان الصراعات المذهبية والأتنية والإقليمية بما فيها الصراع بين العرب وإيران، لإسقاط الأنظمة التي ليست جزءًا من مشروعه، وإلى ممارسة أقصى أشكال المقاطعة والعقوبات الاقتصادية والتجارية والمالية ضد شعوب المنطقة، بهدف إنهاك اقتصادات دول المنطقة وإحكام السيطرة على شعوبها". 

كما أدى هذا التحالف بحسب غريب "إلى إقامة دولة الفصل العنصري (قانون القومية) والاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل سفارته اليها واستعداداته لضم الضفة ومحاولة أقفال وكالة غوث اللاجئين (الأونروا)، وإعادة النظر بتعريف اللاجئ لإلغاء حق العودة وفرض التوطين وتعزيز فرص فرض الترنسفير الديموغرافي، وضم الجولان السوري المحتل للكيان الصهيوني وتوسيع عملية التطبيع معه وآخر مظاهره "الورشة الاقتصادية" في البحرين لتحويل القضية الفلسطينية من قضية وطنية وقومية لها شرعيتها الدولية إلى قضية إنسانية تتطلب بعض المساعدات المادية ومنع الحل السياسي في سوريا واليمن وحيث أمكنه ذلك والتي تتزامن مع التهديدات العسكرية بشن الحروب على ايران وعلى شعوب المنطقة وهو ما يجري التمهيد لها في تفجير السفن الناقلة للنفط في خليج عُمان".

وشدّد على أن "هذا التصعيد من قبل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني والرجعية العربية ليس إلا جزءًا من التصعيد الشامل على المستوى الدولي وهو تعبير يعكس تفاقم أزمة الرأسمالية وتراجع دور الولايات المتحدة الأميركية وعجزها عن تنفيذ مشاريعها، بفعل الضربات التي تتعرض لها وفشلها في اسقاط الأنظمة التي أرادت اسقاطها من سوريا إلى فنزويلا إلى كوبا وإيران وكوريا الشمالية مرورًا بعدم قدرتها على التحكم بالتناقضات بينها وبين سائر الدول الأخرى من الصين إلى روسيا ووصولاً إلى حلفائها في دول الناتو من تركيا إلى الاتحاد الأوروبي".

ودعا غريب في يوم الشهيد الشيوعي إلى "مواجهة هذا المشروع المتجسد اليوم بصفقة القرن بمشروع بديل، ولا خيار لنا ولشعوبنا العربية إلا مشروع المقاومة، مقاومة للتحرير والتغيير: ضد الاحتلال الصهيوني والنهب الامبريالي المباشر، وضد الاستغلال الطبقي للأنظمة المحلية وسلطاتها الوكيلة لها وإسقاطها". 

وأوضح أن "ما نشهده من نمط جديد من الثورات والانتفاضات تتميز عما سبقها من انتفاضات، بفعل دور القوى اليسارية البارز فيها ودور الحزب الشيوعي السوداني، وجذرية الشعارات المطروحة والالتزام بها يشكل حافزًا لنا للإقدام وعدم التردد في اقتحام المشهد السياسي وتقديم كل أشكال الدعم والمساندة لقوى الحرية والتغيير وبخاصة إلى الرفاق في الحزب الشيوعي السوداني وإلى كل القوى المنتفضة في الشارع ضد أنظمتها الرجعية والمستبدة والى الشعب الفلسطيني وفصائله المقاومة للاحتلال الصهيوني". 

وقال "أمام هذا الواقع العربي لبنان ليس بمنأى عما يجري فسماؤه ومياهه مستباحين من جانب العدو الصهيوني وأرضه تبقى عرضة في كل لحظة للعدوان ولا يترك العدو فرصة إلا ويعبّر فيها عن نيتّه في اجتياح وتدمير لبنان ولا يمنعه عن ذلك سوى عدم ضمانته للانتصار وتحقيق أهدافه. وهو يواجه أيضًا الانعكاسات السياسية والاقتصادية للنزوح السوري، فيجري راًهنا تنافس غير مسبوق في سوق العمل بين فقراء العاملين اللبنانيين وفقراء العاملين السوريين، وتستفيد البورجوازية اللبنانية من هذا التنافس، كونه يسهّل لها إحلال يد عاملة رخيصة غير لبنانية - وبخاصة سورية - بدل اليد العاملة اللبنانية".

وأدان غريب باسم الحزب الشيوعي "التمادي في تسييس هذا الملف من جانب قوى داخلية وخارجية وإسباغ طابع عنصريّ على خطابها وممارستها تجاه مسألة النازحين. وهو يؤكد على ضرورة فتح مسار التنسيق والتعاون المباشر بين الحكومتين اللبنانية والسورية لتأمين العودة الآمنة لهم وتنظيمها". 

وأردف بالقول "ما يجري اليوم حول الموازنة لا تقتصر أهدافه فقط على مجرد الحد من العجز المالي، بحسب ما يروجه مؤتمر سيدر، بل تتعداه لتحقيق أهداف سياسية الطابع وذات صلة بالهجمة الامبريالية على المنطقة عبر الزيارات المتكررة للمبعوثين الأميركيين والغربيين في محاولة لوضع لبنان أمام خيارين: إما المزيد من الضغوط والعقوبات الاقتصادية وعدم استخراج النفط والغاز وفرض توطين الفلسطينيين وعدم عودة النازحين السوريين وضرب المقاومة والتهديد بإدخال لبنان في التفجير الداخلي، وإما "انتظامه" في الخط السياسي المطلوب أميركيا والتفاوض مع الكيان الصهيوني. وبدل أن يقف من هم ضد صفقة القرن، بالوقوف ضد موازنة سيدر نرى البعض من أطراف السلطة يتسابقون على زيادة الضرائب على الفقراء بحجة تخفيض عجز الموازنة ليكسب كل منهم ورقة اعتماده الأولى في الارتهان للخارج وهكذا تم إقرار الموازنة الحكومية بتحميل الطبقات العاملة والوسطى تكاليف تلك الأزمات وتبعاتها الاجتماعية المريرة فكانت تعبيرًا عن انحياز طبقي واضح للريع والربح الرأسمالي ضد الأجور والحقوق. وهو ما تصدى له حزبنا منذ البداية وبادر بالنزول إلى الشارع وإطلاق حراك شعبي للإنقاذ لا زال مفتوحًا بكل أشكال التحركات السياسية والقطاعية والنقابية لبناء كتلة شعبية قادرة على اسقاط هذا النمط الاقتصادي الريعي وسلطته الفاسدة". 

كما أدان "الاستمرار بهذه السياسات الاقتصادية - الاجتماعية رغم فشلها ومعها كل الإجراءات الضريبية الجديدة، وبخاصة تلك التي طالت الأجور ومعاشات المتقاعدين والسلع المستوردة"، مُعبرًا عن رفضه "للإجراءات العقابية ضد موظفي الدولة ومؤسساتها، من خلال منع التوظيف النظامي لصالح التعاقد الوظيفي، وخفض موازنات مؤسسات أساسية كالجامعة اللبنانية معلنين وقوفنا إلى جانبها وإلى جانب كل القطاعات من أجل تحقيق مطالبها". 

ورأى غريب "أن المدخل إلى الإصلاح هو في بناء الدولة الوطنية الديمقراطية القادرة على اتباع سياسات اقتصادية جديدة تؤدي إلى انهاء نمط الاقتصاد الريعي وبناء اقتصاد انتاجي متقدم. وإلى تعديل النظام الضريبي باعتماد ضريبة تصاعدية على الريوع المصرفية والعقارية ووقف هدر المال العام والفساد المستشري الذي لا يمكن تحقيقه من خلال هذه السلطة الفاسدة ودولتها الفاشلة، بل يتحقق عن طريق العمل لقيام أوسع تحالف سياسي-اقتصادي- اجتماعي لأن القضية أصبحت قضية انقاذ شعب وإنقاذ وطن، ولم تعد قضية مطلبية تخص هذا القطاع أو ذاك، إنها قضية تغيير موازين القوى وبناء الكتلة الشعبية لإسقاط السياسات الاقتصادية - الاجتماعية التي أوقعت البلاد في خطر الانهيار المالي وأشاعت البطالة والفقر وهجرت ولم تزل تهجر شبابنا إلى الخارج".