يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني هو يوم لنصرة الحق وإدانة الاحتلال

حجم الخط

في مثل هذا اليوم 29/11 من كل عام، يحيي العالم يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، هذا اليوم الذي تعبّر فيه شعوب العالم قاطبة وأحراره في كل مكان، عن وقوفهم إلى جانب الشعب الفلسطيني، ودعم نضاله في سبيل تحرير وطنه وأرضه، ويتم التعبير عن ذلك من خلال أشكال التأييد والدعم المختلفة، سواء بتنظيم المظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني، وتقديم المساعدات، إلى جانب عقد الندوات واللقاءات المختلفة للتعريف بالقضية، وإصدار البيانات ورفع الأعلام الفلسطينية.

إن هذا اليوم هو مناسبة للتضامن مع الشعب الفلسطيني... يوم تحتفل به الأمم المتحدة ومؤسساتها بناءً على قرار الجمعية العامة رقم (32/40) ب، الصادر في شهر ديسمبر عام 1977 باعتبار تاريخ 29/11 من كل عام يوم للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وهو التاريخ الذي تم فيه اتخاذ قرار التقسيم رقم 181 المعروف الذي طالب بقيام دولة عربية وأخرى (يهودية)، ولكنه لم يطبق في شقه العربي حتى الآن، لهذا كان بمثابة تشريع للوجود اليهودي الصهيوني في بلادنا.

وبتاريخ 1/12/2005 تم اتخاذ قراراً آخر رقم 60/37، يقضي بتقديم أوسع دعم وتغطية اعلامية لهذه القضية، ومن المعروف أنه في عام 2015 تم رفع العلم الفلسطيني أمام مقرات ومكاتب الأمم المتحدة حول العالم بعد قبول مشاركة فلسطين بصفة مراقب، كما من المعروف أيضاً أنه ومنذ صدور قرار التقسيم حتى الآن، ورغم مضي أكثر من 74 عاماً على النكبة، ورغم التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب الفلسطيني طوال هذه المدة، ورغم العديد من قرارات الأمم المتحدة، ورغم إعلان قيام الدولة الفلسطينية في عام 1988، ووثيقة الاستقلال الصادرة عن المجلس الوطني الذي عقد في الجزائر... إلا أن الدولة الفلسطينية ما زالت حبراً على ورق، ولم يتم تجسيدها على الأرض، وبقيت حلماً يراود الفلسطينيين. وأكدت السنوات الأخيرة، خاصة بعد اتفاقية أوسلو، تراجع مشروع قيام الدولة الفلسطينية المستقلة لصالح سلطة لا سيادة لها، وازدادت عمليات الاستيطان وأعداد المستوطنين، وتم تقطيع أوصال الضفة الغربية ومصادرة الأراضي وزيادة القمع والقتل فيها كما يحصل يومياً.

وفي هذه المناسبة، مناسبة الحديث عن قيام الدولة الفلسطينية أذكر كلمات القائد الخالد الدكتور جورج حبش في المجلس الوطني الفلسطيني عند إعلان وثيقة الاستقلال، موجها كلامه إلى أبو عمار، ومخاطباً المجلس، قائلاً: "كلنا يريد قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، اليوم قبل الغد، إلا أن قيام هذه الدولة لا يتم عبر الإعلان والبيان، وعبر نشيد وعلم وإنما يتطلب تغييراً جذرياً في موازين القوى المحلية والدولية، يفرض قيام هذه الدولة، وما زلنا بعيدين عن ذلك، وهذا لن يأتي إلا من خلال القوة وليس المفاوضات". واليوم ونحن نرى الوضع القائم حالياً نقول، كم كنت دقيقاً وعميقاً في التحليل ورؤية الأمور يا حكيم.

في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، نؤكد أن واجبات الأمم المتحدة ومجلس أمنها وكافة المؤسسات الدولية ودول العالم، خاصة الكبرى منها، أن لا تكتفي بإصدار بيانات الدعم والتضامن، بل المطلوب منها أن تعمل بشكل جاد، بالأفعال لا الأقوال فقط، من أجل مساندة هذا الشعب، وأن تتوقف عن سياسة الكيل بمكيالين، حيث نرى اليوم قمة النفاق والعهر السياسي، في موقفها من الحرب في أوكرانيا، ومن خلال قيام الدول الغربية وفي مقدمتها أمريكا وبريطانيا، التي يفتخر قادتها أنهم صهاينة، بتقديم كل الدعم والتأييد الفعلي والمال والسلاح إلى أوكرانيا، حيث دفعت المليارات وأرسلت قوافل السلاح بحجة دعم أوكرانيا وحماية سيادتها ودفاعاً عن حقوق الإنسان.

والسؤال هنا إلى هؤلاء جميعاً: أين موقفكم من الدفاع عن فلسطين وحقها في الاستقلال وتقرير مصير شعبها بيده فيها؟ وأين حقوق الإنسان التي تدعونها، خاصة وأن ما تم تقديمه إلى أوكرانيا خلال شهر واحد من المساعدات، يفوق ما تم تقديمه للشعب الفلسطيني على مدار 74 عاماً؟

يأتي إحياء والاحتفال بهذه المناسبة هذا العام، في ظل المزيد من القمع والممارسات الفاشية والعنصرية للاحتلال الصهيوني، والمرشحة للازدياد في الفترة القادمة، في أعقاب نتائج الانتخابات (الإسرائيلية) الأخيرة، التي أكدت نتائجها سيطرة اليمين الفاشي على الأغلبية وما سينجم عن ذلك من سياسات وإجراءات ضد شعبنا، وفي ظل استمرار حالة الانقسام الفلسطيني. ويترافق ذلك مع استمرار عمليات التطبيع التي قامت بها بعض الأنظمة العربية، ورفضتها الشعوب العربية، معبرة عن ذلك أجمل وأصدق تعبير في مونديال قطر ، حيث رفعت الأعلام الفلسطينية ورددت الشعارات المؤيدة للشعب الفلسطيني، وتم عزل الصهاينة ورفض التعامل معهم ورفعت الشعارات المنددة بهم ودولتهم في رسالة واضحة، تقول: أن القضية الفلسطينية ما زالت هي القضية المركزية للشعوب العربية قاطبة، حتى لو تخلي عنها بعض الزعماء العرب.

كما يأتي إحياء والاحتفال بهذه المناسبة لهذا العام، في ظل تصاعد المقاومة الفلسطينية التي يقوم بها أبناء الشعب الفلسطيني، والشباب منهم بشكل خاص، حيث يحيونه ويحتفلون به على طريقتهم الخاصة، كما أحيا ذلك واحتفل به رعد خازم وعدي التميمي وإبراهيم النابلسي وغيرهم من الشهداء والأحياء من المقاومين، وكما أحيته و احتفلت به كتائب جنين ونابلس وكما احتفلت مدن الضفة وقراها، وجاءت عملية القدس المزدوجة كي تتوج هذه الاحتفالات، وتوجه رسالة للجميع أن شعبنا مستمر في مقاومته حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني، وبأنه لن يتراجع ولن يستسلم، ولتؤكد أيضاً أن طريق المقاومة هو طريق النصر والتحرير.

إن يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، يجب أن يشكل مناسبة للفصائل والقوى السياسية الفلسطينية كافة، لأن تتضامن مع نفسها وتقيم وحدتها الوطنية.. نعم علينا أن نتضامن مع أنفسنا قبل مطالبة الآخرين بالتضامن معنا، فعلى الجميع أن يضع مصلحة الوطن فوق المصالح الذاتية والفصائلية، ويلتقي الجميع على برنامج وطني يدعم المقاومة ويرفض المساومة.