"سيف القدس".. معادلة جديدة وحدث مفصلي متسلسل

حجم الخط

توافق اليوم 10 مايو/ أيّار، ذكرى المعركة البطوليّة التي أطلقت عليها فصائل المقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزة "سيـف القـدس"، حيث بدأت بعد استفزازاتٍ صهيونيّةٍ متلاحقة على مدار شهرٍ كامل في العام 2021 من خلال محاولات إخلاء حي الشيخ جراح في مدينة القدس وغيرها في مناطق متفرّقة من الضفة الغربيّة، وكذلك في القطاع.

وجاءت أولى التهديدات شديدة اللهجة من قبل المقاومة وبإشارةٍ مباشرةٍ من القائد العام لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة "حماس" محمد الضيف، بعد تجهيزات المستوطنين للانطلاق بـ"مسيرة الأعلام" في القدس المحتلة والمسجد الأقصى تحديدًا، بإطلاق عشرات الصواريخ واستهداف مستوطنات الداخل المحتل والعمق الصهيوني، وهو ما تم تنفيذه عندما همَّشت سلطات الاحتلال التهديد، ما شكّل مفاجأة مدويّة للمنظومة الأمنيّة والسياسيّة والعسكريّة العبريّة وقتها، ما أدى لاندلاع ما أسماه جيش العدو عملية "حارس الأسوار".

وتتابعت الأحداث بقصف المقاومة مئات الصواريخ تجاه المستوطنات والمدن الصهيونيّة خاصة القريبة من مدينة القدس المحتلة، وذلك في وقت شنت فيها آلة الحرب "الاسرائيليّة" هجمة شرسة على كافة مناطق القطاع استمرت لمدة 11 يومًا خلفت أكثر من 232 شهيًدا، من بينهم 65 طفلاً و39 سيدة، و17 مسًنا، فيما أصيب أكثر من 2000 مواطن، بينهم 560 طفلاً و380 سيدة.

وأدى الإجرام الصهيوني إلى تنفيذ مجازر دامية راح ضحيتها حذف 10 عائلات كاملة من السجل المدني الفلسطيني، من أصل 27 عائلة قصفت منازلهم على رؤوسهم بشكلٍ مباشر، فيما تسبب القصف بتدمير نحو 1500 وحدة سكنية بشكل كلي، وأكثر من 13 ألف وحدة بشكل جزئي بدرجات متفاوتة، ودمر نحو 7 أبراج سكنيّة تحتوي على شقق سكنية، ومؤسّساتٍ إعلاميّة وغيرها.

كما واستهدف الاحتلال 75 مقًرا حكومًيا ومنشأة عامة، وتضررت 68 مدرسة، ومرفقًا صحيًا، وعيادة رعاية أولية، بشكل بليغ وجزئي بفعل القصف الشديد في محيطها، فيما تضررت 490 منشأة زراعية من مزارع حيوانية، وحمامات زراعية، وآبار، وشبكات ري، وغيرها، حيث ركز الاحتلال على استهداف الشوارع والبنى التحتية، فتضررت شبكات الصرف الصحي، وإمدادات المياه تحت الأرض، بشكل كبير، نتيجة الاستهداف المباشر، وتعرضت 3 مساجد للقصف، إلى جانب استهداف 300 منشأة اقتصادية وصناعية وتجارية، وهدم 7 مصانع كلي كيل، وإلحاق الضرر بأكثر من 60 مرفقًا سياحيًا.

وبشأن الاغتيالات، خلال العملية الصهيونيّة، حاولت قوات الاحتلال اغتيال القائد العام للقسام محمد الضيف، إلى جانب قياداتٍ كبيرةٍ من فصائل المقاومة.

وخلال "سيف القدس" أطلقت المقاومة آلاف الصواريخ قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، ما أدى لمقتل نحو 13 "إسرائيليًا"، وإصابة العشرات بفعل الاستهداف المتكرر لمدنٍ رئيسيّةٍ مثل "تل أبيب" وغيرها، كما وتمكّنت المقاومة من استهداف آليات عسكرية متمركزة على طول الحدود بصواريخ كورنيت، فيما حاولت توجيه ضربات بحرية، وكذلك باستخدام الطائرات المسيرة، كما أنها أطلقت صاروخًا وصل إلى مشارف "إيلات" أسمته "عياش 250".

وتجدر الإشارة إلى أنّ رقعة المواجهة خلال الحرب توسّعت في كافة مناطق فلسطين "غزة – الضفة الغربية – الداخل المحتل عام 48"، من خلال سلسلة فعاليات ومواجهات عنيفة تسببت بمقتل عدد من المستوطنين، كما وتم إطلاق عدة صواريخ من لبنان وسوريا، الأمر الذي شكّل المفاجأة الثانية للمنظومة الأمنيّة، حيث لم يكن من المتوقّع أن تكون شكل الهبة على امتداد المناطق الفلسطينيّة ومحيطها.

وفي يوم الحادي والعشرين من مايو/ أيّار 2021، أعلن عن التوصّل لوقف إطلاق نار متبادل بين الفصائل والاحتلال، وذلك بوساطة دولية قادتها جمهورية مـصر العربية، لتعود الأوضاع إلى ما قبل الحرب.

وسطّرت معركة سيف القدس ملحمة جديدة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، سيؤرّخ لما قبله وما بعده، ضمن صفحة من تاريخ الصراع السابق واللاحق لشعبنا مع الاحتلال، حيث تقع ضمن حرب طويلة الأمد؛ لاستخراج الدروس والعبر وإسقاط برامج وأدوات وتحالفات أعادت رسم خارطة الصراع من جديد.