الطفلة فرح وجدت أحلامها على الحائط...!

عروس ذات شعر أصفر كسنابل القمح، ودُمية على شكل دب أحمر اللون، وقُفازات مصنوعة من الصوف تقي أناملها ا
حجم الخط
عروس ذات شعر أصفر كسنابل القمح، ودُمية على شكل دب أحمر اللون، وقُفازات مصنوعة من الصوف تقي أناملها الصغيرة برد الشتاء، وكرة من بقايا ورق الجرائد طليت باللون الأبيض، وحقيبة جمعت في داخلها حجارة الانتفاضة الفلسطينية، وجزء من فرع لشجرة زيتون، وقصة لأحلامها الوردية بدأت تقلب صفحاتها. الطفلة فرح عيد ذات الأنامل الضعيفة وقفت تتأمل أحلامها، وتنظر بعين مدققة بصفحات قصة طفولية، علقت على حائط في معرض "فن النشط " الذي أفتح مساء الخميس، بدعوة من اتحاد العمل الصحي، وبتمويل من قبل التعاون الإسباني AECLD من خلال مؤسسة CREART الإسبانية، في مقر محترف شبابيك بغزة. وتقول الطفلة عيد لمراسل وكالة قدس نت للأنباء سلطان ناصر :" وجدت باللوحة الفنية التي كنت أتملها جزءً كبيراً من طفولتي التي يحاول الاحتلال حرماني منها، أتمنى أن يفك الحصار الإسرائيلي ويكون للأطفال الفلسطينيين حرية مطلقة في نيل كافة حقوقهم، والعيش بحياة كريمة كباقي أطفال العالم". تشارك أصدقائها... وتوضح فرح بأنها كانت تشارك أصدقائها الأطفال خلال فترة التدريب أحلامهم، ويعكسون ذلك باستخدام الفن بكافة أنواعه سواء كان بالرسم وتشكيل مجسمات من الورق، مشيرةً إلى أنها كانت تشعر بالسعادة خلال وجودها مع أصدقائها، وخاصة أن المدربين كانوا يشعرونهم بالأمن بعيداً عن الخوف الذي يعشونه نتيجة وجود الاحتلال ولا سيما في الفترة الأخيرة لما شهده القطاع من تصعيد. وتتمنى فراح أن يلتزم ويحترم الاحتلال الإسرائيلي ما جاء في اتفاقيات حقوق الطفل، والتي يتمتع بها كافة أطفال العالم، معتبرةً أن إسرائيل هي السبب الأول في فقدانهم كأطفال فلسطينيين لأبسط حقوقهم في العيش بأمان، والحصول على التعليم والصحة وباقي الحقوق. جسد المعرض أعمال فنية لأطفال قطاع غزة، تعكس واقع المعاناة التي يعشونها بسبب الحصار وما خلفه الاحتلال الإسرائيلي من قتلاً لأحلامهم البسيطة، حيث يهدف المعرض إلى تعزيز التربية الفنية والتعليم في بناء السلام والمساواة بين الجنسين وحقوق الطفل، حيث جرى التدريب من قبل مؤسسة كريآرت وبتعاون مع المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان. التعلم من أجل السلام ... ويصنف تشينى قومز مدير جمعية كريآرت مراحل التدريب التي مر فيها أطفال غزة إلى أربعة مراحل الأولي الألعاب التعليمة والتي كانت مدمجة في الأربع مراحل والثانية عن بناء التعلم من أجل السلام، والثالثة المساواة بين الجنسين والأخيرة كانت حول حقوق الأطفال. ويتابع :" عملنا بهذه المراحل متابعة مع بعضها ولم تكن نظرية فقط، وفيها نوع من الممارسة، وكنا ندمج الفريق بالموضوعات نفسها"، مبيناً أنه إذا أردنا التعلم يجب أن يكون هناك نوعاً من المتعة في التعلم، أن الروابط بين الفريق كانت بالفن، وهذا ما دفعنا لأن يكون في نهاية العمل هذا المعرض . وحول السبب الذي جعلهم يختارون أطفال غزة بالتحديد يقول:" نعمل في غزة منذ 2005 بسبب وجود مشاكل كثيرة مع الاحتلال ووجود صراع من نوع معين وأقرب طريقة لهؤلاء الأطفال أن يفرغوا عن أنفسهم من خلال الفن"، موضحاً بأن طبيعة الأطفال لا يقدرون عن التعبير بالكلام عن معاناتهم. واقع مؤلم... واعتبر قومز أن وقع أطفال غزة مؤلم قائلاً :" كل أطفال العالم يعبرون بالرسم، ولكن أطفال غزة الموضوع يختلف، فهم يعبرون بشكل مباشر برسومات عن الحرب والدمار والطائرات، وحتى عندما كنت أطلب أن يعبروا عن أنفسهم في لوحة شخصية كانوا يعبروا عن الحرب"، مؤكداًً على أنه دائما ينقل هذا المعاناة لأصدقائه بالخارج وإلى الدول الأجنبية. التدريب مكن الأطفال... ومن جانبه يبين المتطوع محمد الرنتيسى من المركز الفلسطيني بأن الأطفال المشاركين ضمن المعرض تم اختيارهم من كافة مناطق قطاع غزة حسب توزيع مراكز لجان العمل الصحي، حيث شملت مراحل التدريب أربعة رحالات للأطفال كلاً اختصت في موضوع معين كالتربية الفنية والألعاب الإبداعية. ويلفت إلى أن الرحالات والتدريب مكنت الأطفال من التعبير عن حقوقهم من خلال استخدام أساليب جديدة كالفن بأنواعه، لتعزيز بناء السلام في المجتمع، مشيراً إلى أن الأطفال جسدوا حقوقهم أثناء التدريب بمجسم طفل يحمل عدد من البالونات كتب على كل واحد منها حق من حقوقهم. ويؤكدا الرنتيسى على أنه من خلال تجربته مع الأطفال وجدهم يعانون بشكل أساسي من هاجس الخوف، الذي خلفه الاحتلال لهم نتيجة انتهاك حقوقهم والإقدام على قلتهم بشكل مباشر، مبيناً بأنه وفريق التدريب عملوا على مساعدة الأطفال للتخلص من تلك الهواجس من خلال إشعارهم بالأمان. انعدام الحرية ... وبدورها تقول نوره سعيد المتطوعة في تدريب الأطفال إنها واجهت في بداية التدريب مشكلة مع الأطفال لأنهم يشعرون دائما بوجود الخوف والقلق، ولا يقدرون على التعبير عن ما يدور في خواطرهم وأفكارهم، ولكن مع استخدم الفن في التفريغ عن الكبت الموجود بداخلهم لاحظنا نوعاً من التغير فيهم. وتشير إلى أن العنف نتيجة الصراع الداخلي لدى الأطفال من الخوف من وجود الاحتلال انعكس على استخدامهم الألوان قائلة:" معظم رسوماتهم كانت تعبر عن وجود الاحتلال وفيها دم وطائرات وقصف وحتى أي فكرة تحدث عن الحرية والسلام كان الاحتلال ظاهر فيها". وتعتبر سعيد أن المشروع ساعد الأطفال في التفريغ عن أنفسهم، وحقق نجاحاً واضحاً تمكن من خلاله الأطفال من الشعور بجزء من الأمان، وعزز مفاهيم السلام والعدالة لديهم، إلى جانب تمكينهم من معرفة حقوقهم التي وردت في اتفاقية الطفل.