يشربون القهوة المرة.. ولكنهم ينامون بعمق

حجم الخط

المعتوهون فقط وهم كثر في منطقتنا العربية، من لا يستفيدوا من الوقائع الصارخة، التي تؤكد ما لا يحتاج إلى براهين، من أن الولايات المتحدة الأمريكية هي العدو الأساسي للشعوب، خصوصًا العربية، بما في ذلك التي تستند عليها أنظمة متخلفة ومستبدة، أقرب إلى منطق المُرابي الذي يناور ويداور، ويُكّذب في السياسة، من أجل ابتزاز أموال ومقدرات الآخرين، بدون أن يقدم لهم خدمة حقيقية، جوهرها عند بعض الأنظمة العربية تأمين استقرارها وحمايتها من تهديدات بعضها موهومة، وبعضها الآخر حقيقية وجدية.

حين احتقن الوضع في منطقة الخليج العربي، خلال الأشهر الأخيرة، اعتقد البعض أن الولايات المتحدة الأمريكية ستشن حربًا على إيران دفاعًا عن مصالح دول الخليج، لكن تلك الاعتقادات والمراهنات سرعان ما أن سقطت، بعد أن تجاهلت إدارة ترامب إسقاط الطائرة الأمريكية المسيّرة، ثم تجاهل القصف الذي طال منشآت شركة أرامكو في السعودية.

بكل وقاحة يعلن ترامب أنه لن يخوض حربًا على إيران، وأنه سيسحب قواته لينهي دورها فيما يسميه حروب عبثية لصالح من يكرهون أميركا. ثم لا يلبث أن يوافق على إرسال المزيد من الجنود والمعدات العسكرية الأميركية إلى السعودية، في مهمات دفاعية مدفوعة الثمن بالكامل مع الفوائد من قبل السعودية.

وإلى وقتٍ قريب، يعلن ترامب سحب ما تبقى من قواته في شمال شرق سوريا، وترك الحلفاء الأكراد لمواجهة مصيرهم أمام التدخل العسكري التركي، الذي يستهدفهم حقيقة، مستترةً خلف شعار محاربة الإرهاب.

يتضح أن عملية نبع السلام التركية منسقة مع الولايات المتحدة التي صرح أعضاء إدارتها أن الإدارة على علم مسبق بعملية محدودة، لكنها فوجئت بأن العملية واسعة، لم ترتعش دول النفط العربي مما أبدته ومارسته الولايات المتحدة من سياسات تستسهل التخلي عن الحلفاء، بالرغم من أن المحمية الطبيعية المُسماه إسرائيل، تجتاحها تخوفات حقيقية من أن الولايات المتحدة قد تتخلى عنها في أية مواجهات قادمة، ولذلك فإن عليها الاعتماد على أساسًا، فيما يظل العرب يعتمدون على مركز الخيانة والتآمر في واشنطن.