المناكفات بين فتح وحماس تبلغ ذروتها والمصالحة خلفاً در

حجم الخط

 منذ عام تموز/ 2007،عندما سيطرت حركة حماس على قطاع غزة، وقعت حركتا فتح وحماس أكثر من اتفاق مصالحة، بدءً من مكة المكرمة، ومروراً بالقاهرة المصرية، وصولاً إلى الدوحة القطرية، ليختتم الأمر في مخيم الشاطيء الغزي في فلسطين،وتشكيل ما يسمى بحكومة الوفاق الوطني،والتي كان الرهان عليها بأن تشكل بداية لخارطة طريق فلسطينية تنهي صفحة الإنقسام الأسود وتحقق المصالحة والوحدة الوطنية،ولكن تلك الحكومة تعرضت لهزات عنيفة كادت ان تطيح بها مع بدايات عملها ،حيث برزت مشكلة رواتب حكومة حماس ال(40000) موظف من سيقوم بدفعها حكومة الوفاق،أم حركة حماس..؟؟فحماس قالت هي مسؤولية حكومة التوافق،وحكومة رامي الحمدالله قالت،بأن الدفع سيكون بعد الإتفاق على فتح معبر رفح وإنتشار حرس الرئاسة عليه،ومن ثم جاءت قضية خطف المستوطنين الثلاثة وقتلهم في الخليل والتي تبنتها حماس مؤخراً،لكي تزيد المخاطر على حكومة التوافق الوطني،حيث حماس إتهمت الرئيس عباس بالمشاركة في العدوان عليها،في وقت حمل فيه الرئيس حماس المسؤولية عما حصل،وأكد على قدسية التنيسق الأمني مع الإحتلال،واخذت الأمور تتصاعد نحو تصعيد ينذر بفك الشراكة وفرط عقد حكومة الوفاق الوطني،ولكن جاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ليوحد كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني ومشاربه حول مطالب المقاومة،وبدت الساحة الفلسطينية موحدة اكثر من أي وقت مضى،حيث شاركت في مفاوضات القاهرة لوقف إطلاق النار والتهدئة بوفد فلسطيني موحد،ولكن ما ان جرى التوقيع على المبادرة المصرية وتوقف الحرب العدوانية عسكرياً على القطاع،حتى عادت الأمور الى مربعها الأول وكان شيئاً لم يكن،حيث بدأت حملة مسعورة من الإتهامات والمناكفات بين الفريقين،وقد كشفت صحيفة الأخبار اللبنانية عن محضرين لإجتماعين بين الرئيس عباس وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مع الأمير القطري تميم بن حمد في الدوحة،حيث إشتكى فيهما الرئيس عباس،من ان حماس تريد الرئاسة والسلطة الفلسطينية مجرد ديكور لا اكثر،وبأن حركة حماس تشكل حكومة ظل في قطاع غزة،وهي كذلك خدعته وضللته وكذبت عليه فيما يتعلق بقضية خطف المستوطنين الثلاثة،وأيضاً كانت تعد خطة للإطاحة به،وما تريده فقط من حكومة التوافق هو دفع رواتب موظفيها،والإفلات من الحصار…الخ، وعاد وكرر ما قاله في القاهرة في لقاءه مع الإعلاميين هناك،حيث جدد هجومه على حماس وبنفس الصيغ والإتجاه،وجاء رد حماس على ذلك من قبل القيادي في الحركة صلاح البردويل حيث قال” في معقل رده،إن انبراء عباس للهجوم على المقاومة وعلى “حماس” يعكس شعورا من عباس بفقدان دوره السياسي،موضحا ذلك بالقول إن “ما يدور به محمود عباس الآن في المحافل الإعلامية لا يليق برئيس على الإطلاق،فالرئيس يجب أن يترك هذه المهاترات للناطقين الإعلاميين،لكن يبدو أنه فقد دوره السياسي وبدأ يتعامل بهذيان وثرثرة لا وزن سياسي لها لا في الداخل الفلسطيني ولا الدولي ولا حتى لدى الاحتلال”.. وأشار البردويل إلى أن عباس “عندما يتحدث عن أن حماس لم تمكن حكومته من إدارة الأمور في غزة،هو لا يصدق،لأنه يحاول التغطية على سياسته الاستئصالية،فهو لم يمكن حماس ولا الجهاد الإسلامي من دخول منظمة التحرير الفلسطينية كأنها ملك له، وهو لم يمكن “حماس” من تنفيذ الشراكة السياسية في أي من مستوياتها وحرمها من الانجاز السياسي من خلال تواطئه على المجلس التشريعي الفلسطيني،بل إنه يحرم حتى موظفي “حماس” من الرواتب،فعن أي شيء يتحدث عباس؟”.،ومن بعد تصريحات البردويل زادت حدة التراشق الإعلامي والمناكفات والتحريض بين الفريقين،وكانت تصريحات أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحركة حماس بتشريع التفاوض مع الإحتلال،لكي تزيد من حدة التوتر وحالة عدم الثقة بين الفريقين،حيث تستشعر فتح بأن حماس تريد التفاوض كفصيل مع الإحتلال،كبديل عن المنظمة وعدم الإعتراف بشرعيتها،وتعزز ذلك مع تصريحات للزهار أدلى بها في مقابلة صحفية له مع جريدة الأخبار اللبنانية،حيث فتح فيها سهام نقده بشكل حاد ضد الرئيس عباس والمنظمة،وقد وصف الرئيس محمود عباس بأنه ليس رئيساً توافقياً ولا شرعياً،وبقي رئيساً للأمر الواقع. تعاملنا معه على أنه رئيس انتخب قبلنا بعام، وقد أعطيناه نصف الحكومة في اتفاق مكة عام 2006، لكنه أراد أن ينقلب علينا وحرض على قلتنا، لذلك فقد شرعيته منذ 2005،وهو لا يمثلنا سياسياً. يكفي أنه صاحب برنامج فشل بعد 22 عاماً،و«دكانته السياسية» أفلست،فذهب إلى مهاجمة الآخرين ،وحول برنامج المنظمة يقول الزهار”؟ برنامج المنظمة ليس برنامجنا،وإن كنا نريد أن نحافظ عليها كإطار سياسي،لكننا لو دخلنا سنغير هذا البرنامج. القصة بالنسبة إلينا ليست دخول المنظمة، بل تغيير برنامجها، لأن اتفاق أوسلو الذي تبنته المنظمة «خمّارة سياسية» حولتها «حماس» إلى برنامج مقاومة. الإتهامات والمناكفات بين فتح وحماس اخذة في التصاعد،ومرجح لها ان تاخذ منحى اكثر حدة وخصوصاً بعد ان جرى التوافق بين السلطة الفلسطينية واسرائيل على قضية إعادة الإعمار في قطاع غزة بدون مباركة او موافقة حماس،وانا أرى بأن فشل إتفاقات ولقاءات المصالحة بين طرفي الإنقسام فتح وحماس من مكة الى الدوحة فالقاهرة ثم مخيم الشاطيء في غزة، يرجع بالأساس إلى ان تلك الإتفاقات تقوم على أساس المصالح الخاصة والفئوية والتمسك بالسلطة من قبل الطرفين وإمتيازاتها،وبالتالي فهذه الاتفاقيات هي اتفاقات محاصصة واقتسام «كعكة» وغنائم، وليس تقديم المصالح العليا للشعب الفلسطيني من حقوق وقضية على المصالح والأجندات الخاصة،وكذلك هناك حالة كبيرة من إنعدام الثقة بين طرفي الإنقسام،ولكل برنامجه ورؤيته،وعندما تقوم المصالحات والمحاصصات بدون أساس سياسي أو برنامج، فمن المتوقع لها أن لا تنجح، فخذ على سبيل المثال ما حدث في اتفاق مخيم الشاطيء، حيث أعلن عن تشكيل ما يسمى بحكومة الوفاق الوطني، تلك الحكومة التي جاءت كقضية اضطرارية للفريقين،وليس عن قناعة وإيمان بضرورة الوحدة وإنهاء الإنقسام، السلطة في رام الله كانت تعيش أزمة المفاوضات وعدم تقديم نتنياهو أي تنازلات لها تحفظ ماء وجهها،مما زاد من تآكل حضورها وشعبيتها المتآكلة أصلاً بين الجماهير،وحماس تعيش أزمة الحصار ورواتب «40000» من موظيفها،وإنسداد الفضاء العربي أمامها بعد سقوط وعزل مرسي والإخوان في مصر وقدوم عبد الفتاح السيسي الى السلطة، ولذلك كان لكل طرف من هذه المصالحة أهدافه ومصالحه واجنداته. وهذا الأمر يعني أن حماس تريد أن تتملص من الحصار والعقوبات وتؤمن رواتب موظفيها، فهي خرجت من الحكومة وليس الحكم،حيث استمرت بالسيطرة على كل مفاصل الحياة في قطاع غزة دبلوماسياً وسياسياً وامنياً وحياتياً، حتى رئيس الوزراء المسمى كوزير داخلية، لم يكن له أي سيطرة على أجهزة الأمن في قطاع غزة، وفي المقابل حكومة ما يسمى بالوفاق الوطني، لم تلتزم بدفع رواتب موظفي سلطة حماس، والسلطة كانت تريد من الحكومة أن تتبنى برنامجها ورؤيتها السياسية، وقد كانت تصريحات الرئيس عباس واضحة،«هذه حكومتي وملتزمة ببرنامجي ورؤيتي»، وان تستغل ذلك من أجل تحسين شروط عودتها للمفاوضات، وليس رسم إستراتيجية فلسطينية موحدة، وهنا يكمن الفشل في المصالح والأجندات الخاصة،وعدم التوحد على برنامج وإستراتيجية سياسية موحدتين، وكذلك التدخلات العربية والإقليمية والدولية الكبيرة في الشأن الفلسطيني. بقاء الحالة الفلسطينية على هذا الحال يعني بأننا نتجه نحو شرعنة وتكريس الإنقسام والإنفصال،وان مخاطر جدية على مشروعنا وقضيتنا الوطنية،ونحن بحاجة الى جهد جدي وحقيقي من كل أبناء شعبنا المخلصين بقواه ومؤسساته،لوقف هذه السياسات والمناكفات المدمرة