تطرّق لعددٍ من الملفات والقضايا الهامة.. حوار شامل مع مسؤول فرع الجبهة الشعبيّة في قطاع غزة الرفيق محمود الراس

حجم الخط

قال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، مسؤول فرعها في غزة الرفيق محمود الراس، اليوم الأربعاء، إنّ "الاحتلال يدفع ثمن عدوانه المتصاعد بشكلٍ يومي وفي كثيرٍ من المحطات، وهذا بفضل فعل المقاومة المستمر"، مؤكدًا أنّ "المقاومة استطاعت أن تحد بشكلٍ كبير من تغوّل العدو على بيوتنا وأهلنا وأطفالنا في الضفة".

وأكَّد الراس، خلال لقاءٍ عبر إذاعة صوت الشعب، أنّ "الفعل المقاوم في الضفة الغربية لم يكن وليد اللحظة، ومهما تعاظمت المؤامرات لن يستطيع أحد كسر إرادة المقاومة"، مشددًا على أنّ "المقاومة في الضفة تُعيد الصراع إلى حقيقته، لا سيما وأنّنا أمام حكومة فاشيّة إجراميّة".

وأشار الراس إلى أنّ "شعبنا كان يدفع يوميًا فاتورة أعلى بكثير من الفاتورة التي يدفعها اليوم في ظل تصاعد المقاومة بالضفة"، مؤكدًا أنّ "المهمة الأساسيّة عند تأسيس الجبهة الشعبيّة كانت هي مقاومة الاحتلال حتى دحره عن أرضنا الفلسطينيّة"، مؤكدًا أن "الأبطال يتقدّمون الصفوف في كل الساحات يردّون على العدوان الصهيوني ويحمون الإنسان والأرض الفلسطينيّة التي تتعرّض لعدوانٍ متصاعد".

سياسيًا، قال الراس: "يجب أن تكون هناك وقفة جادّة لمراجعة مسار "أوسلو" الكارثي والتخلّص منه ومن كل مفرزاته"، مشيرًا إلى أنّ "شعبنا الفلسطيني يقولها يوميًا: لا خيار لنا سوى خيار المقاومة والوحدة الوطنيّة، لذلك نخاطب الأوفياء في حركة فتح وبعض قيادات السلطة الذين يحاولون إعادة البوصلة إلى الاتجاه الصحيح: هذا هو طريق المقاومة الذي اختاره شعبنا، فماذا جنينا من اتفاق أوسلو سوى الاستيطان وانتهاك الحرمات والجرائم المتواصلة".

وطمأن الراس جماهير شعبنا بأنّ "المقاومة هي جوهر الفكر الذي ارتكزت عليه الجبهة الشعبيّة، ولا يمكن أن تساوم عليها بأي شكلٍ من الأشكال"، مؤكدًا أنّ "الجبهة الشعبيّة منذ انطلاقتها على المهداف الأمريكي والصهيوني والإمبريالي، وبسبب هويتها ومواقفها وضعها الاحتلال في دائرة الاستهداف، وحاول الاحتلال تصفية وجود الجبهة في الكثير من المحطّات، ولكن في كل ضربة كانت الجبهة تخرج منها أكثر قوّة وصلابة بين صفوف الجماهير"، مؤكدًا أنّ "الجبهة بخير وماضية في طريقها ولن تتراجع عن هويتها الطبقيّة وعقيدة المقاومة لديها".

ورأى الراس، أنّ "العمل بسرية وصمت يُطيل من أمد أبطالنا المقاومين ويزيد من المنتوج الثوري لهم، والجبهة الشعبيّة موجودة بعناصرها وكوادرها في كل ميادين المقاومة، ونفّذت الجبهة الكثير من العمليات التي لم نُعلن عنها"، مُشيرًا إلى أنّ "بعض العمليات التي جرى تنفيذها ستبقى طي الكتمان والسرية إلى أن يأتي الوقت المناسب للإعلان عنها".

أمّا بشأن تهديدات الاحتلال المستمرة، قال الراس، إنّه "تهديدات مستمرة ولم تتوقّف للحظة، سواء بحق قادة شعبنا أو المواطنين المدنيين، لكنّ شعبنا توّاق للحرية ولا يهاب أي تهديدات، والجبهة ستبقى حاضرة دومًا في كل المعارك مع العدو الصهيوني كما عهدها شعبنا، وفي الآونة الأخيرة قدمنا 5 من خيرة رفاقنا وفرساننا الأبطال على مذبح الحرية، وإذا اعتقد الاحتلال أنّه بعدوانه المستمر وجرائمه المتصاعدة سيقضي على المقاومة فهو واهم، فشعبنا مصمم على تحرير أرضه ونيل حقوقه".

وأوضح الراس، أنّ "هناك الآلاف من أبناء شعبنا في الضفة الغربيّة يلتحقون بصفوف المقاومة من أجل مقارعة هذا الاحتلال الذي لا يفهم إلّا لغة القوّة، والعبوّات الناسفة التي تنفجر بآليات الاحتلال في قرى ومخيمات الضفة دليل على التطوّر النوعي في إمكانيات المقاومة بالضفة".

وفيما يتعلق بقضية الأسرى في سجون الاحتلال، قال الراس، إنّ "أسرانا يواجهون اليوم الإرهاب الصهيوني الذي يمارسه المجرم "بن غفير"، والذي سيفشل حتمًا وسينكسر أمام إرادة الأسرى الأبطال"، لافتًا إلى أنّ "الصلف الصهيوني المستمر على حقوق الأسرى التي انتزعوها بكثيرٍ من المعارك والتضحيات لم يتوقّف، فهذه هي طبيعة العدو العدوانيّة".

ورأى الراس، أنّ "شعبنا عليه مسؤوليّة كبيرة في إسناد معارك الأسرى داخل سجون الاحتلال، إلى جانب مسؤوليّة كافة فصائل المقاومة في تحرير كل الأسرى وتبييض السجون، لذلك المطلوب استراتيجيّة وطنيّة تكبح توجهات العدو في سحب منجزات الحركة الأسيرة التي حققتها بالدماء والشهداء طوال السنوات الماضية".

وبيّن الراس، أنّ "كل الشعب الفلسطيني يتوحّد خلف قضية الأسرى لأنّها قضيّة وطنيّة جامعة، لذلك نطالب كل فلسطين حر في داخل الوطن وخارجه للاستنفار دعمًا للأسرى، فهذا واجب وطني".

وبشأن حوارات القاهرة والعلاقة مع منظمة التحرير، قال الراس، إنّه "لا خيار أمام جميع القوى الفلسطينيّة سوى لغة الحوار، أو الاحتكام للإرادة الشعبيّة عبر صندوق الاقتراع، ولذلك شاركنا في حوارات القاهرة الأخيرة وعقدنا سلسلة من اللقاءات الثنائيّة لتعزيز مبدأ الشراكة وأملاً في الوصول إلى تحقيق الوحدة الوطنيّة، خلال جميع اللقاءات الثنائيّة في القاهرة، اتفق أطراف الانقسام مع وجهة نظر الجبهة الشعبيّة تجاه خطورة الانقسام القائم على حقوق شعبنا، إلّا أنّ السلطة أصرّت على عدم الاستجابة لمطالبنا بشأن ملف الاعتقال السياسي وخاصّة بحق أخوتنا في حركة الجهاد الإسلامي".

وأكَّد الراس، أنّ "رئيس السلطة أراد حصر أشكال المقاومة في "المقاومة السلمية" كشكلٍ وحيدٍ للمقاومة، وهذا ما رفضته الجبهة بالمطلق، والجبهة الشعبيّة حملت هم الشارع وإرادة شعبنا خلال اللقاء مع قيادة السلطة في القاهرة، وأكَّدت أنّ المقاومة بكافة أشكالها هي حق لشعبنا وفق كل القوانين والشرائع الدوليّة"، لافتًا إلى أنّ "لقاء العلمين لم يحقق أي شيء سوى اتفاق الفصائل على البيان الختامي وميثاق الشرف، لكنّ العقبة الأساسيّة كانت عند رئيس السلطة، لذلك أكَّدنا أنّ المطلوب مشاركة جميع الفصائل في اللجنة التي جرى الإعلان عن تشكيلها في لقاء العلمين لاستكمال الحوار حول القضايا والملفات المختلفة، دون أي إقصاءٍ لأحد".

وشدّد الراس خلال حديثه: "لن نساوم على مصالح شعبنا، ولن نقبل بأي اتفاقٍ لا يضع إرادة وحقوق شعبنا في جوهر أركانه".

وأكَّد الراس، أنّ "منظمة التحرير هي بيت سياسي معنوي جامع لكل شعبنا الفلسطيني، ولكنّ يجب أن يكون هذا البيت لكل الفلسطينيين وليس حكرًا على أحد، والجبهة تدعو على الدوام إلى إصلاح ودمقرطة منظمة التحرير حتى تقود نضالات شعبنا الفلسطيني وفق أسس وطنيّة مشتركة وجامعة، لذلك فإنّ الطريق لإصلاح المنظمة هو انتخاب مجلس وطني جديد يمثّل كل أطياف شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وصولاً إلى بناء المنظمة على قواعد وأسس وطنيّة تنهي حالة الانقسام الفلسطينيّة".

أمّا بخصوص الأوضاع المعيشيّة والحياتية لأبناء شعبنا، قدّم الراس مفارقةً خلال حديثه، قائلاً: "الفلسطيني في زمن الانتفاضة الأولى أي في أوج المقاومة والعمل الانتفاضي كان يتغرّب لسنواتٍ طويلة ويفقد بطاقة هويته وأصبح يدفع مبالغ كبيرة من أجل لم الشمل والعودة إلى الوطن، ولكن اليوم ما يحدث هو العكس تمامًا، لا سيما وأنّ الصورة الحياتية اليوم سيئة جدًا، ومن يتحمّل مسؤولية ذلك هو المسؤول عن غزّة أو الضفة، لذلك طالبنا عدّة مرات بوقف الرسوم الجمركية وتشغيل مولد الكهرباء الرابع خلال فترة الحر الشديد حتى نستطيع تعزيز صمود الجماهير في هذه الأوقات الصعبة".

وأوضح الراس: "نتواصل دائمًا مع لجنة متابعة العمل الحكومي في غزّة بشأن العديد من القضايا أبرزها الكهرباء والضرائب والرسوم الجمركية، ونؤكّد أنّ الجماهير بحاجة إلى الدعم والإسناد وليس إلى ضرائب وجمارك جديدة"، داعيًا "الجميع للتداعي أمام ظاهرة "الانتحار" المقلقة التي تستهدف الشباب الفلسطيني، لذلك يجب الاتفاق على خطة وطنيّة عاجلة لمعالجة هذه الظاهرة"، فيما أشار إلى أنّ "الصمت والتسليم بالأمر الواقع وإغماض العين عن معاناة شعبنا، هو مساهمة مباشرة في هجرة الإنسان الفلسطيني الذي يعتبر عمودًا أساسيًا في مقاومة الاحتلال".

كما رأى الراس، أنّ "هناك إجراءات عاجلة مطلوبة من حكومة غزّة بشأن الضرائب والتوزيع العادل للثروة والإنتاج المحلي وتكاليف الصمود، وهذا بحاجة إلى خطة وطنيّة يشرف عليها عدد من الخبراء، والمطلوب أيضًا إقامة مشاريع حقيقيّة تخدم الشباب وتوفّر فرص عمل لهم، حتى نستطيع إقناع الشباب للبقاء والتجذّر في الأرض الفلسطينيّة"، كاشفًا خلال حديثه: "سنكون أمام خطوات قادمة في هذا السياق، ونؤكّد أنّ كل القضايا المطلبيّة لشعبنا هي عادلة وجزء من هويتنا الطبقيّة التي لا يمكن للجبهة الشعبيّة أن تتخلّى عنها".

وحول زيارة نائب الأمين العام للخارج، بيّن الراس، أنّ "زيارة نائب الأمين العام للجبهة الرفيق جميل مزهر إلى عدّة دول في الإقليم والعالم نابعة من توجهات الجبهة بعد المؤتمر الثامن بضرورة الانفتاح على قوى التحرّر العربيّة والعالميّة وإعادة العلاقات إلى أفضل مما كانت عليه في السابق، ولذلك خدمةً لشعبنا وقضيته العادلة، وكان للجولة الأخيرة الأثر الكبير، حيث التقت الجبهة بالعديد من الأحزاب العربيّة والقوميّة وناقشت تشكيل جبهة عربيّة لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني".

وأشار الراس، إلى أنّ "هذه الجولات ستستمر وصولاً إلى تحشيد كل القوى التي تؤمن بالمقاومة ودعم صمود ونضال شعبنا الفلسطيني، لا سيما وأنّ العدو يشكّل خطرًا على الأمن القومي العربي ولكل الدول العربيّة، وعلى الساحة الدولية، نظّم الرفيق نائب الأمين العام زيارة إلى الاتحاد الروسي وكانت مثمرة جدًا، ورسمت مسارات جديدة لعلاقة الجبهة الشعبيّة مع القيادة الروسيّة، فيما كانت زيارة جمهورية الصين الشعبيّة فرصة للقاء مع مجوعة من الأحزاب القوميّة والعربيّة والعالميّة، لقناعتنا إلى حاجة هذه الدول التي تدعم المقاومة والتحرّر من الاستعمار".

3e001eff-9934-4a8d-9d7e-8cb77dde8f01.jpg


كما انتقل الراس للحديث عن محور المقاومة والعلاقة مع الفصائل الأخرى، إذ أكَّد أنّ "وحدة الساحات بين محور المقاومة هامّة جدًا، لا سيما وأنّ هذا المسار يعطي مساحة كبيرة في مقاومة الكيان الإرهابي من أجل انتزاع الحقوق الفلسطينيّة، وفلسطين و القدس هما قلب هذا المحور، وعلاقاتنا معه تقوم على الشراكة في ميادين المقاومة في كل أماكن ومواقع الاشتباك والمواجهة".

وشدّد الراس، أنّ "محور المقاومة يمتد من فلسطين إلى سوريا ولبنان و اليمن والعراق وصولاً إلى إيران، وهذا المحور بتكتيكاته واستراتيجياته هو من يختار توقيت الرد على جرائم الاحتلال وخاصّة في ملف الاغتيالات، وإذا ما حصلت أي محاولة اغتيال فإنّ غزّة لن تبقى صامتة وستكون كل الخيارات مفتوحة أمامنا".

وحول العلاقة مع الفصائل، قال الراس، إنّ "علاقتنا مع فصائل العمل الوطني والإسلامي تقوم على الاتفاق على ما نتقاطع به، ونختلف في بعض الأمور التي تبقى محطة للحوار المستمر، والجبهة تسعى جاهدةً لتصفير أو على الأقل تسكين الخلافات الفلسطينيّة من أجل عدم حرف البوصلة عن مواجهة ومقارعة الاحتلال".

وفي ختام الحوار المطوّل الذي أجرته إذاعة الشعب مع الرفيق محمود الراس، عاهد كل الشهداء بالمضي قدمًا على خطاهم، والعمل ليل نهار على تحقيق الأهداف التي ارتقوا من أجلها دفاعًا عن هذا الوطن.