سياسيون: انحياز ثورة يوليو للفقراء خلَّد "عبد الناصر" رغم الأخطاء والهزائم

شكلت ثورة 23 يوليو في وجدان المصريين نموذجاً للعدالة الاجتماعية التي يحلمون بها الآن؛ حيث عملت الثور
حجم الخط
شكلت ثورة 23 يوليو في وجدان المصريين نموذجاً للعدالة الاجتماعية التي يحلمون بها الآن؛ حيث عملت الثورة في أول شهورها على رفع العبء عن المواطن المصري بعد أن أصدرت قانون الإصلاح الزراعي في غضون شهرين من اندلاعها، وتبعه العديد من الإجراءات والقرارات التي حققت نموذجاً في تطبيق العدالة الاجتماعية. ورغم ما تعرضت له الثورة من انتقادات وجهت لها أو لشخص الزعيم جمال عبد الناصر، إلا أنها أرضت طموح كثير من فقراء هذا الوطن وقتها، بتحقيق حلمهم في طعام نظيف وسكن آدمي وتعليم لأولادهم يجعلهم سواءً مع أبناء الطبقة الاحتكارية. يقول عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الاشتراكي "إن أهم ما يميز ثورة 23 يوليو 3 نقاط: أنها أنهت السيطرة الأجنبية على القرار المصري، فحققت الاستقلال الوطني، ونقلت مصر من دولة اقتصادها راكد إلى نامٍ، والنقطة الأهم والثالثة هي تحقيق العدالة الاجتماعية في ظل أن كان المصريون يعانون من الظلم والتخلف". وأكد شكر أن "هناك علامات لا ينكرها أحد في مجال العدالة الاجتماعية، فبعد قيام الثورة بشهرين أصدرت قانون الإصلاح الزراعي، وهذا القانون صفى جانبًا كبيرًا من الظلم الاجتماعي في مصر؛ لأنه وقتها كان عدد محدود من الأسر يملكون حوالي 90% من الأراضي الزراعية، وبالتالي تم توزيع هذه الأراضي على فقراء الفلاحين والمعدمين بمعدل من 3 إلى 5 فدادين على كل أسرة، وأعيد توزيع الثروة الزراعية على مئات الآلاف من الأسر، وكانت هذه ضربة قوية للاستغلال والظلم الاجتماعي". وأضاف شكر أن الإجراء الثاني هو منع الفصل التعسفي للعمال، حيث كان صاحب العمل يستطيع أن يستغني عن العامل بدون أسباب، فصدر قانون يعد الأهم بعد الإصلاح الزراعي، وهو قانون العمل الذي نص على وجود أسباب قوية لفصل العمال في إطار القانون. وأشار إلى أن الإنجاز الأكثر أهمية في الثورة هو مجانية التعليم التي صنعت حراكًا اجتماعيًّا، وأصبح بإمكان ابن الفلاح الفقير أن يحصل على الدكتوراه، وانتقل عدد كبير من الأسر الفقيرة إلى الطبقة الوسطى، وساهم في تحسين المعيشة. وتابع شكر أن الإجراء الرابع وهو توفير فرص عمل، حققته الثورة عندما أنشأت أكثر من ألف مصنع، وصدر قانون يلزم الدولة بتعيين الخريجين من الجامعات بالقطاع العام، وتم القضاء على البطالة، مؤكداً أن ثورة يوليو غيرت من التركيب الطبقي، فأزالت ثلاث فئات، وأحلت ثلاثًا أخرى، أزالت الرأسمالية الأجنبية والرأسمالية الاحتكارية وكبار الملاك الزراعيين، وأحلت مكانهم فلاحي الإصلاح الزراعي وعمال القطاع العام والمتعلمين من أبناء الفلاحين. وأكد عاطف مغاوري نائب رئيس حزب التجمع أن "ثورة 23 يوليو كانت ثورة وطنية، وظهر ذلك واضحاً في مجلس قيادة الثورة، وبعد 46 يوماً من اندلاعها صدر قانون الإصلاح الزراعي في التاسع من سبتمبر عام 1952، واتخذ هذا القرار الذي يصطدم مع ملاك الأراضي الزراعية الذين يشكلون الداعم والمستفيد من النظام الملكي؛ لتحقيق أهداف الثورة والعدالة الاجتماعية". وأضاف مغاوري أن "المناقشات التي دارت حول هذا القانون مثلت اتجاهين: الأول أن يتم الإبقاء على الأراضي الزراعية لدى الملاك؛ خوفاً من الاصطدام بهم، وفرض ضريبة تصاعدية على مساحات الأراضي، والاتجاه الثاني كان يرى أن القضية ليست جمع أموال، وإنما إعادة الاعتبار للفلاح المصري بين أهله؛ مما يجعله حرًّا مالكاً". وأكد مغاوري أنه تم وضع حد أدنى للأجور في أعقاب قانون الإصلاح الزراعي، وألزمت الثورة أصحاب المصانع بتحرير عقود عمل للعمال، وألغت الفصل التعسفي، مشيراً إلى أن ثورة يوليو ترجمت حسها الاجتماعي في مجانية التعليم في جميع مراحله. وأوضح مغاوري أن "الثورة شكلت خبرة في كيفية الوصول للعدالة الاجتماعية ترجمها الميثاق الوطني الذي شهد أول خطوات التحول الاشتراكي، والذي تمثل في حق العمل والعلاج والسكن والتعليم"، مشيرًا إلى أن هذه الحقوق مجتمعة تمثل أركان العدالة الاجتماعية، ويسبقها فكرة إعادة البناء، وأصبح عبد الناصر رمز العدالة الاجتماعية. ويرى المهندس أحمد بهاء الدين شعبان وكيل مؤسسي الحزب الاشتراكي المصري والمنسق العام للجمعية الوطنية للتعيير أن "ملف العدالة الاجتماعية كان من الملفات الأساسية التي قدمت فيها ثورة يوليو إنجازاً عظيماً بعد أقل من شهر ونصف، حينما ظهر قانون الإصلاح الزراعي ناقلاً آلاف الفلاحين من وضعهم المعدم إلى ملاك للأراضي". وأضاف شعبان أن رقعة المستفدين من الإصلاح الزراعي توسعت، وتوالت بعدها الإجراءات التي منحت الطبقة العاملة مكاسب، سواء في الأجور أو الخدمات أو المشاركة في مجلس الإدارة؛ مما أدى إلى توسيع رقعة مؤيدي الثورة، وساعد في تطوير الأوضاع الاقتصادية والصحية والثقافية للمواطنين. وأكد شعبان أن كل إجراءات الثورة كان انحيازًا للطبقة الفقيرة، ظهر في مجانية التعليم والتأمين الصحي ومد خدمات الكهرباء إلى أماكن لم تصل لها وانتشار خدمات البيئة، وكان الانحياز واضحاً لطبقة الفقراء، بالإضافة إلى الكرامة الوطنية، وهذا ما خلد جمال عبد الناصر رغم الأخطاء والهزائم.