الاشتراكيون الثوريون : إخوان مصر ليسوا اسلاميي ايران

عن مركز الدراسات الاشتراكية - مصر : 
في الفترة الأخيرة ظهر طرحان في الأوساط السياسية عموما، واليسار
حجم الخط
عن مركز الدراسات الاشتراكية - مصر : في الفترة الأخيرة ظهر طرحان في الأوساط السياسية عموما، واليسار بشكل خاص. الأول يقترح اختيار عددا من الرموز لتشكيل مجلسا رئاسيا مدنيا يتسلم السلطة لحين إجراء انتخابات رئاسية. مشكلة هذ الطرح أنه ليس له أي أساس ديمقراطي؛ من سيختار هؤلاء الأشخاص؟ وعلى أي أساس؟ ومن سيسلمهم السلطة؟ وأي سلطات ستكون في أيديهم؟ لذا كان طرحا شديد التجريد لا معنى له على الأرض. أما الثاني فيقترح تسليم السلطة لرئيس البرلمان المنتخب لحين إجراء الانتخابات. بشكل مجرد يبدو هذا الطرح ديمقراطيا، ومنطقيا. لكن يجب أن ننظر إلى شكل البرلمان الذي انتخب، وصلاحياته، وطبيعة القوى التي ستتسلم السلطة من خلاله؛ من سيسلم السلطة لمن؟ من سيتسلم السلطة؟ هناك مشكلتان: الأولى هي أن رئيس المجلس هو الكتاتني، وهو ليس فقط من أسوأ رموز الإخوان من ناحية علاقته بالأمريكان، ومفاوضاته معهم منذ 2005، بل أيضا من ناحية علاقته بالنظام، واتصالاته بالسلطة القديمة. والمشكلة الثانية هي أن الإخوان لا يرغبون في تسلم السلطة من المجلس العسكري، وقد عقدوا صفقات واضحة جدا من البداية تقتضي نوعا من المشاركة في السلطة بينهم وبين المجلس العسكري. ففي الحقيقة من يطالب هذه الأيام بتسليم السلطة للبرلمان واقع في فخ المطالبة بما يريده الإخوان من تقاسم السلطة مع المجلس العسكري. فعلى سبيل المثال يرغب الإخوان في بقاء الجنزوري لحين إجراء انتخابات الرئاسة، أي لمدة 6 شهور أخرى، كما أنهم موافقون على التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ويتبنون نفس سياسات النظام الاقتصادية، ولا يمانعون في ترك القرارات الهامة للمجلس العسكري، وكون البرلمان منزوع الصلاحيات. البديل الديمقراطي وأنا هنا لا أنتقد على الإطلاق من ذهبوا لصناديق الاقتراع. بل أني على العكس أثمن مشاركة الناس، وإحساسهم بأن صوتهم مسموع لأول مرة، في انتخابات نزيهة نسبيا. لكن هذا ليس كافيا، والبرلمان بشكله الحالي لا يمكن أن يقوم باستكمال الثورة. لذلك نتبنى شعار "كل السلطة والثروة للشعب." ونحن مازلنا في بداية الثورة، وستحدد المعارك القادمة شكل البديل الديمقراطي الحقيقي الذي ستخلقه الجماهير، ليس فقط كبديل عن النظام القديم، والمجلس العسكري، بل أيضا كبديل عن البرلمان محدود الصلاحيات. مازلنا في بداية السنة الثانية للثورة، وستشتعل المعارك في كل البلاد، وستستمر الإضرابات، وستدخل الاحتجاجات العمالية، والاجتماعية في قلب المعركة. أحد الأمثلة الصغيرة على ذلك هو إضراب عمال الميناء بالأسكندرية الأسبوع الفائت، حيث كان هتافهم الرئيسي: "يسقط يسقط حكم العسكر." ستخلق الحركة العمالية المنظمة أشكالا ديمقراطية بديلة، تضغط، وحتى تنافس البرلمان. لن يحاسب البرلمان الحالي العسكر على جرائمهم، وذلك باعتراف الإخوان أنفسهم. ونحن كثوريين لن نقبل استمرار هزلية المحاكمات، وإهمال تطهير المؤسسات، وعودتها إلى أسوأ مما كانت. رغم أن البرلمان منتخب فهو غير قادر، وحتى غير راغب في اتخاذ أي موقف قوي. والبدائل الشعبية، رغم أنها مازالت ضعيفة، إلا أنها في طور التكوين. انتقدنا البعض قائلا بأن موقفنا مجرد لعدم تقديم شكل ديمقراطي بديل للبرلمان. الشكل الديمقراطي البديل هو الإضرابات، واعتصامات الميادين. صحيح أنه لم يتم تنظيمه بعد، لكنه القلب الذي سينظم من خلاله الشكل الديمقراطي الجديد. ما هو مجرد فعلا هو فكرة تسليم السلطة من طنطاوي للكتاتني. فلا طنطاوي يريد تسليم السلطة، ولا الكتاتني يريد استلامها. الكتاتني ليس مختلفا على الإطلاق عن طنطاوي، وليس أكثر تعبيرا عن ذلك من صورة تظهر انسجام عنان مع محمد مرسي والكتاتني في الكاتدرائية، وابتساماتهم معا. الكتاتني وطنطاوي فعليا شركاء في السلطة. صحيح أيضا أن موقفنا ليست له شعبية كبيرة حاليا، لكن هذا أيضا كان حال موقفنا من المجلس العسكري في فبراير الماضي. قلنا حينها أن المجلس العسكري معاد للثورة وللشعب، وقوبلنا بالكثير من الرفض. أما الآن فقد انكشفت نوايا المجلس العسكري تماما. فعروض كاذبون مثلا وصلت إلى مناطق لم نتخيل أن نصل إليها من قبل. البرلمان، والإخوان أيضا بدأت مواقفهم تنكشف بأسرع مما كنا نتخيل. هذا هو الفرق بين إسلاميي مصر، وإسلاميي إيران مثلا. فإسلاميو إيران اتخذوا في البداية إجراءات اجتماعية كبيرة؛ أمموا المصانع، والشركات، ووقفوا الاستثمار، ونفذوا برامج الإصلاح زراعي. بدا حينها للناس أن الثورة حققت لهم شيئا في البداية. أما الإخوان فقد بدؤوا التعاون مع صندوق النقد الدولي من الآن، وأعربوا بصراحة أنهم لا يملكون موقفا مسبقا من الصندوق الذي أفقر مصر طوال الأربعين سنة الفائتة! كما رأينا كيف تحرك مدير الصندوق، والسفيرة الأميريكية بين المجلس العسكري، والجنزوري، ومقر حزب الإخوان بشكل مفضوح. عن 25 يناير القادم يبالغ البعض في تقدير حجم 25 يناير القادم، ويقلل آخرون من شأنه كثيرا. 25 يناير هو ذكرى الثورة، وهو اليوم الأول من العام الثاني للثورة المصرية. سيكون يوما كبيرا. الإخوان يحشدون للاحتفال، ومنع أي مظهر من مظاهر استكمال الثورة، كما ستشارك أعداد كبيرة من الجماهير من أجل استكمالها. هو موجة من موجات الثورة. لكن هل سيتحول اليوم إلى اعتصام كما في نوفمبر، وديسمبر؟ لا يمكننا التوقع، ولذلك لا ندعو للاعتصام. إن اجتذب اليوم أعدادا كبيرة قادرة على الاستمرر في اعتصام قوي فسنكون في قلبه. لكن إذا لم تر الجماهير إمكانية لهذا فلن يكون هناك اعتصام. ليس هذا قرار أي من القوى السياسية. لكن تصوري الشخصي أنه سيتحول إلى اعتصام كبير. يقول واقع عدد المصابين المهول في السنة الماضية، وهزلية محاكمات صغار الضباط التي تنتهي بالبراءة بأن يوم 25 يناير لن يكون يوما هادئا. خاصة في السويس التي أعلن بعض أهلها تشكيل كتائب إعدام لهؤلاء الضباط! لكن نحن نريد للجماهير أن تنتزع حقها بأيديها، لا أن تتشكل مجموعات صغيرة من الشباب تقتص من القتلة، ما يعطي الجماهير انطباعا بأن محاسبة القتلة ليس دورهم. 25 يناير المقبل سيكون بداية موجة ثورية جديدة كسابقاتها، لكنها تختلف من حيث أنه أصبح لدينا الآن برلمان منتخب تتوجه إليه الجماهير بمطالبها. هناك الآلاف من أهالي الشهداء، والمصابين، وهناك مئات الآلاف من العمال سيتوجهون له. نريد لهذا البرلمان أن يكون تحت حصار الجماهير بشكل دائم للضغط على النواب بقوة لتحقيق المطالب. وستكون هذه بداية وعي الناس بحدود البرلمان، وبحدود الإخوان.