المشروع البديل من الثورة إلى الدولة!

حجم الخط

لعل المنطق الذي يحكم العقل الذي يقف على رأس هرم السلطة، يقوم على مغامرة تقتضي بضرورة نقل المشروع الوطني الفلسطيني، من اعتباره ثورة بما يعني ذلك من ضرورات تحشيد الطاقات الشعبية والوطنية، وتشكيل الجسم القيادي الذي يشمل إعادة الاعتبار للوحدة الوطنية، وفتح المجال لأوسع نطاق من حالة المقاومة الشاملة بما تعنيه من تنوع أشكال المقاومة في إطار مؤسسة جامعة كـ(م.ت.ف)؛ إلى اعتباره مشروع دولة بغض النظر عن المُمكّنات الواقعية لانجاز هذه الدولة - أو الدولة تحت الاحتلال، أو الدولة العضو الكامل في الأمم المتحدة، بما يعني هذا المشروع من ترسيخ مفهوم السلطة، ووجودها كعنوان جامع وتمثيلي وسياسي للشعب الفلسطيني على حساب م.ت.ف، وما يعنيه من ضرورة ضرب الاجتهادات الشعبية والحزبية التي تحاول أن تُقدم نفسها كتعبيرات وطنية، بمعنى اعتبار السلطة التعبير الوطني والممثل الوطني، وأي محاولة تخرق هذا الفهم تعتبر انشقاقية وضرب للمشروع الوطني وغيرها من المسميات التشكيكية والتخوينية.

وعلى ذلك، فإن مشروع الثورة يقوم على قاعدة الهرم من حيث الفعل الثوري والمبادرة، وضرورة وجود جسم باسم قاعدة الهرم، إلى ضرورة نقل الفعل والمبادرة وتركيزها في رأس الهرم الذي تُمثّله السلطة أو ما تحاول السلطة تعميمه من مفهوم ( القيادة الفلسطينية!!)، بغض النظر عن شخوص هذه القيادة، هل هم منتخبون وأعضاء مجلس وطني أو لجنة تنفيذية منتخبة أو أعضاء مجلس مركزي أو أمناء أو ربما رؤساء أجهزة أمنية، ومبادرين اقتصاديين أو شيوخ عشائر، فليس من المهم الشخوص بقدر ما يمكنهم لعب دور في إطار ما يُسمى القيادة الفلسطينية، ومشروع التحويل من الثورة للدولة.

وعلى ذلك فإن السلطة وزعامتها، قد اسَتبدّلت مشروع الثورة بمشروع السلطة على اعتباره عتبة نحو الدولة، وهو ما يشمل استبدال في قواعد العمل وأسس التنظيم داخل المجتمع الفلسطيني، وبناءً عليه يصبح من الواضح أن رأس الهرم يمكنه استخدام قاعدة الهرم" الجماهير والفصائل"..الخ في ممارسة دور يخدم سياسات السلطة (مقاومة سلمية/ أو غيرها من المسميات)، ورفض أيةِ مبادرات ثورية، وتصبح الأولوية للعمل الدبلوماسي والسياسي الذي يقوم على مؤسسات السلطة، وليس العمل الوطني أو الثوري الذي يقوم على القوى والأحزاب أو المبادرات الشعبية.

 وعلى هذا الأساس ترى السلطة في مبادرة (14 مليون فلسطيني) باعتبارها مشروعاً بديلاً، للبديل السلطوي الذي يستهدف تحويل الروافع الشعبية والاجتماعية من مشروع وطني لمشروع سلطوي، وهذا البديل السلطوي لا يرغب بالشراكة التي قد تسمح للشريك بمقاسمته في الانجاز المأمول، أو الانجازات المتحققة على أساس من الفهم الخاطئ الذي يعتقد بأن الدولة قد تم ترسيمها، ولا يبقى إلا الاعتراف الدولي الذي يسمح بتطبيق السيادة على الشعب والبقعة الجغرافية التي ينتشر عليها الشعب في حدود 1967 أو حدود الضفة الغربية وغزة مع بعض التعديلات!!

وعلى ذلك، فإن القوى السياسية الفلسطينية والجماهيرية والمبادرات الشعبية مطالبة بتصعيد المواجهة ضد الاحتلال في إطار من المقاومة الوطنية الضرورة لانجاز المشروع الوطني أو الدفاع عنه، وفي إطار من المواجهة مع السلطة في إطار المقاومة أو المشروع الديمقراطي لترسيخ القيم الديمقراطية والشراكة، واستعادة وتعزيز الوحدة الوطنية للتأكيد على مفهوم "شعب".

عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية، مسؤول الإعلام في فرع السجون، مدير مركز حنظلة للأسرى والمحررين.