الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 - الأسباب والنتائج

حجم الخط
الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 الأسباب والنتائج يعيش شعبنا الفلسطيني ومعه الشعب اللبناني وجماهير امتنا العربية في هذه الأيام ذكرى اجتياح "جيش الدفاع الإسرائيلي" إلى لبنان ,حيث أقدم هذا الجيش وبالتحديد في يوم 6 يونيو منذ عام 1982 وبقيادة قائد الحرب(شارون) على اجتياح جنوب لبنان متقدما نحو العاصمة بيروت تحت غطاء جوي لم يسبق له مثيل مهد لهذا التقدم في قصفه لمواقع المقاومة الفلسطينية,والحركة الوطنية اللبنانية وضرب مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الجنوب والضاحية الجنوبية من بيروت,وقصف مخيمات الجيش السوري التي كانت تتواجد في بيروت والبقاع, وكانت قيادة جيش الدفاع الإسرائيلي المدعمة أمريكيا قد أخذت قرارها بشيء كبير من الغطرسة والعنجهية بأنها ستنجز مهمتها وتقضي على المقاومة الفلسطينية وحليفتها الحركة الوطنية اللبنانية خلال 72 ساعة,وكانت المفاجأة الكبرى في تصدي المقاومة الفلسطينية واللبنانية وصمودها في وجه هذا الهجوم لمدة 82 يوم متواصلة لتبدأ معها الضغوط من بعض العرب والقوة الخارجية لإخراج المقاومة من لبنان. والسؤال المطروح هنا, لماذا هذا الاجتياح الصهيوني ولماذا هذا الصمت من بعض الأنظمة العربية؟ بداية لابد من التفكير أن هذا الاجتياح جاء بعد أن تمكنت إسرائيل من إخراج مصر من عملية الصراع العربي الصهيوني يوم وقع الرئيس(أنور السادات) اتفاقية كامب ديفيد مفاجئا العالم بزيارة إلى الكيان الصهيوني في نوفمبر 1977 وألقى خطاب في الكنيست دعا فيه إلى تسوية سلمية,ونتج عن ذلك توقيع اتفاقية كامب ديفيد في الولايات المتحدة الأمريكية في 17 أيلول 1978 بين مصر وإسرائيل , ووافقت مصر على إقامة علاقات سلام دائم,وتطبيع سياسي واقتصادي وثقافي مع الكيان الصهيوني. هذه الاتفاقية جعلت من الحكومة الإسرائيلية أن تكون مطمئنة وهي تجتاح لبنان في عام 1982 . أما أسباب الكيان الصهيوني لهذا الاجتياح فتتلخص بالتالي : 1. أن المقاومة الفلسطينية أصبحت في مركز قوة مؤثر على مستقبل الكيان الصهيوني,وان صواريخ المقاومة أخذت تطول في عمق الأرض المحتلة,وهذا مالا تحتمله إسرائيل. 2. زيادة التلاحم بين الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية في مواجهة الكيان الصهيوني,شكل إزعاج كبير لحكومة الاحتلال. 3. الانتصارات السياسية التي أخذت تحققها منظمة التحرير الفلسطينية على الصعيد الدولي,وزيادة الدعم واتساع دائرة التحالف مع المقاومة الفلسطينية المشروعة . نتائج الاجتياح الإسرائيلي:- 1. دمر الاجتياح الإسرائيلي إلى لبنان معظم البنية التحتية لمنظمة التحرير الفلسطينية. 2. تم إجبار ما يزيد عن عشرة ألاف مقاتل من مقاتلين الثورة الفلسطينية ومن مختلف الفصائل على الخروج من لبنان على متن بواخر أجنبية ليتوزعوا في عواصم عربية عدة. 3. وجدت قيادة المقاومة الفلسطينية نفسها معزولة في تونس والتي اختارتها مقرا لها محرومة من أي قاعدة إستراتيجية في دول المواجهة مع الكيان الصهيوني . 4. هذا كله ساعد على وجود أجواء فلسطينية وعربية تسير باتجاه منحى التسوية,والتعايش مع الكيان الصهيوني وبنسيان الأرض المحتلة عام 1948. 5. بدأت مشاريع التسوية كنتيجة لهذا الاجتياح وخروج المقاومة وكان أولها . أ.مشروع الرئيس الأمريكي (رونالد ريجان) في سبتمبر 1982 وهو لا يختلف عن ما جاء في اتفاقية كامب ديفيد في شقها الفلسطيني. ب.مشروع فاس ,وهو بالأصل مشروع طرحه الأمير فهد وتبناه مؤتمر القمة في مدينة فاس6_9 أيلول 1982 . ج. مشروع بريجنيف للسلام 1982 ويمثل التصور السوفييتي للتسوية . د. مشروع الكونفدرالية الأردنية الفلسطينية 1984 _1985 . هـ. مشاريع التسوية من 1987_2000 مشروع بيل كلينتون حيث وجدت المنظمة نفسها تسير باتجاه التراجع والتنازل موجودة في مربع التسوية التي ذهب لها نظام السادات .ووقعت منظمة التحرير اتفاقية السلام المشهورة مع الكيان الصهيوني ,اتفاقية أوسلو سبتمبر 1993 ,ثم اتفاق القاهرة مايو 1994 ثم اتفاق (طابا أوسلو) سبتمبر 1995 ثم اتفاق الخليل 1997 واتفاق واي ريفر أكتوبر 1998 وشرم الشيخ 1997 ,ومفاوضات كامب ديفيد يوليو 2000 وجاء شارون على رأس الوزارة الإسرائيلية عام 2001 وأعاد مسار التسوية سنوات إلى الوراء , لتأتي مبادرات عربية منها مبادرة ولي العهد السعودي 2002, والتي رفضتها إسرائيل و رحبت بها أمريكا، و قرر ولي العهد السعودي طرحها في القمة العربية التي انعقدت في بيروت في 28 مارس 2002م، و تبنت القمة العربية هذه المبادرة .أما مجلس الأمن فاصدر قرار في 12 مارس 2002م، رقم 1397 أوضح فيه رؤيته لمستقبل الصراع بقيام دولة فلسطينية تتعايش إلى جانب إسرائيل ، و لكن هذا القرار كالعادة لم يكن له طابع إلزامي إلى إسرائيل ، و لم يحدد شكل الدولة الفلسطينية. ما وصلنا له اليوم في الساحة الفلسطينية هو نتيجة خروجنا من لبنان ، و نتيجة تشردنا في العواصم العربية ، ونتيجة دفعنا إلى تسوية في ظل اختلال في موازين قوى و في ظل فقدان حلفاء كبار للثورة الفلسطينية و في ظل وضع عربي متردي و ضعيف ، و لن نبكي في مثل هذه المناسبة إلى ما وصلنا إليه لأننا نؤمن بان جيل جديد فلسطيني و عربي سيصنع ثورة لن تتمكن كل قوى الظلام و العدوان من الوقوف أمامها و ستنتصر.