فلسطين تحتاج إلى جملة عربية واحدة مفيدة وعدم الاكتفاء ببيانات الشجب والتنديد..!

حجم الخط

ممكن أن نختصر المشهد السياسي الفلسطيني – العربي، بعبارة واحدة مكثفة، فنقول: أن فلسطين تريد من الأمة جملة واحدة مفيدة في ظل هذا التغول الصهيوني على القضية والحقوق والتاريخ والرواية والهوية والحاضر والمستقبل… فهل يا ترى تستجيبب الأمة في المستقبل المنظور...؟! أم ستذهب الأمة، بسبب حكامها وأنظمتها إلى سبات طويل قد يمتد إلى عقود أو ربما قرون على طريقة العهد العثماني...؟!

شخصيًا أعتقد، بل وأؤمن بالأمة ونهضتها ومشروعها القومي العربي العروبي الحقيقي، ولذلك نحافظ على التفاؤل والأمل والعمل... ولكن، في حقيقة تفاصيل المشهد الفلسطيني نوثق: الاحتلال يجتاح فلسطين بكاملها، ليس فقط استيطانًا وتهويدًا، بل وتدميرًا وتخريبًا وإلغاءً واعتقالًا للشعب الفلسطيني بكامله على امتداد مساحة فلسطين، بل إن العدوان الاحتلالي تجاوز كل ذلك إلى تهويد المسميات والمعالم التراثية العربية الإسلامية والمسيحية على حد سواء، وضمها إلى التراث الصهيوني المزيف... ثم تأتي صفقة القرن الترامبية البلفورية، لتستكمل مهمة بلفور الأول وهي تحت التنفيذ على الأرض وإن غابت عن وسائل الإعلام… وبرغم كل ذلك لا نسمع جملة عربية مفيدة في التصدي والمواجهة.. فما الذي يجري للعرب إذن…؟! لماذا كل هذا التثاؤب بل كل هذه الفرجة العربية الرسمية في معظمها إزاء ما يجري هناك في فلسطين، من جرائم يومية لا تتوقف بحق الشعب العربي الفلسطيني؟!

الاحتلال يهود الزمان والمكان والتراث العربي في فلسطين، ويكتفي العرب حتى الآن ببيانات الشجب والاستنكار، الاقتحامات وأقربها اقتحام بن غفير اليوم الثلاثاء2023/1/3 للحرم القدس ي، والقرارات الإسرائيلية المتلاحقة، ببناء عشرات آلاف الوحدات الاستعمارية الاستيطانية في القدس والخليل وأنحاء الضفة لا تقابل إلا «بإدانة» واسعة في العالمين العربي والإسلامي، ومن جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والعديد من عواصم العالم، ولم تخرج ردود الفعل عربيًا عن مثل هذه التصريحات والمواقف، معتبرة أن القرارات الاستعمارية "تنسف الثقة" فقط، أو "أن قرارات الاستيطان، تمثل انتهاكاً صارخاً للشرعية الدولية ومواثيق حقوق الإنسان" يا ساتر... تصوروا سقف ردود الفعل العربية…!

واليوم: في الراهن الفلسطيني، فإن فلسطين، تواجه عمليًا هجومًا صهيونيًا لم يسبق له مثيل في ظل التطبيع العربي على مستوى الاستيلاء على ما تبقى من الأرض ومن الوطن الفلسطيني، لتطويبه للسيادة الصهيونية الكاملة وبنصوص توراتية، فما الذي سيفعله العرب إزاء هذه التطورات القريبة جدًا...؟!

الاحتلال يمضي في أجندته الاستيلائية التهويدية التي تحكمها معادلة: "ليقل العالم ـ غير اليهود ـ ما يقوله، ولكن قاطرة الاستيطان والتهويد ماضية باستمرار، وفي كل المواقع والمناطق المحتلة".

القصة، إذن، مبيتة مع سبق التخطيط والترصد، وعلى أسس أيديولوجية واستراتيجية، منها ما كان نتنياهو قاله أثناء استضافته مرة لوزير الخارجية الألماني السابق، فرانك شتاينماير، باستخدامه مصطلحًا نازيًا على نحو خاص، للتنديد بمطالبة الفلسطينيين والعرب والعالم بوقف الاستيطان في القدس والضفة الغربية، إذ قال: "إن الضفة الغربية لن تكون يودينراين"، أي نظيفة من اليهود، وذلك في إشارة واضحة إلى إبقاء المستوطنين في الضفة الغربية، وحث نتنياهو الوزراء على استخدام هذا المصطلح، لدى تطرقهم إلى مسألة الاستيطان في الضفة الغربية.

واقع الحال العربي يبدو، مع بالغ الأسف والأسى، مفككًا مترنحًا، ليس للعرب فيه أي وزن أو تأثير، ورغم ذلك، ما زلنا نطمح في أن نرى ذات فجر غضبًا عربيًا حقيقيًا، وليس اكتفاءً محدودًا بالاستنكار والشجب وكفى الله المؤمنين القتال، ولا ضبطًا خياليًا للنفس إزاء ما يجري هناك.. تريد فلسطين حقًا جملةً عربيةً واحدةً مفيدةً... في هذ الزمن الانبطاحي التطبيعي غير الطبيعي...ّ!