إلى الرفيق والأخ والصديق غازي الصوراني (أبو جمال)

حجم الخط

كان هذا الاسم بالنسبة لي يعني الكثير، التاريخ الكفاحي الالتزام الطبقي الانحياز الكامل لفكر الطبقات المسحوقة صاحبه المصلحة الكبرى في التغيير نحو التحرر الوطني والاجتماعي.

تاريخ الرفيق أبو جمال كان لوحه شامله للتجسيد الخلاق لربط النضال الوطني ربطًا محكمًا بالنظرية الثورية، حيث أن هذه النظرية الماركسية ومنهجها الجدلي في تفسير التاريخ ومن ثم تغييره معتمدًا على قوة الجماهير وتبنيها لهذا الفكر الاشتراكي العلمي الذي يحول النظرية لقوة ماديه بيد الحزب الطليعي، هكذا كان الرفيق المناضل والمفكر الثوري التقدمي غازي الصوراني، أحد الأعلام التي أغنت التجربة الثورية وتجربة الجبهة والحركة الوطنية الفلسطينية والعربية، بما أنتجه في مسيرته النضالية فكريًا ومعرفيًا علميًا.

لقد تابعت ما أبدعه رفيقنا المفكر الماركسي أبو جمال في مجلداته الثلاثة الأخيرة، وقد وجدت الشمولية، لم يترك معضله ولا مشكله ولا ظاهره في مجتمعنا أو المجتمع العربي أو على المستوى الدولي إلا كان لها مكانًا في تفكيره واجتهاده من أجل الكتابة والتحليل والمعالجة، بحيث أصبحت إنتاجاته مراجعًا: اقتصادية، اجتماعية، سياسية، كفاحية.

لم يكن مُنظرًا في برجه العاجي، بل من وسط ساحة النضال بكل أشكاله من واقع التجربة وبعين البصيرة ومن موقع استخدام المنهج العلمي، أي النظرية العلمية لخدمه المشروع الوطني والارتقاء بوعي الطليعة والجماهير إيمانًا منه بأن البندقية التي لا تلتزم بالوعي هي قاطعه طريق.

لم أكن أجد مشكلة لي ولغيري من الباحثين عن معلومات في العديد من القضايا، لأنني أعلم أن الرفيق أبو جمال لديه ما أحتاج إليه، والحقيقة هو موسوعة علميه متنوعة عندما تلتقيه دائما، تسمع الجديد في مشواره العلمي.. فهو مكان ثقة علمية من الجميع ويضع علمه بتصرف الجميع... لا يبخل على أحد فيما يراه مفيدًا.

كتب عن الفلاسفة، وعن المرآة، وعن الاقتصاد والتنمية والمقاومة، وعن الانقسام، وعن أزمة اليسار الفلسطيني والعربي وكيفية استنهاضه، عن الماركسية، عن كل العناوين التي تتفاعل في مجتمعنا الفلسطيني والعربي والعالمي من على قاعدة: كيف يمكن أن يمهد طريق المعرفة لجمهورنا الفلسطيني ولحزبنا الطليعي؟

أعتز بالتاريخ المشترك الذي ربطني نضاليًا وفكريًا واجتماعيًا بالرفيق أبو جمال ويملأني الفخر أنه رفيقي وملهمي وأنه يمتلك هذه الثروة الفكرية التي لم يغادر الالتصاق بها والعمل بها يوما.. فكان فكرا وسلوكا، يجسد ترابط النظرية بالممارسة ويبث الأمل بالنصر دائمًا، رغم كل المعيقات.. وكان مشجعًا للواعدين من الشباب والشابات ويساعدهم من أجل أن يكون لهم شأنًا في عالم الفكر والثقافة، مقنعًا، متسلسل الأفكار ويحاور بشكل يفرض على المستمع احترام ما يسمع.. إنسان بعلاقاته وهي سمه المناضل الحقيقي.. فلا يمكن للثائر أن لا يكون إنسانًا، بل إنسانية الثائر ما تجعله أن يكون ثائرًا له مهمه نبيله.. يعطي أهمية كبيره لتحصين الجبهة الثقافية في معركتنا مع العدو الصهيوني في سياق فهمه لجوهر وطبيعة ومنطلقات وأبعاد الصراع مع هذا العدو.

لك مني رفيقي الأمنيات بطول العمر والمزيد من الإنجازات التي هي سمه من سماتك.. ودمت مبدعًا ومفكرًا ومناضلًا ورفيقًا.. والإنسان الذي أعتز به دائمًا وبورك شعبنا الفلسطيني وبوركت جبهتنا الشعبية منجب ومنجبة للمبدعين.