للسائلين وماذا بعد؟

حجم الخط

يتكرر السؤال بعد قرار الجبهة الشعبية مقاطعة اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير وماذا بعد؟
سؤال يخبئ في خلفياته مقاصد السائل، فمنهم من يطرحه بشكل استنكاري، وآخر استفهامي، وثالث يقدمه من جانب تحفيزي واستعجالي، غير أن الاجابة على السائل بغض النظر عن المقاصد تكمن في سؤال آخر : ماذا ستكون مخرجات انعقاد المجلس المركزي؟؟

فاذا امتلكنا الجواب على السؤال الثاني نكون قد أجبنا على السؤال الأول، وعليه يتطلب منا أولاً أن نحدد ماهية المخرجات والنتائج لمثل هذا الاجتماع وفي كل الجوانب ولكن على وجه التخصيص على المسار السياسي، والنظام السياسي.

وفي كل الأحوال فان المدخلات تشير إلى المخرجات، فاذا تناولنا المسار السياسي فاننا نجد أن مدخلات هذا الاجتماع كانت لقاءات محمومة وحميمة مع قيادة الكيان الصهيوني، من وزير الدفاع لوزير الخارجية لرئيس الشاباك، ناهيك عن الرسائل المباشرة وغير المباشرة للادارة الأمريكية والزيارات المتعددة لبعض الدول العربية، والعنوان الرئيس هو احياء التسوية الميتة على أساس حل الدولتين، والعودة لمربع المفاوضات من جديد وشروط الرباعية المقدسة، وفي المقابل تجنب المراجعة السياسية للمرحلة السابقة في أي لقاء وطني، وقطع الطريق على الحوار الوطني الذي ترعاه الجزائر، مما يدلل على أن المخرجات السياسية لهذا الاجتماع لن ترتقي في سقفها للخطاب الذي ألقاه الرئيس أبو مازن في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي "خطاب مهلة العام" التي مرت نصفها دون أي تأكيد على جديتها، وعلى العكس من ذلك سيتنصل المركزي من هذه المهلة كما تنصل من قبل منها من أعلنها في لقائه مع وزير الحرب غانيتس، وهذا ان دل على شيء فانه يدل على أن هذه الدورة للمجلس المركزي ستنزل عن شجرة قراراتها التي اتخذتها في دورتها السابقة في العام ٢٠١٥، وما أكد عليه المجلس الوطني ٢٠١٨، وستبقى حبيسة الكلمات المطاطية التي لا تسطيع أن تضعها في قوالب تنفيذية، ناهيك عن المظلومية التي نعشق بكائياتها المعلقة.
أما المسار الآخر فهو المسار التنظيمي والمرتبط بشكل النظام السياسي الذي سيتم تثبيته من خلال ملئ الشواغر وافساح المجال للطامعين في الوراثة، وتقسيم المغانم الأكذوبة لمواقع مفرغة من قيمها وقيمتها، وأثرها وتأثيرها في ظل منظومة الفرد التي ترسخت وتزداد تجذراً ، فهذه المخرجات على مستوى قيادة منظمة التحرير تؤكد المؤكد، أن هذه المؤسسة تحولت لملكية خاصة لحركة بمفردها، وانتفت عنها الملكية الجماعية، واذا أردتم الحوار الوطني بعد ذلك سنحاوركم من هذا الموقع، موقع المالك الذي يمكن أن يهب الآخرين شيئاً من عقاره شرط أن يكونوا حراساً مخلصين ومطيعين لرب البيت.

اذاً اجتماع يغلق الباب أمام الحوار الوطني الجاد والصحي، ويؤسس بشرعية وهمية لحقبة متجددة من التبعية والذيلية السياسية والادارة القائمة على مصالح الكومبرادور الاقتصادي الملتصق بالاحتلال.
من هنا يأتي الجواب على سؤال وماذا بعد قرار المقاطعة، فالوقائع ستفرض نفسها على مجريات الأمور، وعلى متخذي القرار في كل القوى المعارضة لانعقاد الاجتماع ولاستمرار الواقع السياسي والتنظيمي لمنظمة التحرير بنفس الاتجاه الذي سارت عليه خلال العقود الماضية، وخاصة ما بعد اتفاقية أوسلو ، فالمخرجات هي ما ستحدد طريقة و آليات التعامل معها، وسيبقى الحرص الوطني والعقل الوحدوي هو الغالب على تفكير القوى المقاطعة للاجتماع.