المؤتمر القومي العربي يعقد دورته الرابعة والعشرين على أرض مصر العروبة


بحضور أكثر من أربعمائة شخصية من مختلف البلدان العربية، انعقدت على أرض مصر الثورة الدورة الرابعة وا
حجم الخط
بحضور أكثر من أربعمائة شخصية من مختلف البلدان العربية، انعقدت على أرض مصر الثورة الدورة الرابعة والعشرين للمؤتمر القومي العربي يومي 1-2، حزيران 2013 وألقيت في الجلسة الافتتاحية التي انعقدت في فندق رمسيس هيلتون العديد من الكلمات. بدأت بكلمة للسيد عبد الملك المخلافي الأمين العام للمؤتمر القومي العربي، والسيد محمد فائق الوزير المصري أيام الرئيس والزعيم الراحل جمال عبد الناصر، والذي ترأس أعمال المؤتمر، وبعد ذلك ألقى السيد حامدين صباحي كلمة شاملة تحدث خلالها عن الثورة المصرية وإصرار هذه الثورة على مواصلة مسيرتها حتى تحقيق كامل أهدافها مؤكداً أن مصر وشعبها العظيم ستبقى دائماً إلى جانب كفاح الشعب الفلسطيني لتحرير كامل ترابه الوطني. ثم تحدث السيد خير الدين حسيب أحد أبرز مؤسسي المؤتمر القومي العربي مؤكداً على أهمية التلاحم بين مختلف تيارات الأمة العربية السياسية والفكرية لتحقيق المشروع النهضوي العربي. ثم ألقى السيد محمد سعيد إدريس كلمة اللجنة التحضيرية التي أعدت الترتيبات لانعقاد المؤتمر، كذلك تحدث السيد منير شفيق وألقى كلمة باسم المؤتمرات الثلاث المؤتمر القومي والمؤتمر القومي الإسلامي ومؤتمر الأحزاب العربية. وألقى الدكتور ماهر الطاهر عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مسؤول قيادتها في الخارج وعضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، كلمة باسم المقاومة الفلسطينية، نقل في مستهلها تحيات شعب فلسطين الصامد على أرض وطنه إلى شعب مصر العظيم الذي قدم أغلى التضحيات من أجل فلسطين، وقال: ننحني إجلالاً وإكباراً لشهداء مصر وشهداء ثورة 25 يناير مؤكداً على أهمية انعقاد المؤتمر على أرض مصر وخاصة بعد ثورتها المجيدة، ثورة شبابها وعمالها وطلابها موجهاً التحية إلى مصر عد الناصر التي خاضت المعارك الكبرى في مواجهة الاستعمار والصهيونية منذ أن رفع الزعيم الخالد شعاره الشهير "ارفع رأسك يا أخي فقد ولى عهد الاستعمار" وتحدث الدكتور الطاهر في كلمته عن استمرار وتصاعد المخططات الاستعمارية التي تسعى لتحقيق أهداف محددة أبرزها: أولاً: ضزب فكرة القومية العربية والوحدة العربية لتفتيت الأمة العربية وتقسيمها وتفكيك المجتمعات العربية وتعميق الصراعات المذهبية والطائفية والعرقية، لأن الاستعمار يدرك جيداً أن وحدة الأمة العربية تعني أن بترول العرب للعرب، وأن لا مستقبل للوجود الصهيوني على أرض فلسطين. ثانياً: حماية الكيان الصهيوني وتكريس وجوده والاعتراف العربي به، بعد أن باتوا يدركون أن لا مستقبل لهذا الكيان بسبب صمود الشعب الفلسطيني على أرضه ومقاومته المستمرة منذ أكثر من قرن. ثالثاً: ضرب نهج وثقافة المقاومة ومحاولة تشويهها خاصة بعد الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني، وانتصار المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله وتحرير جنوب لبنان والتصدي للعدوان الصهيوني الغاشم عام 2006 وصمود المقاومة العراقية الباسلة وقدرتها على طرد قوات الاحتلال الأمريكي من العراق. رابعاً: محاولات تصفية القضية الفلسطينية في ظل ظروف صعبة يمر بها الوطن العربي والواقع العربي، حيث يقدم النظام الرسمي العربي تنازلات للعدو الصهيوني، هذا النظام الرسمي الذي يريد الانتقال من شعار تحرير فلسطين إلى التحرر والتخلص من أعباء القضية الفلسطينية وقال الطاهر في كلمته: إن النظام الرسمي العربي وعبر ما سمي بلجنة مبادرة السلام العربية برئاسة وزير خارجية قطر وبدلاً من سحب ما سمي بمبادرة السلام العربية التي رمتها "إسرائيل" في سلة المهملات بدلاً من سحب وإلغاء مبادرة السلام العربية تقدم لجنة مبادرة السلام تنازلات جديدة وتمارس سياسة التسول والاستجداء من الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني ويعلنون قبولهم بمبادلة أرض فلسطينية بأرض فلسطينية أخرى ولا نعرف من فوضهم تقديم مثل هذه التنازلات الخطيرة وأضاف الطاهر: ماذا كان الرد على هذا التنازل؟ الرد جاء على لسان وزير الخارجية الأمريكي بأنه سيقنع جامعة الدول العربية الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية والرد جاء من إسرائيل بالعدوان العسكري الغاشم على سوريا والاعتداء على القدس واقتحام المسجد الأقصى والمزيد من الاستيطان وتهويد الأرض وتحدث الدكتور ماهر الطاهر عن ما سمي بمبادرة كسر الجهود والسلام الاقتصادي وتقديم أربعة مليارات دولار تحدث عنها وزير الخارجية الأمريكي لتحسين الوضع الاقتصادي في الضفة الفلسطينية متجاهلين أن القضية الأساسية بالنسبة للشعب الفلسطيني هي إزالة الاحتلال وتحرير الأرض واستعادة الحقوق الوطنية الثابتة وغير القابلة للتصرف. إن الإدارة الأمريكية تمارس كل الضغوط على السلطة الفلسطينية للعودة إلى المفاوضات والهدف من ذلك هو الحصول على تنازلات جديدة ومحاولة منع الانفجار الشعبي الشامل في الأراضي الفلسطينية المحتلة. إن الرد على هذه السياسة الأمريكية المنحازة بشكل كامل للكيان الصهيوني والرد على سياسة الاستيطان والعدوان الصهيوني المتواصل هو ضرورة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام ورسم استراتيجية عمل فلسطيني جديد تضع العرب أمام مسؤولياتهم وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية وإعادة بناء مؤسساتها والتأكيد على خيار المقاومة بكل أشكالها وعلى رأسها المقاومة المسلحة لتحرير الأرض واستعادة الحقوق. وفي ختام كلمته تحدث الدكتور ماهر الطاهر عن الحراك العربي مؤكداً على حق الشعب العربي في الديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة وأنه لا يمكن تحرير فلسطين بدون بناء مجتمعات عربية ديمقراطية حديثة واستنهاض طاقات الأمة العربية، وبناء المشروع النهضوي العربي ولكن ذلك لا يمكن أن يتم من خلال التدخلات الخارجية وتدخلات حلف النيتو والإدارة الأمريكية بهدف حماية إسرائيل وتفتيت المجتمعات العربية. إن التغيير يتم بسواعد الشعب لأننا نريد بناء مجتمعات عربية ديمقراطية مقاومة للمشروع الصهيوني الإمبريالي، ودعا الطاهر إلى ضرورة بناء جهة عربية عريضة تضم التيارات الفكرية – السياسية في الساحة العربي ولكن على أساس سياسي واضح يقوم على قاعدة محاربة المشروع الصهيوني، وأنه لا يمكن لأي تيار أن يكون معادياً لإسرائيل وصديقاً للولايات المتحدة الأمريكية لأن المعادلة بهذا الشكل لا يمكن أن تستقيم، فإذا كنت معادياً حقاً لإسرائيل لا يمكن أن تكون صديقاً وحليفاً للولايات المتحدة الأمريكية التي تدعم إسرائيل بشكل مطلق. وتوجه الطاهر بالتحية للأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال وصمودهم الأسطوري وعلى رأسهم الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات ومروان البرغوثي. وعاهد الجماهير على مواصلة الكفاح والمقاومة حتى تحرير فلسطين كل فلسطين. بيان إلى الأمة صادر عن الدورة الرابعة والعشرين للمؤتمر القومي العربي مصر، 1 – 2 حزيران/يونيو 2013 من القاهرة عاصمة الثورة وعاصمة العروبة وعلى مشارف ميدان التحرير عقد المؤتمر القومي العربي دورته الرابعة والعشرين بتاريخ 1 و 2 حزيران/يونيو 2013، في جمهورية مصر العربية. وإذ يوجه المؤتمر شكره للدولة المصرية ولجميع القوى السياسية ولشعب مصر العظيم على احتضان هذه الدورة وتوفير الوسائل التي هيأت لأعمالها فرص النجاح على أفضل ما يكون. ولمّا كان المؤتمر يختزن ضمير الأمّة ويشكّل مرجعيته الشعبية في اللحظات الحاسمة التي تجسّد حلم الشعب العربي بالحرية والكرامة والسيادة. يحيي شعب مصر وثورتها، وينحني إجلالاً وإكرماً لأرواح شهدائها، داعياً لها بإكمال مسيرتها لما فيه خير مصر وخير أمتنا العربية جمعاء. وفي هذا السياق عينه يسترجع المؤتمر ثورة 23 تموز/يوليو 1952 وقائدها الخالد الرئيس جمال عبد الناصر وما ترمز إليه هذه اللحظة الأبهى من تاريخ مصر من تجسيد لإرادة الشعب في الحرية والاستقلال والكرامة، يسترجع تلك الثورة المجيدة التي وضعت الأمّة العربية على طريق الوحدة والعزّة واحتلال الموقع الذي يليق بتاريخ العرب المجيد ورسالتهم الحضارية. فإلى مصر الدولة والشعب والتاريخ والحاضر والمستقبل والدور المنتظر في تحقيق مشروع النهوض العربي، تحيات المؤتمر وآماله. في هذه المنعطفات الخطيرة التي تمر بها الأمّة العربية، ومن منطلق تمسكه بثوابت الأمّة وبضرورة الاستجابة لرغبات شعبنا العربي في التخلص النهائي من الاستبداد والفساد والتبعية. يستشرف المؤتمر مستقبل الأمّة في ضوء ما آلت إليه الأوضاع الدولية وصراعات القوى المتحكّمة بها. وفي هذا السياق يلحظ المؤتمر تراجع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية وتالياً الكيان الصهيوني في ميزان القوى، فباتت كلها عاجزة عن امتلاك إستراتيجية موحدة ومتماسكة فضلاً عن فقدانها لزمام المبادرة وتتالي الإخفاقات في السيطرة وبات لها منافسون دوليون وإقليميون كروسيا والصين والهند والبرازيل وإيران وجنوب إفريقيا. لقد انتهى زمن القطب الأمريكي المتسلط على العالم ودخلت الشعوب في وضع دولي متعدد القطبية ما يتيح لها تعزيز استقلالها وتحقيق مشاريع نهوضها القومي. إن هذا الواقع الدولي الجديد يهيئ فرصاً مؤاتية أمام تحقيق المشروع النهضوي القومي العربي بمرتكزاته ومساراته التصحيحية والتغييرية والتكاملية والوحدوية تتجاوز الانقسامات مهما كانت حادة فلا تتركها تنال من إرادة الشعب العربي في الوحدة والحرية والعدالة والديمقراطية والتنمية والتجدد الحضاري. فكلُّ ما في الأمّة الآن من حراك تغيري نهضوي ينمو ويقوى. وله من يتربص به شراَ ويدفعه إلى مخاطر الوصول إلى ما يشبه الحروب الأهلية. إن المؤتمر القومي العربي، وعياً منه لهذه المخاطر، يؤكّد مسؤوليته في بناء الوحدات الوطنية من جهة وفي بناء الكتّلة التاريخية المتشكّلة من مكونات الأمّة كافة، ضماناً للوحدة القومية وإلحاقاً نهائياً للهزيمة بكل المشاريع التفتيتية المعدة للأقطار وللأمّة ودعماً للمقاومة في فلسطين ولبنان ولسائر قوى محور المقاومة والممانعة صدّاً لأي اعتداء خارجي على أي قطر عربي. لذلك وحماية للوحدات الوطنية والوحدة القومية لا بد من تطوير آليات الحوار داخل مكونات الأمّة، كما داخل المكونات في كل الأقطار على قاعدة الالتزام المطلق للتغير الديمقراطي الشامل وإسقاط حكم الاستبداد والفساد والتبعية، وإغلاق كل الثغرات الكامنة في البنى الداخلية. ولمّا كان المؤتمر يعي أن تعقيدات الواقع العربي الراهن لا يمكن معالجتها عن طريق القبول بالاستبداد بذريعة مقاومة التدخل الاستعماري ولا عن طريق استدعاء القوى الاستعمارية بحجة التخلص من هذا الاستبداد. لذلك فهو يرفض الاثنين معاً ولا يحابي أو ينحاز لأي طرف من طرفي هذه المعادلة، ويجد نفسه دائماً يغلّب في توجهاته الانصراف إلى معالجة التناقض الرئيس المرتبط بالصراع مع العدو على التعارضات الثانوية المرتبطة بهياكل الحكم والأنظمة بدون التخلي عن مسؤوليته في التطوير والتغيير والإصلاح الديمقراطي ودعم قواه في الأقطار المعنية، ودعم حق الشعوب في اختيار أنظمتها السياسية. وعليه، إن المؤتمر لا يجد نفسه، كما الشعوب العربية، مخيراً بين الاحتلال والاستبداد، خياره كما خيار الشعوب، رفض الاثنين معاً. وإدراكاً منه لطبيعة الواقع العربي الرسمي الذي حمل في طياته كل مسوّغات الثورة عليه إن لجهة إفراغه من عناصر القوة، وإن لجهة تبعيته لإرادات القوى الإقليمية والأجنبية، وإن لجهة فساد أنظمته واستبدادها، يرى المؤتمر أن الحراك الثوري العربي الذي بدأ في تونس ومنها انتقل إلى مصر واليمن فليبيا تمكّن من إسقاط الحاكم دون تغيير قواعد الأنظمة السياسية والسياسات الاقتصادية والاجتماعية فضلاً عن أن بعض القوى التي وصلت إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع استأثرت بالحكم في المرحلة الانتقالية وأقصت قوى أساسية كان لها الدور الرئيس في الثورة مما يحدونا على دعوتها للالتزام بوعودها بإقامة حكم الشراكة الوطنية الجامعة، ما أساء إلى مفهوم دولة الحق وحكم القانون القائم على دستور المشاركة والتعدد السياسي وفتح المجال العام أمام الكفاءات الوطنية. ومن مساوئ هذا الاستئثار كذلك عدم احترام الإرادة العامة في خيارها التحلّل من كل الاتفاقات المعقودة مع العدو الصهيوني وجعل القضية الفلسطينية في رأس أولويات هذه الدول. ومنها كذلك التنكّر التام للإرادة الشعبية في الوحدة التكاملية أو الوحدوية بين أقطار الأمّة. يرى المؤتمر أن المسار الإستئثاري والإقصائي سيدمر ما تبقى من وحدات وطنية وقطرية و سيقضي تماما على الحلم بالوحدة القومية وستزداد أصوات الانفصال ارتفاعاً ما لم يتوقف هذا المسار بإرادة تصحيحية شاملة تعود به إلى بداياته ومنطلقاته التغيرية استجابة لمطالب الحراك الشعبي بالتعددية والمشاركة والأنظمة الديمقراطية البرلمانية وسيادة حكم القانون واستقلال القضاء واحترام حقوق المواطنة، وذلك بما يتوافق وأهداف المشروع العربي النهضوي. وبهذه المناسبة يعلن المؤتمر دعمه لأعمال الحوار الوطني اليمني الذي يضم الأطراف الوطنية كافة بهدف تحقيق الوفاق المأمول بتأسيس لحكم ديمقراطي ومشاركة شعبية حقيقية ضامنة لوحدة اليمن واستقراره. وفي هذا السياق نفسه يدعم المؤتمر الحوار الوطني التوافقي في تونس ويدعو إلى تفعيل الحكم الائتلافي. يؤكّد المؤتمر خلق ظروف مؤاتية لإنجاح الحوار الوطني في مملكة البحرين ويرى أن إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والابتعاد عن سياسة التسعير الطائفي والمذهبي هي شروط لازمة لنجاح الحوار بما يحقق تطلعات شعبنا في البحرين إلى تحقيق الديمقراطية. يعبّر المؤتمر عن قلقه تجاه ما يجري في ليبيا من انهيار للدولة وغياب للأمن. ويرى أن السبيل لتجاوز الواقع الراهن هو تحقيق المصالحة الوطنية، بما يؤمن وحدة التراب الليبي وقيام دولة المؤسسات وتحقيق التحول الديمقراطي، ويجنبها كافة الشرور التي نجمت وما تزال عن التدخل الأجنبي. ومن منطلق ثوابته القاضية بتجميع قوى الأمّة منعاً للفرز وصداً لمشاريع تفتيت الوحدات الوطنية ومنعاً لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي بدأت ملامح تنفيذه في غير مكان من الوطن العربي (بدءاً بالسودان والعراق واليمن ربما غداً في سوريا والآن في مصر من خلال ما يجري في قناة السويس وسينا). يرى المؤتمر أن تحرير فلسطين وتحقيق الاستقلال الوطني والقومي ومشروع النهوض، تستوجب حوارات صريحة ونقدية بين تيارات الأمّة ومكوناتها السياسية بما يؤدي إلى إزالة التوترات وإزالة القطيعة التي من شأنها إضعاف الأمّة وتركها لقمة سائغة في فم أعدائها، فلا استقلال وطنياً ولا أمن قومياً، ولا مقاومة ناجحة، ولا تحريراً لأرض ولا حماية لثروة، ولا انجازاً لتكامل ولا صداً لإرادة استعمارية امبريالية، والصراع قائم بين مكونات الأمّة. من هذه الحقائق مجتمعة يتحمّل المؤتمر مسؤولية المبادرة إلى الحوار مع الجميع كونه يضم مجموعة كبيرة من حكماء الأمّة كما فعل منذ مدّة وجيزة، ومفكريها الذين لا يصرفهم أيّ شأن عن المبادرة إلى ما يحقق المصالح القومية العليا. ومن منطلق تحمله لهذه المسؤولية التاريخية يناشد المؤتمر جميع المعنيين مشاركته في التصدّي لهذه المهمة فيساعدون على الإقلاع عن سياسة التخوين والتكفير والتحريض المذهبي والطائفي والعنصري أحياناً وعلى وضع حد لمختلف أشكال العنف المادي واللفظي واعتماد الحوار الديمقراطي وسيلة واحدة للنقد الذاتي البناء ووضع برنامج أولويات وطنية وقومية أساسه التمسّك بالمقاومة خياراً استراتيجياً للأمّة والتصدي الشامل لمشاريع الاستعمار والصهيونية. من هنا وبناء على هذه القواعد يعلن المؤتمر تمسكه بالمؤتمر القومي – الإسلامي تعبيراً عن إرادته في تكوين كتلة تاريخية تعيد للأمّة وحدتها ودورها وحجمها ورسالتها بين الأمم. يرى المؤتمر أن النجاح في تكوين هذه الكتلة التاريخية يتحقّق الانتصار للقضايا العربية التي تحتلّ نقطة المركز فيها القضية الفلسطينية. ونظراً للتطورات الخطيرة المحيطة بقضية فلسطين واستمرار الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني وأعوانه في المنطقة في تنفيذ مخططاتهم لتصفية القضية الفلسطينية يؤكّد المؤتمر ما يلي" أولاً إن قضية فلسطين، كانت ولا زالت وستبقى القضية المركزية للأمّة، التي لا يمكن نهوضها وتقدمها في ظلّ وجود الكيان الصهيوني المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية والذي شكّل خطراً داهماً على الأمن القومي العربي ومستقبل الأمّة بأسرها. ثانياً يؤكّد المؤتمر أهمية وضرورة إعادة الاعتبار لشعار وهدف تحرير فلسطين، وفشل نهج التسويات والحلول السياسية والمفاوضات وسياسة التنازلات والاعتراف بالعدو والتي كانت حصيلتها المزيد من الاستيطان وتهويد الأرض، ويجدد التأكيد بأن الصراع مع المشروع الصهيوني هو صراع وجود لا صراع حدود، مما يتطلب حشد طاقات الأمّة بأسرها وتقديم كل أشكال الدعم للشعب الفلسطيني مادياً وسياسياً وعسكرياً لدحر الاحتلال وتحرير الأرض. ثالثاً يتصدى المؤتمر لسياسة التنازلات والتفريط والاستجداء التي يمارسها بعض أطراف النظام الرسمي العربي والتي عبّرت عن نفسها مؤخراً بموافقة ما سمي بلجنة مبادرة السلام العربية، والتي أعلنت في أمريكا موافقتها على مبادلة الأراضي، أي مبادلة أرض فلسطينية بأرض فلسطينية أخرى، ما يعني فتح الطريق أمام تكريس وتشريع الاستيطان والتهويد. إن المؤتمر القومي العربي، يدعو الجامعة العربية إلى سحب ما سمي بمبادرة السلام العربية، وليس تقديم المزيد من التنازلات للعدو الصهيوني الذي يسعى للحصول على الاعتراف الرسمي العربي به كدولة يهودية، بهدف التصفية الشاملة لقضية فلسطين بجميع أبعادها وتهديد مستقبل أهلنا الصامدين على أرضهم في الأراضي المحتلة عام 1948. كما يعبر عن رفضه لتحركات الإدارة الأمريكية الهادفة لإعادة المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية تحت شعارات زائفة حول السلام الاقتصادي وتقديم المساعدات المادية لتحسين الظروف المعيشية للناس متوهمين بأنهم بمثل هذه الرشوات سيقطعون الطريق على الانفجار الشامل في الأراضي الفلسطينية. رابعاً يؤكّد المؤتمر ضرورة وأهمية إنهاء الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني الذي طال أمده والذي لم يعد مقبولاً بأي شكل من الأشكال. مما يستدعي ضرورة إنجاز الوحدة الفلسطينية – الفلسطينية كمهمة عاجلة على قاعدة التمسك بكامل الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ويجدّد استعداده لبذل كل الجهود مع الأطراف المعنية في الساحة الفلسطينية لتحقيق هذا الهدف. خامساً يرى المؤتمر القومي العربي أن المقاومة بجميع أشكالها وعلى رأسها المقاومة المسلّحة هي الخيار الاستراتيجي الكفيل بتحرير الأرض، وهذا ما أكّدته مسيرة الصراع والمواجهات والصمود خلال العقود الماضية. ويطالب بفتح الجبهات العربية أمام المقاومة للتصدي للاحتلال وتحرير الأرض الفلسطينية والأراضي العربية المحتلة. سادساً يؤكّد المؤتمر الأهمية الخاصة لقضية القدس والمقدسات ومواجهة مشاريع تهويدها ويدعو الأمّة العربية والإسلامية وأحرار العالم لتقديم كل أشكال الدعم لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني في المدينة المقدّسة. سابعاً يوجّه المؤتمر التحية للأسرى الصامدين في سجون الاحتلال الصهيوني الذين جسّدوا أروع معاني التحدي ببطولاتهم وإضراباتهم عن الطعام وتحديهم الأسطوري للنازيين الجدد، ويدعو أعضاء المؤتمر كافة إلى الانخراط في أنشطة تضامنية معهم. - يدعو المؤتمر للتصدي لسياسة التطبيع مع العدو الصهيوني التي تمارسها بعض الأطراف الرسمية العربية، ويدعو إلى المقاطعة الشاملة للعدو ويؤكّد ضرورة أن تتضمن دساتير الدول العربية ما يحرّم ويجرّم هذه السياسة. إذا كانت فلسطين والأراضي العربية المحتلة في رأس الاهتمامات النضالية والقومية نظراً لموقعها في الاستهدافات الأمريكية – الصهيونية. يرى المؤتمر أن دائرة الاستهداف منذ كامب دايفيد، وغزو العراق واحتلاله بدأت تتسع لتشمل دولاً عربية عدّة، وفي مقدمها الدولة السورية نظراً لدورها المحوري في الصراع العربي – الصهيوني، ولارتباطها الداعم بقوّة للمقاومة في لبنان وفلسطين، من هنا كان للمؤتمر مواقف ويعيد تأكيدها اليوم تدعم الدولة السورية في مواجهة الحرب عليها. هذا في جانب. أما في جانب آخر فيرى المؤتمر أن ثمّة حراكاً شعبياً في سوريا يطالب بإقامة نظام حكم ديمقراطي تعددي، ومن هنا، كان للمؤتمر مواقف، ويعيد تأكيدها اليوم تدعم الشعب العربي السوري في نيل مطالبه المحقة في الحرية والكرامة والتغيير الديمقراطي، وبناء دولة الحق والقانون، والمواطنة المتساوية في الحقوق وفي الواجبات وفي إقامة نظام سياسي وفق إرادته الحرة. وبناء عليه يقرر المؤتمر بشأن سوريا ما يلي: - يرحّب المؤتمر بالتوافق الدولي لعقد مؤتمر جنيف 2، ويحثّ الأطراف المعنيين كافة على تلبية الدعوة للمشاركة فيه، خصوصاً وأنه يأتي بعنوان الحلّ السياسي للخروج من الأزمة. - يعلن المؤتمر ويعيد تأكيد موقفه الثابت من رفضه للتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية أجنبياً ،امبرايالياً وصهيونياً كان هذا التدخل، أو إقليمياً أو عربياً. - يعلن المؤتمر موقفه الحاسم ضدّ الحلول العسكرية التدميرية التي تعمل لها أطراف داخل سوريا وخارجها والتي تدفع إلى التمويل والتسليح والتجنيد والتحريض. - يؤكّد المؤتمر مواقفه السابقة بشأن البدء بمرحلة انتقالية تضمن الانتقال السلمي إلى نظام سياسي ديمقراطي تعددي يقرّه السوريون أنفسهم بإرادتهم الحرّة. - يعلن المؤتمر التزامه بذل كلّ ما يستطيع من جهود لإنجاح أي لقاء سوري – سوري هدفه إرساء السلم الأهلي والحفاظ على وحدّة سوريا شعباً وأرضاً ودولة وعلى عروبتها وموقعها في الصراع العربي – الصهيوني. - كما يدعو المؤتمر الأطراف كافة إلى وقف فوري للقتال والعنف. يطالب المؤتمر جامعة الدول العربية بالعدول عن سياساتها السابقة والحالية بشأن سوريا فتعمل من أجل السوريين جميعاً وتشكل عامل جمع بينهم لا عامل تفرقة مع الاحترام الكامل لسيادة الدولة السورية بما يقتضيه ميثاق الجامعة وسائر متفرعاته، بما فيها التراجع عن قرار إسقاط عضوية سوريا في الجامعة العربية. - يجدّد المؤتمر إدانته للعدوان الصهيوني ضدّ سوريا ويرى فيه تأكيداً لمخاطر التدخل الصهيوني. وإذ ينحني المؤتمر أمام أرواح الشهداء السوريين أبناء الشعب العربي السوري الواحد، يدعو المنظمات العربية والإسلامية والدولية المعنية إلى الاهتمام بالنازحين السوريين إلى داخل سوريا وإلى دول الجوار لتوفر لهم ظروفاً حياتية كريمة ولائقة فضلاً عن العنايات الصحية والغذائية والتعليمية. وعلى قاعدة الربط بين استهدافات المشروع الامبريالي – الصهيوني على امتداد الوطن العربي يرى المؤتمر أن ما يجري في العراق اليوم يدخل في صلب هذه الاستهدافات من محاولات تفكيك للدولة العراقية ونزع لهويتها العربية وتحويلها إلى جماعات عرقية ومذهبية متصادمة وموظفة في خدمة جهات إقليمية ودولية. لذلك يجدّد المؤتمر تمسكه بوحدة العراق الجغرافية وبوحدة شعبه ووحدة دولته وبهويته العربية وبدوره العربي ما يبعد عنه كل أشكال التدخلات الإقليمية ويحرره من قيود العملية السياسية التي فرضها عليه قانون "بريمر" وملحقاته الدستورية والتشريعية. ويجدّد المؤتمر دعوته إلى الشعب العراقي إلى التوحد وفق برنامج وطني تصالحي يحمي العراق من مشاريع التقسيم. كما يدعو المؤتمر الحكومات العربية بإلغاء كل القيود على سفر العراقيين إلى البلاد العربية تخفيفاً لمعاناتهم، وذلك على طريق إلغاء التأشيرات أمام مواطني الدول العربية. في ظلّ الوقائع والاحتمالات التي تناولها المؤتمر في جلساته العامة يعلن رفضه للنهج الاستسلامي إزاء أي واحدة منها، فروح الأمّة لم تنهزم بانهزام أنظمة وحكام، وشباب الأمّة قادرون، كما أثبتوا، على إحداث التغيير والاستمرار فيه حتى بلوغ أهدافه، والمقاومة كانت وتبقى خيار الأمّة الاستراتيجي لمواجهة أعدائها: الامبريالية، الصهيونية، الرجعية العربية، من هنا: 1 – يؤكّد المؤتمر أن نهج المقاومة وسلوكها يعبّران عن الإرادة الحقيقية للأمّة في تمسكها بخيارها الاستراتيجي لتحرير الأرض واستعادة الحقوق العربية والفلسطينية كاملة. 2 – وفي هذا السياق يدعو جميع القوى السياسية والأحزاب والشعب العربي في أقطاره إلى تبني المقاومة الشاملة في مواجهة العدو. 3 – إن المؤتمر يدين ويدعو إلى مواجهة العدوان الصهيوني المستمر على أهلنا في فلسطين وعلى دولة السودان الشقيق وغاراته الأخيرة على سوريا، ويدعو إلى ردً استراتيجي مقاوم في جميع الأراضي العربية التي يحتلها العدو الصهيوني. 4 – يؤكّد المؤتمر في هذا السياق وحدة المقاومة في مسارها ومصيرها وإستراتيجيتها في المواجهة ويعلن عن دعمه المطلق بما يحقق المزيد من الترابط والتعاون والتنسيق لإعلان المقاومة العربية الكبرى. وفي السياق المقاوم يقرر المؤتمر أن اللغة العربية هي من أهم عناصر المقاومة في الأمّة، فهي الهوية وهي التاريخ وهي المستقبل. من هنا يرى المؤتمر أن اللغة العربية تعاني من وضع يهدد كيانها ويهدد بالتالي كيان الأمّة العربية. إن الاستلاب الثقافي والتبعية اللغوية في ميدان العلوم والمعارف لم تساعد العرب على التقدّم. إن التبعية اللغوية تولد التبعية السياسية والاقتصادية أما تعريب العلوم والطب والتكنولوجيا، فإنه يساعد العرب على توطين علوم العصر الذي لن يتحقق للعرب إلاّ بلغتهم القومية. التنمية الاقتصادية والاجتماعية لم تنجح ما لم تكن باللغة القومية. إن المؤتمر يطالب أصحاب القرار في جميع أقطار العربية المعنية بتعريب العلوم الطبية والتكنولوجية وسائر العلوم الأخرى، إذ أن مشاريع التنمية المرتبطة بالعلم المتقدم لا تنجح ما لم تكن باللغة القومية. وأكّد المؤتمر أن قضية الوحدة العربية هي في صلب اهتماماته وفي مقدمة أهدافه، وواحدة من ثوابته الأساسية، ويرى المؤتمر في هذه الوحدة حاضنة للتنوع المجتمعي في الوطن العربي والإطار الأنسب لحل العديد من المشاكل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي يواجهها العرب، والوسيلة الأفعل لحفظ وطنهم وحمايته من المخططات التوسعية ومشاريع الهيمنة التي تهدده وتعبث بأمنه واستقلاله ومصالحه وآماله. ويدعو المؤتمر جميع المثقفين والمناضلين إلى العمل على تدعيم ثقافة وحدوية عربية تحترم الحريات الفردية والعامة، وتلتزم مبادئ المساواة ما بين البشر وبحقوق الإنسان وقيم العدالة الإنسانية وتحرّر المواطن والمواطنة من قيود الاستعباد والخوف. وإذ يدرك المؤتمر أهمية الوحدة العربية ويعي حجم القوى المعادية، فإنه يرى أن الطريق إلى انجازها يمر عبر التدرج والمثابرة وبناء التحالفات التي تضع نصب أعينها تحويل الهدف الوحدوي إلى واقع حيّ، بحيث أن الوحدة بكل أبعادها ومضامينها هي الضامن للأمن القومي العربي، وفي هذا السياق يرفض المؤتمر أي مساس بالأمن المائي لمصر والسودان ويعتبره جزء لا يتجزءا من الأمن القومي العربي، ويؤكّد أن الوحدة العربية تبقى هدفاً بعيد المنال ما لم تلغى القواعد العسكرية الأجنبية من الوطن العربي ويعتبر أن وجودها يشكل تهديداً دائماً للأمن القومي وينتهك السيادة القومية والوطنية. يجدد المؤتمر القومي العربي التأكيد على ثابت الوحدة العربية ويدعو جميع المثقفين والمناضلين في كل البلاد العربية إلى العمل على تدعيم ثقافة الوحدة العربية بين الأقطار ورفض نزعات التوتر والانفصال في الأمّة هذا والحراك الثوري العربي قرّب بين بلداننا وكسّر الحواجز النفسية التي عملت على تثبيتها أنظمة الفساد والاستبداد والتبعية. يؤكّد المؤتمر ضرورة ضمان الحريات العامة والفردية في الدساتير الجديدة والتزام المناهج الديمقراطية كآليات للحكم وتحقيق للشراكة بين مختلف القوى الممثلة للناخبين وتداولاً سليماً مدنياً ديمقراطياً للسلطة تلبية لطموحات الشعب العربي وفئاته الشبابية. إن الارتباط بين الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وبين تحقيق التنمية المستدامة المبنية على العلم المتقدّم والعدالة الاجتماعية من جهة أخرى هو ارتباط تلازم لتحقيق النهضة الشاملة للأقطار والأمّة، إن ما يجري في عدد من الدول العربية بتأثير من الحراك الشعب التغييري يؤشّر إيجاباً إلى أهمية الديمقراطية وتأثيرها في تحصين إرادة الوطن والمواطن. وفي السياق نفسه يثمّن المؤتمر الدور البارز الذي لعبه الشباب العربي في إعلان وإنجاح الحراك الثوري والتخلص من أنظمة الفساد والاستبداد ويؤكّد ضرورة تفعيل دوره في المؤتمر ووضع الخطط والآليات الآيلة إلى تحقيق ذلك.