نبي الثورة يهمس في عقولنا: ماذا تبقى لكم .....

حجم الخط

في ذكرى استشهاد نبي الثورة الفلسطينية الحديثة كنفاني الذي اغتالته وحدة الموساد الاسرائيلية بقيادة ايهود باراك في مثل يوم السبت الماضي قبل 45 عاما، نجد همسات هذا الكنفاني تصرخ في آذان الحميع وتسمع حتى من به صمم وتقول: ماذا تبقى لكم!!!!!

أسس غسان كنفاني هذا المثقف العضوي والمبدع المتميز فلسطينيا وعربيا وأمميا، وهو في السادسة عشرة من عمره  مدرسة الأنسنة الفلسطينية في زمن التيه الفلسطيني الأول. وقد تجلت أنسنته بشكل ساطع في قصته " ما تبقى لكم"  المنشورة عام 1966حيث نرى حامد الفلسطيني ابن السادسة عشرة المشرد من يافا بقوة العصابات الصهيونية والمسحوق اجتماعيا بقوة التخلف الاجتماعي يحجم عن قتل الصهيوني الذي اسره في صحراء النقب رغم ان شريط قتل الصهاينة لوالده  في يافا كان حاضرا في ذهنه على الدوام، وقبلها وبعد تهجيره وعائلته من يافا حيث سكن احدى معسكرات اللاجئين في غزة نجده يرفض قتل شقيقته التي حملت من حبيها النتن زكريا رغم قوة الهمجية الاجتماعية التي طاردته في عيون الناس وفي أحلامه المرعبة.

في اجتهادي لا يمكن الكتابة عن غسان كنفاني ثقافيا وقيميا ونضاليا في مقالة واحدة اوحتى في كتاب واحد، إذا كنا نريد أن نفهم رسالة هذه النبي بشكل كلي وعميق. لا بد من أجل ذلك من تجزئة الكتابة عن هذا الانسان الانسان بحيث يتم اجتزاء بعض نصه ليتم فهمه بشكل عميق ويصار الى استخلاص الدروس والعبر من هذه الجزئية.

في ضوء هذا الفهم نجد غسان كنفاني  في الجزئية الصغيرة المذكوره اعلاه، يحدثنا بلباقة وهدوء وثقة كعادته عن أحوالنا اليوم ويقول تمرد حامد الضعيف إلا  في إرادته على الهزيمة، تمرد على التخلف الاجتماعي، تمرد على الجوع، تمرد على وحشية الانتقام، تمرد على الحدود ، تمرد على الصحراء، تمرد على الخوف، تمرد على الزمكان، تمرد على حساب البقايا حساب الخسارة وتمرد على نفسه وهو أعلى درجات التمرد. 

يهمس نبي الثورة بلطف في أذن من يتسابق للحفاوة بأحد النتنين يقول له أملك في عدله  أملك في أن ينطق الحجر، فتمرد، ويهمس في أذن من يظن هذه الأيام أن الأمر قد أتهى ويؤكد له أن الزمن مهم لكنه أمام الوعي والإرادة يخضع، ثم ينظر الى المرتعدين خوفا ويذكرهم بصف حامد أمام جنود الاحتلال الذين وقفوا صامدين صامتين حماية لرفيقهم سالم بالرغم من انهيار زكريا النتن، يهمس في أذن قتلة اللاشرف ويقول تعلموا من مريم شقيقة حامد، يهمس في أذن النتنين نتانتكم ستودي بكم الى الجحيم.

 

أخيرا يصمت صارخا فينا جميعا، يا معشر الفلسطينيين، يا عرب المشردين ، يا أمم المقهورين،  تمردوا نمردوا  تمردوا، هذا هو خلاصكم