هجوم سيناء...فتش عن "إسرائيل"

حجم الخط
ندين بشدة هذا الهجوم الدموي الإرهابي الذي أودى بحياة ستة عشرة جندياً مصرياً على الحدود المصرية مع دولة الكيان الصهيوني , فهؤلاء استشهدوا بطريقة بشعة أثناء الهجوم عليهم وهم يتناولون طعام الإفطار.هؤلاء الجنود هم ثلة من جيش مصر الوطني العربي الذي اجتاز قناة السويس رغم كل الصعاب في العام 1973 في حرب أوكتوبر. الجيش أراد الاستمرار في المعركة لولا القرار الذي اتخذه السادات بوقف القتال, فقد أرادها حرباً تحريكية لا حرباً تحريرية،فاتحاً المجال(للعزيز) هنري ليؤسس لعقد اتفاقية كمب ديفيد المشؤومة مع إسرائيل،وهو ما أخذ مصر بعيداً عن دورها الوطني والقومي العربي والتزامها بالقضية الفلسطينية. للأسف فورالحادث, سارعت الكثير من المواقع الإلكترونية المصرية , والعديدون من الكتّاب والصحفيين والمحللين السياسيين المصريين , إلى اتهام الفلسطينيين بهذا العمل الإرهابي،باعتبار أن الآخرين جاءوا من غزة.هذا الموقف جاء مباشرة بعد الهجوم , ودون اتضاح هوية الإرهابيين المعنيين ! في الوقت الذي لم يتبين فيه الخيط الأبيض من الخيط الأسود في التحقيقات الجارية.الاتهام المتسرّع جاء في لحظة بدا فيها أن ثمة تحسن في العلاقات الفلسطينية-المصرية،وبخاصة مع قطاع غزة ,بعد الانتخابات الرئاسية المصرية , وبعد أنباء تحدثت عن فتح مصري قريب لمعبر رفح(بين مصروقطاع غزة) بشكل أفضل وأطول من السابق. من ناحية ثانية: فإن كثيراً من الحوادث الإرهابية جرت في سيناء،في شرم الشيخ وطابا وغيرهما،على مدى بضعة عقود سابقة , إضافة إلى أنه تجري تفجيرات متكررة لخط الغاز الواصل بين مصر وإسرائيل، لم يحدث حتى لمرة واحدة, أية إشارة إلى الفلسطينيين بالتسبب في مثل هذه الاعتداءات،بل ثبت بشكل قطعي أن لا علاقة لهم بها.وعلى افتراض جدلاً أن من قاموا بالهجوم الأخير :هم الفلسطينيون, يكون هؤلاء خارجون على الاجماع الشعبي الفلسطيني الذي يحرص على العلاقة الأخوية مع الشعب المصري , الذي جعل وما يزال قضيته الأولى, القضية الفلسطينية وتحرير فلسطين. ألم ترفع تظاهرات يونيو 2011 شعار تحرير فلسطين وشعار طرد السفير الصهيوني من القاهرة, وإلغاء اتفاقية كمب ديفيد؟أيّاً كانت جنسية هؤلاء الإرهابيين فهم بالضرورة عملاء لإسرائيل, وقاموا بالتنسيق معها قبل اقتراف هذه العملية الإرهابية. أصابع كثيرة تشير إلى تورط الموساد في هذه الجريمة النكراء،فإسرائيل هي المعنية أولاً وأخيراً بالإساءة إلى العلاقات المصرية- الفلسطينية.المخابرات الصهيونية حذرت قبل أيام فقط من الهجوم وعمليات أخرى مشابهة, وقامت بسحب سياحها من مواقع سياحية مصرية كثيرة تقع في سيناء. هذا يشير وبشكل غير مباشر إلى إمكانية تورطها في المذبحة.لا نقول ذلك لنعلق الهجوم على شماعة المؤامرة الإسرائيلية , فكم من مرّة خططت إسرائيل لتوتير علاقات مصر مع الدول الأخرى, مثلما جرى في أوائل الخميسنيات في ما اصطلح على تسميتها"بفضيحة لافون" حيث قامت المخابرات الصهونية بتفجير أهداف أمريكية وبريطانية وأخرى تابعة لدول أوروبية في القاهرة , لزعزعة الأمن الداخلي المصري بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 وللإساءة للعلاقات المصرية مع تلك الدول.لقد فشلت أهداف الخطة وانكشفت واضطر وزير الدفاع الصهيوني حينها إلى الاستقالة.ألم تقم إسرائيل بتجنيد عملاء لها في مصر؟وبتصدير آفة القطن للمنتوج الزراعي المصري الأول(القطن)؟ألم تقم إسرائيل بمحاولة إغراق الأسواق المصرية بالمخدرات لتخريب الشباب المصري؟مرات كثيرة أشار قادة سياسيون وعسكريون اسرائيليون, في تصريحاتهم : إلى أن مصر هي العدو الأول لإسرائيل؟. على صعيد آخر:إن من مهازل اتفاقية كمب ديفيد السوداء الموقعة بين مصر والكيان الصهيوني :موافقة السادات على أن تكون سيناء خالية من الجيش المصري, وفقط ينتشر فيها شرطة مصريون وبعدد محدد.ألم يفكر قادة الدولة الصهيونية آنذاك بأمن صحراء مترامية الأطراف تقع على حدود دولتهم المصطعنة؟. رغم ذلك وبعد اشتداد أعمال المقاومة ضد الكيان الصهيوني انطلاقاً من سيناء, وبعد ضغوطات أمريكية على إسرائيل وافقت الأخيرة :على انتشار 7 كتائب من الجيش المصري وبأسلحة محددة, فيها . هذا العدد من القوة وفقاً للعسكريين المصريين ,غير كاف لسيطرة المصريين على الأمن في سيناء. الإسرائيليون ذرفوا دموع التماسيح على القتلى المصريين مؤخراً في سيناء , فقد أصدر بنيامين نتنياهو بياناً يتأسف فيه عليهم،كذلك فعل وزير الدفاع ايهود باراك،وغيرهما, وكأنهم حريصون على دماء المصريين.ينطبق عليهم المثل الشعبي القائل:"يقتلون القتيل ويسيرون في جنازته".الجيش الصهيوني هو الذي دفن جنوداً مصريين أحياء في حرب عام 1967 بعد أسرهم ,مخالفاً بذلك كل الاتفاقيات الدولية ومعاهدات جنيف حول"أسرى الحروب" وضارباً عرض الحائط بكل المعايير الإنسانية.دفن إسرايئل للجنود المصريين الأحياء يقع خارج نطاق الدعاية لتشويه صورة إسرائيل, فهو حقيقة واقعة حدثت بالفعل. إن معظم مآسي الأمة العربية هي بسبب وجود دولة الكيان الصهيوني المغتصب .والهجوم الإرهابي الأخير له علاقة مباشرة بجيش ومخابرات هذا العدو , فلماذا التسرع في الحكم؟. * * *