مخيم اليرموك , كارثة في انتظار الحل المناسب.

حجم الخط
مضى على اجتياح مخيم اليرموك ما يزيد عن الشهر بعدة أيام , ومازالت كارثة المخيم تمضي نحو التفاقم بدون حل , وفي ظل هكذا حالة , تتعاظم المخاوف , ويعلو سقف الهواجس والقلق على مصير المخيم , كلما تقدم الزمن في عمر الكارثة . لماذا كارثة المخيم تنتظر بدون حل ( بذلت محاولات من أوساط أهلية , وغير أهلية لتجنيب المخيم المزيد من الأثمان ) ولكنها ذهبت أدراج الرياح , وتفاقمت أزمة المخيم وهي تندفع نحو المزيد . وفي ظل هكذا وضع تفرض نفسها أمامنا حزمة من الأسئلة , وهي بحاجة لأجوبة , أولاً : لماذا خَفت الضجيج الإعلامي حول أزمة المخيم , فهل استكان قاطنيه للوضع القائم , واستسلم نازحيه للجوء خارجه , أم ماذا ؟ ثانياً : هل دوائر صناعة القرار ( الثلاث ) الدولة السورية الشقيقة أولاً , والفصائل الفلسطينية ومن هم في فلكها , والمعارضة المسلحة , وصلت إلى الطريق مسدود ؟ ثالثاً : إن تعقدت سبل المعالجة الآن , ماهي أقصر الطرق لتجاوز الراهن , وسحب الأزمة قليلاً من النفق المظلم والذي ربما يصر البعض على بقائها فيه ؟ رابعاً : لماذا ارتفاع سقف سيناريو النفخ والتحريض ضد الفلسطينيين من بعض الأوساط المتدخلة في الصراع المحتدم في الوطن الشقيق سوريا , هل الهدف تعقيد سبل حل أزمة المخيم , أم دفع الفلسطينيين إلى مزيد من أوجاع الروح , وعذابات اللجوء ما بين الألم الناجم عن اللجوء من المخيم والذي يصل حد الكابوس ومرارة العجز عن إيجاد حل مناسب له ؟ إن أسئلة الأزمة الراهنة والتي تحيط بالحالة الفلسطينية في سوريا , إحاطة السوار بالمعصم , تقتضي في كل الأحوال البحث عن أجوبة لها , وإلا ما معنى وجود الفصائل الفلسطينية الأربعة عشر , وهي من وجهة نظري تتحمل المسؤولية الأولى ( وليست الحصرية ) عن مآل تطور الكارثة في مخيم اليرموك من جهة والمخيمات الفلسطينية الثلاثة عشرة الأخرى في الوطن الشقيق سوريا من جهة أخرى . إن إتكاء البعض ( نظراً لقراءات حولاء في علم السياسة ) في الحكم على بقاء هذا النظام , أو ذاك النظام من عدمه على معطيات أية كانت تلك المعطيات , وإدخال الحالة الفلسطينية في هذا الزروب الآسن , وضعَ قضية كبرى كقضية فلسطين في باب الجزئيات , لذا على كل الأطراف الفلسطينية والتي تصرفت كما ينبغي أن يكون عليه الأمر , أو التي عانت من فقدان البصيرة الإدراك يقيناً , أن فلسطين تحاكم في باب السياسات , والمناهج وليس الزواريب والجزيئات هذا أولاً . ثانياً : مطلوب من جميع الأطراف وفي مقدمتهم الفلسطينيين , إطلاق الشعارات , والتسميات الحقيقية لواقع حالهم , بما يسحب بعضاً من القلق من أرواحهم خاصة في مخيم اليرموك . ثالثاً : إعلاء صوت اللاجئ الفلسطيني في سوريا والذي يصر على موقفه بالحياد الإيجابي , مما يجري في البلد الشقيق سوريا , فلا يجوز لأي أقلية فلسطينية , ومهما قدمت من مسوغات لموقفها زج مجموع السكان الفلسطينيون والذي يصل تعدادهم لحوالي 650 ألف نسمة في أتون الصراع المحتدم في الوطن الشقيق سوريا . الفلسطينيون يحبون سوريا وطناً , وشعباً , وهم منذ خمسينيات القرن الماضي , يتمتعون بحقوق لم يحصلوا عليها في أي بلد عربي شقيق آخر , ( وهذا ليس مِنةً من أحد ) , وإلا علينا الاعتراف بسايكس - بيكو ,إن لم يكن الأمر كذلك , فالفلسطينيون سوريون حتى نخاع العظم , ونحن نحب دمشق بقدر محبتنا للقدس , ونرضى بكل ما يرتضيه الشعب السوري لنفسه . إن انعدام مقومات الحياة داخل المخيم ( غذاء , وقود وغيرهما من المستلزمات ) , وتعاظم المخاطر الأمنية فيه بسبب الاشتباكات في داخله أو على أطرافه , يفرض فرضاً استمرار حالة النزوح منه لأن صعوبات الحصار الجزئي , أو الكلي تعقّد إمكانية البقاء فيه , ولا تشجع للعودة إليه . لذا فإن توفير الحماية الأمنية والسياسية هي المطلب الأول للاجئين الفلسطينيين , ويأتي بعدها كل أشكال الإعانة, والإغاثة وبعدها سموا ما شئتم من تسميات , لأن تغير الوضع القائم هو الأساس بمعنى العودة بالمخيم إلى ما قبل اجتياحه , وهو يعني خروج المسلحين منه وبدون فذلكات , أو فلسفات هذه أو تلك من الأطراف . إن من يتفلسف بحقبة التغيير الراهنة في الإقليم له الحق بذلك , ولكن بعيداً عن المخيم وسكانه من اللاجئين الفلسطينيين , ( اللي بجرب المجرب , عقله مخرب ) , ماذا حدث مع الفلسطينيين في الأردن ؟ وماذا حدث مع الفلسطينيين في لبنان ؟ وماذا حدث ويحدث مع الفلسطينيين الآن ؟ شعب فلسطين بحاجة لرحمة بعض ابنائه بحيث لا تدفع أهدافه الوطنية المحقة في الدولة والعودة والتحرير إلى دائرة بعيدة عن ساحات فعلها الحقيقية وهي فلسطين . إن الحالة الفلسطينية تقف أمام امتحان عسير يتطلب منها : أولاً : وحدة في الموقف الفلسطيني بما يدفع نحو لجوء فلسطيني إيجابي في وطننا الثاني الشقيقة سوريا . ثانياً : جهود موحدة وحقيقية لتحريك القوى الوطنية والقومية الشقيقة والصديقة لأجل استعادة مخيم اليرموك والمخيمات الأخرى , كأماكن لجوء آمنة ومستقرة , لكي تبقى بوصلة الفلسطيني اللاجئ دائماً وأبداً , فلسطين أولاً , وفلسطين أخيراً , ولا إقامة دائمة في غيرها للفلسطينيين , أينما حلوا أو رحلوا لأسباب خارجة عن إراداتهم .