بيان صادر عن اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

حجم الخط

عقدت اللجنةُ المركزيّةُ العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الفترة ما بين 10-12/ فبراير/2023 اجتماعَها الدوري؛ ناقشت خلاله عددًا من القضايا الداخليّة، إضافةً إلى المستجدّات السياسيّة والميدانيّة على الصعيد الفلسطيني، والحراك السياسي لترتيب البيت الفلسطيني؛ والخطوات المطلوبة لمواجهة حكومة الاحتلال الفاشيّة الجديدة؛ عدا عن المستجدّات العربيّة والإقليميّة والدوليّة.
 
وتقدّمت اللجنةُ المركزيّةُ بالتحيّة إلى جماهير شعبنا الصامد في الوطن والشتات على صموده الأسطوري، وتقديمه التضحيات العالية في مواجهته الكيانَ الصهيوني، وآلته العسكرية الفاشية، التي لا تتوقّفُ عن العدوان المتواصل على المدن والقرى والبلدات والمخيّمات الفلسطينيّة، وفي تصدّيه للمخطّطات والمؤامرات التي تستهدفُ الانقضاض على قضيّته وحقوقه الوطنيّة.

كما توجّهت اللجنةُ بتحيّة الفخر والاعتزاز إلى الأبطال المقاومين المشتبكين مع العدوّ الصهيونيّ في جنين ونابلس والقدس وبيت لحم ورام الله وغزة، الذين يتصدّون للعدوان الصهيوني بعمليّاتٍ نوعيّةٍ وبطوليّة، وليس آخرها عمليّة القدس البطوليّة التي نفّذها الرفيق الجبهاوي المشتبك حسين قراقع. 

وأبرقت اللجنةُ المركزيّةُ بالتحيّة إلى الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال، وإلى رفيقها الأمين العام أحمد سعدات وجميع الرفيقات والرفاق، موجّهةً التحيّة إلى روح الشهيد الأسير أحمد أبو علي، الذي ارتقى شهيدًا؛ نتيجةَ سياسة الإهمال الطبي، مؤكّدةً وقوفها وإسنادها الدائمين للحركة الأسيرة في معركتها البطوليّة القائمة ضدّ سياسة التنكيل والقمع، التي تمارسها إدارة مصلحة السجون، وفي مواجهة إجراءات المجرم بن غفير بحقّ الأسرى. 

وعَبّرت اللجنةُ المركزيّةُ العامةُ عن تضامنها الكامل مع سوريا الشقيقة وتركيا؛ نتيجةَ كارثة الزلزال الذي أدّى إلى سقوط آلاف الضحايا والجرحى وتدميرٍ هائلٍ للبيوت في العديد من المدن والقرى، مؤكّدةً وقوفها إلى جانب سوريا ونضالها من أجل إسقاط قانون قيصر الأمريكي الإجرامي؛ الذي يشدّد الحصار عليها، وفاقمَ بنتائجه من كارثة الزلزال؛ وأدانت سياسة المعايير الغربية المزدوجة العنصرية في التعامل مع الكارثة، موجّهةً الشكرَ إلى البلدان والقوى التي أسهمت - وما زالت - في جهود الإنقاذ والاغاثة.

ودعت اللجنةُ الجماهيرَ العربيةَ إلى المبادرة في كسر الحصار المفروض على سوريا؛ بتسيير قوافل الإغاثة، وتقديم كلّ أشكال الدعم والإسناد؛ لتعزيز صمودها في مواجهة الحصار، داعيةً في الوقت نفسه، مؤسّسات الأمم المتّحدة والمؤسّسات الدوليّة ذات الصلة إلى تقديم مساعداتٍ عاجلةٍ إلى أبناء شعبنا في مخيمات سوريا التي طالتها كارثة الزلزال، التي تعاني من أوضاعٍ اقتصاديةٍ ومعيشيةٍ صعبة. 

كما استعرضت اللجنةُ المركزيّةُ الأوضاعَ الفلسطينية الداخلية، واستمرار كارثة الانقسام، وسبل مواصلة الجهود من أجل إنهائه، وإنجاز المصالحة وصولًا إلى الوحدة الوطنيّة، وعدّت أن جهود الجبهة من أجل تشكيل ائتلافٍ وطنيٍّ واسعٍ دعوةٌ لخلق حالةٍ وطنيّةٍ وشعبيّةٍ ضاغطة، ومساهمةٌ في توحيد الجهد الفلسطيني لتحقيق هذا الغرض.
وناقشت اللجنةُ نتائج الانتخابات الصهيونية الأخيرة وتداعياتها على الأوضاع الفلسطينية، وخلصت إلى أنّ هذه النتائج متوقعة، ومنسجمة مع طبيعة التحولات الجارية في "المجتمع الإسرائيلي" الذي يتّجه نحو مزيدٍ من التطرّف والفاشية والعنصرية، وأن صعود أقصى اليمين يؤكّد أن الحكومة الصهيونية الجديدة متجهةٌ نحو تصعيدٍ في عدوانها وإجرامها وإرهابها وقراراتها العنصرية في حقّ شعبنا؛ ومن جانبٍ آخر، ترى اللجنةُ المركزيّةُ أن النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات تؤشّرُ إلى حالة انقسامٍ مركبةٍ غير مسبوقةٍ في المشهد الصهيوني؛ ليس فقط لقوى اجتماعيةٍ وتمييزيةٍ وحراكاتٍ محدّدة، إنّما أيضًا تعبيراتٌ لانقساماتٍ حادّةٍ بين العلمانيين والمتدينين، إضافةً إلى تغييراتٍ تطال الجيش والقضاء؛ ما يؤكد أهمية استثمار التناقضات في "المجتمع الصهيوني"، والعمل على تعميقها؛ عبر تعزيز دور شعبنا في الداخل المحتل، واعتبارهم رأس الحربة في مواجهة هذه الحكومة الفاشية والعنصرية، إضافةً لتعزيز العمل والكفاح الجماهيري والمقاومة الشعبية في كل مواقع الوطن، وتصعيد الاشتباك المفتوح مع العدو ومواجهة هذه الحكومة بما يعمّق من مأزقه، ومن التناقضات الداخليّة في دولة الكيان.

ومن جانبٍ آخر، حذّرت اللجنة المركزية من نتائج زيارة وزير خارجية الإدارة الأمريكية " أنتوني بلينكن" إلى المنطقة، ومن المساعي الأمريكيّة بشكلٍ عام، التي تهدفُ في جوهرها إلى الضغط بوقف تنامي حالة المقاومة في الضفة، وعدم تطوّرها إلى مرحلة الانتفاضة؛ من خلال بيع الأوهام مجدّدًا للسلطة، بشأن ما يسمى بحل الدولتين، والضغط عليها لاستمرار التنسيق الأمني؛ وبهذا الخصوص جدّدت اللجنةُ المركزية دعوتها لقيادة السلطة بضرورة الإسراع بتنفيذ كامل قرارات المجلسين؛ الوطني والمركزي، بقطع كل صلةٍ باتفاق أسلو (إلغائه)، وسحب الاعتراف بدولة الكيان، وإعطاء الأولوية بدعم شعبنا في الصمود، وبكل الوسائل التي تمكّنه من استمرار مقاومة الاحتلال.

وناقشت اللجنةُ المركزيةُ المستجداتِ على الساحتين؛ العربية والإقليمية، بين دورتيها، التي شهدت تسارعًا غير مسبوقٍ في التطبيع مع الكيان الصهيوني، ووصوله إلى درجاتٍ خطيرةٍ من التفاهمات والاتفاقات السياسية والاقتصادية والأمنية معه، التي من المرجّح أن تتّسع دوائرها مع سعي حكومة الاحتلال، وبالتنسيق مع الإدارة الأمريكية إلى فرض مزيدٍ منها على عددٍ من البلدان العربية، التي لن يكون آخرها السودان؛ الذي استقبل وزير خارجية الكيان مؤخّرًا؛ وعليه فإنّ الجبهة تعمل على تكثيف جهودها من أجل إنشاء جبهةٍ عربيّةٍ موحّدةٍ لمقاطعة التطبيع ومقاومته؛ مستندةً في ذلك إلى الموقف الشعبي العربي الرافض للتطبيع، وإلى معارضة قوى التحرّر العربية لكل أشكاله. 

كما استعرضت اللجنةُ المركزيةُ الأزمات الداخلية التي يعيشها أكثر من بلدٍ عربي، من بينها: تونس ولبنان، التي يفاقمها الحصارُ الذي تتعرّض له؛ بهدف إسقاطها لصالح مشاريع معادية تستهدف المقاومة، والسير في مشاريع التطبيع، وهذا ما يفرض على القوى الوطنية في البلدان العربية إلى توحيد الجهود في مواجهة هذه الأزمات واستهدافاتها، والدفاع عن مصالح شعوبها وحمايتهم.

أما على الصعيد الدولي، فناقشت اللجنةُ المركزيةُ جملةً من الأحداث الدولية المتسارعة، وخاصةً تطورات الأزمة الروسية مع دول الناتو والحرب الأوكرانية، وانعكاسات ذلك على الأوضاع الدولية والإقليميّة، وخلُصت إلى أن هناك ما يتحرّك بقوّةٍ على صعيد المشهد العالمي تجاهَ تغيير طبيعة النظام الدولي أحادي القطبية – رغم الممانعة القوية التي تبديها الإدارة الأمريكية وحلفاؤها -؛ الذي لن يبقى كما كان قبل الحرب الأوكرانية، ويعزز ذلك التوافق والتعاون القائم بين روسيا والصين وإيران وغيرها.

وختمت اللجنةُ المركزيةُ بالتأكيد أنّ المهمّة العاجلة لشعبنا هي مواصلة الجهود لتصليب الحالة الوطنية، وتوفير الظروف الملائمة لانطلاق الانتفاضة، وتعزيز المقاومة وتطويرها مهمّةً وطنيّةً عاجلة، وتركيز الجهد المقاوم في الضفة، ودعم الظواهر ووحدتها الميدانيّة، وتوسيع البُنى النضاليّة، وتوفير حاضنةٍ شعبيّة، ومرجعيّةٍ وحمايةٍ سياسيّةٍ لها، وتوحيد المؤسّسات الوطنية وتفعيلها، وفي مقدمتها (م.ت.ف) على أساس برنامجٍ وطنيٍّ مقاومٍ متحرّرٍ من أوسلو والتنسيق الأمني، وتشكيل القيادة الوطنية الموحدة القادرة على صوغ خطّةِ تصدٍّ وطنيّةٍ تضع كل إمكانات شعبنا وقدراته في مواجهة دولة الاحتلال وحكومته الفاشية، وتعزيز صمود أبناء شعبنا، خاصّةً في الضفة الفلسطينيّة والقدس.

المجد للشهداء... الشفاء العاجل للجرحى... الحرية لأسرى الحرية

عاشت تضحيات شعبنا... المجد والفخار لمقاومة شعبنا المتصاعدة

وإننا حتمًا لمنتصرون

اللجنة المركزية العامة

منتصف فبراير – 2023