للأرض نداءٌ قاهر ..

حجم الخط
نادت الأرض و لبّت الزنزانة نداءها .. فللأرض نداءٌ قاهر لا يتجاهله الأحرار و لا يقابلون صداه بالصمم .. لأنه صوت انعتاق الشمس و عودة النوارس و انتصار الأمل و حرية الحلم .. لأنه صوت الكرامة القادمة لتنسينا ذكريات نيسان الممزقة في دير ياسين و قانا فتمحي ببريقها سواد أيامه المكفّنة بالحزن لمن غيّبتهم يد الغدر فأفجعت الوطن بالرحيل من عرس الخيول العربية في فردان بيروت " الكمالين و أبو نجار" لبيلسانة الجنوب المحيدلية إلى سبعين رصاصة رسمت خارطة الوطن على جسد أبو جهاد .. و لأجل من ضحّى و يضحّي .. استُشهِد أو على درب الشهداء سائر .. وُلِد في كنعان أو على حب كنعان سيولد .. لأجل نيسان و رائحة دمه .. لأجل الأرض و أصفاد زيتونها .. لكل هؤلاء .. لأجل هؤلاء أعلن أسرانا ثورتهم النيسانية لتبدأ انتفاضتنا من أمعائهم التي آثرت الجوع على الركوع و أبت إلا أن تبدأ معركة الحرية من منبع الحرية في المعتقل بأمتاره القليلة و أبوابه الموصدة ، فما همهم ضيق المساحة مادامت الزنزانة هي الكون و كونهم هو فلسطين .. و لا أغلال الأبواب مادامت الأرواح أبيةً منعتقةً لا قيود تكبّل شموخ عنفوانها المسافر دوماً نحو الوطن مقبّلاً ثراه .. أعلنوها ثورة الكرامة فلا تراجع .. و التراجع موت الجبناء ، أما هم فالموت لا يعني لهم شيئاً فإما البقاء نسوراً صاهرت القمم و إما البقاء أشجاراً تعشق و هي واقفة و لا تموت إلا واقفة ..هي ثورة الكرامة فلا فرار .. و الفرار قدر الكاذبين .. و هم رجالات الوطن و نسائه الذين صدقوه الوعد و مضوا يصنعون الغد فالغاصبون زائلون و هم الروح الباقية .. هي ثورة الصرخة التي لابد أن تكتمل فلا أجمل من شعبٍ غاضبٍ مكفهر .. يوقظ أموات الأحياء ليعيد السلام لأرواح الأموات الذين وهبوا حياتهم لأجل حياة الأرض و الشعب .. فعلى الحرية عقدوا قرانهم و على النصر أجمعوا أمرهم و بالصمود مهروا ميثاقهم .. فيا شعب الحجارة لنغني مع الأسرى للصباح كي لا نكون من أبناء الظلام .. لننصر الثورة و ننتصر لها لنحرر التراب و الانسان .. خُلِقت يا شعبُ لتصنع المستحيل فلا تكن كالقيادات المهترئة التي هادنت و ساومت ، فاوضت واستسلمت ، للحلم باعت و بالدم تاجرت ، على الشعب سطت و له نهبت و لجيوبها ملأت .. و كلٌ منها يعزف منفرداً سمفونية الذل و الخنوع .. فواحدٌ تبهره قروش المالديف و كأنه نسي أو تناسى القرش الصهيوني الذي يهوّد القدس و يبتلع القرى و يقتلع سكانها ليقيم مستوطنات عنصريته القاتلة مالئاً سجونه بأبنائنا و مُرسلاً للموت براعمنا .. فالقرش الاسرائيلي يصر على ابتلاع فلسطين كسمكة سائغة و من يسمى برئيس السلطة يصر على جعلها و شعبها سمكة القرش السائغة .. أما الآخر فيعد بشاليط آخر و لا ندري من أين يأتينا شاليط و المقاومة مجمدة و البنادق صدئة منذ أن وطئت أقدامهم حرم السلطة المقدس فقاربوا السياسة و هجروا فراش المقاومة و ربما غدت محرمة عليهم شرعاً بعد أن طال زمن الهجر ... أبطالنا أعلنوا الثورة لأجل الوطن أولاً و آخراً و في حضرة صمودهم تتراجع قيمة الكلمات مهما علت فتغدو بلا لون و لا طعم .. هم لا يحتاجون لشعارات الصبر و المصابرة بل لوقفةٍ حقيقيةٍ من آبائهم و أمهاتهم .. أبنائهم و إخوتهم .. وقفةً تلفت نظر العالم المتعامي عن معاناتهم و تفتح عيونه المغمضة عن وحشية جلادهم .. وقفة على طريقة وديع حداد عندما خطف الطائرات و سار على درب المقاومة المسلحة ليجعل من فلسطين و قضية شعبها محورا لكل القضايا في المحافل الدولية ليقول نحن هنا باقون .. وقفة تليق بمن اغتال إرهابيا كزئيفي و أشرافا آخرين منحوا السجن ربيعهم كي ننعم نحن بالربيع .. وقفة تليق بغضبك الجميل أيها الوطن ..