عن إضراب الكرامة وخذلان الأسرى

حجم الخط
لاننا في زمن تغييب الحقيقة وطمس الصدق وسلب الحق , ولأننا في زمن الرذيلة والهزيمة و اعتقال الثورة في المكاتب وصلبها على الجدران في الغرف المكيفة المغلقة , لا بد ان نعيد للوطن بهجته الأولى , ولا بد من تحرير الفدائي النظيف , واغتيال الكذب والتزوير والتحريف. يخوض هذه الأيام الأسرى الفلسطينيين إضرابا عن الطعام , مشكلين بكرامتهم ارقي صور النضال ضد العدو الصهيوني وأدواته المجرمة , ويقفون في الصف الأول والمتقدم من النضال , وجههم بوجه سجانهم , يملكون إرادة الشهيد وعنفوان المخيم , وثورة الفدائي الملتصق بالوطن , يستمر صمودهم الأسطوري , لتسقط دولة الاحتلال على أعتاب قلاعهم , و يسقطون ايضاً آخر ورقة توت عن قيادة اهترأت , وبان وجهها الحقيقي المرعب , حيث تتركهم هذه القيادة لوحدهم في المعركة , لا تفعل شيئ لدعم صمودهم وفضح دولة الاحتلال . و ليست معنية بشكل جدي بالوقوف لجانبهم ولا تملك قرار رسمي بالتضامن معهم وتحريك الشارع الفلسطيني , من اجل الوقوف بجانب أسرانا مقابل دولة الاحتلال وتهديداتها المستمرة للأسرى المضربين بالموت أو القتل , وإلا ماذا نفهم من هذا الخمول في السلطة بكل ما يمكن أن تقوم به دعما , وتضامنا مع أسرى الحرية في معركتهم , لماذا لا تحرك سفاراتها في العالم لتوصل رسالة الأسرى , وتنزع القناع عن دولة الاحتلال وتعريها , بممارساتها البشعة أمام العالم , لماذا لا تعلن سفارات السلطة في العالم حالة الاستنفار في سبيل إنقاذ الأسرى من هجمة الاحتلال البشعة بحقهم وحق حقوقهم الإنسانية المشروعة , لماذا هذا الصمت المخجل للسلطة وسفاراتها ومثلياتها , أليس الموظفين بهذه السفارات يقبضون رواتبهم من جيوب الشعب الفلسطيني وعلى حساب الأسرى وعائلاتهم , أم أنهم في رحلة استجمام حول العالم . وكذلك منظمة التحرير يجب أن تتحمل مسؤولياتها أمام الأسرى وتحرك كل عامليها وموظفيها في الخارج , من اجل الأسرى وقضاياهم المشروعة . كل ذلك يضعنا أمام حقيقة مؤلمة , ويكشف الغطاء الرقيق عن ممارسات وسلوك السلطة , وكل ذلك ايضا يعيد ذاكرتنا للكثير من المناسبات التافهة , حيث كانت السلطة تخرج الشارع الفلسطيني , بل وتجبره على الخروج , بتعطيل المؤسسات والمدارس والجامعات , وتجميعه في مراكز المدن , اما هاتفا لكلمة الرئيس , او مودعا او مستقبلا له , واما من اجل تسجيل رقم قياسي في كتاب جينيس , في اكبر سدر كنافة أو اكبر طنجرة مفتول أو صحن حمص , بينما واقعنا الفلسطيني يملك ما يجب أن يسجل بشرف في كتاب جينيس للارقام القياسية , بأطول إضراب عن الطعام , أو اصغر شهيد , أو اكبر شهيد , أو أطول مدة سجن , أو ربما أسوء محامي لأعدل قضية. كل ذلك لم يأتي عبثاً , بل جاء ضمن سياسة متفق عليها ووافقت عليها السلطة وتعمل على تنفيذها بجدارة المهزوم. إن الموقف الحقيقي وغير المعلن وما يجب كشفه للناس , ان السلطة تنصاع لقرارات الادراة الأمريكية ودول الاستعمار ,هذه الدول التي ترى ترى في الأسرى الفلسطينيين إرهابيين , اختاروا طريق المقاومة العنيفة , والتي نبذتها السلطة وترفضها في كل مناسبة , فيعتبروا الأسرى متمردين على قرار وقيادة السلطة , ومن هذا المنطلق فان أي عمل من شأنه ان يدعم الأسرى البواسل , او يدعم نضالاتهم داخل سجون دولة الاحتلال , يعتبر دعما ووقوفا بجانب الإرهاب . هذا ما يؤكده الواقع , وتدعمه ممارسات وصمت وسلوك السلطة تجاه أسرانا البواسل . وما الأخبار المتسربة من الغرف المغلقة باجتماعات تزاوج المصالح في تصالح المقتتلين , ليس الا خير دليل على ما تم ذكره , فخبر إلغاء وزارة الأسرى والمحررين من حكومة المسخ الناتجة عن زواج المجبر في حكومة تصالح المصالح, مؤشر خطير يجب عدم السكوت عنه أو تجاهله. بل والأخطر من ذلك كله هو قبول حركة حماس وحركة فتح بإلغاء وزارة الأسرى والمحررين من هذه الحكومة , ولا يجب فهمه إلا في إطار التراجع الأخلاقي الدنيء في قضية الأسرى , بل و ضمن تفاهمات سرية بالانصياع لشروط أمريكا و دولة الاحتلال ومن بينها إلغاء وزارة الأسرى , مقابل حكومة تصالح المصالح. و في هذا الإطار بدأ يبرر البعض من ابواق السلطان بان يتم استبدال وزارة الأسرى بهيئة الأسرى, تكون تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينيه , المعطلة أصلا , والتي يغزوها الصدأ , وبيت العنكبوت , ان هذا العذر اسوء من ذنب قتل يوسف بتاّمر إخوته حين رموه للذئب وحيداً. يكون الدعم للأسرى حين يتم تشكيل هيئة أسرى في منظمة التحرير , مع الإبقاء على وزارة الأسرى والمحررين ,وليس إلغائها وتجاوز الأسرى وتجاوز تضحياتهم. هكذا يمكن ان نفهم ونستوعب الدعم للأسرى . أما كل هذه الممارسات وهذا الصمت وهذه الدلائل لا يعني سوى شيء واحد , هو ترك الأسرى الفلسطينيين يصارعون الاحتلال لوحدهم , بل بتآمر بشع ودنيء . كل ذلك لا يصب إلا بهذا الإطار وهذا الفهم , وغير ذلك هو تجميل يائس للوجوه البشعة , وكذب على الشعب الذي يدفع الدوم من اجل فلسطين. مع كل ذلك سينتصر الأسرى , هم ومن اّمن بالثورة طريقا نحو فلسطين , وستسقط كل الحكومات إن حاولت إسقاط الأسرى من حساباتها , ولن يقبل هذا الشعب العظيم , أن يستثنى الأسرى , أو يتم الالتفاف عليهم , وتجاوز منجزاتهم وتضحياتهم.