نحو دور حضاري للمرأة في يومها العالمي

حجم الخط

المطلب الحقيقي لحرية المرأة في مجتمع شرقي كالمجتمعات العربية التي ما زالت تعاني من ظاهرة التخلف الحضاري بكل أشكاله، هو في الانعتاق من حياة التقوقع وايثار العزلة والركض وراء الموضة والأزياء  والتقليعات ومحاكات المرأة الغربية التي أشبعت في أنانية مفرطة نزعة التحرر؛ فأهدرت كرامتها على مستوى العلاقة العاطفية والجنسية وداسها المجتمع الرأسمالي بآلته الإنتاجية الاحتكارية، حين تساوت مع الرجل الكادح في عملية الاستغلال الطبقي. المعنى الحقيقي لحرية المرأة في مجتمعنا العربي؛ ذي التقاليد والعادات الشرقية المحافظة التي تساير المعتقد الديني وتنسجم مع الخصوصية القومية،  هو في الانتقال إلى حياة مكشوفة من خلالها، تمنح المرأة حقوقها الاجتماعية كاملة وتمنح الثقة والعلم والعمل لتقوم بدورها الاقتصادي، بما ينسجم مع طبيعتها  البيولوجية في تقدم المجتمع وتطوره، وقد دلت الدراسات النفسية الحديثة على أن المرأة في معظم النواحي البدنية بخلاف القوة العضلية لا تختلف كثيرًا  عن الرجل، بل قد تفوقه في بعض القدرات، بما تنطوي عليه من شعور أكثر حساسية وتفوق في القدرة الحدسية. وقد حدث في عصور التاريخ القديمة أن تبوأت المرأة مكانة اجتماعية ممتازة، حينما تهيأت لها من ظروف حضارية معينة؛ أتاحت لها القيام بالمساهمة في النشاط الاقتصادي (الزراعة)، بل وصل الأمر في تلك الفترة الزمنية إلى حد انتساب الأبناء إليها، وما كان يحدث هذا لولا ممارسة بعض الأعمال الهامة التي كانت تقوم عليها دعائم الحياة البدائية الأولى، وهذا الحال الذي وصلت إلية المرأة في تلك العهود؛ يخالف ما ذهب إلية مروجوا الثقافة البرجوازية والرجعية الذين يعتبرون المرأة فقط مجرد مخلوقة وديعة ضعيفة، تشتمل طبيعتها على قسط كبير من النزعات العاطفية التي تجعل دورها في الحياة مقتصرًا على الإنجاب وتوفير المتعة الجنسية.
يقول (فرويد) صاحب التحليل النفسي في حديثه عن سيكولوجية المرأة: أن تفوق الرجل على المرأة حضاريًا في الزمن القديم والحديث مرجعه إلى تفوق الرجل جنسيًا، وإلى هذا الموقف عزا فرويد غيرة المرأة من الرجل وانتفاضتها على وضعها الحضاري الإجتماعي ومطالبتها التحرر والمساواة. في مجتمعنا الفلسطيني أثبتت المرأة كوحدة بيولوجية متميزة عن الرجل، بخلاف ما ذهب إليه مروجوا هذه الثقافة البرجوازية والرجعية القائمة على أساس   التعصب الجنسي للرجل، أنها قادرة على العطاء في كل مجالات الحياة، خاصة في مجالي التعليم والصحة وغيرهما من المجالات الحيوية، ولم تتنازل عن دورها النضالي السياسي والكفاحي بحجة تفوق الرجل جنسيًا؛ فانخرطت بكل فاعليات النضال الوطني وفي الأطر الحزبية والنقابية،   وكان لاتحاد المرأة الفلسطينية كتنظيم نقابي؛ دوره الهام في المجال النسوي وقد واكب تأسيسه انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة في الشتات،  مثله مثل التنظيمات النقابية والشعبية الأخرى الفاعلة في الوطن والشتات كاتحاد الطلاب والمعلمين.   والآن يبرز دور المرأة الفلسطينية في عملية النضال والمقاومة الشعبية في أكمل  صورها؛ فيسقط منها الشهداء، وبذلك هي  تتساوى مع الرجل بعيدًا عن الفارق البيولوجي  في مواجهة آلة القمع العنصري الفاشي الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، بكل طغيانه وجبروته.